آرس نوفا
آرس نوفا (تعني في اللاتينية الفن الجديد) مصطلح يشير إلى نمطٍ موسيقيٍ ازدهر في فرنسا والأراضي البورغندية المنخفضة في أواخر العصور الوسطى: وبالتحديد، في الفترة بين إعداد رومان دو فوفيل (1310) ووفاة المؤلف الموسيقي غيوم دو ماشو عام 1377. يُستخدم المصطلح أحيانًا بشكل أوسع للإشارة إلى الموسيقا البوليفونية الأوروبية في القرن الرابع عشر. فمثلًا، يُطلق تعبير «الآرس نوفا الإيطالية» أحيانًا للإشارة إلى موسيقا فرانسيسكو لانديني ومواطنيه (مع أن التسمية الأكثر شيوعًا لموسيقا القرن الرابع عشر في إيطاليا هي موسيقا تريسينتو). يمكن فهم «آرس» في «آرس نوفا» «تقنية» أو «نمط». استُخدم المصطلح لأول مرة في أطروحتين موسيقيتين، بعنوان (تقنية جديدة للموسيقا) (نحو 1320) ليوهانس دو موريس، ومجموعة من الكتابات (نحو 1322) نُسبت إلى فيليب دو فيتري تسمى اليوم ببساطة «آرس نوفا». يوهانس وولف هو أول من استخدم المصطلح لوصف حقبة تاريخية في عام 1904.
يُستخدم مصطلح «آرس نوفا» عادةً إلى جانب مصطلح آخر، «آرس أنتيكا»، الذي يشير إلى موسيقى العصر الذي سبق عصر الآرس نوفا مباشرة، ويمتد عادة للسابق ليشمل الفترة البوليفونية في نوتردام (من نحو 1170 إلى 1320). حينها تقريبًا، استُخدم مصطلح «آرس أنتيكا» ليشير إلى موسيقا القرن الثالث عشر، و«آرس نوفا» إلى موسيقا القرن الرابع عشر؛ يستخدم الكثير من التأريخ الموسيقي هذين المصطلحين وفق هذا المعنى العام.تعتبر الفترة من وفاة ماشو سنة 1377 حتى أوائل القرن الخامس عشر، بما فيها الابتكارات الإيقاعية للآرس سوبتيليور في بعض الأحيان النهاية أو الفترة المتأخرة للآرس نوفا، ولكن في أحيان أخرى يُنظر إليها على أنها فترة موسيقية مستقلة. أُطلقت تسمية «الفن الجديد» على فترات وأساليب موسيقية أخرى في أزمنة مختلفة. (استخدم تنكتوريس المصطلح لوصف دونستابل)؛ ومع ذلك، في الاستخدام التاريخي المعاصر، يقتصر استخدام المصطلح كليًا على الفترة المذكورة أعلاه.
فقدت الكنيسة خلال القرن الرابع عشر سلطتها المركزية بعد الشقاق المذهبي (1376 - 1417) وأصبح إلى جانب البابا المقيم في روما بابا آخر يقيم في أفينيون Avignon بفرنسا مما أدى إلى اقتلاع تقاليد العصور الوسطى من كافة نواحي النشاط الديني والاجتماعي والفكري والفني، وبدأت كل دولة تنمي ثقافتها القومية الخاصة وموسيقاها المطبوعة بطابعها المحلي حتى سمى مؤرخو الموسيقى هذه الفتره بعصر «الفن الجديد» الذي أخذ في الانتشار بفرنسا خلال النصف الأول من القرن الرابع عشر، ثم انتقل إلى إيطاليا وإنجلترا في النصف الثاني من القرن نفسه. وصاحبت هذا «الفن الجديد» حركة أدبية مشرقة أقطابها دانتي Dante وبوكاتشيو Boccaccio في إيطاليا وتشوسر Chaucer في إنجلترا، كما واكبتها طفرة عظمى في فن التصوير على يد جوتو Giotto بفلورنسا. وكانت أولى مستحدثات «الفن الجديد» بفرنسا تحديد مناطق الأصوات.
ولقد تقاسمت كل من ايطاليا وفرنسا في النهضة والتطورات التي اختصت بها موسيقى هذه الفترة. ففي مطلع هذا القرن ضعفت سلطة الكنيسة واتجهت الفنون لإظهار حقائق الحياة الدنيوية وظهرت اول بحوث في الموسيقى العالمية الدينية الكنيسية غير ان الكنيسة عارضت ذلك بشدة واتهمت الالحان والاوزان المصطنعة والمستحدثة وطريقة التدوين والازمنة السريعة والزخارف .والسكتات وكذالك الأنغام الدنيوية وخصوصا في اعمال –فليب دي فتري –(الفرنسي) وبيترس دي كروتشي فقد كان فليب دفتري مجددا لعدم اكتراثه بالمقامات الكنيسيه النقية الى جانب استعماله للثالثات والسادسات والتي كان يعتقد بعض التقدميون ايضا انها على حد تعبيرهم قاسية على الاذن.
المقارنة بآرس أنتيكا
أسلوبيًا، تختلف موسيقا آرس نوفا عن موسيقا العصر الذي سبقها بطرق شتى. التطورات في النوتة سمحت بكتابة النوتة باستقلالية إيقاعية أكبر، متجنبة قيود الأنماط الإيقاعية التي سادت في القرن الثالث عشر؛ اكتسبت الموسيقا غير الدينية الكثير من التطور البوليفوني الذي كان من قبل مقتصرًا على الموسيقا الدينية فقط؛ وكذلك اكتسبت تقنيات وأشكالًا جديدة، كوحدة الإيقاع والموتيه وحيد الإيقاع، التي أصبحت شائعة. خلق التأثير الجمالي لهذه التطورات موسيقا أكثر قدرةً تعبيرية وأكثر تنوعًا مقارنةً بما كانت عليه الحال في القرن الثالث عشر. يمكن تشبيه التغيير التاريخي المفاجئ بتلك الدرجة المذهلة من التعبير الموسيقي، بالتغيير الذي أحدثه إدخال المنظور في الرسم، ومن المفيد أن نأخذ في الاعتبار أن التغييرات في موسيقا الآرس نوفا عاصرت ثورات عصر النهضة المبكرة العظيمة في الرسم والأدب.
أشهر ممارسي هذا الأسلوب الموسيقي الجديد هو غيوم دو ماشو، الذي كان أيضًا كاهنًا وشاعرًا متميزًا في كاتدرائية ريمس. يتجلى أسلوب الآرس نوفا في القدر الكبير من الموتيه الذي قدّمه ماشو إلى جانب اللاي والفيرلاي والروندو والبالاد.
قرب نهاية القرن الرابع عشر، تطورت مدرسة جديدة من مؤلفي الموسيقا والشعراء في أفينيون في جنوب فرنسا؛ أطلق على أسلوبها الرقيق للغاية اسم آرس سوبتيليور. يعتبره بعض الباحثين تطورًا متأخرًا للآرس نوفا بدلًا من كونه مدرسة منفصلة. هذه المجموعة الغريبة والمثيرة للاهتمام من الموسيقا، والمحدودة في التوزع الجغرافي (جنوب فرنسا وأراغون وقبرص لاحقًا)، والتي كانت الغاية منها أن يؤدي الخبراء أمام جمهور من الخبراء، تشبه «نغمة الختام» لموسيقا العصور الوسطى بأكملها.
الصيغ
1-الروند Rond:-
ويطلق على هذه الصيغة ايضا اسم –الروتا rota (دائره) او كانون او للراوند round وهي صيغه فرنسية الاصل وفيها يغني اللحن الاساسي الصغير المكون من رابع موازير تتابعاً بين اربعة اصوات وكل صوت يبدا باللحن نفسه من بدايته ولكن متاخراً مازوره عما قبله وعليه فمن الواجب ان تكون المازورات الاربعة التي تتالف منها اللحن موضوعه بحيث تكون متوافقة هارمونياً وكنترابونطياً مثل :-
الصوت الاول : 1 2 3 4 1 2 3 4
الصوت الثاني: 1 2 3 4 1 2 3
الصوت الثالث : 1 2 3 4 1 2
الصوت الرابع: 1 2 3 4 1
وهذا في دورات متتاليه وبذالك يمكن انهائها عند نهاية الجمله لأي صوت او انهائها بالتتابع سكوتا بعد نهاية كل صوت على التوالي ومن هذا الكانون الشعبي خلق الفرنسيون واحده من الصيغ الفنية في القرن الرابع عشر وهي الشاس وتبعهم الايطاليون بصيغة مماثلة هي الكاتشيا.
2-الشاسchace:-
وهي صيغه فرنسيه وهي عبارة عن كانون طويل ثم لحن واحد (اونسون) أي ان الاصوات تتبع بعضها في نفس الطبقة والسلم او كل صوت يدخل بعد أربعة موازير على الاقل من الصوت السابق ويستمرون مباشرة حتى النهاية دون تكرار او التفاف مثل الراوند.
3-الكاتشيا caccia
وهي صيغه ايطالية الأصل ، وكلمة كاتشيا معناها يوحي بالتتابع والتلاحق والمطارده وهي تشبه –الشاس الفرنسية غير ان ارضيتها تكون من نوتات طويلة تغنى او قد تعزفها الالات وتؤدي وظيفة الباص الاوستيناتو –الذي يرتكز على عباره لحنيه او نموذج يتكرر باستمرار –والكاتشيا –تمثل تغيرا فوريا ، فتشهد فيها التحرر الايقاعي من الاشكال الايقاعية الثابتة القديمة مع استخدام السنكوب احيانا .وقد ظلت ايطاليا مئات السنين تتلق من الخارج اكثر مما تؤثر في الفن تاثيرا ايجابيا ولكنه في حوالي سنة (1300م) بدات تنافس فرنسا ولكن اهم ما صنعه الايطاليون أنهم فرو من البوليفونيه الافقية وكانت الاصوات المصاحبة يقصد بها مجرد المساندة الهارمونية وبذالك كان في الواقع صوت باص بالمعنى المفهوم هرمونيا في وقتنا هذا.
4-المادريجال الايطالية madregal:-
ظهر هذا النوع الأول مره في ايطاليا على شكل بناء موسيقى غايه في البساطة ويتكون من جزئين رئيسيين في الجزء الاول تلحين لعدة ادوار (سطور) من النص بنفس اللحن . اما الجزء الاخر وهو المرجع ياتي بعد كل دور ويستخدم في كل مره موسيقى جديدة وايقاع جديد مختلف.
مرجع (د) دور(أ) مرجع(ج) دور(أ) مرجع(ب) دور(أ)
D a c a b a
وقد كانت المادريجال التي تكتب الصوتين ،او ثلاثة حافله بالزخارف اللحنيه الجزئية في الصوت العلوي بينما الاصوات الاخرى المصاحبه تغني او تعزف على الالات بروح تكاد تكون هارمونية الطابع .
ويجب عدم خلط هذا النوع من المادريجال وبين المادريجال الذي ظهر في القرن السادس عشر بنفس الاسم كصيغة كوراليه تتسم بروح عصر الباروك .
(1) البلاتا (الايطاليه):-
البلاتا تتركب هذه الصيغه من مجموعة من الادوات يتخللها المذاهب وقد يكون قبلها او بعدها ايضا . والبلاتا بها قسمين لحنيان الاول للمذهب ribresa والقسم الثاني ويكون لكل زوجين أوليين من السطور في بداية كل دور stanza والسطر الاخير يكون من لحن المذهب . وقد كانت كل تلك الصيغ موسيقى منزلية ارستقراطية للهواة من المثقفين وقد انتشرت هذه الصيغ كثيرا فذاعت كثيرا في تلك الفترة اما الموسيقى الكنيسية فلم تلعب دورا هاما بين الايطاليين في القرن الرابع عشر . ولم تجد الروحانيات تعبيرها في موسيقى الطقوس بقدر ما وجدته في الصيغ الشعبية بعيدة عن الطقوس الكنيسية وذلك مثل تراتيل الرهبان المعروفة بالمدائح lauda والتي كانت تصاغ في قالب يشبه قالب البلاتا ومن اهم الموسيقيين الذين قامت على أيديهم النهضة الموسيقية في ذلك العصر .
1-فليب ديفري فرنسا
2-جيوم دي ماشو فرنسا
3- فرانكشو لانديني ايطاليا
خصائص الفن الحديث
يمكن أن نلخص تلك التطورات الفنية وخصائص عصر الفن الحديث فيما يأتي :-
1- اضطراب الكنيسة وتزعزع سيطرتها الذي ادى بالتالي الى ازدهار الموسيقى الدنيويه .
2- ظهور صيغ جديدة اهمها (الروندو-الشاس الكاتشيا-المادريجيال-البلاتا )
3- استخدام الكانون والتقليد بين الاصوات واستخدام بعض القيم ذات الطابع الهارموني.
4- حرية استخدام الايقاعات ذات الضغوط (واضحة الاكسنت) والسكوت واستخدام الايقاع الثاني والاقلال من الايقاعات الكنيسية بطابعها الثلاثي البطيئ .
5- انتشار البوليفونية المركبة من صوتين في ايطاليا والمركبة من ثلاثة وأربعة اصوات في فرنسا وانجلترا.
6- بداية استخدام مسافه الثالثة والسادسة المتوازية بكثره كمسافات متوافقه واليونيسون والخامسة والاوكتاف للقفلات فقط .