المادية الثقافية

المادية الثقافية (بالإنجليزية: Culturalism Materialism) هي نهج للبحث العلمي ونظرية كبرى في الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع، تعطي الأولوية للظروف المادية في شرح أسباب الاختلافات والتشابهات الاجتماعية والثقافية، وترى أن معظم جوانب الثقلفة الإنسانية يمكن تفسيرها فى ضوء مفاهيم مادية.

مكونات الثقافة

مكونات الثقافات حسب المادية الثقافية هي البنية التحتية والبنية والبنية الفوقية. تتوافق البنية التحتية مع ممارسات الإنتاج والتكاثر وتكون لها أولوية سببية على القطاعين الآخرين لأنها أكثر ارتباطا ببقاء الإنسان ورفاهه. تتكون البنية من خصائص تنظيمية مثل علاقات القرابة والسياسة الاقتصادية. تتكون البنية الفوقية من قطاعات أيديولوجية ورمزية.

المبادئ المعرفية

تخص هذه المبادئ طريقة الحصول على المعرفة . المادية الثقافية هي منهج البحث العلمي وهدفها هو صياغة النظريات التفسيرية التنبؤية (أو التأريخية)، القابلة للاختبار أو دحضها. هذه الرؤية مستمدة من الوضعية المنطقية والتجريبية.

المبادئ النظرية

تخص هذه المبادئ مسألة فهم العلاقات بين أجزاء النظم الاجتماعية والثقافية وتطور هذه العلاقات والأجزاء والأنظمة. تنقسم مكونات الثقافات إلى ثلاث فئات لها علاقات سببية بينها:

  • تتكون البنية التحتية من طرق الإنتاج والتكاثر. تشمل طريقة الإنتاج التكنولوجيا والممارسات المستخدمة في إنتاج الغذاء والطاقة، بالنظر إلى القيود التي تفرضها البيئة الطبيعية. ومن مكونات طريقة الإنتاج تكنولوجيا الكفاف والنظم الإيكولوجية وطرق العمل. وتشمل طريقة التكاثر الممارسات المستخدمة لزيادة عدد السكان ونقصه وتثبيته والخصوبة ومعدل المواليد وغيرها .
  • تشمل البنية الاقتصاد المحلي والاقتصاد السياسي . يشمل الاقتصاد المحلي تنظيم الإنتاج والتبادل والاستهلاك في المنازل والشقق أو الوحدات المحلية الأخرى. الفئات المرتبطة بها هي بنية الأسرة، التقسيم المنزلي للعمل، التعليم، والعمر، وغيرها. الاقتصاد السياسي هو تنظيم الإنتاج والتبادل والاستهلاك بين الجماعات والقرى والولايات والوحدات السياسية الأخرى. وتشمل فئات مثل المنظمات السياسية (الفصائل والنوادي والجمعيات والشركات، ...)، و تقسيم العمل ، والضرائب، و الطبقات والقبائل والحكم السياسي والعسكري والحرب وغيرها.
  • تتكون البنية الفوقية من السلوك والفكر المخصص للأنشطة الفكرية والفنية وغير ذلك إضافة إلى البنية والبنية التحتية للثقافة. ويتضمن ذلك مفاهيم مثل الفن والموسيقى والرقص والأدب والإعلانات والرياضة والأيديولوجيا وغيرها.

مارفين هاريس

أكثر الصياغات المنظمة التى تعرض لهذه النظرية نجدها فى الفصلين الأخيرين من المسح الشامل الذى قدمه مارفين هاريس عن تطور النظريات الأنثروبولوجية للثقافة (انظر كتابه: نشأة وتطور النظرية الأنثروبولوجية الصادر عام 1968). وقد أكد هذا الأنثروبولوجى الأمريكى، هاريس، على أن الهدف من مؤلفه هذا هو "إعادة التأكيد على الأهمية المنهجية للبحث عن قوانين التاريخ فى علم الإنسان"، وخاصةً رغبته فى أن يثبت أن: "الصورة المناظرة للاستراتيجية الداروينية فى مجال الظواهر الاجتماعية التقافية هى مبدأ الحتمية الاقتصادية التكنولوجية، والحتمية البيئية التكنولوجية". وهذا معناه أن تطبيق تكنولوجيات متشابهة فى ييئات متشابهة من شأنه أن يؤدى إلى خلق ترتيبات أو نظم إنتاجية واستهلاكية متشابهة، وهى بدورها تؤدى إلى تشكيل أنواع متشابهة من التقسيمات الجماعية التى تحاول كل جماعة منها تتظيم وتفسير أنشطتها فى ضوء أنظمة قيمية وعقائدية متشابهة. وفى ضوء هذا التصور أو هذا المبدأ الأساسى تتحدد أولوية البحث فى دراسة الظروف المادية للحياة الاجتماعية الثقافية، بنفس الطريقة التى يجعلنا مبدأ الانتخاب الطبيعى - حسب رأيه - نعطى أولوية لدراسة النظم المختلفة لتكاثر الأنواع فى الكائنات الحية. ويرى مارفين هاريس أن ذلك يجعل من دراسة الظروف المادية للحياة "الموضوع المحورى فى استراتيجية البحث"، وليس" قانونا يحكم حركة المجتمع".

وقد لاحظ النقاد أنه على الرغم من محاولة هاريس هذه لتجنب ما يعرف بالنزعة التاريخية، وعلى الرغم من تجنبه الإشارة إلى جدل هيجل، إلا أن اتجاهه المادى فى دراسة الثقافة يشترك فى كثير من خصائصه مع مادية ماركس وإنجلز، وهى بالتحديد أن كلا الاتجاهين عند اتخاذهما كاستراتيجية لتحديد أولوية البحث سرعان ما يكشف الواقع الإمبيريقى عن خطأ ادعائها، وإذا اعتبرناهما قوانين تاريحية تجدها قوانين زائفة، صيغت بطريقة مجردة إلى حد أنها تتضمن كل شى، ولكنها فى الواقع لا تقدم تفسيراً لأى شيء.

انظر أيضًا