نظرية حركية للغازات

الحركة الحرارية أو النظرية الحركية للغازات هي عبارة عن حركة عشوائية للجزيئات التي تنتج من تكونها في التوازن الحراري في درجة حرارة معينة. على العموم، تتزايد سرعة الجزيئات بارتفاع درجة الحرارة، كما أن سرعة الجزيئات الخفيفة مثل الهيدروجين تكون أسرع من سرعة جزيئات ثقيلة مثل النيتروجين و الأكسجين و غيرها، وهذا مانجده في مخلوط من الغازات.

بالنسبة للعديد من الأنظمة، تكون العلاقة الدقيقة بين الحركة الحرارية ودرجة الحرارة معطى بواسطة مبرهنة التوزع المتساوي.

الحركة البراونية هي مثال للحركة الحرارية.

افتراضات الحركة الحرارية

تفترض نظرية الغاز المثالي الافتراضات الآتية:

  • يتكون الغاز من جسيمات صغيرة. الجسيمات صغيرة بدرجة تجعل مجموع أحجامها أصغر كثير عن حجم الوعاء الموجودة فيه. وهذا معناه أن متوسط المسافات بين جسيمات الغاز أكبر كثيرا من مقاييس الجزيئات ذاتها.
  • جسيمات الغاز لها نفس الكتلة.
  • عدد جسيمات الغاز كبير جدا بحيث يسمح بمعاملته بالطرق الإحصائية.
  • تلك الجزيئات تتحرك مستمرا في حركة عشوائية سريعة.
  • تتصادم الجزيئات المتحركة بعضها البعض ومع جدار الوعاء الموجودة فيه. وتتم تلك التصادمات بطريقة مرنة تماما، وهذا يفترض أن الجزيئات كروية الشكل ومرنة في طبيعتها.
  • التأثيرات بين الجسيمات بعضها البعض ضعيفة مهملة (أي لا يوجد تجاذب أو قوي بينهم)، ولا يتم بينها سوي الاصطدامات.

وينتج عن ذلك أن:

1) تأثيرات النظرية النسبية يمكن اهمالها،
2) تأثيرات ميكانيكا الكم أيضا مهملة، حيث يكون متوسط المسافة بين الجزيئات أكبر كثيرا من طول موجة دي برولي لها ويمكن التعامل مع الجزيئات كأجسام تقليدية عادية.
3) ونظرا لانطباق الشرطين الإخيرين على تلك الجسيمات فيمكن معاملة حركتهم ب بالميكانيكا الكلاسيكية. وهذا يعني أن معادلات حركة الجزيئات تكون عكوسية بالنسبة للزمن. (تصادم عكوسي بالنسبة للزمن: إذا افترضنا تصادم كرتين بلياردو 1 و 2 وتكون سرعة الأولى ع1 وسرعة الثانية ع2 ينتج عن التصادم تحرك الكرتين بسرعتين جديدتين ع1* و ع2*. والعكوسية الزمنية هنا معناها أن العملية يمكن أن تسير بالعكس يحيث تبدأ الكرتان بالسرعتين ع1* و ع2* فتنتج عن التصادم السرعتان ع1 و ع2.كما ينطبق ذلك على زوايا الحركة قبل وبعد التصادم (أنظر تصادم مرن)).
  • تعتمد متوسط طاقة حركة جزيئات الغاز على درجة حرارة النظام فقط.
  • زمن تصادم الجزيئات بجدار الوعاء قصير جدا بالنسبة للزمن بين اصتدامات متتابعة بحيث مكن اهماله.

خلال تطور دراسة الحركة الحرارية للغازات أخذت أحجام جزيئات الغازات في الحسبان وتوصل العلماء لوصف خواص الغازات بطرق أكثر دقة وتبلورت في معادلة بولتزمان. وظهرت كتب لباحثين مثل "شابمان" و " إنسكوج " و "جراد".

في الأحوال النادرة عندما يكون تدرج الضغط في الغاز كبيرا - مثلما في الطيران بسرعات فوق سرعة الصوت أو عند ارتفاع الضغط سريعا كما في المحركات - يمكن وصف تلك الحالات باستخدام رقم كنودسن.

تفسير حركة جزيئات الغازات

يعد تفسير حركة جزيئات الغازات مثل الهواء الجوي قضية طالت دراستها علميا، وخاصة عندما فهمنا أن الغازات إحدى الفئات المميزة للمادة وأنها تعبر عن الحالة الثالثة للمادة (١٧٢٧). وأول من حاولا دراسة ذلك الأمر، كانا الأيرلندي روبرت بويل والسويسري دانيال برنولي. اعتقد بويل أن جزيئات الغاز مرتبطة مع بعضها بروابط مرنة يمكن ضغطها أو تركها لتتمدد. وهذا يعد تفسيراً لقانون بويل (١٦٥٩).

من ناحية أخرى، كان لدى برنولي (١٧٣٨) فكرة أفضل في هذا الصدد. فقد قال إن جزيئات الغاز تتسم بحرية الحركة؛ فهي تتحرك بشكل أسرع عندما يكون الغاز أكثر سخونة. فتثب الجزيئات على جدران الوعاء بصورة متكررة، وتشكل تلك العمليات المتكررة من تصاعد الغازات المجتمعة ما يعرف بضغط الغاز. ولا تقدم لنا دراسة الرياضيات قانون بويل فقط وإنما تقدم أيضا قانون شارل (١٧٨٣) الذي يربط بين حجم الغاز وحرارته. لذلك، كان هذا "نموذجا" ناجحا، حتى لو لم تكن جزيئات الغازات الحقيقية تتحرك هكذا بالضبط (١٨٥٢).

عكف الكثير من العباقرة على العمل في هذا الأمر؛ حيث كانوا يقومون بتطوير علم الرياضيات باستمرار. وقد ربطوا ضغط الغاز مباشرة بطاقة حركة الجزيئات. واستطاعوا تقدير سرعة انتقال الجزيئات بما لديهم من أفكار عن وزن الجزيئات. وكانت سرعتها مذهلة، حوالي ٠ ٥٠ متر في الثانية؛ أي ما يقارب سرعة طلقة بندقية. ولكن الجزيئات في الهواء العادي لا تتحرك بعيداً في اتجاه واحد (أقل بكثير من مليمتر واحد) قبل أن تصطدم بجزيء آخر (أي حوالي ٦ بليون مرة في كل ثانية) ثم تثب في اتجاه آخر. لذلك، تكون حركة كتل الغاز، مثلاً عند هبوب الرياح، بطيئة ما إذا قورنت بسرعة الجزيئات المنفردة.

ثابت بولتزمان (k)

عبارة عن ذلك الرقم الذي يربط طاقة الحركة لذرة أو جزيء ما في جسم صلب أو سائل أو غاز بحرارة المادة، ويمكن قياسه بدرجات مطلقة أو كلفنية. ويعد ذلك الرقم مغيرا جدا. نظراً لأن عدد أفوجادرو (١٨١١) يعد رقما كبيراً جدا. وكل درجة ارتفاع في الحرارة تزيد من طاقة الجزيء بمقدار واحد من ٠ ١ من الجول.

تزداد طاقة عدد أفوجادرو للجزيئات (ما يعادل ما يوجد في جرامين من الهيدروجين أو ١٢ جراما من الكربون، أي في الجزيء الجرامي الواحد) بمعدل ٨ جول كلما ارتفعت درجة الحرارة درجة واحدة.

قام الفيزيائي النمساوي لودفيك بولتزمان بتطوير الأمر قليلاً، وربط بين طاقة الجزيئات وحرارة الغاز (الحرارة المطلقة كما عرفها كلفن في عام ١٨٤٨) ويمكننا الاستشهاد بإحدى معادلاته في هذا الصدد:

متوسط الطاقة لكل جزيء = 3/2kT

حيث إن قيمة (T) تمثل درجة الحرارة بالدرجات الكلفنية وقيمة (k) تمثل ثابت بولتزمان (العديد من وحدات الجول للطاقة بالنسبة لكل درجة حرارة).

في حوالي عام ١٨٦٨، أدرك بولتزمان أن جزيء الغاز بإمكانه أن يتحرك في ثلاثة اتجاهات: من أعلى إلى أسفل ومن الأمام إلى الخلف ومن جانب إلى جانب. وأطلق على هذه الاتجاهات إسم "درجات الحرية"، وقال إن كل اتجاه من الممكن أن يكون له مقدار متساو من الطاقة المتاحة، وهو 1/2kT. وكان هذا هو القانون الذي وضعه والمعروف باسم تجزئة الطاقة بالتساوي.

اقرأ أيضا