بوليفونية

البوليفونية (بالإنجليزية polyphony) في الموسيقى، يقصد بها أي موسيقى حيث يصدر نغمتان أو أكثر في نفس الوقت (المصطلح مشتق من اللغة اليونانية «الذي يعني اصوات كثيرة»)؛ بالتالي، حتى كل فاصل من نغمتين في نفس الوقت أو تآلف من 3 نغمات في نفس الوقت يكون البوليفونية. لكن عادة ترتبط البوليفونية بالكونترابنط، وهو مجموعة من الخطوط اللحنية المنفصلة. في الموسيقى البوليفونية، نرى خطين لحنين متزامنين أو أكثر على أنهما مستقلين رغم اتصالهما. في الموسيقى الغربية تشمل البوليفونية الفصل الكونترابنطي بين اللحن والباص. ويكون البناء بوليفوني بحت، وبالتالي كونترابنطي، حين يتم التمييز بين الخطوط الموسيقية إيقاعيا. قسم فرعي من البوليفونية يعرف بالهوموفوني، يوجد في أكثر صوره نقاء حين تتحرك الأصوات كلها أو أجزاء منها في نفس الإيقاع، مثما في نسيج من التآلفات. هذه المصطلحات لا تنفصل عن بعض، والموسيقيون من القرن ال16 حتى ال21 ميزوا بين النسيج المتنوع من البوليفونية المعقدة إلى الهموفوني الموحد إيقاعيا حتى في نفس المقطوعة.

البوليفونية عكس المنوفونية (أي الصوت الواحد مثلما في الترتيل) سمة بارزة تميز بين الموسيقى الغربية وموسيقى كل الحضارات الأخرى. البوليفوني الخاص لمجموعات الآلات في الموسيقى الآسيوية تشمل نوع من التنويع اللحني متعدد الألحان وليس كونترابنطي بالمعنى الغربي.

البوليفونية في مراحلها الأولى

كانت هناك دائما مناوشات ومجادلات حول سؤال : هل عرفت الموسيقى اليونانية القديمة عنصراً آخر غير الخط اللحني الواحد ؟ مما لاشك فيه ان اليونان لم يعرف الفوجات ( اسلوب بوليفوني قائم على التتابع والتلاحق بين الموسيقية للأصوات المختلفة ) ولا الهارفونية بمفهوم التآلفات والعلاقات الرأسية وان كانت توجد بها بعض انواع من تعدد التصويت البدائية مثل التتابع على بعد اوكتاف اعلى او لاسفل مما تفرضة طبيعة الاختلاف بين مناطق الصوت المختلفة اما عن الاداء الآلي والمصاحبة الآلية عندهم ، فكانت تعرف بعض انواع الاستقلال مثل :-

v    اعتبار الاوكتافات والرابعات والخامسات مسافات متآلفة على حين ان الثالثات والسادسات والثانيات والسابعات تعتبر مسافات متنافرة . وبذلك يمكن تصور وجود توازي لحني عبارة عن الرابعات وخامسات متوازية وهذا قريب الاحتمال .

v    يمكن اثبات ان اليونان كانت تفصل في مراحل متأخرة الالحان ذات الصوتين على الألحان المفرده فقط ، وقد قال أحد المراجع من القرن الميلادية الأول أن الألحان كانت تحلى عادة بالخامسات او الرابعات .

v    هناك نص يؤكد وجود نوع من الكونترابونط ذو الصوتين ، وذلك حينما قال افلاطون ان مدرسي الموسيقى يعزفون مع التلاميذ اثناء الغناء وهم يجيبون على المسافات القريبة بمسافات بعيدة ، والمنخفضة بأعلى منها والالحان والسريعة بأخرى ابطئ . وهكذا كان   ( اثينايوس ) يقول لعازفي المزمار انه يجب التمييز بين صوتي مزماريهما حتى لا يختلط الأمر على المستمع .

وعلى هذا فان البوليفونيه في مراحلها المبكرة استغلت مفاهيم موسيقية يرجع بعض الفضل فيها إلى الإغريق الا ان المبدأ الاساسي الذي تقوم عليه البوليفونية ليس له وجود فيما وصلنا من نظرياتهم التي اعتمدت على استغلال البناء الداخل للأسطر اللحنية الى جانب التلاحم الضروري بين مجموعة الأسطر .

اما الذي مهد للبدايات الاولى للبولبفونية الحقيقية فهو نوع من الممارسات اطلق عليه الغناء المزدوج أي DIAPHONY او الاورجانوم وقد ذاع هذا الاسلوب في القرن العاشر ، وفيه طبقت نظريات الإغريق في التوافق والتنافر لأول مره بين الاصوات التي تسمع في وقت واحد . ويمكن التفرقة بين الانواع الاولى للأورجانوم عن طريق شكل الحركة اللحنية والابعاد بين الاصوات .

لهذا تعتبر بداية تعدد التصويت من اهم احداث التاريخ الموسيقي لانه حتى القرن التاسع كانت الموسيقى في انحاء العالم كله تؤدي كلحن واحد منفرد بلا أي نوع من انواع تمدد التصويت سوى البدائية منها وهي في الغالب تراتيل كنيسية او طقوس وشعائر دينية مونوفونية ومنذ ذلك التاريخ بدأت الموسيقى عند الغرب في التطور .