علم الاجتماع الوجودي
علم الاجتماع الوجودي (بالإنجليزية: Existential Sociology) مدرسة أمريكية - أساسا - فى علم الاجتماع (خاصة فى الساحل الغربى للولايات المتحدة) ظهرت كرد فعل رافض لمعظم الرؤى العلمية المستقرة فى علم الاجتماع. وتنسب تلك المدرسة أصولها إلى الفلسفات الوجودية الأوروبية، لكل من كيركجارد، وفريدريك نيتشة، ومارتن هيدجر، وجان بول سارتر فضلا عن فينومينولوجية كل من هوسرل وشوتز.
أما الادعاء الرئيسى لهذه المدرسة، فيذهب إلى أن القوانين العامة للتنوير يمكن أن تصبح نوعاً من الاستبداد الجديد، ومن ثم يتعين تحديها بالاتجاه إلى التظر إلى الحياة ذاتها كما يحياها الناس بالفعل، بكل ما تحويه من مخاوف، بل وإرهاب أيضا. فالعالم، فى بعض كتابات العلماء الاجتماعيين الوجوديبن، هو عالم بلاا معنى، وبالتالى فإن عالم الاجتماع مسئول مسئولية كاملة عن دراسة العمليات التى من خلالها يدرك الناس حياتهم والبيئة التى يعيشون فيها. وهنا نلمس بعض أوجه الشبه بين هذه المدرسة وبين فلسفة ماكس فيبر وفلسفة التفاعلية الرمزية (وإن يكن بشكل أوضح وأجلى). وهذا الادعاء هو ما ذهب إليه إدوارد تيراكيان فى كتابه: النزعة السوسيولوجية والمذهب الوجودى، الصادر عام 1967.
ويؤكد أحدث دعاة هذا الفكر فى علم الاجتماع على أهمية الدراية الوثيقة بخبرات الحياة اليومية. وهناك كتابان صدرا فى عام 1970 حاولا التعريف بهذه المدرسة الجديدة فى علم الاجتماع. ففى العمل الأول، وهو الكتاب الذى حرره جاك دوجلاس بعنوان: فهم الحياة اليومية، حاول أن يميز بوضوح بين الاتجاهات التقليدية فى علم الاجتماع من ناحية وعدد من الاتجاهات الجديدة من ناحية أخرى. أما الكتاب الثانى فكان من تأليف ستانفورد ليمان ومارفن سكوت وعنوانه:سوسيولوجيا العبث، فيحتوى على موضوعات جديدة مثل : الزمن، والمكان، والتفسيرات التى تلقى الضوء على هذا الاتجاه الجديد وعلى مجالات البحث التى ينطوى عليها. كما ظهرت مؤخرا أعمال مثل كتاب جاك دوجلاس وجونسون بعنوان: علم الاجتماع الوجودى، الصادر عام 1977، وكتاب كورتابا وفونتانا بعنوان: المذات الوجودية فى المجتمع، الصادرعام 1984.
فعلم الاجتماع الوجودى يدعى دراسة الإنسان فى بيئته الطبيعية بكل تعقيداتها، مع توجيه القدر الأعظم من الاهتمام إلى تلك التى تجسد رغباتهم ومشاعرهم الجسدية البهيمية، وهما المجالان اللذان طال إهمالهما فىكل فروع علم الاجتماع. فعلم الاجتماع الوجودى يتصدى فى الحقيقة لدراسة بعض الآلام المزمنة فى هذا العلم.
والملاحظ أنه حتى الآن لم يقتف آثار هذا التراث سوى قلة من علماء الاجتماع، وتصدى له كثير من النقاد الذين اتهموه بأنه خلق نوعا جديدا من الانقسام، وتجنب الاشتغال بموضوعات الاهتمام الأساسية فى علم الاجتماع الكلاسيكى، وبالتبسيط المفج لتراث الفلسفة الوجودية الذى تطور فى أوروبا.