ميخائيل لومونسوف
ميخائيل فاسيليفيتش لومونوسوف (بالروسية: Михаи́л Васи́льевич Ломоно́сов) هو عالم روسي مشهور، مؤسس جامعة موسكو الحكومية. عاش في القرن الثامن عشر.
ولد في 19 نوفمبر عام 1711 بقرية دينيسوفكا في روسيا الشمالية وتوفي في 15 أبريل عام 1765 في مدينة سانت بطرسبرغ. وهو مشهور باكتشافه لوجود الغلاف الجوي عند كوكب الزهرة. وقام بمساهمات مهمة في مجالات علمية عديدة مثل الفيزياء والكيمياء والرياضيات والاقتصاد والتاريخ وغيرها.
سيرته
ولد لومونوسوف عام 1711 في عائلة فلاح بشمال روسيا على شاطئ البحر الأبيض. وقد تعلم القراءة والكتابة والنحو والرياضيات بنفسه دون أن يتلقى دروسا على ايدي أي أحد. ولم تتوفر لدى لومونوسوف الشاب كونه من أسرة فلاحية بسيطة اية فرص لمواصلة الدراسة، ففر من بيت ابيه عام 1730 وذهب إلى موسكو البعيدة مشيا على قدميه وقطع مسافة 1300 كيلومتر، فالتحق بأكاديمية العلوم اللاتينية والاغريقية التي انتقل منها إلى أكاديمية العلوم في بطرسبورغ، ثم تم إيفاده ضمن ثلاثة طلبة متفوقين إلى ألمانيا حيث تلقى التعليم على ايدي خيرة الاساتذة الالمان والهولنديين. وقد استوعب العالم الروسي الشاب علوم الفيزياء والكيمياء والرياضيات والفلسفة والتعدين.
وفي عام 1741 عاد لومونوسوف إلى روسيا حيث باشر بعمله العلمي في أكاديمية العلوم بالعاصمة الروسية. وعمل لومونوسوف كثيرا على اعداد مشاريع في إصلاح نظام التعليم مدافعا عن حق طبقات المجمع الفقيرة بتلقي التعليم العالي. واضطر لومونوسوف إلى اقناع السلطات الرسمية بضرورة القاء المحاضرات وتقديم الدروس التطبيقية باللغة الروسية. وأسس لومونوسوف أول مختبر كيميائي في روسيا، وأجرى تجارب فيزيائية كثيرة. كما اجرى دراسات في التاريخ الروسي. ويعود اليه الفضل في إنشاء أول معمل للفسيفساء بالإضافة إلى انه طرح مشروعا لتأسيس أول جامعة روسية في موسكو. وقد افتتحت أبوابها للطلبة عام 1755.
توفي لومونوسوف عام 1764. وزارته قبل وفاته الامبراطورة كاترينا الثانية تقديرا لشخصية العالم والعلم الروسي.
إنجازاته
يعد ميخائيل لومونوسوف من أكبر العلماء والشعراء والمؤرخين والمثقفين الروس. ميخائيل لومونوسوف هو الذي طرح فكرة تأسيس جامعة موسكو الحكومية ووضع مشروعا لهذه المؤسسة التعليمية التي أطلق عليها اسمه فيما بعد.
من الصعب ذكر مادة علمية لم يعمل على تطويرها لومونوسوف. وقد وضع أساسا للكيمياء الفيزيائية، وابتكر ما يزيد عن 10 أجهزة بصرية جديدة. وبينها تلسكوبات استخدمها العالم بغية دراسة كوكب الزهرة حيث اكتشف طبقات جوية. ومما يلفت النظر في دراساته هو نظرية نشوء الحرارة الناتجة عن حركة الجسيمات. وكان لومونوسوف مؤلفا لكتاب«مختارات البلاغة» الذي كان أول مرجع في الادب العالمي بروسيا.
وشكل لومونوسوف أساسا لنحو اللغة الروسية وعلم الاشتقاق الذين لم يفقدا قيمتهما حتى الآن عند علماء اللغة.
ويعود إلى لومونوسوف فضل كبير في طرح المزيد من الحجج دعما لنظرية انحدار أسلاف الروس من منطقة شمال البحر الأسود. وكان لومونوسوف يهتم في أيام شبابه بعلم الاوزان والقافية، الامر الذي ساعده لاحقا في وضع مدرسة جديدة في الشعر الروسي بلغته ومضمونه وشكله الجديد. ووصف الشاعر الروسي الكبير الكسندر بوشكين مدائح ألفها لومونوسوف بانها نماذج رائعة للادب الروسي.
كان يعمل لومونوسوف أيضا على تطوير العلوم الاجتماعية حيث اقترح اتخاذ تدابير فعالة لتأمين نشاط المجتمع الطبيعي وتغيير الظروف الاجتماعي للسكان وتحسين الوضع الديموغرافي.
كان لومونوسوف من أنصار فكرة التثقيف والتنوير. وكان يدعو القيصرتين يليزافيتا بتروفنا ويكاترينا الثانية في مدائح تمجدهما إلى ضرورة الحرص على تطوير العلوم ونشر المعرفة في اوساط الشعب.
ذكراه
حفيدته صوفيا كونستانتينوڤا (1769-1844) تزوجت البطل العسكري ورجل الدولة الروسي نيقولاي رئڤسكي. ابنة حفيدته كانت الأميرة ماريا (رئڤسكايا) ڤولكونسكايا، زوجة الأمير الديسمبري سرگـي ڤولكونسكي.
وقد أطلق اسمه على فوهة قمرية وكذلك فوهة مريخية. وفي 1948، أطلق اسمه على سلسلة جبال تحت الماء في المحيط القطبي الشمالي. أما جامعة موسكو الحكومية فقد تغير اسمها إلى ‘’M. V. Lomonosov Moscow State University’’ تكريماً له في 1940.
إسهامات العالم الروسي ميخائيل لومونسوف
يعد ميخائيل لومونسوف أول العلماء الروسيين البارزين في الواقع. وسواء أعاش في باريس أم في لندن بدلاً من سان بيترسبورج، فإنه قد كان واحد من أكثر العلماء شهرة في ذلك الوقت. فقد قدم ميخائيل لومونسوف بالعديد من الاكتشافات أو الإنجازات كي يحظى بتلك المكانة المرموقة. وتوضح أبحاثه أنه قد نسخ أو بالأحرى توقع العديد من أعمال الباحثين الآخرين مثل توقعه لرفض العالم أنطوان لافوازييه لنظرية العنصر الملتهب (١٧٧٥). هذا، بالإضافة إلى اعتقاده بأهمية بقاء المادة وتوقعه للنظرية الذرية للعالم جون دالتون (١٨٠٨) ونظرية حركة الغازات للعالم دانيال برنولي (١٧٣٨) ونظرية بنيامين طومسون عن تغير الحرارة. كما أن توقعاته بأن الطبيعة في تطور مستمر بصورة بطيئة بدلاً من ثباتها أو تطورها بصورة ثابتة يتطابق بشكل كبير مع آراء العالم جيمس هاتون (١٧٧٨).
هذا، وتضم قائمة إنجازاته المذهلة ذلك التصنيف الذي يضم ٣,٠٠٠ معدن وملاحظته الأولى حول تجمد الزئبق السائل. كما أشار إلى أن التربة والفحم والبترول والخث والكهرمان كلها تنشأ من الكائنات الحية بشكل ما. وقد كان على وفاق مع بعض من معاصريه، كما كان عضو شرفيا بعدد من الأكاديميات العلمية بالسويد وبولونيا. لكن، معظم أعماله لم تكن معروفة سوى في روسيا حتى وفاته عام ١٧٦٥ وهو في الرابعة والخمسين من عمره.
كان ميخائيل لومونسوف ابنا لأحد الصيادين الروسيين، ثم أرسل إلى ألمانيا للدراسة. وعند عودته إلى وطنه، أصبح أستاذا في الكيمياء الحديثة ورئيسا لجامعة سان بيترسبورج فيما بعد. ونظراً للهفته لتقدم التعليم في روسيا، فإنه ساعد في تأسيس جامعة موسكو التي أطلق عليها اسمه فيما بعد. كما كان ميخائيل لومونسوف عضوا بارزا في أكاديمية سان بيترسبورج للعلوم التي أنشأها الملك بيتر العظيم في الوقت الذي كان يسيطر عليها الأجانب.
يعلق الكاتب الروسي بوشكين قائلاً إن العالم الروسي ميخائيل لومونسوف قد جمع بين جميع فروع العلم وبالطبع لا ننسى أن نذكر أنه كتب الشعر وفقا لقواعد الشعر الألماني (حيث عاش هناك) كما كتب في القواعد النحوية لتحسين لغة الأدب الروسي. هذا، بالإضافة إلى تحدثه اللغة السلافونية القديمة التي تستخدم في الكنائس. كما دون تاريخ روسيا بأسلوب لم يسبقه أحد إليه بالإضافة إلى إحيائه لفن الفسيفساء الروسي الذي يدين له بالفضل في استمراره وبقائه حتى الآن.
علاوة على ما سبق، نجد أن عملية رصد كوكب الزهرة في أثناء مروره أمام الشمس (١٧٦١) قبل وفاته بأربعة أعوام جعلته على صلة بجميع رجال الأرصاد في جميع أنحاء العالم. ومن خلال المقاييس التي حددها، فإنه اكتشف أن حجم الزهرة يبلغ تقريبا حجم الأرض نفسه. كما استنتج أن كوكب الزهرة قد يكون له غلاف جوي وأن حافة قرص الكوكب الذي يقابل الشمس تبدو غير واضحة.