ملكية (ما يملكه الإنسان)

المِلكِيَّة (بالإنجليزية: Property) بشكل عام هي ما ينتمي لشيء ما كعنصر من عناصر شيء آخر وربّما يكون عنصر من عدّة عناصر منتمية لشيئ آخر ماديةً كانت أم غير مادية من ممتلكات شخص وربّما تكون من ممتلكات مجموعة أشخاص أو كيان قانوني أو شركة.

في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا غالبًا ما يتم تعريف الملكية على أنها علاقة بين شخصين أو أكثر وعنصر، حيث يمتلك واحد على الأقل من هؤلاء الأفراد مجموعة من الحقوق على العنصر.

اعتمادًا على طبيعة الشيء المملوك فيمكن لمالكه استهلاكه أو تغييره أو مشاركته أو إعادة تعريفه أو تأجيره أو رهنه أو بيعه أو تبادله أو تحويله أو التخلي عنه أو إتلافه أو منع الآخرين من التدخل به. وبغض النظر عن طبيعة الشيء المملوك فإن للمالك الحق في استخدامه بشكل صحيح أو بأي شكل يريده ويمكنه الاحتفاظ به بشكل حصري.

بشكل عام تنص القوانين على أنّ الممتلكات هي أي شيء ملموس أو غير ملموس، حيث تفرض العلاقة القانونية بين الأشخاص والدولة مصلحة حيازية أو سند قانوني متعلق بالشيئ المملوك. هذه العلاقة الوسيطة بين الفرد والملكية والدولة تسمى نظام الملكية.

قد تحتوي الملكية على أجزاء مادية وغير مادية. يُحدد حق الملكية العلاقة بين الممتلكات والأشخاص الآخرين، ويؤكد للمالك الحق في التصرف في الممتلكات كما يشاء. غالبًا ما يستخدم المصطلح غير المشروط «الملكية» للإشارة على وجه التحديد للممتلكات العقارية.

أشكال وأنواع الملكية

في الاقتصاد والاقتصاد السياسي، هناك ثلاثة أشكال واسعة للملكية: الملكية الخاصة، والملكية العامة، والملكية الجماعية (وتسمى أيضًا الملكية التعاونية). يمكن حيازة الممتلكات التي تنتمي بشكل مشترك إلى أكثر من طرف واحد أو السيطرة عليها بطرق متشابهة جدًا أو مميزة جدًا، سواء كانت بسيطة أو معقدة بالتساوي أو بشكل غير متكافئ. ومع ذلك، هناك توقع بأن يتم تحديد إرادة كل طرف (بدلاً من السلطة التقديرية) فيما يتعلق بالممتلكات بشكل واضح وغير مشروط، وذلك للتمييز بين الملكية والارتفاق من الإيجار.

قد يتفق الأطراف أن تكون قراراتهم بالإجماع أو بالتناوب لإلغاء إمكانية الإختلاف بين بعضهم في اتخاذ القرارات قد يتفقون أن تكون إداراتهم الخاصة كافية ومطلقة أو يستعينون بخبراء.

يُنظر إلى التمييز بين «الملكية الجماعية» و «الملكية الخاصة» على أنه خلط والتباس ففي الملكية الجماعية يمتلك أشخاص مختلفون لعنصر واحد وغالبًا ما يمتلكون حقوقًا مختلفة عليه.

تشمل أنواع الممتلكات: الممتلكات العقارية (مزيج من الأرض وأي تحسينات على الأرض أو عليها) والممتلكات الشخصية (الممتلكات المادية العائدة لشخص ما) والممتلكات الخاصة (الممتلكات المملوكة للأشخاص الاعتباريين أو الكيانات التجارية) والملكية (الممتلكات المملوكة للدولة أو المملوكة ملكية عامة والمتاحة) والملكية الفكرية (الحقوق الحصرية على الإبداعات الفنية والاختراعات وما إلى ذلك)، على الرغم من أن النوع الأخير لا يتم دائمًا الاعتراف به أو تطبيقه على نطاق واسع.

وجهات النظر المختلفة للملكية

الملكية وحقوق الملكية موضوعات ذات مكانة مركزية بالنسبة للمجتمعات الرأسمالية. ونظرا لأنهما تؤخذان فى هذا الإطار ياعتبارهما من المسلمات إلى حد بعيد، فقد لقيتا قليلا من الاهتمام من قبل علماء الاجتماع. وبالمقارنة فقد تحاور الفلاسفة السياسيون وعلماء الاقتصاد حول طبيعة الملكية باستفاضة، واختلفوا بشدة فيما يتعلق بأصولها (انظر دراسة ف. سنار، بعنوان: "مفهوم الملكية" المنشورة فى: الممجلة الفلسفية الأمريكية الفصلية، عام، 1972؛ ومقال إى. جى. فريتون و إس. بيجوفيتش بعنوان: "حقوق الملكية والنظرية الاقتصادية"، المنشور فى مجلة الأدبيات الاقتصادية، عام 1972).

جون لوك

لعل أبعد التفسيرات الحديثة لأصول الملكية الخاصة تأثيراً ذلك الذى ساقه جون لوك فى نظريته حول الحقوق الطبيعية، والتى تنص على أن الملكية تنهض على حقوق الفرد فى استخدام ما هو متاح فى البيئة الطبيعية، والذى يعتبر ضرورياً لإشباع الحاجات، والحق فى تملك ما بذل فيه الفرد جهد عمله (بشرط ألا يكون قد استنفذ بعد ذلك). ومن ثم، فإن نظرية لوك تقدم ثلاثة معايير للتوزيع الطبيعى العادل للملكية. وهى على وجه التحديد: الحاجة (وربما الرغبة)، وبذل جهد العمل (والذى يشتمل على التنظيم الخلاق)، والاستخدام (والذى فسره البعض على أنه الاستغلال والتراكم).

مذهب المنفعة

حيث أن نظرية لوك قد أكدت على أن الملكية هى ذلك "الشئ الذي يمزجه الإنسان بعمله"، فإنها تقدم أساساً محتملا للتحدى المبكر للوضع الراهن (على الرغم من أن لوك نفسه قد قصد الدفاع عنه)، استناداً إلى أنها قد انطوت على القول بأنه ليس طبيعياً ولا عادلاً أن تتمتع القلة المتميزة فى المجتمع بالفائض الذى يخلقه عمل الأغلبية. وقد واجه مذهب المنفعة هذا التحدى بالادعاء بأن الملكية الخاصة وقوانينها ليس لها من أصل أو تبرير سوى المنفعة: أى أن قواعد الملكية تنشأ من الاتفاق الذى أظهرت الخبرة أنه الأكثر فائدة فى تعزيز السعادة البشرية. فقد اعتبر، ديفيد هيوم على سبيل المثال، أن القواعد الأساسية لتأسيس الملكية هى، الحيازة الحالية، والحيازة الأولى، وطول مدة الحيازة، وتنمية الحيازة وزيادتها، وتوارثها. وذهب إلى القول بأن عدالة هذه القواعد متأصلة فى تاريخ الخبرة الاجتماعية. ولذلك فإن النظام الحالى هو النظام "الصحيح"، لأنه من الواضح أنه قد تطور استجابة لحاجات الناس. وحيث أن هذا الاتجاه لا يقدم تفسيرا فقط، بل يقدم كذلك تبريرا للتوزيع القائم للملكية، فقد احتل مكانة مركزية فى فلسفة مذهب الحرية الكلاسيكية خلال القرن التاسع عشر.

المحافظين

تمثل رد فعل المحافظين لهذه الفلسفة فى المملكية فى معارضة مبادئ المنفعة بتلك المبادئ الخاصة يالتقاليد والخبرة والمشاركة. إذ نظر المحافظون إلى الملكية باعتبارها شركة بين الأجيال متمثلة فى استمرارية الأرستقراطية الزراعية، التى يلعب فيها ملاك الأراضى دور الشريك الذى خدم (ولم يمتلك) موضوع الملكية، فى ظل الالتزام بالحفاظ على وحدة الوضع القائم، ومن ثم الحفاظ على نظام اجتماعى مستقر.

علماء الاقتصاد السياسى الاسكتلنديون

وسع علماء الاقتصاد السياسى الاسكتلنديون - جون ميلر، و آدم فيرجسون، وآدم سميث - من نطاق تحليل علاقات الملكية لكي يأخذ بعين الاعتبار التشكيل الطبقي. وقد شجع هذا بالتالى كارل ماركس على أن يطور أول تحليل سوسيولوجى منظم لأهمية الملكية، حيث أكد على الروابط بين الملكية، والهيمنة السياسية، والتصورات الإيديولوجية.

الاتجاهات المعاصرة

تعد الملكية - فى صياغة ماركس - هى القوة، وتحدد الأشكال المختلفة للملكية الظروف الاجتماعية للوجود التى ينهض عليها البناء الفوقي للدولة والمجتمع المدنى والإيديولوجيا. وبعد حين ذهب ماكس فيبر أيضاً إلى القول بأن "الملكية والافتقار إليها يمثلان ... السمات المميزة لكافة المواقف الطبقية"، على الرغم من أنه قد قبل بأن الطبقات المالكة تتباين إلى حد كبير من حيث أنماط الملكية التى يحوزونها والمعنى الذى يضفونه على استخدامها.

وتقود هذه الملاحظة الأخيرة إلى القضية التى تهيمن على المناقشات السوسيولوجية المعاصرة للملكية. وقد تباعدت هذه المناقشات عن الاهتمام بإيديولوجيات المملكية والتنظيم الاجتماعى للشرائح المالكة، وركزت اهتمامها -عوضا عن ذلك- على استهلاك الملكية، و على وجه الخصوص، الأشكال المختلفة التى تصوغ بهاً أنماط بعينها من الملكية (مثل ملكية المنازل والسيارات والملابس) العلاقات والمعانى الاجتماعية، والدور الهام الذى تلعبه فى صياغة التصورات المختلفة للهويات الاجتماعية.

وقد اهتم أغلب علماء الاجتماع بالملكية الخاصة. ومع ذلك، فإن الأشكال اللارأسمالية للملكية (بما فى ذلك حيازة الملكية الرمزية) قد درست باستفاضة بواسطة الأنثروبولوجيين، كما وسع علماء الاجتماع مؤخرا من نطاق تحليلاتهم لتشتمل على الدولة أو الملكية الجماعية والمواريث. ويقدم مؤلف أندرو ريف المعنون: الملكية (الصادر عام ١٩٨٦) أفضل مقدمة مختصرة فى الموضوع. وللاطلاع على دراسة حالة سوسيولوجية للدلالة المادية والرمزية للملكية انظر مؤلف بيتر ساندرز بعنوان: مجتمع من ملاك الممنازل (الصادر عام ١٩٨٩).

انظر أيضاً