نظرية دراسة الفاعلين

نظرية دراسة الفاعلين (بالإنجليزية: Actionalism) يقترن هذا المصطلح بصفة عامة باسم عالم الاجتماع الفرنسى آلان تورين، ولا ينبغى الخلط بينه وبين مصطلح "الإطار المرجعى للفعل" (انظر: نظرية الفعل) الذى طوره تالكوت بارسونز. فاعتباراً من الستينيات طور تورين إطاراً نظرياً راديكالياً جديداً عرض فى أكثر صوره تفصيلاً واكتمالاً فى كتاب. بعنوان: الإنتاج الذاتى للمجتمع، الصادر عام 1973. وقد عبر تورين عن هدفه بقوله: "إن ما يسعى إليه هو أن يحل علم اجتماع الفاعلين محل علم اجتماع المجتمع". وهو يهدف إلى تجاوز ما يعتبره تمييرا زائفا بين الموضوعى والذاتى أو بين اتجاهى النسق والفعل فى علم الاجتماع. وتضع نظرية دراسة المفاعلين المفاعل الاجتماعى قى بؤرة اهتمامها النظرى، بما فى ذلك وضعية الفاعل فى النظريات ذات التوجهات البنائية والتاريخية. فالفاعلون ليسوا ببساطة مجرد مكونات للنسق الاجتماعى، ولكنهم هم أنفسهم صانعو هذه الأنساقم

ولا يستبعد تحليل تورين من نطاقه الجماعات أو المجموعات كالطبقات الاجتماعية. بيد أن هذه الفئات، لا تجرى دراستها وئحليلها باعتبارها فئات أو شرائح، و لكن باعتبارها مجموعة ديناميكية من العلاقات بين فاعلين اجتماعيين. وينطوى هذا المنظور على نقد صريح للبنائية وما بعد البنيوية (التى يعد فيهما الفاعل الفرد ميتا، أى لا وجود له)، والماهوية (التى تجرد - بذات القدر - التاريخ من الفاعلين الاجتماعيين).

ويتمثل الجانب المدينامى فى نظرية دراسة الفاعلين فيما يطلق عليه تورين الميل التاريخى (وهو مصطلح مستعار من جان بول سارتر) أى قدرة المجتمع على أن يتخذ من ذاته موضوعا للفعل، فضلا عما يتسم به التاريخ من حيث كونه نشاطا إنسانيا.

وعلى هذا فإن عالم الاجتماع يعد عاملامن عوامل الميل التاريخى ا وليس مجرد ملاحظ محايد، كما أن له مصالح فى الصراع الذى تدور رحاه فى مجتمعه. وقد أفضى هذا بتورين إلى تبنى منهجية تدخل عالم الاجتماع التى تقتضى أن يقوم علماء الاجتماع بدراسة حركة التغير الاجتماعى من خلل المشاركة المباشرة فيها. ويعتقد تورين أن سوسيولوجية دراسة الفاعلين سوف تتسم بالتتوع وتحتشد بالمصراع، ولكنها أكثر مشروعية بسبب انخراطها النشط فى عمليات التغير الاجتماعى.

بتعبير أقل تجريدا، يحاول اتجاه دراسة القاعلين أن يفسر كيف تتشكل القيم الاجتماعية، ومن ثم كيف يتحقق التغير الاجتماعى، من خلال تحديده للذوات التاريخية (الفاعلين الجماعيين) فى كل حقبة من حقب التاريخ، التى تتطوى كل منها على القدرة على إنجاز تغيير ثورى من خلال تتظيم نفسها فى حركة اجتماعية. وقد ذهب تورين فى دراساته الباكرة إلى القول بأن الذوات التاريخية (الفاعلون) يستحوذون على الوعى الذاتى المضرورى من خلال خبرة العمل، بحيث أن الحركة الاجتماعيسة التى تعبر عن الذات المتاريخية للرأسمالمية تتخذ شكلها فى العمل المنظم. غير أن تورين عمل، فى دراساته اللاحقة، على توسيع نطاق مفهومه للإنتاج وحدود نظريته بحيث تغطى حركات اجتماعية أخرى، شاملة فى ذلك الحركات النسوية والطلابية، وتلك المعادية للطاقة الذرية، والحركات القومية.