شارل فورييه

شارل فورييه (بالفرنسية: Charles Fourier) 1772-1837م، كان رجل اقتصاد وفيلسوف فرنسي، صاحب نظرية اجتماعية واقتصادية عُرِفت باسمه، تأثر في حياته بالأفكار الاشتراكية التي سبقت أفكار وأدبيات كارل ماركس. ولكنه لم يكن اشتراكيًّا بالمعنى الدقيق فهو لم يطالب بإلغاء الملكية وإنما كان يدعو إلى الاتحاد في الإنتاج بطريق المشاركة الاختيارية وأن يتاح لكل شخص العمل حسب قابليته الشخصية وله الحق في تغيير نوع العمل.

كان فورييه يأمل في تغيير العالم وتحويله إلى نظام اقتصادي أفضل عن طريق المثال الصالح، وليس عن طريق الوعظ والأرشاد، وتصور مستعمرة تدار على شكل هيئة تعاونية بحيث يعيش أفرادها في بناء مشترك ويختص كل منهم بعمل معين طبقا لذوقه للإبقاء على حياة الجماعة، وهذا في رأيه سيؤدي إلى زيادة الإنتاج بحيث تتاح السبل والفرص لكل من في المستعمرة في أن يعتزل العمل عندما يبلغ السن الثامنة والعشرين، وقد امتلأت نفسه حبورًا وأملًا، وكان فورييه يأمل في أن يقوم أحد الأغنياء بتمويل مستعمرته الخيالية.

ولكن أحدا لم يمد له يد العون، وبعد وفاته عمد الكثيرون إلى تطبيق نظريته، وأسسوا عددا من الهيئات التعاونية في فرنسا.

كما طبق نظريته بعض الأمريكيين في الولايات المتحدة، من أمثال ألبرت برسبين وهوارس جريلي، وأنشأت مستعمرات في مزرعة بروك قامت على أدارتها ماركريت فولر وناثانيل هوتودن وبرونسون الكوت وغيرهم، ولم يكتب لأي من هذه المزارع النجاح الاقتصادي.

حياته

ولد فورييه في بيزنسون، فرنسا في 7 أبريل عام 1772. كان ابن رجل أعمال صغير، لكنه كان مهتمًا بالعمارة أكثر من تجارة والده. أراد أن يصبح مهندسًا، لكن لم تقبل مدرسة الهندسة العسكرية المحلية سوى أبناء النبلاء.[١] قال فورييه لاحقًا إنه يشعر بالامتنان لأنه لم يستطع دراسة الهندسة، لأنها كانت ستستهلك الكثير من وقته وتبعده عن تحقيق رغبته الحقيقية في مساعدة البشرية.

عندما توفي والده في عام 1781، تلقى فورييه خُمس ممتلكات والده، التي تقدر قيمتها بأكثر من 200000 فرنك. مكن هذا الميراث فورييه من السفر إلى جميع أنحاء أوروبا في وقت فراغه. في عام 1791، انتقل من بيزنسون إلى ليون، حيث عمل لدى التاجر م. بوسكيه. وذهب فورييه إلى باريس، حيث عمل كرئيس لمكتب الإحصاء لبضعة أشهر. من عام 1791 إلى عام 1816، عمل فورييه في باريس وروان وليون ومرسيليا وبوردو. كونه بائعًا متجولًا وكاتب مراسلات، كان كل من أبحاثه وفكره محدودين بالوقت؛ فقد اشتكى من «خداع التجار» والسذاجة تجاه «الأعمال الخادعة والمهينة». بدأ لاحقًا بالكتابة، ونشر كتابه الأول في عام 1808، لكن لم يباع سوى عدد قليل من النسخ. من المدهش أنه بعد ست سنوات، وقع الكتاب في أيدي السيد جوست مويرون الذي أصبح في النهاية راعياً لفورييه. أصدر فورييه معظم كتبه بين عامي 1816 و1821. في عام 1822، حاول بيع كتبه مرة أخرى لكن دون نجاح.

توفي فورييه في باريس في عام 1837.[٢]

أفكاره

أعلن فورييه أن الاهتمام والتعاون هما أهم أسرار النجاح الاجتماعي. وأعرب عن اعتقاده أن أي مجتمع متعاون سيشهد تحسنًا هائلًا في مستويات الإنتاج. سيُكافأ العمال على عملهم وفقًا لمدى مساهمتهم وتعاونهم. رأى فورييه مثل هذا التعاون يحدث في المجتمعات التي أطلق عليها فالانكسيس أي «الكتائب»، موجودة ضمن مباني تسمى فلانستير أو «الفنادق الكبرى». كانت هذه المباني عبارة عن مجمّعات سكنية مكونة من أربعة طوابق حيث كانت الشقق العلوية مخصصة للأغنياء وكان الفقراء يسكنون الطابق الأرضي. تتحدد الثروة حسب وظيفة الفرد. وتتعين وظيفة الفرد على أساس اهتماماته ورغباته. كانت توجد حوافز: يكون أجر الأفراد أعلى في حال كانوا يقومون بوظائف لا يستمتعون بها. اعتبر فورييه أن التجارة -التي ربطها باليهود- هي «مصدر كل الشرور»، ودعا إلى إجبار اليهود على العمل في الزراعة ضمن الكتائب. في نهاية حياته، أيّد فورييه عودة اليهود إلى فلسطين بمساعدة عائلة روتشيلد. رأى كل من جون ك. روث وريتشارد ل. روبنشتاين أن معاداة السامية لدى فورييه كانت بدوافع اقتصادية ودينية، وليست كمعاداة السامية العنصرية التي ظهرت لاحقًا في ذاك القرن.[٣]

هجومه على الحضارة

وصف فورييه الفقر (وليس عدم المساواة) بأنه السبب الرئيسي لخلل المجتمع، واقترح القضاء عليه بإعطاء أجور مرتفعة كافية وإعطاء «كمية صغيرة لائقة» من الأجور لغير القادرين على العمل. استخدم فورييه كلمة الحضارة بالمعنى السلبي وعلى هذا النحو «كان ازدراء فورييه من المفكرين المحترمين والإيديولوجيات في عصره شديدًا لدرجة أنه استخدم دائمًا مصطلحات كالفيلسوف والحضارة بمعنى مهين. كانت الحضارة في معجمه نظامًا فاسدًا. مصطلح مرادف للخيانة والقيود، هاجم فورييه الحضارة بكلمات لم توجد ضمن كتابات أي ناقد اجتماعي آخر في عصره».

العمل

بالنسبة إلى هربرت ماركوسي »لا تجد فكرة العلاقة بين العمل والشهوة في مجتمع صناعي متطور سوى القليل من الدعم في الفكر التقليدي، وحيثما يكون هذا الدعم وشيكًا، يبدو ذا طبيعة خطرة. إن تحويل العمل إلى متعة هو الفكرة المركزية لليوتوبيا الاشتراكية العملاقة الخاصة بفورييه».

حقوق المرأة

كان فورييه من المؤيدين لحقوق المرأة في فترة زمنية كانت فيها آراء مفكرين مثل جان جاك روسو سائدة. اعتقد فورييه أن جميع الوظائف المهمة يجب أن تكون متاحة للنساء على أساس المهارة والكفاءة بدلاً من تقييدها بسبب الجنس. تحدث عن النساء كأفراد، وليس كنصف للزوج البشري فحسب. رأى فورييه أن الزواج »التقليدي» يخلّ بحقوق النساء كبشر وبالتالي لم يتزوج مطلقًا. في كتاباته، وقبل ظهور مصطلح «المثلية الجنسية»، رأى فورييه أن لكل من الرجال والنساء مجموعة واسعة من الاحتياجات والميول الجنسية التي قد تتغير أثناء حياتهم، شمل بما في ذلك المثليين والمخنثين. وتكلم عن ضرورة حرية التعبير الجنسي طالما لم تحدث إساءة في معاملة الناس، وأكد أن «الاختلاف» قد يعزز التكامل الاجتماعي في الواقع.

كان هدف فورييه هو إعطاء الحرية لكل فرد من البشر، رجل وامرأة وطفل، في مجالين: التعليم والعاطفة الإنسانية.

الأطفال والتعليم

فيما يتعلق بالتعليم، شعر فورييه أن أولياء الأمور والمدرسين «المتحضرين» ينظرون إلى الأطفال على أنهم مهملون.[٤] رأى فورييه أن طريقة التفكير هذه خاطئة. إذ اعتقد أن الأطفال في سن الثانية والثالثة يكونون مجتهدين للغاية. أدرج الأذواق المهيمنة لدى الأطفال ضمن قائمة لتشمل، على سبيل المثال لا الحصر:

  1. البعثرة أو الميل للإمساك بكل شيء، ودراسة كل شيء، والبحث في كل شيء، لتغيير حالتهم باستمرار.
  2. خلق الضجة، رغبة في الأعمال الصاخبة.
  3. التقليد أو الهوس في التقليد.
  4. الرغبة في الأعمال الصغيرة.
  5. الانجذاب التدريجي للضعفاء نحو الأقوياء.[٤]

كان فورييه شديد الانزعاج من عدم تنظيم وقته وأراد تحقيق الاستقرار في مجريات الأحداث التي أحاطت به. وكان فورييه يرى أن إخوته من البشر يعيشون في عالم مليء بالصراع والفوضى والاضطراب

أهم ما يُذكر عن فورييه كتاباته عن نظام عالمي جديد قائم على وحدة العمل والتعاون المتناغم.[١] وهو معروف أيضًا بتصريحات طوباوية معينة، مثل أن البحار ستفقد ملوحتها وتتحول إلى عصير الليمون، إضافةً إلى نظرة عرضية عن تغير المناخ، تتضمن أن القطب الشمالي سيكون أكثر اعتدالًا من منطقة البحر الأبيض المتوسط في مرحلة مستقبلية.[٤]

وفاته

توفي شارل فوربييه عام 1837م.

فورييه

مصلح اجتماعي فرنسي

ولد فرانسوا - ماري - شارل فوريه في مدينة بيزانسون (في شرقي فرنسا قرب سويسرة) في ٧ أبريل سنة ١٧٧٢، وكان ابوع تاجراً في الاجواخ والعطور، واختيرفي سنة ١٧٧٦ رساً للمحكمة التجارية في بيزانسون، وتوفي هذا الوالد في سنة ١٧٨١

وتعلم شارل في مدرسة بيزانسون الثانوية، وبعد ذلك أودع عند تاجر في ليون للتمرين على الأعمال التجارية، وواصل التمرين في باريس وروان. وفي إثر ذلك عين مستخدماً لدى تاجركبيرفي ليون في سنة ١٧٩١ . وهيا له عمله فرصة الأسفارفي شتى أنحاء فرنسا: فزارمرسليا وبوردو، وخارج فرنسا: فزارهولنده وألمانيا. وفيسنة ١٧٩٣ وقد بلغ سن الرشد (٢١ عاماً) عاد إلى بيزانسون ليستلم ميراثه من ابيه ومقداره أربعون ألف فرنك، وكان ابوه قد نص في وصيته على ان يتسلم ابنه هذا المبلغ بشرط أن يعمل في التجارة. وبعد استلامه ميراثه سافر إلى ليون وأراد أن يشتغل بتجارة خاصة به. فاشترى بالمبلغ قطنا وأرزاً وسكراً وبناً. وكان في ليون في ذلك الوقت اضطراب سياسي شديد. وكانت الطبقة الوسطى تنتسب إلى حزب الجيرونديين، ولها السيادة على المدينة، بينما كان الحزب الآخر المتطرف ضعيفاً، فقامت حكومة «الميثاق» Convention المتحكمة آنذاك في باريس بمحاصرة المدينة، وصادر أهل ليون المتاجر في المدينة، ومنها متجر فوريه، للاستعانة بالبضائع في الدفاع وتموين المستشفيات والمحاربين المحاصرين. وكان هذا هو سبب خراب فوريه وإفلاسه، بحسب ما يقوله مترجم حياته Pellarin وهناك رواية أخرى تقول إن السبب في ضياع معظم ثروة فوريه هوغرق سفينة في ليفورنوكانت محملة ببضائع لحسابه، وذلك في سنة ١٧٩٩ .

ومهما يكن السبب الحقيقي في خرابه، فإنه لما دخلت قوات حكومة «الميثاق» 000٧201100 مدينة ليون، صارفوريه في خطر 1كيد لأنه كان متهما بأن ميولم مع اعداء الثورة الفرنسية. ولهذا السبب تكونت لدى فوريه كراهية شديدة عميقة للثورات وأعمال العنف والإرهاب وأصبعح يؤمن اياناً جازماً بأنه لا بيل الى «تغيير الحياة» ووإصلاح المجتمع، إلا

بالاقناع والبرهان العلمي.

واتغاء النجاة فر إلى بيزانسون Besançon مسقط راسه، وقام بحمايته زوج اخته وكان رئيساً للجنة الشورية في بيزانسون. واضطر فورييه إلى الانخراط في سلك الجندية في الفرقة الثامنة للفرسان المطاردين Chasseurs à cheval، ويقي في الخدمة العسكرية بضعة أشهر سيتذكرها حين يصف الأعمال الكبيرة للجيوش الصناعية في مدينته الفاضلة، الفالنستير Phalanstère .

ولما تزح من الجندية بعد اشهر قليلة بسبب اعتلال صحته، وضع مشروعاً لتغيير المصالح المالية في الجيش (وكان الكثيرون قد كونوا ثروات طائلة على حسابها!). وقدم هذا المشروع إلى حكومة الإدارة Directoire، لكن مشروعه لم يلتفت إليه ٠

وفي سنة ١٧٩٦ عمل فوريه مندوباً لبقال في مرسليا، كلفه بمهمة غريبة هي أن يلقي في البحر شحنة من الأرز، مضارباً على حدوث أزمة غذائية. وفي سنة . .١٨ نراه يعمل سمساراً في ليون Lyon. وبدأت حينثذ شهرته، لأنه كان يكتب مقالات في جريدة Lyon ع0 Bulletin. وفي ١٧ ديسمبر سنة ١٨٠٣ تكهن في إحدى المقالات بحدوث اضطرابات سياسية كبيرة وبإقامة تحالف ثلاثو، أوربي من فرنسا والنمسا وروسيا، من الممكن ان ينتهي بحرب بين فرنسا وروسيا.

وفي هذه الفترة بدأ فوريه يخطط لمشروعه الإصلاحي الكبير. فأرسل في ٤ نيفوز nivose سنة ١٢ (بتقويم الثورة الفرنسية) رسالة مطولة الى وزير العدل، عرفت باسم ,رسالة إلى القاضي الأكبر» عرض فيه الخطوط الجوهرية لمشروعه الطوبا وي الفلنستير.

وقد صدق ميشليه Michelet حين قال إن «ليون Lyon هي التي ضيعت فورييه» . ذلك ان مدينة ليون كانت في ذلك الوقت تعج بالعمال الفقراء البائسين إلى أقصى حد فقد كان أجر العامل اليومي آنذاك لا يزيد عن خسة عشر سنتيماً، بينما كان الكيلو من الخبز يساوي عشرة سنتيمات . وفي نفس الوقت كثرت فيها الجمعيات المتفاوتة في السرية : من دعاة الإصلاح، والثيوصوفيين و^الإشراقين» illuminstes من كل نوع. والناس ٠المتمدينون» على حد تعبير فورييه: «يزدادون غف بالأوهام كلما زاد فقرهم في القدرة». إن الشقاء

١٩٩

*وريه

الاجتماعي الذي ولده التقدم الصناعي في مدينة ليون قد دفع البائسين والمحرومين إلى نشدان السلوى في التهاويل الثيوصوفية والأحلام الطوباوية.

ويفترض بعض الباحثين أن بعض هذه الجمعيات السرية او شبه السرية كانت تضم فساقاً Libertins يمارسون حرية الجنس. ويفسرون بذلك كون فوريه، في «فلنستيره» يدعو إلى الحرية الجنسية، وأنه عرض مثل هذه الآراء في كتابه «دنيا الغرام الجديدة».

وفي سنة ١٨٠٨ نشر فورييه كتاباً ضخما بغير ذكر اسم مؤلفه والتمويه في مكان طبعه (إذ ورد على الغلاف، ليبتسك، سنة ١٨٠٨) ويقع في ٤٨٥ صفحة (من قطع الثمن) - عنوانه: «نظرية الحركات الأربع والمصائر العامة،. وهو اول كتاب كبير يؤلفه ويعرض فيه مذهبه بالإسهاب والتفصيل. بيد أن هذا الكتاب الغريب لم يحظ بأي نجاح.

وإبان الأيام المائة (وهي الفترة التى عاد فيها نابليون بعد نفيه إلى البا إلى هزيمته النهائية في ووترلو-الفترةمن أول مارس سنة ١٨١٥ إلى ٢٢ يونيوسنة ١٨١٥) كان فورييه موظفاً صغيراً في عمدية ليون.

وخلال السنوات الأولى من إعادة الملكية (ابتداء من سنة ١٨١٥)، كان فوريه نشطاً في الانتاج العقلي . فاتم تحرير كتابه «البحث في التجمع الأهلي الزراعي» الذي سينشره بعد ذلك في سنة ١٨٢٢ في بيزانسون، وسيعيد طبعه في سنة ١٨٣٤ تحت عنوان جديد هو: «نظرية الوحدة الكونية».

وفي سنة ١٨٢٩ أصدر كتاباً آخر بعنوان: «العالم الجديد الصناعي والجماعي» ,indust عل0000 لاهع٧لما20 le triel et sociétaire . وإبتداء من سنة ١٨٣٠ وثق صلاته مع أتباع سان سيمون؛ بيد أنه كان يكره فيهم «بهلوانياتهم الكهنوتية» وما لبث بعض أنصاره أن احدثوا انشقاقاً داخل الحركة السان سيمونية. وبفضل هؤلاء التلاميذ حظي فورييه في أخريات عمره ببعض الشهرة. وتوفى فورييه في ٩ أكتوبر سنة ١٨٣٧ .

آراؤه الفلسفية

مؤلفات فورييه - إلى جانب غرابة عنواناتها - غريبة التصنيف: فهي سيئة التأليف، حافلة بالتكرار، رديئة العبارة، مشوشة الموضوعات: يتوالى فيها الكلام من

الكونيات إلى نقد المجتمعات المتمدينة، إلى التكهنات الاشراقية ، إلى النظريات الاقتصادية، أو تنبؤات غريبة عن تغيرات شديدة في أحوال الجو في مختلف الأصقاع، وعن خلق انواع جديدة من الحيوان، كل هذا إلى جانب الإعلان عن اصلاحات جذرية في المجتمعات البشرية ووصف رؤى طوباوية لما سيجري في »امدن الخيالية المثالية» التي سماها باسم: الفلنستيرات Phalanstères.

وتقوم آراء فورييه في الاصلاح على اساس نقده للمدنية فقد رأى في المدنية نقائض عديدةوعنيفة، النزاع بين الجنسين : فالمرأة ضحية، ولكنها بدورها تنتقم لنفسها من الرجل بالكذب وعدم الأمانة الزوجية ما يولد ألواناً جديدة من الاضطرابات في حياة الإنسان؛ والنزاع بين الآباء والأبناء وعلى وجه العموم : النزاع بين الأجيال مما يولد منازعات وانفعالات؛ وشهوات: فالشباب يطلبون الغرام، والرجال يطلبون المجد، الأولون تحركهم العواطف الغرامية، والآخرون تحركهم المطامح والمطامع. والرجال يريدون فرض سلطاهم على الشباب، فيحاول هؤلاء الانتقام عن طريق التمرد والثورة والعنف.

وفضل فورييه هو في محاولة دراسة «مغاير؛، a]ienati٥n الإنسان من كل النواحي في المدنية : خصوصا في النواحي العاطفية، والنواحي الاقتصادية. ويتساءل فورييه: كيفيمكن التخلص من تناقضات هذه المدنية ؟ وكيف يمكن وضع حد لهذه الآلام وهذه الحرب الضروس المستمرة بين الفقراء والأغنياء، بين الشباب والشيوخ، بين الأبناء والآباء، بين النساء والرجال؟

ليس هناك إلآ احد حلين: الحل الذي يقترحه الأخلاقيون؛ والحل الذي يقترحه العلم الديني والاجتماعي الذي أسسه (أوخلقه) فورييه. فالأخلاقيون يطالبوننا بكبت الوجدانات وضبط الشهوات ابتغاء عدم الاضرار بالغير، ويطالبوننا بالتضحية بالذات في سبيل الآخرين، وباحتمال الألم بدلاً من إحداث الألم في الآخرين. وهم يهدفون من هذا إلى إقرار السلام بين الناس. لكن أليس من المفارقة أن نطلب السلام بين الناس عن طريق حربنا لأنفسنا ؟ ! إن الأخلاق -هكذا يقول فورييه - ليست إلآ ,عنفاً مزوقاً» une violence fardée والقيمة التي نعزوها إلى الأخلاق ليست إلآ إقراراً بأننا لم نستطع حتى الآن ان نحدث الانسجام بين الوجدانات. ويرد فورييه على اتهام الأخلاقيين له بالطوباوية بان يرد عليهم

برريه

حجتهم فيقول: «بل الأخلاق هي الطوباهية ه؛?0)لا... لأنهاهي الحلم بالخيردون تقديم لوسيلة لتحقيقه ودون منيج فعال،. والقاعدة الأخلاقية لاتترك لهافي لنهاية إلاالخيار بين امرين: اليأس، او النفاق. «إن الأخلاق تقود إلى الدمار كل من يحاول تطبيق مبادئها بدقة، بينما هي تؤدي الى نجاح من يتخذ منها قناعاً ولا يتخذ منها مرشداً ودليلاً. وبيان ذلك ان من المستحيل القضاء على الغرائزوالشهوات. وتجربة الثورة الفرنسية دليل قاطع على إخفاق الحل الأخلاقي. والنتيجة لهذا انه يجب الا نفرض على الطبيعة الإنسانية بالقهر والقوة نظم المجتمع «المتمدين،. (وكلمة »متمدين:لها دائماً عند فوريه معفى مستهجن) بل ينبغي تغيير نظم المجتمع لتساير الطبيعة الانسانية. ان فوريه لا يريد ان نغير الطبيعة الانسانية، بل يريد ان نغير النظم الاجتماعية لتواءم مع هذه الطبيعة الإنسانية.

ولهذا فإن الحل الثاني، وهو الذي يدعو إليه العلم الديفي أو الاجتماعي، يقوم في إشباع شهوات الجميع في إطار الانسجام الكوفي. ومن هنا يستهدف التنظيم الفلستيري إلى إشباع الشهوات الأساسية الاثنقي عشرة وهي: خس شهوات حية تتعلق بالحواس الخمس، - وأربع شهوات عاطفية وهي: الصداقة، والحب، والطموح، والعواطف الأسزية، - وثلاث شهوات توزيعية هي: شهوة الدس الي هي مصدر للتناف وبالتالي للثراء، وشهوة المزج (مثل المزج في الحب بين الشهوة الجنسية والمتعة الروحية)، وشهوة الغراشة 100ل3ج2 أي شهوة التغيير ( مثلا من نظام العمل في الفلنستير ان تشتغل المجموعة في النجارة لدة ساعة، وبعدها تشتغل في حرفة اخرى، وهكذا).

وها هنا ينبغي ان نؤكد أن المجتمع الذي يدعو الى ايجاده فورييه لا يشبه في شيء المجتمع الذي تدعو إليه الماركسية، او الاشتراكية بوجه عام:

١ - فإن فوريه يقر بالملكية الخاصة لأدوات الانتاج.

٢ - ويطالب بتوزيع الأرباح بين المساهمين في الانتاج بنسبة متوية محددة. وهؤلاء المسا همون هم الراسماليون المساهمون في تمويل الإنتاج، والمخترعون العلميون، والعمال المنفذون للأعمال.

٣ - وهو يطالب بزيادة الانتاج باستمرار ابتغاء رفع مستوى المعيشة .

٤ - ويفضل التفاوت في الثروات لأنه حافز على المزيد من الانتاج ولتحسين لنوعه، فهذا افضل من المساواة في الفقر. لكنه في الوقت نفسه يدعو إلى تأمين حد ادنى من مستوى المعيشة لكل الناس على السواء.

٥-ويشجع على بقاء حافز الربح، إشباعاً لشهوة الطموح عند الإنسان، ودافعاً لزيادة الإنتاج وتحسينه. ويجب ضبط عملية الربح على نحو يؤدي إلى زوال التنازع بين المصالح المتباينة (للمنتجين والمستهلكين، لأرباب العمل والعمال). فمثلا الأطباء في فلنستيريتقاضون نسبة مئوية من دخل الفلنستير، وتتزايد هذه النسبة بقدر ما يقل عدد المرضى، نتيجة لتطبيق الطب الوقائي .

ويكفى هذا بياناً حاسماً لكون مذهب فوريه يختلف اختلافاً تاماًعن الماركسية وعن الاشتراكية بعامة.

تنظيم الفلنستيرات:

اشتهر فوريه بأنه الداعي إلى تقسيم المجتمع إلى تجمعات مستقلة أطلق عليها اسم Phalanstères. وكلمة فلنستير- وقد نحتها فورييه من الكلمتين: Phalange = تجمع، جماعة + monastère = دير - تدل على الوحدة الاجتماعية القي سيتألف منها المجتمع الجديد الذي ينادي به.

فقد رأى ان «الدولة، مفهوم واسع جداً ومؤسساتها سرعان ما تتخذ سلطاناً هائلا مجهول الهوية خالياً من ال سانية.

ومن ناحية أخرى وجد ان الأسرة خلية اجتماعية ضيقة جداً من شأنها أن تولد العصبية والحزازات، وفي الوقت نفسه ليس لها من السعة والموارد ما يكفل لها المعاش وحماية ابنائها ضد الأخطار الكبيرة التي تتعرض لها.

لمذا رأى أن من الواجب تصور خلية اجتماعية أوسع من الأسرة وأضيق من الدولة، وهذه الجماعة هي التي سماها phalange (= تجمع). وقام فوريه بحسابات علمية دقيقة - لم يكشف لنا عن سرها! -بموجبها قرر ان كل «فالانج» أو«تجمع، يجب ان يتألف من ١٦٠٠ فرد تقريباً، وهذا العدد قد تحدد بحسب المهن وبعض الخصائص الناجمة عن التراكيب الوجدانية الي تؤلف الطابع الأصيل لكل فرد!.

والفكرة الأساسية في مشروعه هذا هي إمكان إشباع كل الأذواق حق الشاذة منها. ويلح فوريه في توكيداختلاف

شولتير

٢٠١

الأذواق في الطعام ولهذا نراه يقرر انه لا بد لكل فلانج» (= تجمع) من الحصول على ما لا يقل عن سبعة وعشرين نوعاًمن الخبزمن أجل إرضاءكل ااذواق في اعثا، منسجم.

وفي الفلنستير يلعب الإشباع الجنسي دوراً لا يقل اهمية عن دور لذائذ المائدة. ويسترسل فوريه في هذا الموضوع ويخوض في تفصيلات تتنافى مع القوانين المرعية - آنذاك واليوم أيضاً - ليتمكن اعضاء الفلنستير من تحقيق شهواتهم الجنسية وحتى تلك التييخجلون من الإفصاح عنها، ولكنهم ينطلقون إلى تحقيقهاسرا. فنجده يشير إلى اللواط والسحاق والاستمتاع بالرؤية الجنسية، والادية، والمازوخية، والعربدة الجماعية orgies إلخ إلخ. والناس الذين يشاهدون ما يجري في مجتمع «الترخص» الحالي لا يدهشون مما قاله فورييه ولا ينظرون إليه على أنه تهويمات إنسان شاذ مصاب بداء الجنس. أما في ذلك الوقت وإلى وقت قريب جداً لا يتجاوز عشرين سنة، فقد كان ينظر إلى كتابات فورييه في هذا الباب على أنها هلوسة مجنون بالجنس. ولو قورن ما قاله بما يقوله في هذه الأعوام الأخيرة الفكرون» و«أطباء» مثل هربرت مركوزة والدكتور لرس الرستام Lars Ul erstam . الطبيب السويدي (في كتابه: «الأقليات الجنسية» ترجمة فرنية، باريس سنة ١٩٦٥) لبدا محتثا عفيفا عافظا!

ويعتقد فوريه أن الإنسان الذي يستمتع بكل ما يهوى من ملذات ويتنقل من شهوة إلى شهوة، سيشعر طوال حياته بالانسجام، وبالحضور العيغي الملموس للعناية الكلية. وعند فوريه ان البرهان الوحيد المقنع على وجود الله هو العادة، والسعادة هي الاستمتاع بإشباع كل الشهوات.

مؤلفاته

- Théorie de quatre mouvements et des destinées sociales, Lyon, 1808.

- Traite de l’association domestique agricole. Paris, 1822- réédité en 1834 sous ]ح litre: Théorie 1 عل’Unité Universelle.

- 1ه Nouveau Monde industriel et sociétaire, ou inven-tondu procédé dindustrie attrayante et combinée, dis-tribuée 21 séries passionnées. 102115, 1829.

  1. ^ أ ب خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة ReferenceA
  2. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة ReferenceC
  3. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة مولد تلقائيا1
  4. ^ أ ب ت خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة historyguide.org