موضوعية (علم الاجتماع)

الموضوعية (بالإنجليزية: Objectivity) يعتبر مفهوم الموضوعة سلاحاً هاماً فى إطار النزاع بين أولئك الذين ينظرون إلى علم الاجتماع باعتباره علماً بالفعل أو بالقدرة، وهؤلاء الذين يدعون إلى نموذج آخر من النشاط الفكرى (مثل تحليل النص، أو الفهم التعاطفى المميز للحوار بين الأشخاص، أو السعى الحثيث لتوضيح الذات فى ظل تقاليد التحليل النفسى). وقد يشير مصطلح "موضوعي" (بالإنجليزية: Objective) إلى اتجاه عقلى يعتبر مناسبا للباحث العلمى، غير الملتزم سلفا، وغير المتحيز، والمستعد لتقبل أى نتائج تكشف عنها الشواهد. كما يمكن أن يطبق أيضا على منهج البحث المستخدم، أو ما يسفر عنه من نتائج على نحو ما تدعى بعض نظريات المعرفة الجوهرية. والكثير مما يدرس فى مقررات مناهج المبحث الاجتماعى هو الإجراءات المصممة لحماية المبحث من التحيز فى جمع وتفسير الشواهد: فالعينة العشوائية، واستخدام الضوابط، والاختبار القبلى للاستبيان بصياغات بديلة، وما إليها مصممة جميعا لملحد من التحيز والتأكيد على الموضوعية. ويحق للدراسات التى تجرى في ظل روح الموضوعية العلمية، حيث تكون قد التزمت التزاما صارما باستخدام مثل هذه المناهج، أن تدعى -إدعاء مبررا - أنها موضوعية، بمعنى أنها تمثل بصورة ملائمة موضوع الدراسة و ليس الأمانى المذاتية وتحيزات الباحث.

ويذهب معارضو استخدام المنهج العلمى فى بحوث علم الاجتماع - فى الغالب - إلى أن الموضوعية (فى الاتجاه، أو المنهج، أو نتائج البحث)، هذه الموضوعية تكون مستحيلة التحقيق فى علم الاجتماع أو غير ملائمة للبحث فيه. ويفسرون ذلك بأنه محتوم بسبب السمات الخاصة لعلم الاجتماع (وغيره من العلوم الاجتماعية)، أو أن هذه الموضوعية مرفوضة أصلا (كما فى حالة بعض النقاد النسويين الراديكاليين لما سمى "المركزية الفكرية" Logo-Centrism) كمستوى منشود أو ملائم لأى شكل من أشكال البحث العلمى، بما فى ذلك العلوم الطبيعية.

على أن الموضوعية باعتبارها اتجاها للباحث يمكن أن ترفض لكونها طريقة غير مقبولة للإعلان عن عدم التزامه الأخلاقى والسياسى المسبق فيما يتعلق بالبشر الآخرين. كما يمكن أن ترفض باعتبار ها هدفا لا يمكن بلوغه، بالنظر إلى الالتزام السياسى والاجتماعى الذى لا يمكن لعالم الاجتماع أن يتجنبه. ويمكن رفض الموضوعية المنهجية أستنادا لأسباب مماثلة، بالإضافة إلى أسباب منهجية خاصة أيضا. فمن الممكن على سبيل المثال، القول بأن مجرد التعبير من قبل الباحث بوجود قيم أو أنشطة مشتركة بينه وبين أفراد وحدة بحثه، يمكن أن يفضى إلى نشوء الفهم المطلوب تحققه بين الذوات (جمع ذات). ويمكن رفض الموضوعية فى نتائج البحث الاجتماعى لأسباب أنطولوجية (تتشكل الأفعال والعلاقات الاجتماعية بفضل المعانى المشتركة، وهى ليست قابلة للتحليل الموضوعى؛ إن الحياة الاجتماعية الإنسانية ليست قابلة للتنبؤ أساسا، بالنظر إلى السمات الخاصة لإرادة الفاعل وهكذا) أو بالاستناد إلى الأسس المستمدة من الأشكال المختلفة للشك الإبستمولوجى أو النسبية.

ويشيع رفض الموضوعية (حتى باعتبارها مثلا نموذجيا للتنظيم) فى علم الاجتماع، غير أن هذا الرفض عرضة لعدد من الاعتراضات. وأحد مصادر الصعوبات العملية مؤداه أنه إذا كان أفضل ما يمكن لعلماء الاجتماع أن يفعلوه هو أن يقدمو صياغات مدققة لصور التعصب والتحيز الشخصية لديهم، فلماذا يتعين على أى شخص أن ينصت لهم، دع عنك أن يسهم فى تمويل البحوث الاجتماعية بكميات كبيرة من المال؟.