ماكدونالدية

ماكدونالدية أو مجتمع ماكدونالد (بالإنجليزية: McDonaldization) هو مصطلح استخدمه عالم الاجتماع الأمريكي جورج ريتزر في كتابه تحت عنوان The McDonaldization of Society (ماكدونالدية المجتمع)، الصادر عام 1993، ويعنى به عملية انتشار مبادئ مطاعم ماكونالدوز وطبعها المميز على قطاعات أوسع وأوسع من المجتمع. وهو يعرفها بأنه العملية التي من خلالها تتتشر مبادئ مطعم ماكدونالد لتقديم الوجبات السريعة ويسيطر طابعها شيئاً فشيئاً على قطاعات أكثر من المجتمع الأمريكي وكذلك مجتمعات العالم الأخرى، وتحدث عندما يكون للثقافة صفات تشبه مطاعم الوجبات السريعة. الماكدونالدية هي إعادة صياغة لمفهوم العقلانية، أو الانتقال من الأساليب التقليدية إلى الأساليب العقلانية في التفكير والإدارة العلمية. بينما استخدم ماكس فيبر أنموذج البيروقراطية ليوضح اتجاه هذا المجتمع المتغير، يرى ريتزر أن مطاعم الوجبات السريعة أصبحت أكثر توضيحاً كبارادايم معاصر من أنموذج البيروقراطية (. في المجتمع المعاصر، مفهوم الماكدونالدية يحوز على الانتباه في مجالات مختلفة مثل الثقافة. فمسألة الماكدونالدية هي فكرة حديثة نسبياً عن اندماج الثقافات العالمية.

الطريقة التي تعد بها سلسلة مطاعم الهامبورجر الطعام للاستهلاك تؤخذ كمثال لنظرية ماكس فيبر عن "ترشيد العالم المعاصر" فهذه الشركة تستخدم طرق الإدارة العلمية والتنظيم الدقيق لعمليات الإتتاج الكبير فى المجتمعات الرأسمالية (انظر: الفوردية) لتضمن للمستهلكين تحقيق توقعاتهم، وخدمتهم بكفاءة، وتقدير ظروفهم بدقة.

فكل فروع الشركة متماثلة فى كل أنحاء العالم بما لا يؤدى إلى أى مفاجآت غير متوقعة أو معروفة للمستهلكين. وطبقاً لما يراه ريتزر، فإن هذه الطرق والتقنيات الرشيدة للإنتاج والاستهلاك بدأت تنطبق على كل قطاع الخدمات ككل بحيث أصبح لدينا الآن عدداً من الجرائد الهابطة (Junk Journalism) (حيث يتم فيها تقديم الأخبار العادية والتافهة فى صورة مقبولة أو مستساغة) كما أن هناك جامعات لها سمات الماكدونالدية (McUniversities) أيضاً تصيغ مقرراتها ومناهجها بطريقة سابقة التجهيز، وتمنح شهاداتها ودرجاتها العلمية بطريقة تحتوى على القص واللصق السريع كي ترضى كل الأذواق. ويمكن إخفاء الطبيعة الرديئة لتلك المنتجات بتكثيف الإعلان والدعاية، التى تحاول دائما تغليف هذه المنتجات أو تصويرها فى إطار يجعلها تبدو جديدة.

وترى نظرية ريتزر عن اكتساب سمات مجتمع ماكدونالد أن المجتمعات المعاصرة تتجه فى كثير من جوانبها ومظاهرها، وبشكل متزايد نحو اتخاذ معايير وأشكال موحدة قابلة للتنبوء. والإشارة إلى الإدارة العلمية والفوردية (نظام الإنتاج الكبير) كاساس لنمط الإنتاج الماكدونالدي هنا لا تعد ملائمة كل الملاءمة، حيث أن المؤيدين الأوائل لهذه الاستراتيجية الخاصة بتوحيد ونمطية الإنتاج كانوا يسعون إلى تكثيف والتوحيد القياسى لعمليات العمل من أجل رفع الأجور وزيادة الحوافز، فى حين أن العمل فى مطاعم الوجبات السريعة والأعمال المشابهة لها تتصف بالأجور المتدنية وفرص العمل غير المضمونة. وهذه النظرية المستمدة أساسا من نظرية فيبر عن "المسار المتوقع للعملية المصناعية" تتناقض بعض الشئ مع رؤى أخرى، منها على سبيل المثال نظرية التحديث الانعكاسي ومجتمع المخاطرة، والتى قدمها أولريش بيك وآخرون، ورسموا فيها صورا لعالم لا يمكن النبوء به ولا يمكن التأكد منه.

العناصر

يوضح وضح جورج ريترز مكونات أساسية للماكدونالدية:

  • الكفاءة: الطريقة المثلى للقيام بالعمليات. في هذا السياق، وضع ريتزر معنى محدد جداً للكفاءة. ففي مثال لعملاء ماكدونالدز، تكون الكفاءة الطريقة الأسرع للانتقال من حالة الجوع إلى الشبع. الكفاءة في الماكدونالدية تعني أن كل جزء من المنظمة مُوجه إلى تقليل الوقت دوماً.
  • قابلية الحساب: إمكانية العد والحساب للمواد والكميات والزبائن، بدلاً من أن يكون هناك معيار نوعي (مثل جودة الطعم). الماكدونالدية طورت مفهوم أن الكمية تساوي النوعية، وأن كمية كبيرة من المنتج المباع للعميل في فترة قصيرة هو شيء مساو لمنتج عالي النوعية. وهذا يسمح للناس لكي يحسبوا ما يحصلون عليه مقابل ما يدفعونه. المنظمات تريد عملاء يؤمنون بأنهم يحصلون على كمية كبيرة من المنتجات بقدر قليل من المال. العاملون في هذه المنظمات يُقيمون بطول الوقت الذي ينجزون فيه أعمالهم بدلاً من جودة العمل الذي يؤدونه.
  • قابلية التوقع أو التنبؤ: خدمات موحدة وتتبع معايير محددة. «قابلية التوقع» تعني أين ما توجه الشخص فإنه يتوقع الحصول على شكل مماثل للخدمات أو المنتجات مادام يتعامل مع ماكدونالدز. وهذا أيضاً ينطبق على العمال في هذه الشركات. فمهامهم مكررة للغاية، وروتينية للغاية، وقابلة للتوقع.
  • قابلية السيطرة: موظفون يلبسون ملابس موحدة ويتبعون كذلك معايير محددة.
  • الثقافة: كجزء من التوحيد القياسي (Standardization)، يحصل التهجين الثقافي. بدخول ماكدونالدز دولة ما، أنماط المستهلكين وعاداتهم، من سلسلة الأكلات، إلى الثقافة المحلية.. كلها تتعرض للتغريب.

مع هذه العمليات الخمس، يمكن أن تقود استراتيجة عقلانية في نطاق ضيق إلى نتائج مؤلمة وغير عقلانية. عملية "التحويل إلى ماكدونالدية" يمكن أن يتم تلخيصها بأنها الطريقة التي تتحول بها المبادئ التي تحكم عمل مطاعم الوجبات السريعة إلى أن تحكم قطاعات أكثر وأكثر من المجتمع الأمريكي وباقي العالم". (Ritzer, 1993:1)

أللاعقلانية، إلى العقلانية

ريتزر أيضا يحدد «أللاعقلانية إلى العقلانية» كوجه خامس للماكدونالدية. «بتحديد أكثر، أللاعقلانية تعني أن الأنظمة العقلانية أنظمة غير منطقية. وبهذا أعني أنهم يرفضون الطبيعة البشرية الأساسية، العقل البشري، للناس الذين يعملون بالداخل أو أولئك الذين يخدمونهم.» (Ritzer 1994:154)

ريتزر عرض هذا في الفصل الثاني (ماضي، حاضر، ومستقبل الماكدونالدية: من القفص الحديدي إلى مصنع الوجبات السريعة، وما بعدها) من كتابه. حيث نص على أن «بالرغم من الميزات التي تقدمها، البيروقراطية تعاني من لاعقلانية المنطق. مثل مطعم وجبات سريعة، البيروقراطية تستطيع أن تكون مكان مجرد للإنسانية سواء للعمل، أو للخدمة». باختصار هي «الأوضاع التي لايتمكن فيها الناس من التصرف ككائنات بشرية».

ويذكر أيضاً أن وراء التجريد من الإنسانية، هناك العديد من الأمور أللاعقلانية التي تظهر، بما في ذلك الكمية الكبيرة الكبير غير الفعالة من الإجراءات البيروقراطية، القياس الكمي بما يؤدي إلى تدني نوعية العمل، وعدم القدرة على التوقع بما يجب على الموظفين فعله مع نمو عدد الموظفين، أو فقدان السيطرة بسبب أوجه قصور أخرى.

ضد الماكندونالدية

العديد من الشركات بذلت مجهوداً لرفض تبرير الماكدونالدية. وهذه الجهود تتعلق بالتركيز على الجودة بدلاً من الكمية، والتمتع بعدم قابلية الخدمة أو المنتج للتوقع بالإضافة إلى توظيف عاملين أكثر مهارة وبدون أي سيطرة خارجية. العديد من المظاهرات كذلك خرجت في العديد من المدن الكبرى لرفض عملية الماكدونالدية حفاظاً على القيم والعادات المحلية.

راجع أيضا