تقسيم العمل
تقسيم العمل (بالإنجليزية: Division of labour) يمثل هذا المصطلح و احداً من أقدم المفاهيم فى العلوم الاجتماعية. ويشير إلى أى تنظيم مستقر، أو تعاون بين أفراد أو جماعات فى أداء عدد من الأنشطة المختلفة، ولكن المتكاملة. ,يقصد به أن ينقسم إنتاج السلعة الواحدة إلى عدد من المراحل. وهو شكل معاصر من أشكال تنظيم الإنتاج الصناعي.
تقسيم العمل، يعبّر عن فصل المهام في أي نظام اقتصادي أو منظمة بحيث يمكن للمشاركين أن يتخصصوا (التخصص). يتمتع الأفراد وكذلك المنظمات والدول بقدرات متخصصة أو قد يكتسبوها لاحقًا، عن طريق المجموعات أو التجارة للاستفادة من قدرات الآخرين إضافة إلى قدراتهم الخاصة. قد تشمل القدرات المتخصصة المعدات أو الموارد الطبيعية وكذلك المهارات والتدريبات، وتعدّ المجموعات التي تعمل معًا مهمة غالبًا. قد يتخصص الفرد مثلًا من خلال اكتساب الأدوات والمهارات اللازمة لاستخدامها بشكل فعال تمامًا، كما قد تتخصص المنظمة من خلال الحصول على معدات متخصصة وتوظيف المشغلين المهرة أو تدريبهم. يعدّ تقسيم العمل الدافع للتجارة، ومصدر التكافل الاقتصادي.
يرتبط تقسيم العمل المتزايد بنمو إجمالي الإنتاج والتجارة، وتنامي الرأسمالية، وزيادة تعقيد العمليات الصناعية. لوحظ مفهوم تقسيم العمل وتطبيقه في الثقافة السومرية القديمة (بلاد ما بين النهرين)، إذ تزامن تخصيص الوظائف في بعض المدن مع زيادة الترابط التجاري والاقتصادي. يزيد تقسيم العمل بشكل عام أيضًا من إنتاجية المنتج والعامل الفردي.
أدى التوجه إلى الرعي والزراعة بعد الثورة الزراعية إلى إمدادات غذائية أكثر فعالية ووفرة، وزيادة في عدد السكان، كما أدى إلى التخصص في العمل، بما في ذلك فئات جديدة من الحرفيين والمحاربين وتطوير النخب. تعزز التخصص من خلال عملية التحول الصناعي، ومصانع عصر الثورة الصناعية. أيّد العديد من الاقتصاديين الكلاسيكيين وكذلك بعض المهندسين الميكانيكيين مثل تشارلز بابيج تقسيم العمل. أدى أداء العمال لمهام فردية أو محدودة إلى الاستغناء عن فترة التدريب الطويلة المطلوبة لتدريب الحرفيين، الذين استُبدلوا بعمال غير مهرة أقل أجورًا ولكن أكثر إنتاجية.
تعريف
تقسيم العمل: طريقة لتنظيم الإنتاج تقضي بأن يتخصص كل عامل بجزء من العملية الانتاجية. التخصص في العمل يعطي مخرجات أعلى لأن العامل يصبح أكثر مهارة في إنجاز مهمة محددة، ولأن في الإمكان الاستعانة بماكينات متخصصة لإنجاز مهمات فرعية بشكل أدق.
في تقسيم العمل ينقسم إنتاج السلعة إلى عدد من المراحل الجزئية لكل مرحلة عامل، أي أن تقسيم العمل يتم بقصد إنتاج سلعة واحدة أو خدمة واحدة، وعموما ارتبط تقسيم العمل بإدخال الآلة في عمليات الإنتاج. حيث تبين أن تقسيم العملية الإنتاجية إلى عمليات جزئية سهل استخدام الآلة لتقوم بها.
تاريخياً
تاريخيا، يرتبط تقسيم العمل مع زيادة النمو في الناتج الاقتصادي، وصعود الرأسمالية ونظم الإنتاج المعقدة. تأسس تقسيم العمل مع ظهور وتعزيز المؤسسات وحركة البضائع. وسهل التقسيم الاجتماعي للعمل إلى حد كبير في الاستخدام الأمثل لرأس المال في العملية الإنتاجية. وهو يرتبط ارتباطا وثيقا بالمكننة، التي تعتبر العنصر الرئيسي في الثورة الصناعية. يتم تقسيم العمل على أساس تعبئة وتنمية الخبرات للهيكل التنظيمي من المهن المختلفة وتنمية القدرات المختلفة للبشر في البيئات المختلفة التي يعيشون فيها وبالتالي تلبية حاجاتهم على نحو أفضل.
آدم سميث
كان أول استخدام لهذا المفهوم وأكثرها شهرة فى الاقتصاد السياسى الكلاسيكى، الذى كان بداية لعلم الاقتصاد الحديث. وقد تم التأكيد على أهمية تقسيم العمل في الفكر الاقتصادي الكلاسيكي من قبل آدم سميث (1776) في كتابه ثروة الأمم. ففى رأى آدم سميث أن تقسيم العمل الإنتاجى من شأنه أن يؤدى إلى تزايد وتعاظم قدرة المجتمع على خلق ثروته من خلال زيادة مهارة العامل وتوفير الوقت اللازم للإنتاج، كما أن التخصص الذي يترتب على تقسيم العمل يؤدي إلى الوصول إلى أفضل الطرق لأداء العمل وإلى اختراع الأدوات التي تساعد العامل على زيادة الإنتاج أيضاً. وأكد أيضاً أن أن تقسيم العمل وما ينطوي عليه من تخصص يؤدي إلى إدخال تحسينات مستمرة على عملية الإنتاج وتؤدي التحسينات بدورها إلى الزيادة المستمرة للإنتاج.
ويعمل السوق الحر، إذا ما تحرر من القيود الحكومية أو القواعد الإدارية، على تشجيع المنتجين على المتخصص فى الأنشطة التى تكون لهم فيها مزايا طبيعية. وبفضل هذا التخصص يستفيد هؤلاء المنتجون من قدر أعظم من هذه المهارة، واستخدام أكثر كفاءة للمواد الخام، والوقت، ومن الميكنة. وفى نفس الوقت فإن يد المنافسة الخفية تنزل العقاب بالمنتجين الذين لم يتخصصوا بالقدر الكافى (أى عديمى الكفاءة)، وتشجيع التبادل المتبصر (أى الرشيد) للسلع والخدمات.
وقد ضرب لذلك مثاله المشهور في إنتاج الدبابيس والذي يثبت فيه زيادة الانتاجية عند تقسيم العمل. فأورد أن عامل واحد فقط يمكن أن ينتج عشرين من الدبابيس في اليوم الواحد. ومع ذلك، إذا كان هناك عشرة اشخاص مع تقسيم العمل إلى ثمانية عشر خطوة لإنتاج دبوس، فإنهم مجتمعين يمكنهم إنتاج 48،000 من الدبابيس في اليوم الواحد. لكن وجهات نظر سميث حول تقسيم العمل ليست ايجابية بشكل لا لبس فيه، وعادة ما تتسم بالاخطاء. ويقول سميث عن تقسيم العمل:
"في التقدم المحرز في تقسيم العمل، وتوظيف جزء أكبر بكثير من أولئك الذين يعيشون من العمل، وهذا يعني، من اجمالى الشعب، ويأتي على أن يقتصر هذا على عمليات بسيطة جدا قليلة، أو بشكل متكرر واحد فقط أو اثنين....الرجل الذي قضى حياته كلها في أداء العمليات البسيطة، والتي هي أيضا ربما متكرره دائما، أو للغاية نفسها تقريبا، لا يوجد لديه الفرصة لممارسة فهمه، أو ممارسة اختراعه في معرفة الذرائع لإزالة الصعوبات التي تحدث أبدا. وبطبيعة الحال يفقد، بالتالي، من ممارسة هذه العادة، وعموما تصبح على النحو غبي وجاهل كما هو ممكن من أجل أن يصبح الإنسان مخلوق....براعة في تجارته الخاصة تؤدى بهذه الطريقة إلى أن يكتسب الفضائل الفكرية والاجتماعية، والدفاع عن النفس.... هذه هي الحالة التي ترزح الفقراء، وهم الجزء الأكبر من الشعب، إلى الفشل بالضرورة، ما لم تتخذ الحكومة بعض الإجرائات لمنع ذلك.
ومع ذلك، فهناك عدة مبادئ مختلفة للتخصص. فالاقتصاديون يؤكدون على التخصص تبعاً للإنتاجية، أولكمية المنتجات بالنظر إلى تكاليف الإنتاج. أما نظرية التنظيم قد أدركت منذ أمد بعيد أن الممعايير المتصارعة تحكم فى الواقع تقسيم الأعمال، حتى الإنتاجية منها. و لاشك أن اعتبارات الصحة العقلية للعامل (أى الكفاءة النفسية)، أو التحكم فى الاضطرابات الصناعية (الكفاءة الاجتماعية) هى التى تقيدفى الواقع الإغراق فى التخصص المفصل. أما خارج الإطار التنظيمى للإنتاج، ققد يرتبط التخصص ببعض المعايير النوعية أو الكيفية التى من شأنها أن تؤدى إلى تراجع نسبى للمعاير الكمية للإنتاج (على نحو ماتجد على سبيل المثال فى ميدانى الطب أو التعليم). كما درس علماء المجغرافيا الاجتماعية التقسيم المكانى للأنشطة والقوة بين الأقاليم و المواقع المختلفة.
ويعد التعاون فى ذاته مفهوماً إشكالياً. فإذا كان علماء الاقتصاد السياسى الأوائل قد افترضوا أن العامل الواحد (التنافس فى السوق بين أفراد يتسمون بالرشد) يكفى وحده لكى ينسق بين الأنشطة المختلفة بمايحقق أقصى قدر من المصلحة العامة. إلا أنهم قد أدركوا أيضاأن تقسيم العمل يمكن أن يتحقق على عدة مستوبات، بين مختلف قطاعات الاقتصاد، أو بين المهن المختلفة، أو بين شتى أنواع الأعمال. وبالإضافة إلى ذلك أضاف علم الاجتماع الكلاسيكى فكرة أن المجتمعات الحديثة ككل تتسم بنوع مكثف من تقسيم العمل، ينطوى على التخصص والاعتماد المتبادل بين كافة المنظم والعمليات الاجتماعية. فاتساع المنافسة فى السوق، التى تعد فى ذاتها مثيرة للشقاق والخلاف، لايكفى وحده لتفسير عمليات التنسيق التى تشهدها المجتمعات الحديثة.
وعلى الرغم من الفروق العديدة فى الرأى بين الرواد الأوائل لعلم الاجتماع، إلا أن الموضوع الذى اتفقوا حوله جميعا، همو أن تقسيم العمل يتحقق ويستمر بفعل علاقات القوة، والإيديولوجيا، والتتظيم الأخلاقى للمجتمع. فقدذهب كارل ماركس على سبيل المثال، إلى أن عمليات السوق تعبر عن التقسيم الأساسى للقوة الطبقية الذى يميز المركب الاجتماعى الافتصادى ككل ويشمل فى داخله الأنشطة والأفعال الفردية. قالطبقة تحدث تشويها جسيما لتقسيم العمل يجعله يختلف عما كان يمكن أن يحدث بشكل طبيعى بين المنتجين الأفراد المنعزلين والمتساوبين تقريباً. فالعلاقات العدائية فى عالم الإنتاج تستمد جذورها فى المقام الأول من عملية تقسيم العمل، بسبب تفاوت المفرص فى التبادل، وما يترتب عليه من اعتماد الضعفاء على الأقوياء. ومن ثم، فإن الشكل الذى يستقر من تقسيم العمل فى أى عصرمن العصور إنما يعكس الصراع حول توزيع فائض الإنتاج بين المالكين وغير المالكين لوسائل الإنتاج.
إميل دوركايم
أما بالنسبة لإميل دوركايم فالفائدة الرئيسية لنظام تقسيم المعمل تتمثل فى آثاره الأخلاقية، أى تأثيره على التضامن الاجتماعى، الذى يجب أن يقيد الأنانية لدى الفرد، وقسوة المقلب والحرية الزائدة. وعلى الرغم من أن المؤرخين والأنثروبولوجيين قد تشككوا فى فكرة أن المجتمعات السابقة على العصر الحديث لم تعرف نظام تقسيم العمل. إلا أن دوركايم أوضح أن تكامل المجتمعات التقليدية إنمايرجع إلى ما أسماه التضامن الألى، الذى يتدعم بفعل القيم والرموز المعرفية المشتركة بين أفراد القبيلة أو العشيرة. وهكذا نجد أن الأفراد والنظم يتسمون بالتجانس وعدم الاختلاف نسبياً. أما المجتمعات الحديثة فيرى دوركايم أنها تتطلب وجود ما أسماه التضامن العضوى، الذى فى إطاره تؤكد المعتقدات والقيم الوجود الفردى، وتشجع المواهب التخصصية لدى الأفراد، وتنوع الأنشطة التى تؤديها سائر النظم. ولكن على الرغم من أن تقسيم العمل الاتصادى قد يخلق أسلوباً معينا فى الحياة، إلا أن السوق غير المنظم من شأنه أن يؤدى إلى تخفيف القيود على الرغبات الفردية، ويهدد استقرار الثقة الاجتماعية، ويخلق أشكالا شاذة من تقسيم العمل. وهذا التقسيم الشاذ للعمل هو أساس المفهوم الشهير الذى عرضه دوركايم وهو (الأنومى) اللامعيارية، وتقسيم العمل القهرى المرتبط بالصراع الطبقى والسياسى. ولكن من المؤكد أن تحقيق التضامن العضوى بشكل كامل يتطلب تعليماًملادما. وقيوداقانونية على نظم التوريث وغيرها من العقود غير العادلة، كما يتطلب مؤسسات وسيطة تعمل على تكامل الأفراد فى إطار الحياة المهنية و الصناعية.
العولمة وتقسيم العمل العالمي
تبلغ المسألة نطاقها الأوسع في الخلافات حول العولمة، والتي تُفسر غالبًا على أنها كناية لتوسيع التجارة الدولية على أساس الميزة النسبية، ما يعني أن البلدان تتخصص في العمل الذي يمكنها القيام به بأقل تكلفة نسبية تقاس بتكلفة الفرصة البديلة لعدم استخدام الموارد لأعمال أخرى، مقارنةً بتكاليف الفرصة البديلة في البلدان. يزعم النقاد أنه لا يمكن تفسير التخصص الدولي بشكل كافٍ من ناحية «العمل الذي تقوم به الدول على أفضل وجه»، بل إن هذا التخصص يسترشد أكثر بالمعايير التجارية، التي تفضل بعض البلدان على غيرها.
نصحت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في يونيو 2005 بما يلي:
تعدّ السياسات الفعالة لتشجيع التوظيف ومكافحة البطالة ضرورية إذا رغبت البلدان في جني الفوائد الكاملة للعولمة وتجنب رد الفعل العكسي ضد التجارة المفتوحة، كما يعد فقدان الوظائف في بعض القطاعات، إلى جانب خلق فرص العمل الجديدة في القطاعات الأخرى، نتيجة مرافقة ولا مفر منها لعملية العولمة. يتمثل التحدي في التأكد من أن عملية التعديل التي تنطوي عليها مطابقة العمال المتاحين مع فرص العمل الجديدة تسير بسلاسة قدر الإمكان.
أجريت دراسات قليلة بشأن التقسيم العالمي للعمل. يمكن استخلاص المعلومات من منظمة العمل الدولية والمكاتب الإحصائية الوطنية. قدر ديون فيلمر في دراسة، أن 2.474 مليار شخص قد شاركوا في القوى العاملة العالمية غير المحلية في منتصف تسعينيات القرن العشرين، وشمل هذا العدد:
- حوالي 15% أو 379 مليون شخص في قطاع الصناعة.
- الثلث أو 800 مليون شخص في قطاع الخدمات.
- أكثر من 40% أو 1074 مليون شخص في قطاع الزراعة.
شملت غالبية العاملين في الصناعة والخدمات أصحاب الرواتب والأجور (58% من القوى العاملة الصناعية و65% من القوى العاملة في مجال الخدمات)، إلا أن نسبة كبيرة منهم عملت لحسابها الخاص أو انخرطت في العمل الأسري. يقترح فيلمر أن إجمالي عدد الموظفين في جميع أنحاء العالم في تسعينيات القرن العشرين بلغ حوالي 880 مليونًا، مقارنةً بحوالي مليار شخص عملوا لحسابهم الخاص في الأراضي (معظمهم من الفلاحين)، ونحو 480 مليونًا عملوا لحسابهم الخاص في الصناعة والخدمات. أشار تقرير اتجاهات العمالة العالمية الصادر عن منظمة العمل الدولية لعام 2007 إلى أن الخدمات قد تجاوزت الزراعة لأول مرة في تاريخ البشرية:
تفوقت حصة قطاع الخدمات من العمالة العالمية على الزراعة للمرة الأولى في عام 2006، إذ ارتفعت من 39.5% إلى 40%. انخفضت الزراعة من 39.7% إلى 38.7%. استحوذ قطاع الصناعة على 21.3% من إجمالي العمالة.
تقسيم العمل على أساس النوع الاجتماعي
يمكن تلخيص أوضح عرض لمبادئ التقسيم الجنسي للعمل عبر النطاق الكامل للمجتمعات البشرية من خلال عدد كبير من القيود الضمنية التكميلية المنطقية للشكل التالي: إذا كانت النساء في سن الإنجاب في مجتمع معين يملن إلى القيام بعمل ما (إكس) (تحضير التربة للزراعة مثلًا) فسيعملن أيضًا بالعمل (واي) (الزراعة مثلًا)، بينما سيكون الانعكاس المنطقي بالنسبة للرجال في هذا المثال، أنهم إذا قاموا بالزراعة فسيقومون بإعداد التربة.
تظهر «نظرية الاستحواذ والنهج: تحليل عبر الثقافات للتقسيم الجنسي للعمل» (1977) لوايت وبرودنر ووبورتون، باستخدام التحليل الإحصائي، أن المهام التي تختارها النساء بشكل متكرر في هذه العلاقات المرتبة، تنحصر في تلك الأكثر ملاءمة فيما يتعلق بتربية الأطفال. يتكرر هذا النوع من الاكتشافات في مجموعة متنوعة من الدراسات، بما في ذلك الاقتصادات الصناعية الحديثة.
لا تقيد هذه الاستنتاجات مقدار العمل الذي يمكن أن يقوم به الرجال لأي مهمة معينة (في الطهي مثلًا) أو الذي يمكن أن يقمن به النساء (في إزالة الغابات مثلًا)، ولكنها ليست سوى اتجاهات بأدوار متسقة أو أقل مجهودًا. تميل المرأة بقدر ما تعمل به في إزالة الغابات من أجل الزراعة مثلًا، إلى القيام بتسلسل المهام الزراعي الكامل، في تلك المناطق مقطوعة الأشجار. يمكن التخلص من هذه الأنواع من القيود من خلال توفير رعاية الأطفال، إلا أن الأمثلة الإثنوغرافية نادرة.
وباستثناء ملاحظات فردريك إنجلز وتورشتاين فيبلن، فإنه يمكن القول أن تقسيم العمل حسب الجنس أو النوع لم يحظ إلا باهتمام عابر من قبل الرواد المؤسسين لعلم الاجتماع. ومع ذلك نجد أن نظام سلطة الأب يعد أقدم نموذج لتقسيم الأنشطة الاجتماعية بطريقة قهرية أو استغلالية. فمعظم المجتمعات تأخذ بنظام واسع لتقسيم العمل بين الرجل والمرأة من ناحية وظائفهما الاجتماعية والدينية والسياسية، وبصفة خاصة بالنسبة لملعمل الذى يؤديه كل منهما، أما فى مجال العمل المأجور فتعرف هذه الظاهرة باسم الفصل المهنى، وهو أوضح وأقوى بكثير من نظام الفصل على أساس العنصر أو الدين فى سوق العمل. كما جرت العادة أن يميز الدارسون بين التمييز أو الفصل المهنى الرأسى والأفقى. وينشأ الفصل المهنى الأققى عندما يمارس كل من الرجل والمرأة أنماطاً مختلفة من العمل: ففى المجتمعات الصناعية نجد أن الوظائف التى تتطلب قوة عضلية شديدة غالباً ما يشغلها الرجال. فى حين تتركز وظائف المرأة داخل مجال خدمات الرعاية الاجتماعية. أما المفصل المهنى الرأسى فيظهر حينما يحتكر الرجال المهن ذات المكانة الأعلى احتكاراً شبه كامل، وهى المهن التى تمنحهم سلطة أكبر ومكافآت أكثر، هذا فى الوقت الذى تتركز فيه النساء فى الوظائف ذات المكانة الأدنى (ولايحدث عكس ذلك أبداً). ونلاحظ أنه حتى المجتمعات التى عملت فيها سياسات المساواة الاجتماعية على استئصال التمييز المهنى الأفقى، مازالت تشهد درجة عالية من التمييز المهنى الرأسى حتى الآن.
و لقد اعتمدت التحليلات النسوية الحديثة على التفسيرات المستندة إلى القوة وإلى الأخلاق فى إلقاء الضوء على أشكال التمييز البغيضة (والتى تكاد تكون منتشرة فى كل مجتمع) بين العمل الاجتماعى و الوضع الاجتماعى للرجال والنساء، وأشكال تقسيم العمل حسب النوع فى المجتمعات الصناعية. فالتفاوت فى القوة الواضح فى نظام الإتتاج الصناعى منذ أمد بعيد، يقال أنه يرجع إلى عزل المرأة داخل البيت واستغلالها فى العمل المنزلى غير الماجور. ويلاحظ أن أشكال عدم المساواة فى الأجور والمستمرة منذ عهد بعيد، وكذلك تجزؤ أسواق العمل إلى مجالات لعمل المرأة وأخرى لعمل الرجل لاتتراجع إلا بمعدلات بطيئة. والمسئول عن ذلك عمليات الضبط الأخلاقى (المعنوى) التى تتجسد فى إيديولوجيات الأسرة، وأساطير الحب الرومانسى، وواجبات الأمومة، وربما كذلك الفروق الطبيعية بين الجنسين التى مازالت التنشئة الاجتماعية للأولاد والبنات تشجعها وتؤكدها حتى اليوم. وبرغم المذاهب الفكرية الحديثة التى تدعو إلى الحقوق الطبيعية، قما زالت المرأة فى أغلب الأحوال (حتى عهدقريب على الأقل) محرومة من الضماتات القانونية والسياسية التى اعتبرها دوركايم شرطاً ضرورياً إذا كان لثقسيم العمل أن يؤدى إلى تحقيق التضامن العضوي.
سيكولوجيا التنظيم الصناعي
ثبت أن الرضا الوظيفي يتحسن عندما يُكلّف الموظف بمهمة وظيفة متخصصة. أفاد الطلاب الذين حصلوا على درجة الدكتوراه في مجال مختار لاحقًا عن ازدياد رضاهم مقارنة بوظائفهم السابقة. يمكن أن يعزى ذلك إلى ارتفاع مستويات تخصصهم. كلما زاد التدريب المطلوب للوظيفة المتخصصة، ارتفع مستوى الرضا الوظيفي أيضًا، رغم احتمال أن تكون العديد من الوظائف عالية التخصص، رتيبة ومؤدية إلى معدلات عالية من الإرهاق بشكل دوري.
مزايا تقسيم العمل
- زيادة المهارة في أداء الأعمال، وذلك لتبسيط الأعمال المطلوبـة.
- تنظيم العمل بشكل أكفاء من حيث التوقيت والتتابـع والإشراف.
- توفير الوقت وتقليل الفاقد أثناء انتقال العامل من عملية إلى أخرى.
- تسهيل استخدام الآلة نتيجة لتقسيم العملية الإنتاجية إلى عدة عمليات جزئية.
- كل ما سبق يؤدي إلى زيادة الكفاءة الإنتاجية وزيادة الإنتاج.
لكن المبالغة في تقسيم العمل لها عيوب مثل:
- الملل من تكرار نفس العمل الواحد.
- يفقد العامل إحساسه بنتيجة عملة لأنه يقوم بعملية جزئية فقط على عكس الحرفي الذي يقوم بإنتاج السلعة كلها.