الصراع الصناعي
الصراع الصناعي (بالإنجليزية: Industrial Conflict) مصطلح يشير إلى كافة أشكال التعبير عن عدم الرضا داخل علاقه العمل، خاصة تلك التى تتصل بعقد العمل، والمساومة على الجهد. ويمكن تقسيم أنواع الصراع الصناعى الكثيرة إلى فئتين عريضتين هما: الصراع الرسمى، والصراع غير الرسمى
ويسمى الصراع غير الرسمى بهذا الاسم نظرا لأنه لايرتكز على أى شكل من أشكال التنظيم المرسمى، وينتج بشكل تلقائى من الإحساس بالظلم، لذا فمن المحتمل ان يكوت ذا طابع تعبيرى تماما. ويندرج تحت هذا النوع العديد من أشكال التخريب (تعطيل آلات المصنع)، التى تبدو غير منطقية (أو غير عفلانية)، والتى تتخد شكل الاحتجاج الفردى البحت، بل وغير الواعى، ومن تلك الأشكال التغيب عن العمل، والتغيير المستمر للعمل والإهمال، بل والحوادث التى تقع فى مكان العمل وينظر علماء الاجتماع الصناعى إلى اشكال ترك العمل والاضراب التلقائى بوصفها أمثلة دالة على الصراع الصناعى غير الرسمى. والأمر نفسه ينطبق على الاعتراض المستمر على الإدارة، ذلك الاعتراض الذى يظهر فى المعايير الخاصة بجماعة العمل، المنظمة لعملية الإنتاج، أو إجراءات التقييد، أو السرية، أو التعامل الحذر مع المشرفين. لذا فإن فكرة الصراع الصناعى غير الرسمى تلقى الضوء على جذور السلوك الذى يبدو غير مفهوم من وجهة نظر الإدارة. لكن هذا الشكل من الصراع يفقد زخمه إلى حد كبير عندما يتسع نطاقه.
أما الصراع الصناعى الرسمى فيشير إلى اشكال التعبير المنظم عن الصراع التى تتحدد ملامحها من خلال النقابة العمالية أو غيرها من ممثلى العمال. ويفترض أن يكون لهذا النوع من الصراع أهداف استراتيجية أو تستهدف تحقيق غايات أبعد، وليس مجرد أهداف تعبيرية (وأحيانا علاوة علىالمغايات التعبيرية. وكثيرا ما يضم عمالا قد يكونون غير مهتمين شخصيا أو ليس لديهم تعاطف مع القضايا محل الخلاف. ويعد الإضراب المنظم أوضح أشكال هذا النوع من الصراع. حيث يتم التوقف عن العمل كتعبير عن فصم مؤقت للعقد، ويتم استخدام القوة الجماعية للعمال لتلافى الجز اءات ولتحقيق تسويات خاصة بالأجور أو ظروف العمل. ويمكن تدعيم الإضراب عبر العديد من الوسائل الرسمية مثل تخفيض الإنتاج والالتزام بعدد ساعات العمل التى ينص عليها القانون. ويمكن أن تقتصر هذه الأشكال على العمال الذين يقع عليهم الضرر المباشر، كما يمكن أن تأخذ شكلا من أشكال الإضراب المؤازر من جانب العمال الذين يعملون فى أعمال أو صناعات مماثلة. وتعد الاضرابات ذات طابع رسمى تتم بدعوة أو بناء على أوامر قادة النقابة العمالية، وحسبما ينص القانون وطبقا لإجراءات المساومة الجماعية. وينطبق مصطلح غيرالرسمى (أوغير الشرعى) على تلك الإضرابات التى تتم عبر قادة غير معترف بهم مثل ممثلى النقابة المحليين أو عبر نقابة غير معترف بها، أو عبر طرق أخرى لا تحترم القواعد والإجراءات المرعية للمساومة الجماعية. ولا شك أنه ليس ثمة اتفصال واضح، فى الممارسة، بين الاضرابات غير الشرعية وغيرها من الأشكال الجماعية المرتبطة بالصراع غير الرسمى.
وقد ثار فيما مضى جدل طويل داخل علم الاجتماع الصناعى حول مصطلح القابلية للإضراب (Strike Proneness)، اختصارا للبحث عن الأسباب البنانية للصراع الصناعى. وبذلت محاولات للربط يين أنماط الإضراب وكل من : نمط الصناعة، ودرجة الإنعزال، والتجانس الطبقى داخل مجتمع العمل، واستخدام تكنولوجيا الإتتاج الكبير، وبصرامة الإدارة، وبنية جماعات العمل. وعلى الرغم من وجود روابط واهية بين الاضرابات وبعض هذه المتغيرات، فإن تكرار الاضرابات وغيرها من أشكال القلاقل المشابهة، يدل على خطاً تلك التفسيرات، بحيث أصبح من الممكن وجود أشكال عديدة من الأحداث المتضاربة. وآحرز علماء الاقتصاد بعض النجاح فى الربط بين أنماط الإضراب طويل المدى وبعض المؤشرات الاقتصادية. لكن هذه المحاولات، مثلها مثل غيرها من المحاولات المشابهة يعوقها التنوع المهائل فى كم وكيف الإحصاءات الخاصة بالإضراب، سواء على المستوى القومى أو المستوى العالمى. لذا نجد أنهم يصيغون نتائجهم على مستوى مفرط فى العمومية. ويتمثل الاعتراض الأساسى على هذه التفسيرات البنانية فى أنه كلما كانت أشكال الصراع الصناعى أكثر صرامة كلما كانت أكثر نتظيما اجتماعيا، وكلما أدت إلى الإثارة والتنييج. لذا يجب على هذه التفسيرات أن تأخذ فى اعتبارها الأهداف الاستراتيجية التى يدركها العمال وقادتهم، كما تأخذ فى اعتبارها معنى العمل المقابى الصناعى، ذلك العمل الذى يتباين تباينا كبيرا بين الثقافات المختلفة للعلاقات الصناعية. حيث يقال، على سبيل المثال أن ارتداء القبعات الحمراء أثناء العمل يعد تعبيرا جادا عن الاحتجاج داخل الثفافة اليابانية، بينما يعبر - هو نفسه - عن تأجيل الإضراب داخل الثقافة البريطانية.
وثمة وفرة فى التراث النظرى وتراث دراسات الحالة. ويقدم كتاب ستيفان هيل: المنافسة والصراع فى العمل، الصادر عام 1981 ملخصاً وافياً للموضوع.