المحقق الكركي

هو علي بن الحسين بن عبد العالي العاملي الكركي المشهور ب "المحقق الكركي" أو "المحقق الثاني"، فقيه وعالم دين شيعي من جبل عامل، له العديد من التحقيقات المهمة في الفقه وآراء مثيرة في مسألة ولاية الفقيه. لقّب بالشيخ العلائي.

ولادته

ولد في كرك نوح عام 868هجرية، وهي إحدى المدن الصغرى بالقرب من بعلبك (في لبنان حالياً)، ويعدهاالبعض من قرى ومدن جبل عامل لقربها من القرى العاملية.

وقد ازدهرت هذه المنطقة (كرك نوح) في القرنين العاشر والحادي عشر هجري واستقطبت عددا من العلماء والطلاب أبرزهم الشهيد الثاني الذي لجأ إليها طلبا للعلم.

دراسته

تلقى علومه الإسلامية على المذهب الشيعي في قرى وبلدات جبل عامل مثل كرك نوح وجزين وعيناتا ثم هاجر إلى مصر لدراسة المذاهب الاربعة, فأخذ هناك عن علمائها وحصل على الاجازات من شيوخها بالرواية، كما سافر إلى دمشق ودرس المذهب الشافعي فيها.وبعدها يمّم وجهه إلى النجف عام 909 وحضر على كبار علمائها، كذلك ذهب إلى بغداد والحلة وجالس العديد من العلماء، ومن ابرز مشايخه:

  • الشيخ شمس الدين محمد بن خاتون العاملي. (محمد بن علي بن محمد بن خاتون العيناثي)
  • زين الدين أبي الحسن علي بن هلال الجزائري، وهو من جزائر خوزستان في بلاد إيران ولكنه عاش مدة طويلة في كرك نوح بلدة المحقق الكركي. ويقول المحقق الكركي عن أستاذه الجزائري: فممن قرأت عليه وأخذت عنه واتصلت روايتي به ولازمته دهرًا طويلاً وأزمنة كثيرة وهو أجلّ أشياخي وأمهرهم ، هو شيخ الشيعة الإمامية غير منازع.
  • الشيخ شمس الدين محمد بن داود.
  • الشيخ احمد بن الحاج علي العاملي.
  • زين الدين جعفر بن حسام العاملي.
  • الشيخ أبو يحيى زكريا الأنصاري
  • الشيخ عبد الرحمان ابن ابانة الأنصاري (في مصر)
  • الشيخ علاء الدين البصروي (في دمشق)

في أصفهان

هو أول فقيه من جبل عامل يستجيب لدعوة الصفويين. وقد رفض قبله الشهيد الثاني دعوة الصفويين له بالذهاب إلى دولتهم.

التقى المحقق الكركي بالشاه إسماعيل الصفوي في (هرات) عندما فتح الملك الصفوي هذه المدينة، وطلب منه أن ينتقل معه إلى إيران ويتولى شؤون الدولة الشرعية والفقهية بموجب المذهب الشيعي.

لم يخف المحقق الكركي استياءه من بطش الصفويين بالسنّة في مدينة هرات بعد فتحها والقضاء على دولة الازبك، خاصة بعد أن قتل الجيش الصفوي شيخ الإسلام في هرات سعد الدين التفتازاني صاحب كتاب « المطول في البلاغة » فنبهه إلى خطئه في الاضطهاد الطائفي والفتك بمن يخالفه في المذهب.

انتقل المحقق الكركي إلى إيران بصحبة الشاه واستغل هذه الفرصة أفضل استغلال، ونشط في تكريس ونشر فقه أهل البيت عليهم السلام في إيران، وتولى تعيين العلماء وأئمة الجماعة والقضاة في أطراف البلاد بصورة منظمة.

فقد كان المحقق الكركي أول نظّم ارتباط العلماء بالمرجعية، وكذلك نظّم جباية الحقوق الشرعية بصورة ميدانية وواسعة في الدولة الصفوية، (كما فعل الشهيد الأول في بلاد الشام) مستفيدا من إمكانات النظام والدعم السياسي والمالي الذي كان يتلقاه من قبل الدولة.

قد استطاع المحقق الكركي أن يقنع جمعا من زملائه وأصدقائه وتلاميذه في جبل عامل للهجرة إلى إيران والافادة من هذه الفرصة السانحة لنشر وتكريس المذهب الشيعي وبسط نفوذ الفقهاء في هذه الدولة الفتية.

ويبدو أن المحقق الكركي استطاع أن يحقق خلال هذه الفترة أهدافه بصورة جيدة، ونجح في بسط نفوذ المؤسسة الفقهية إلى حد بعيد، مما جعل البلاط الملكي يتضايق منه بصورة أو بأخرى، وقد أدى ذلك فعلا إلى برود ملحوظ في علاقة المحقق الكركي ببعض أجنحة البلاط، فآثر المحقق أن يغادر إيران إلى العراق، ويعود إلى النجف مرة أخرى ليعاود نشاطه الفقهي في هذه المدينة.

وقد مكث المحقق لقرابة ست سنوات في النجف توفي خلالها الشاه إسماعيل وخلف على الملك ابنه طهماسب.

ويبدو أن الفراغ الذي خلفه المحقق الكركي من بعده أضرّ بالدولة، مما جعل طهماسب ابن الشاه إسماعيل يطلب من المحقق العودة إلى إيران لتسلم منصب شيخ الإسلام في عاصمة ملكه (اصفهان). فاستجاب المحقق الكركي لدعوة الملك ورجع إلى اصفهان عاصمة الصفويين بصفة (نائب الامام). وهذه الصفة تمنحه بطبيعة الحال الولاية المطلقة في شؤون النظام والامة وتجعل مشروعية النظام تابعة لاذن الفقيه. وأقر النظام الصفوي للمحقق بهذه الولاية المطلقة النائبة عن ولاية الامام، وصرح له الملك (بأن معزول الشيخ لا يستخدم ومنصوبه لا يعزل)

كان وفود المحقق الكركي على عاصمة الصفويين بداية لهجرة واسعة من قبل فقهاء جبل عامل والمراكز الفقهية العامرة الأخرى في ذلك التاريخ مثل البحرين. وقد قدم إلى إيران بعد المحقق الكركي جمع من كبار الفقهاء منهم :الشيخ حسين بن عبد الصمد ـ والد الشيخ البهائي ـ، والشيخ علي المنشار، وكمال الدين درويش محمد العاملي، والشيخ لطف الله الميسي العاملي، والشيخ الحر العاملي وغيرهم.

مؤلفاته

له العديد من المصنفات تصل إلى حدود 32 مصنفا أبرزها:

  • شرح قواعد العلامة الحلي الموسوم ب (جامع المقاصد في شرح القواعد) وهذا أشهر مؤلفاته على الإطلاق.
  • الرسالة الجعفرية.
  • رسالة الجنائز.
  • النفحات
  • الرسالة الرضاعية
  • شرح الفيه الشهيد
  • رسالة أقسام الأرضين
  • رسالة صيغ العقود
  • رسالة احكام الإسلام
  • الرسالة النجمية
  • الرسالة المنصورية
  • رسالة في تعريف الطهارة
  • المطاعن المحرمية
  • رسالة في العدالة
  • رسالة في الغيبة
  • الرسالة الحجية
  • حاشية على تحرير الأحكام
  • الرسالة الكرية
  • رسالة في التعقيبات
  • الرسالة الخراجية الموسومة ب(قاطعة اللجاج في تحقيق حل الخراج)
  • رسالة الجمعة.
  • حواشي مختلف الشيعة.
  • حواشي كتاب شرائع الإسلام.

وفاته

اختلف في تاريخ وفاته، فقيل في العام 937 هـ، وقيل 938هـ وقيل 940 هـ. ويقال أنه توفي في النجف الأشرف مسموما.

المصادر

ترجمة المحقق الكركي في أمل الآمل - للحر العاملي- الجزء الأول -باب العين.

ترجمة المحقق الكركي في كتاب رياض العلماء - جزء 3 -

ترجمة المحقق في بداية رسالته قاطعة اللجاج.