نزار النقيب


الاستاذ نزار رؤوف النقيب الموصلي / يدٌ بيضاءُ في الخير. الشيخ عمر أكرم عبد الوهاب الموصلي / إمام وخطيب جامع بكر أفندي في الموصل

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين إلى يوم الدين. وبعد : فإن الله تعالى قد أنعم على مدينة الموصل الحدباء بأشخاص يفتخر بهم، ويتباها بذكرهم، فمن هؤلاؤء الطيبين : عمنا الجليل الاستاذ نزار النقيب، الذي شاع ذكره وعلا سيطه لكثرة مجهوداته الطيبة، وأعماله المباركة، في بناء الجوامع والمساجد ودور الأيتام وتجهيز كليات الموصل بكل ما يرفد الحركة العلمية، في مدينة الموصل وغيرها هو وأولاده الكرام خصوصا ابنته الحاجة المباركة سحر نزار النقيب عضو لجنة الخيرات، وقد أردت أن أطنب في الكلام عنه، فوجدت أن فضيلة استاذنا الدكتور إبراهيم العلاف الموصلي استاذ مبارك في جامعة الموصل، قد اجاد بالحديث عن هذا الرجل المفضال فما وسعني إلا أن أذكر ماذكره أستاذنا الدكتور العلاف حيث قال : (لأاعتقد بأن هناك في الموصل أو في العراق أو في بعض الدول العربية من لم يسمع بمجهودات الوجيه الموصلي المعروف الأستاذ نزار رؤوف النقيب، والذي يبلغ اليوم من العمر 81 عاما، ويعيش في طنجة بالمملكة المغربية.. وقد تأخرت في الكتابة عنه لأسباب كثيرة لعل في مقدمتها أن الرجل نفسه، لايميل إلى الإعلام، ويريد أن تظل أعماله لوجه الله تعالى وقد ارتبط بهذا قلة المصادر المتوفرة عن سيرته وأعماله، حتى أن وكيله في الموصل المرحوم محمود الكسو كان مقلا في الحديث عنه. ومهما يكن من أمر فأنني قد اطلعت على ما قام به من أعمال خيرة مرتين الأولى في مجلس المرحوم الشيخ طلال ألخالدي. والثانية أثناء وجودي في عمان بالأردن لعيادة ابنتي هبة رحمها الله التي كانت تتعالج في مركز الحسين للسرطان العام الماضي. وقبل أيام التمس مني أعزاءي في موقع ملتقى أبناء الموصل (الإلكتروني) أن اكتب عنه وها أنا استجيب لطلبهم، فأقول أن الأستاذ نزار النقيب هو ابن المرحوم رؤوف النقيب، ورؤوف النقيب ابن فيض الله النقيب. وال النقيب من بيوتات الموصل العريقة المعروفة بمكانتها الدينية والاجتماعية.. وقد سكن الا النقيب في مدينة الموصل وتحديدا في الجزء الشمالي منها مما يعرف بمحلة الشفاء، وفي حضيرة السادة واى شيء من هذا يشير الاستاذ والصديق عماد غانم الربيعي مؤلف كتاب(بيوتات موصلية).فيقول أنهم في الموصل من أعقاب حسين ضياء الدين وعبد القهار سراج الدين وقد جاءت تسميتهم نسبة إلى ترأسهم نقابة الأشراف في الموصل ،والتي ترجع بجذورها إلى العصر العباسي.. وكانت مهمة نقابة الأشراف التي امتدت ،وامتد تأثيرها حتى الوقت الحاضر مرورا بالعهد العثماني وما بعده : ((تدقيق انساب الأشراف)) من أحفاد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.وأول من استلم نقابة الأشراف جدهم أحمد أبو العباس محيي الدين 730 هجرية 1330 ميلادية، عندما اصدر السلطان سليمان القانوني 1520-1566 فرمانا يتضمن إنشاء نقابة الأشراف في كل مدينة كبيرة من مدن الدولة العثمانية. ومن ذلك التاريخ أصبح منصب نقيب الأشراف في الموصل من نصيب آل النقيب. ومن أبرز الذين تولوا النقابة في الموصل، السيد حسن أفندي النقيب، ومصطفى أفندي النقيب، وعبد الغني بن السيد حسن أفندي النقيب 1885-1942 والذي تقلد النقابة سنة ،1910 وكان عضوا في المجلس التأسيسي العراقي (البرلمان))، وعضو مجلس النواب في دوراته الثالثة والسادسة والتاسعة. وقد قام السيد عبد الغني النقيب، بدور مهم في الدفاع عن عروبة الموصل أثناء مطالبة تركيا بها في العشرينات من القرن الماضي، وكان من مؤسسي جمعية الدفاع الوطني في الموصل 1925 و.وقد برز من آل النقيب محمد عبد الغني النقيب وكان مديرا عاما في وزارة النفط وجهوده في تأسيس مصفى الدورة ببغداد معروفة، وفيض الله أفندي النقيب الذي عمل في إدارة الأوقاف الخيرية. ولفيض الله أحفاد هم الأساتذة نزار، وجعفر، وطلعت، وكان لآل النقيب مجلس اجتماعي وأدبي يؤمه الكثيرون من أبناء الموصل وغيرهم.وقد عرف السيد رؤوف النقيب، كما حدثني بذلك أحد كبار السن ،بكرهه للنقود حتى انه كان يرفض تسلمها بيديه، وإذا اضطر إلى ذلك يقوم بغسل يديه بالحال.كما كان يخصص رواتب للفقراء والمحتاجين، وكان بابه مفتوحا ،وقد ورث عنه ولده الأستاذ نزار كرمه وإحسانه وإنسانيته. عرف الأستاذ نزار النقيب مرة نفسه لجريدة الشرق الأوسط(10 آذار 2003) التي تصدر في لندن بقوله: أنا نزار رؤوف النقيب من مدينة الموصل بالعراق.. ،ولم أكن موظفا في الدوائر الحكومية أبدا، ومنذ سنة 1954 وأنا اعمل مهندسا ومقاولا لحسابي الخاص. عمر الأستاذ نزار النقيب جامع الإمام محسن بالموصل، وانشأ قاعة أنيقة للمناسبات ملاصقة للجامع في محلة الشفاء، ووضع وكيله محمود الكسو قبل سنوات الحجر الأساس لما سمي بمجمع النقيب الطبي في المنطقة ذاتها. وقد رأيت في مركز الحسين للسرطان في عمان بالأردن مبنى نزار النقيب للعيادات الخارجية الذي افتتح في أيار 2008 وقام الملك عبد الله الثاني بافتتاح المبنى وبرفقة الملكة رانيا كما يظهر في الصورة المرفقة إلى جانب هذه السطور، وقال الملك عبد الله لدى افتتاحه المبنى :إن ما قام به المتبرع العراقي الجنسية نزار النقيب مثال ايجابي يجب أن يحتذي به آخرون لمساعدة المرضى في مواجهة هذا المرض العضال. وقد رد الأستاذ نزار النقيب على كلمة الملك عبد الله بقوله : ((إن ما دفعني إلى تقديم هذا المبلغ هو الحرص على دعم فئة هي بأمس الحاجة للمساعدة خصوصا الفقراء منهم وانطلاقا من شعوري الإنساني لخدمة مرضى السرطان)). وتقديرا للنقيب على مأقدمه تفضل جلالة الملك عبد الله الثاني فمنحه: وسام الحسين للعطاء المتميز من الدرجة الأولى.

وقد بلغت قيمة تبرعات الأستاذ نزار النقيب لمركز الحسين للسرطان، ما مجموعه ثمانية مليون دولار. فضلا عن تخصيصه مبلغ نصف مليون دولار لصندوق معالجة المرضى العراقيين في المركز المذكور. وقد توزعت تبرعات الأستاذ نزار النقيب لمركز الحسين للسرطان على مرحلتين وكان التبرع الأول بقيمة ثلاثة ملايين دولار خصصت لشراء مسارع خطي رقمي رفيع المستوى وتحديث قسم الأشعة العلاجية في المركز.

أما التبرع الثاني فكان بقيمة خمسة ملايين دولار, فقد وجه لتأسيس صندوق نزار النقيب للخير, وقد قدم الأمير طلال بن محمد الذي افتتح المرحلة الثانية فقد أهدى النقيب درعا تكريميا وقال: »يشرفني أن أقف إلى جانب رجل ارتبط اسمه على الدوام بالخير ومساعدة الناس«, أما سمو الأميرة غيداء طلال, رئيسة هيئة أمناء مؤسسة الحسين للسرطان, فقالت : ((لقد ساعد النقيب منفردا الآلاف من مرضى السرطان وأسرهم, وأعطى معنى جديدا لكلمة العطاء ونحن نعتز بتسمية مبنى العيادات الخارجية باسمه)). ويستقبل مبنى نزار النقيب للعيادات الخارجية ما يزيد على 80.000 زيارة سنويا, ويشرف على علاج المرضى أكثر من 80 متخصصا في علم الأورام والاستشاريين, ويتمكن المرضى من تلقي العلاج الكيماوي في بيئة مريحة هادئة. ويضم مبنى نزار النقيب للعيادات الخارجية العديد من العيادات المتخصصة, مثل عيادات جراحة الأورام, والأورام الطبية, والتجبير, والأنف والأذن والحنجرة, والأسنان, والعيون, والأمراض النسائية, والعيادة النفسية, وعيادة التغذية, إضافة إلى عيادات أخرى تعتبر حيوية أساسية للعناية الشاملة بمرضى السرطان. أما البرامج الجديدة التي يجري تأسيسها في المبنى فتضم برامج الاستشارات الجينية, وعلاج النطق, والجراحة التجميلية, والعلاج الوظيفي, وإعادة تأهيل النظر وبتبرع الأستاذ نزار النقيب غدا مركز الحسين للسرطان المرفق الطبي الرائد إقليميا في الوطن العربي والشرق الأوسط، وهو يوفر الرعاية الشاملة لمرضى السرطان من الكبار والأطفال, كما انه المركز الوحيد خارج الولايات المتحدة الأمريكية الذي حصل على اعتماد دولي من الهيئة المشتركة لاعتماد مؤسسات الرعاية الصحية, باعتباره مركزا متخصصا في علاج مرضى السرطان بصورة محدودة. بارك الله بالنقيب وأمد الله بعمره وأملنا في أن يوجه مؤسسته لمزيد من الاهتمام بالموصل تعليميا، وصحيا، واجتماعيا ،وعمرانيا.ويقينا أن لأبناء مدينته حق عليه وهو أهل للكرم والإحسان والخير وقيمة الإنسان، خاصة إذا كان متمكنا من الناحية المادية، تتمثل في عطائه وخدمته لمدينته ووطنه وأمته. = واضيف على ماذكره الدكتور إبراهيم ان الأستاذ نزار النقيب قام بمشاريع عددية في الموصل منها : إعماره لمرقد الإمام يحيى ابن القاسم الذي كان مدرسة دينية تمسى المدرسة البدرية : التي كانت تزهر بالعلم والعلماء والمؤرخين كإبن الأثير وغيره من الفضلاء، وإيضا إعماره لمرقد الإمام عبد الرحمن في الموصل وقد كان هذا أيضا المدرسة العزية في حينها، وقد أخبرني بتفاصيل هذا الإعمار الدقيق أخي العزيز وكيل آل النقيب، المهندس زين العابدين عبد الرزاق الفخري بارك الله فيه حيث أطلعني عن التفاصيل التي قام بها بتمويل عمنا الاستاذ نزار النقيب، إلى غير ذلك فجزاه الله تعالى كل خير وبارك الله فيه، وقد أحببت أن أضيف سيرة هذا الرجل الكريم الموصلي لمنتدى الرابطة الموقرة، والحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.