نظرية عملية العمل
نظرية عملية العمل (بالإنجليزية: Labor process theory) هي نظرية ماركسية لتنظيم العمل في ظل الرأسمالية. استخدم الباحثون في دراسات الإدارة النقدية والدراسات التنظيمية والتخصصات ذات الصلة نظرية عملية العمللشرح العلاقات العدائية بين أصحاب العمل والموظفين في الاقتصادات الرأسمالية، مع التركيز بشكل خاص على مشاكل الاستقلالية، واستقلالية العمال، والرقابة الإدارية في نقطة الإنتاج.
يمكن إرجاع تحليلات عملية العمل إلى اهتمام كارل ماركس بدراسة طرق توظيق العمل الإنسانى وتسخيره لإنتاج السلع التى يحتاجها الإنسان. وبعتقد أن تلك العملية تخضع للتنظيم الاجتماعى، وأنها تختلف تاريخياً من نمط إنتاج إلى آخر. فالشئ الذى يبدو فى ظل الرأسمالية أنه علاقة بين أشياء أو موضوعات فى إطار عملية الإنتاج ليس فى الحقيقة سوى علاقة اجتماعية بين مالكى وسائل الإنتاج والعمال الذين يعملون لديهم. ويكمن مفتاح فهم هذه العلاقه فى نظام إدارة عملية العمل فى إطار العملية الإنتاجية.
وقد حاول هارى بريفرمان فى كتابه: العمل ورأس المال الاحتكارى، الصادر عام 1974 أن يحدث نظرية ماركس هذه، وذلك بتقديم تحليل لمعملية المعمل فى عصر رأس المال الاحتكارى. وقد ركز بريفرمان اهتمامه على ما يعرف بقضية انخفاض مكانة العمل التى ترتبط بالتضييق المضطرد الذى أصبحت تتسم به سيطرة الإدارة. وترى هذه القضية أن خضوع العمال وتراجع مهاراتهم (انظر مادة: إفقاد المهارة) سوف ينجم عن تفاعل آثار كل من الإدارة الحديثة وسيطرة التوسع فى الأساليب الآلية والأوتوميشن. بحيث أصبح هدف الإدارة النموذجية هو التخلص الكامل من أى قدرة للعمال على التحكم والتأثير أو الاستقلال، وأن ذلك سوف يتحقق عن طريق المتخصص المتزايد لمهام العمل، واضطراد هذا التقسيم والتخصص. وهكذا يتم تخفيض مكانة العمل الماهر بحيث يتساوى فى المكانة مع العمل غير الماهر. ومن هنا تعد نظرية تايلور، أو الإدارة العلمية، التى تبلورت فى أوائل القرن المعشرين، تعبيرا واعيا ومنظما عن عملية انخفاض مكانة العمل. وذهب بريفرمان إلى أنه من الآثار العامة - الأوسع نطاقا - لعملية انخفاض مكانة المحمل خلق أواصر الارتباط بين عمال المستوى المتوسط (كالموظفين الإداربين المكلفين بالأعمال الروتينية) وعموم الطبقة العاملة.
ومن العوامل التى رأى بريفرمان أنها مرتبطة بتلك التغيرات التى أشار إاليها: تدخل الدولة فى تنظيم الاقتصاد، وازدياد التأكيد على التخطيط، ونمو حجم العمالة الإدارية (الكتابية)، واعتماد العمل المكتبى على الكومبيوتر، وظهور أسواق العمل المزدوجة. ولكنه لم يوضح على وجه التحديد كيف ترتبط تلك التطورات بنظريته الأساسية، وإن كان ذلك يصدق بنفس القدر على بعض الانتقادات التى وجهت إليه.
ومن بين تلك الانتقادات التى وجهت إلى نظرية بريفرمان فى تغير العمل أنها تمثل نظرية خطية، وليست رؤية لمجموعة مركبة من العوامل المؤثرة، والتى قد لا تتساند بالضرورة فى إحداث التأثير فى نفس الاتجاه. فمن الممكن أن توجد - على سبيل المثال -أنماط مختلفة من التغير تختلف من صناعة لأخرى. كما هوجم بريفرمان لتسليمه بتعميم نموذج واحد من الإدارة، مع أنه توجد أنواع متباينه ومتعددة من الاستراتيجيات الإدارية. فمن الممكن - مثلا “ أن تؤدى الإدارة البيروقراطية إلى تهيئة الإمكانيات اللازمة لإدماج قوة العمل فى العملية الإدارية، لضمان تعاونها فى تنفيذ السياسات الإدارية. وحاول بعض المشاركين فى ذلك الجدل توسيع نظرية بريفرمان الأصلية ملتزما بنفس منطلقاته. (ويمكن للقارئ أن يجد عرضا جيدا للمناقشات التى أعقبت ظهور نظرية بريفرمان والقضايا التى أثارتها فى كتاب مثل مؤلف إدوارد : ميدان مختلف عليه، الصادر عام 1979.
وأثيرت بعض التساؤلات حول تحديد طبيعة المهارة وتعريفها، التى بدا أنها تحتاج إلى قدر من التدقيق وإنعام النظر أكثر مما أولاه إياها بريفرمان. وقيل أن العلاقةبين زوال المهارات المهنية التخصصية وعملية الترشيد لم تلق بعد القدر الواجب من البحث والتمحيص، هذا فى الوقت المذى تحدت فيه بعض الآراء النقدية فرضية إفقاد المهارة على أساس الاعتماد على مجموعة من المهارات الجديدة الحديثة النشأة. ويمكن القول بالنسبة لقضية العلاقات الطبقية أن تحليل بريفرمان يقلل من إمكانيات معارضة العمال لتضييق الإدارة الخناق عليهم، خاصة فى الظروف التى توجد فيها نقابات عمالية قوية، فى نفس الوقت الذى رفض فيه البعض ما ذهب إليه من المساواة بين مهارة العامل وضعسف السيطرة الإدارية. فتحليله كان قاصرا، خاصة لأنه ركز اهتمامه على الطبيعة الموضوعية للعلاقات الطبقية، لا على الخبرة الذاتية للطبقة العاملة. غير أنه يوجد - برغم ذلك - بعض المعلقين على نظريته المتعاطفين معه والذين حاولوا تصحيح بعض أوجه القصور فيها من خلال برنامج شامل للبحوث الإمبيريقية. (انظر على سبيل المثال مؤلف باروى: سياسة الإنتاج، الصادر عام 1975) ولكن المؤكد أن كل تلك الانتقادات - برغم كل شى - تقف شاهدا على التأثير الواسع الذى حققته كتابات بريفرمان فى توجيه المناقشات والبحوث حول الموضوع، التى استمر الجانب الأكبر منها ملتزما بالخطوط العامة الأصلية التى طرحها.
انظر أيضاً
- بلترة (تحول إلى البروليتاريا)