نظرية رأس المال البشري
نظرية رأس المال البشري (بالإنجليزية: Human Capital Theory) تعتبر هذه النظرية امتداداً حديثاً لتفسير آدم سميث للفروق فى الأجور يما أسماه مزايا (أو عيوب) صور التشغيل المختلفة. فتكاليف تعلم العمل تعد عنصراً مهما فى الميزة الكلية (الصافية)، ولقد أدت بالاقتصاديين من أمثال جارى بيكر وجيكوب منسر إلى الادعاء بأن الدخول الشخصية تختلف طبقاً لحجم الاستثمار فى رأس المال البشرى، هذا إذا ثبتنا كافة العوامل الأخرى، ويقصد بذلك الاستثمار فى التعليم والتدريب الذى يحصل عليه المشتغلون أفرادا أو جماعات. ومن التوقعات الأخرى لهذه الحالة أن الاستثمار الكبير فى رأس المال البشرى من شأنه أن يخلق فى قوة العمل القاعدة المهارية اللازمة للنمو الاقتصادي ويقال إن الحفاظ على رصيد رأس المال البشرى هو الذى يفسر إعادة الإعمار السريع الذى حققته الدول المهزومة فى الحرب العالمية الثاتية، وينشأ رأس المال البشرى من أى تشاط يؤدى إلى زيادة إنتاجية العامل الفرد. والواقع أن التفرغ للتعليم يؤخذ كمثال رئيسى سهل لقياس ذلك. وبالنسبة للعمال فإن الاستثمار فى رأس المال البشرى يتضمن كلا من التكاليف المباشرة، والتكاليف التى أنفقت على صور الكسب الماضية. ويقوم العمال باتخاذ قرارات الاستثمار بمقارنة مغريات المدخل البديل الممتوقع (الذى يمكن أن يتحقق مع الاستثمار) وتدفقات الاستهلاك، وبعض هذه القرارات يمكن أن يحقق زيادة فى الدخل مستقبلا، فى مقابل تكاليف التدريب الحالية وتأجيل بعض بنود الاستهلاك. ويمكن فى الواقع حساب العائد من الاستثمار المجتمعى فى رأس المال البشرى بطريقة مشابهة.
وحتى فى علم الافتصاد، يشير نقاد نظرية رأس المال البشرى إلى الصعوبة فى قياس المفهومات المرئيسية، والتى تشتمل على مفهومي الدخل المستقبلى والفكرة الرئيسية لرأس المال البشرى ذاتها. فليست كل أنواع الإنفاق على التعليم تضمن زيادة فى الإتتاجية يقدرها أصحاب الأعمال أو السوق. وهناك على وجه الخصوص مشكلة قياس إنتاجية العامل والدخل الممستقبلى بفتح مجالات جديدة للانضمام لمهن معينة، إلا بطريقة أقرب إلى اللغو، بالرجوع إلى الفروق فى صور الكسب الفعلية التى تهدف النظرية إلى تفسيرها. ولقد أوحت الدراسات الإمبيريقية بتتيجة مفادها أنه بالرغم من أن الفروق الملحوظة فى الدخول قد ترجع - على الأرجح- إلى المهارات المتعلمة، فإن نسبة التباين غير المفسر تبقى عالية، ويجب أن تعزى إلى البناء غير المستقر لسوق العمل وطريقة أدائه، وليس إلى إنتاجية الأفراد الذين يشكلون رصيد قوة العمل.
ولقد استأثرت نظرية رأس المال البشرى بكثير من النقد من جانب علماء الاجتماع التربوى وعلم اجتماع التدريب. ففى فترة إحياء النظريات الماركسية فى الستينيات هوجم هذا المفهوم لإضفائه الشرعية على ما يسمى بالنزعة الفردية البورجوازية، خاصة فى الولايات المتحدة التى ظهرت فيها النظرية وازدهرت. كما اتهم المفهوم بأنه يلوم الأفراد على أوجه قصور النسق، إذ يحول العمال إلى رأسماليين مزيفين محاولا طمس الصراع الحقيقى حول المصالح بينهما. ومع ذلك، وحتى لو غضضنا الطرف عن هذه الانتقادات السياسية فى حقيقتها، فإن نظرية رأس المال البشرى يمكن أن تعد صورة من نظرية التبادل الرشيد، ومن ثم تصبح معرضة لنقد منظم - من جانب علماء الاجتماع - لأنها تقدم تفسيرات فردية للظواهر الاقتصادية.