صور المجتمع
صور المجتمع أو تصورات المجتمع (بالإنجليزية: Images of Society) فى عام 1966 نشر عالم الاجتماع البريطانى ديفيد لوكوود مقالا فى مجلة علم الاجتماع بعنوان : "مصادر التنوع فى تصورات الطبقة العاملة للمجتمع" وفى هذا المقال استفاد لوكوود من نتائج العديد من الدراسات الموجودة الخاصة بالتخيل الاجتماعى، والسلوك الانتخابى، وعلم الاجتماع الصناعى، والحياة داخل المجتمع المحلى، وصاغ بناء على ذلك تنميطا ل"رؤى العالم" أو "الوعى الاجتماعى" السائد لدى العمال اليدويين يميز بين الأتماط الموجودة لدى البروليتاريا التقليدية وأصحاب الرؤية التدرجية التقليديين، وأصحاب الروية الذرائنية ذات الطابع الخاص.
وترتبط أولى هذه الفنات بالعمال فى صناعات التعدين وبناء السفن، أو بانشطة صناعية مشابهة تتسم بآنها تعمل على تجميع قوة العمل التى تشتغل بها داخل جماعات متماسكة، منعزلة إلى حد ما، عن المجتمع الأوسع. لذا يميل هؤلاء العمال إلى الانخراط فسى "جماعات مهنية"، أى شبكات اجتماعية تتسم بدرجة عالية من الاشباع الوظيفى بين أعضائها، الذين يرتبطون فى الوقت نفسه ارتباطا قويا بجماعات العمل، ويلتزمون بالعلاقات داخل مكان العمل، تلك العلاقات التى تمتد إلى مجال التسلية وقضاء وقت الفراغ. ويسكن هؤلاء العمال اليدويون فى تجمعات تخص الطبقة العاملة التقليدية، تضم جماعات متماسكة من العمال الذين هم، فى الوقت نفسه، أصدقاء، وجيران، وأقارب. وتتيح ظروفهم المعيشية قدرا كبيرا من المساعدة المتبادلة والمشاركة الاجتماعية، والتماسك والروح الجماعية. وأخيرا يجسد هؤلاء العمال وعيا بروليتاريا، يرتكز على تصور للمجتمع متأسس على القوة، يقيم تفرقة بسيطة بين "نحن" و ''هم".
ويقدم أصحاب الرؤبة التدرجية التقليدية نموذجا للمجتمع قائم على الهيبة أو التراتب التدرجى، حيث يتم تصنيف الأفراد وفقا للمكانة. ويتسم هذا النوع من العمال اليدويين - عادة - بأنهم يذعنون "لمن هم أفضل منهم" (للأعلى منهم مكانة) سواءمن الناحية الاجتماعية أو السياسية، حيث يصوتون، على سبيل المثال، للأحزاب اليمينية التقليدية على أساس أن الصفوات ذات الأوضاع المستقرة فى المجتمع يمكنها أن تحقق المصالح القومية وليس المصالح الطبقية أو الفئوية. ويرى لوكوود أن هذه الرؤية للعالم توجد لدى الموظفين العاملين فى المشروعات العائلية الصغيرة، أو فى مواقع العمل التى تسود فيها أشكال من السلطة الصناعية ذات الطابع الأبوى، وهو الشكل السائد بين عمال الزراعة، على سبيل المثال. ويعيسش هؤلاء المعمال عادة داخل تجمعات صغيرة تضم نظاما للمكانة ذا طابع محلى، حيث يميل الناس إلى إعطاء الأفراد مكانة، بوصفهم أفرادا، داخل تراتب للهييةذىطابعمحلى "يعرف فيهكل فرد من الأفراد مكانته".
وأخيراً نجد أن أصحاب الرؤية الذرائعية (النفعية) ذات الطابع الخاص يتميزون بتوجهانهم نحو العمل ذات الطابع المالى الغالب، كما بتميزون باسلوب حياة سكان الضواحى الذى يتمركز حول الأسرة وحول المنزل (المؤسسات الخاصة)، ويساهم ذلك فى تكوين صورة للمجتمع ذات طابع مادى، تصبح فيها الانقسامات الطبقية قائمة بالأساس على الدخل والممتلكات المادية. وينجذب هؤلاء العمال إلى الوظائف لأسباب خارجية (اقتصادية) ونادرا ما يشكلون جماعات عمل متماسكة أو يدخلون فى علاقات اجتماعية حميمة داخل مكان العمل. كما أن علاقاتهم بالنقابات المهنية والأحزاب السياسية اليسارية أقل تماسكا و أكثر نفعية (مادية) من علاقات العمال البروليتاريين التقليديين بهذه الأحزاب. لذا فإنهم "يفتقدون أى إحساس بالمشاركة فى أية حركة طبقية تسعى إلى التغيير البنائى للمجتمع، ويعولون بدلا من ذلك، على التنظيمات العمالية والأحزاب فى تحسين ظروفهم المادية" (شكل من أشكال النضال الفئوى أسماه لوكوود "الروح الجماعية ذات الطابع النفعى").
لكن لوكوود كسان مشوشا فيما يتعلق بمكانة أطروحته، فهو يدعى أنه يقدم سلسلة من الأنماط المثالية ذات طابع سوسيولوجى، وليست مفاهيم تاريخية، لكن الملاحظ أن صورة (تصور) المجتمع الذى تبناه النفعيون فى فترة الرواج التى أعقبت الحرب العالمية الثانية كانت هى الصورة النمحلية الشانعة لدى العمال اليدويين بشكل عام، أى أن الرؤية المادية للعالم سرعان ما شملت البرو ليتار يا التقليدية، وأصحاب رؤية الإذعان القانمة على التحسور التدرجى للمجتمع. ومع ذلك فإن تصنيف لوكوود هذا والتاليف الفانق الأصالة بين عديد من الأفكار داخل علم الاجتماع البريطانى فى فترة ما بعد الحرب الثانية، والتى استند اليها هذا التصنيق ظل هاديا لعدد لا حصر له من الدراسات الخاصة بحياة الطبقة العاملة البريطانية، لأكثر من عقد كامل، كما ظل تحليل لموكوودمؤثرا على الباحثين فى أوروبا وأمريكا حتى اليوم.