الفن القديم

الفن القديم (باللاتينية ars antiqua). هو اسم يطلق على أسلوب الموسيقى القائم على الغناء المرسل plain chant وأسلوب الأورغانوم organum الذي ظهر في أواخر العصور الوسطى للتمييز بين الأساليب الموسيقية للفترة قبل سنة 1300  أي مابين القرنين الثاني عشر والثالث عشر من الموسيقى عن القرن الرابع عشر، الذي يطلق عليه لفظ الفن الجديد. يشمل الفن القديم موسيقى مدرسة نوتردام وسادتها العظماء ليونين وبيروتان (القرن ال12)؛ وفترة بيتراس دو كروس الذي عرف كذلك باسم بيير دولا كروا (في نهاية القرن الثالث عشر).

وقد تزعمت فرنسا أوروبا في هذه الفترة حيث تطورت فيها الموسيقى البوليفونية في كاتدرائية نوتردام بياريس عام 1163 بداية ظهور زعامة الموسيقى الحقة في القارة الأوربية، إلى جانب ظهور صيغ موسيقية جديدة وانطباع الموسيقى بطابع خاص ومميز لذلك العصر، هذا علاوه على وجود بداية نهضة موسيقية دنيويه شعبية خارج الكنيسة على أيدي جماعات التروبادور والتروفير في نفس الفترة.

مدرسة نوتردام تعرف أساسا بسبب استخدام الأورجانوم وclausula (هي كلمة لاتينية تعني قسم بوليفوني) وCONDUCTUS (وهو نوع من الغناء غير الديني). ولاحقا ظهر شكل لاحق هو الأهم في الفن القديم وهو الموتيت. أعظم تقدم في الفن القديم هو ترسيخ الإيقاع الصارم الذي يعتمد على قواعد محددة للأنماط الإيقاعية (حين كان الإيقاع في الموسيقى المبكرة أكثر حرية) واستخدام ثلاثة وحتى أربعة أصوات (حتى فترة الموسيقى القديمة، اقتصرت الموسيقى على صوت وصوتين). على الأرجح هذه المقطوعات البوليفونية كانت تغنى مع صوت واحد مثل موسيقى الحجرة الغنائية. إلى جانب تطور البوليفونية في الموسيقى الكنسية ظهرت الأغنية المنوفونية في الموسيقى الدنيوية، التي ألفها الموسيقيون (المنيسنجر والتروبادور والتروفير).

لمحة تاريخية

وجدت الاستخدامات الأصلية لهذا المصطلح في العصور الوسطى في عمل مرآة الموسيقى لجاكوبس وأخرى، من قبل يوانس دو ميغي (وهو الوحيد الذي استخدم المصطلح الدقيق «الفن القديم»)، ويشير خصوصًا إلى فترة فرانكو أوف كولين، في نحو عام 1250 - 1310، ولكن هذا الاستخدام المحدود نادرًا ما استُخدم في العلوم الحديثة. تقريبًا جميع ملحني الفن القديم مجهولون. كان ليونان (عاش أواخر القرن الثاني عشر)، و بيروتان (منذ عام 1180 حتى 1220 م) ملحنان معروفان بالاسم من مدرسة نوتردام، في الفترة التي تلت ذلك، كان بيتروس دو كروسيه -وهو ملحن للموتيه- من القلائل الذين حُفظت أسمائهم.

في نظرية الموسيقى، شهدت فترة الفن القديم العديد من التطورات عن الممارسات السابقة، تجلى معظمها في التصور، وتدوين الإيقاع. في بداية فترة موسيقى العصور الوسطى، بين التدوين الدرجات الموسيقية للأغاني دون الإشارة إلى الإيقاع الذي يجب أن تغنى به هذه الدرجات. كان يوانيس دوغارلنديا أشهر منظري الموسيقى في النصف الأول من القرن الثالث عشر، ومؤلف كتاب بخصوص الموسيقى الموزونة (حوالي 1240)، وهي الأطروحة التي حددت الأنماط الإيقاعية وشرحتها بشكل كامل. كان فرانكو أوف كولوين منظّرًا ألمانيًا في الفترة التي تلت ذلك بقليل، وهو أول من وصف نظامًا للتدوين تكون فيه للدرجات مختلفة الأشكال قيم إيقاعية مختلفة تمامًا (في فن الأغاني القابلة للوزن في نحو 1280) ، وكان لهذا الابتكار تأثير هائل على تاريخ الموسيقى الأوروبية اللاحق. استخدمت معظم الموسيقى المدونة المتبقية من القرن الثالث عشر الأنماط الإيقاعية كما حددها غارلنديا.

تضمنت القوطية المبكرة الموسيقى الفرنسية المُؤلفة في مدرسة نوتردام حتى عام 1260 تقريبًا، وتضمنت القوطية العليا كل الموسيقى منذ ذلك التاريخ، وفي حوالي عام 1310 أو 1320، كانت البداية التقليدية لموسيقى الفن الجديد. وصلت أشكال أورغانوم و كندكتوس إلى ذروتها في أوائل القوطية، وبدأت في الانخفاض في القوطية العليا، ليحل محلها الموتيه.

بالرغم من أن أسلوب الفن القديم أصبح موضة قديمة فجأةً في العقدين الأولين من القرن الرابع عشر، كان لديه مدافع متأخر وهو جاك أوف لييج، الذي كتب هجومًا عنيفًا ضد موسيقى الفن الجديد في عمله مرآة الموسيقى واصفًا إياه بأنه «غير محترم ورديئ»، مدافعًا بقوة عن الأسلوب القديم بطريقة تستحضر لنا حتى يومنا هذا عددًا من منتقدي الموسيقى من العصور الوسطى (جاكوبس 1955-73، كتاب7، وفي أماكن أخرى). بالنسبة لجاكوبس كان الفن القديم هو موسيقى الموديستا والفن الجديد هو موسيقى اللاشيبا، وهو نوع من الموسيقى التي اعتبرها متساهلة للغاية ومتقلبة وغير متواضعة وفاسقة (أندرسون وروسنر 2001).

أهم الشخصيات

ليونين Léonin (أو ليونينوس Leoninus)

يعد الكتاب الأعظم لتراتيل القداس والترجيعات والمجاوبات الأرغنية الذي وضعه ليونين Léonin حوالى عام 1163 أول صرح في بناء «الموسيقى القوطية» أي بداية عصر «الفن القديم». وقد كانت الاصوات الاضافية التي وضعها تؤدي في القداسات والصلوات بدلاً من الغناء الجريجورياني الذي كان يؤدي المغنى المفرد في التهليلات والترديدات.

وقد جمع فيه ليونين مجموعة من المؤلفات الموسيقية الدينية للطقوس الكنسية التي تقام طوال السنة الميلادية من ترجيعات ومجاوبات وتهليلات وتراتيل وما إليها وصاغها جميعًا من أسلوب الأورغانوم بأنواعه المعروفة أيامه. فكانت النماذج الأولى من أسلوب الأورغانوم المتوازي parallel organum حيث يسير خط الأورغانوم في تواز تام مع مسار الميلودية الأصلية في صعود أنغامها وهبوطها. كما صيغت النماذج اللاحقة من عدة خطوط أورغانوم إلى جانب الصوت الرئيسي بدلا من خط الأورغانوم الواحد إلى جانب الصوت الرئيسي، وهو الأسلوب الذي ازدهر في منتصف القرن الثاني عشر.

وقد اعطى ليونينوس للصوت العلوي من الاصوات الاضافية حرية متزايدة في نسخ النماذج التلوينية التقاسيمية بينما كانت نوتات التينور (الصوت السفلي) تمتد في أصوات بيدالية طويلة وقد تصل الى اثنى عشر مازوره (مقياسنا الحديث).

بيروتان Pérotin (أو بيروتينوس Perotinus)

قيل عن بيرو تينوس انه ابتعد عن الروح الصارمة للأصوات الإضافية عند ليونينوس وانه اظهره في وفرة وغزارة في التلوين،كما انه جعل هناك اتحاد بين الالحان الثلاثة في مقابلة التينور كما امتاز بيرو تينوس باستخدامه اقدم انواع المحاكاه imitaion والكانون canon وهي اسلوب يتلخص في ترديد عبارة لحنية جائت في خط لحني بواسطة خطوط لحنية اخرى, وهذه الطريقة هي الذي ادت الى ظهور وانتشار الفوجا بعد ذلك باربعة قرون

أهم الصيغ

1-الكلاوزولا clauzola

هي نوع جديد من التاليف البوليفولي ظهر في اوائل القرن الثالث عشر وهو مبني على اساس جملة لحنيه صغيرة من لحن كنائسي من النوع الغني بالحليات مصاحب بصوت اعلاه . وتؤدي الثلاثة اصوات بدون نصوص (كلام) أو بالات أحيانا.

2-الموتيت motet:-

نشا الموتيت كتطور عن الكلاوزولا بإضافة نص كلامي الى الاصوات الاثنين او الثلاثه العليا والتي تؤدى كانغام فقط فوق التينور في الكلاوزولا ولهذا فالموتيت (كما عبر عنه كاتب عاش في القرن الثالث عشر) هو اغنية تترتب من عدة اصوات متشابكة تسمع في وقت واحد في توافق ولها نصوصها الكلامية كما ان لكل صوت مقاطعه الخاصة به اما التينور فقد يكون له نصه الخاص او يكون بلا نص على الإطلاق وقد تؤديه آله موسيقية وبهذا ومع مرور الوقت أصبحت الألحان لها نصوصها وأوزانها المختلفة وبذالك اتصفت الموتيت بانها :-

* بوليفونيه متعددة الخطوط اللحنية            POLYPHONY

* متعددة الإيقاعات                                    POLYRYTHEM

* متعددة النصوص                                  POLYTEXTTUAL

خصائص عصر الفن القديم

يمكن تلخيص خصائص عصر الفن القديم بما يأتي:-

  1. استمرار التاليف البوليفوني لتصويت ثم ثلاثة واربعه احيانا
  2. وجود الاستقلال التام من حيث النغمة والإيقاع بين مختلف الاصوات والذي نجم عن تنوع النصوص بين الأسطر والذي نجم عن تنوع النصوص بين الأسطر أحيانا .
  3. استخدام مسافات الاوكتاف والخامسة كمسافات متوافقة أما المسافات الأخرى فقد استعملت بحرص على استعمال انها مسافات متنافرة .
  4. استمرار وجود الصيغ القديمة كالاورجانوم المحدود وظهور صيغ جديدة كالكلاوزولا والموتيت .
  5. الطابع الديني للموسيقى هو الغالب ولكنه تطور فيما بعد واستبدلت النصوص الدينيه بنصوص أخرى دنيوية خصوصا في الموتيت .
  6. استعمال الموازين الثلاثة البطيئة فقط والتي ارتبطت بها الإيقاعات الكنيسة ولهذا اضفت على الموسيقى في هذا العصر نوعا من الملل .