اختبارات الدلالة

اختبارات الدلالة (بالإنجليزية: Significance Tests) مجموعة متتوعة من الأساليب الإحصائية التى تستخدم فى البحوث الاجتماعية الإمبيريقية لاختبارما إذا كانت العلاقة بين متغيرات عينة ما يستدل منها على تعميمات تنطبق على مجتمع البحث الذى سحبت منه العينة. وتحدد هذه الأساليب ما إذا كانت النتائج المستخلصة من العينة تمثل ظاهرة نادرة أو غير طبيعية أو غير متوقعة. وتمثل اختبارات الدلالة الأساس الرئيسى للاستدلال الإحصائى، فهى تكنيك (أسلوب) التحليل الذى يمكن بواسطته تعميم العلاقة بين متغيرين أو أكثر فى عينة ما على المجتمع الذى سحبت منه العينة. ومن هنا تخضع هذه الاجراءات لنفس الشروط التى تخضع لها إجراءات المعاينة نفسها فيما يتعلق بعمليات الاستدال الإحصائى.

ونقطة البدء هنا هى الفرض الصفرى القائل بأن الاختلافات المهمة فى نتائج البحث ترجع إلى خطأ المعاينة، وليس مرجعها إلى اختلافات حقيقية. وبمعنى آخر، فإنه لا توجد فى مجتمع المدراسة علاقة بين المتغيرات التى نختبرها. وفى اختبار بسيط للعلاقة بين نوعين من المتغيرات داخل عينة ما، يتم التأكد من مدى التشابه بين العينة والمجتمع فى ارتباطه بحجم الخطاً المسموح به. أما معدل الخطا نفسه فيتم حسابه بالنظر إلى كل من حجم العينة ومدى تنوع أو تباين المتغير التابع فى المجتمع الكلى للدارسة. ودلالة الاختلاف بين تسب المتغير داخل العينة يتم أيضا حسابها وتقديرها -مع مراعاة معدل الخطأ- فى ضوء مستويات معنوية محددة سلفا. وهذه تعتمد على مستوى الخطا الذتى يعتبر مقبولا عند استخلاص الاستدلالات حول العلاقة بين المتغيرات فى المجتمع الكلى للدراسة والتى تستخلص من خلال العينة. ويتم رفض الفرض الصفرى إذا ما وقع الاختبار الإحصائى للدلالة داخل مدى يحتوى على احتمال محدود للغاية لكون ذلك حدث عند اشتقاقه من التوزيع النظرى مثل التوزيع الاعتدالى (وهو ما يسمى بنطاق الرفض (Region of rejection).

وتقدم اختبارات الدلالة مستويات عديدة من الدلالة أو الثفة، إذ تذكر هذه الاختبارات أن أى نتيجة إحصائية لا ترجع إلى عامل الصدفة إلا بنسبة تقل عن واحد فى الألف (وهو مستوى 0.01) أو تقل عن واحدفى المائة (وهذا مستوى 0.1) أوتقل نسبتهاعن مرة واحدة من كل عشرين مرة (وهذا مستوى 0.5). وهكذا يمكننا على سبيل المثال أن نختار القول بأنه فى حدود احتمال خطاً نسبته 5% فى أى مدى يقع الاختلاف بين نسب المتغير فى المجتمع الكلى للدراسة. أو يمكننا أن نخفض احتمالات الخطاً إلى1% مما يؤدى إلى زيادة المدى الذى نتوقع أن نجد داخله الاختلاف فى نسب المتغير فى المجتمع الكلى للدارسة. ويشار إلى الحالة الأولى بمستوى المعنوية 95%، بينما يشار إلى الحالة الثانية بمستوى الدلالة أو المعنوية 99%. ويتم قبول النتيجة عند أى من المستويين السابقين استنادا إلى درجة التأكيد أو الدقة التى يتطلبها كل باحث، ولكن المستوى الأقل من واحدفى الألف هو أكثر المستويات أمانا فى التأكيد على أن نتائج البحث نادرا ما تكون قد وقعت بفعل الصدفة، وأن هذه النتائج بالتالى لابد وأن تكون انعكاسا حقيقيا للعالم الواقعى.

ويمكن للباحث متى حدد مستوى الدلالة الذى يعنيه، أن يختبر الجداول التى صاغها ليحسب (أو بستخدم الكومبيوتر فى حساب) القيمة القصوى للاختلاف بين نسب العينة -فى ظل معدل الخطأ- التى يتطلب الأمي زيادتها كى تصل إلى أن تكون فارقا ذا دلالة معنوية، أى اختلافات داخل العينة تكون من السعة بحيث يمكن أن تنطبق أيضا على المجتمع الكلى للدراسة. وإذا مازادت هذه القيمة فقد ينتهى المرء برفض الفرض الصفرى القائل بعدم وجود اختلاف بين نسب المجتمع الكلى للدراسة، وأن فرصة الخطا فى التوصل إلى تلك النتيجة تساوى احتمال خطاً عند أى مستوى معنوية او دلالة تم اختياره (وهو يكون فى الغالب ٥% أو ١%).

وهناك نوعان أساسيان من اختبارات الدلالة ينتميان إلى فرعين أساسيين من فروع الإحصاء: الإحصاءات البارامترية أو المعلمية (ذات المعالم)، والإحصاءات اللامعلمية (بدون معالم). ففى الإحصاءات البارامترية تبنى الافتراضات حول الشكل الأساسى لتوزيع المتغيرات فى المجتمع. ومن أمثلة الاختبارات البارامترية للدلالة نجد اختبار SND (اختبار درجة Z) واختبار T. أما أشهر الاختبارات اللامعلمية لقياس الدلالة فهو اختبار "U" عند مان ويتنى.

وهناك عدد كبير من اختبارات الدلالة للمتوسطات، والنسب، وأنواع التباين، والارتباطات، وحسن المطابقة. ومن هذه الاختبارات ما يطبق على الدراسات ذات العينة الواحدة أو ذات العينتين أو متعددة العينات. ومنها ما يطبق فى حالة المقاييس التصنيفية أو المقاييس الترتيبية أو المقاييس الفئوية. وتحتوى مجموعة برامج SPSS فى الحاسب الآلى على الاختبارات التى تستخدم فى علم الاجتماع، ولكن يجب الرجوع إلى الكتب الأساسية للتأكد من ملاءمة أى اختبار نختاره للبيانات المتاحة لدينا. ومن أكثر هذه الاختبارات شهرة اختبار كا تربيع (كا2 - Chi Square) الذى يتضمن بعض الافتراضات البسيطة عن الشكل التوزيعى الأساسى. وهو اختبار يناسب المتغيرات الوصفية أو التصنيفية، واختبار معامل ارتباط الرتب عند سبيرمان. وهو من أقدم الاختبارات التى صممت؛ ومن أكثرها استخداماً في حالة المتغيرات التى تطبق عليها مقاييس ترتيبية أو فئوية.

والدلالة الاحصائية لنتائج بحث ما لا تتعادل قيمتها مع الأهمية الأساسية لهذه النتائج كما تحددها النظرية أو الاعتبارات الخاصة بالسياسة أو غيرها من الاعتبارات. وكذلك أيضاً فإنه على الرغم من وجود علاقة بين الدلالة الإحصائية وبين حجم (أو قوة) الارتباط بين عينتين أو أكثر، فإن الأمرين لا يتعادلان هكذا ببساطة، والواقع أن نتائج بحث ما قد تكون صغيرة إلى حد التفاهة وترتبط بموضوع قليل الأهمية، ولكنها تظل ذات دلالة إحصائية حسب اختبارات الدلالة. ولذلك فإن بعض التقاد يرون أن اختبارات الدلالة الإحصائية غالباً ما تستخدم دون تدبر، بل وبطريقفة خاطئة، ويضفى عليها الباحثون فى تقارير نتائج البحوث قيماً وأوزاناً أكثر من حقيقتها.