منطقة تنمية أعمال تجارية

منطقة تنمية الأعمال التجارية أو منطقة وسط المدينة المطورة (بالإنجليزية: Business Improvement Districts أو BIDs) مصطلح يشير إلى استراتيجية تم بمقتضاها تعبئة القطاع الخاص لتمويل عمليات تحسين البيئة فى مناطق وسط المدن. وهي منطقة محددة يُطلب من الشركات بموجبها دفع ضريبة إضافية من أجل تمويل المشاريع داخل حدود المنطقة. تُموَّل هذه المنطقة في المقام الأول غالباً من خلال الجباية والضرائب، ولكنه يمكن أن يعتمد أيضاً على مصادر تمويل أخرى عامة وخاصة. وقد تستخدم أسماء أخرى كمنطقة تنمية الأعمال التجارية، أو منطقة تنشيط الأعمال (BRZ)، أو منطقة تحسين المجتمع (CID)، أو منطقة الخدمات الخاصة (SSA)، أو منطقة التحسين الخاصة. وتمول هذه المناطق عادة الخدمات التي تعتبرها بعض الشركات التجارية غير كافية من قبل الحكومة بعائداتها الضريبية الحالية، مثل تنظيف الشوارع، وتوفير الأمن، وإجراء تحسينات في رأس المال، وبناء المشاة وتحسينات الشوارع. والخدمات التي تقدمها المؤسسات الحكومية هي خدمات مكملة لتلك التي تقدمها البلدية بالفعل. تستمد الإيرادات من تقييم ضريبي لمالكي الممتلكات التجارية، وفي بعض الحالات، أصحاب العقارات السكنية.

ومع حلول عام 1997 كان قد تم تطوير ما يزيد على ألف منطقة فى كل من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا (منها 31 منطقة فى نيويورك وحدها).

وتختلف عمليات تطوير مراكز المدن فيما يينها اختلافا شاسعا من حيث الموارد والبرامج، ولكن أكثر هذه البرامج تموبلا (والتى بلغت 9.3 مليون دولار فى نيويورك، 6.4 مليون دولار فى فيلادلفيا، 1.75 مليون دولار فى بالتيمور، 1.4 مليون دولار فى كل من بافالو وسياتل) تؤكد أن النسبة الكبيرة من تلك الأموال قد تم إنفاقها على تطوير هذا النموذج الخاص بالتجديد المحضرى. ويرى أنصار هذا المشروع أنه يجب الحكم عليه فى ضوء ما حققه من نتائج، والتى تتمثل فى خلق مناطق حضرية أكثر أمنا ونظافة وجمالا، وكذلك انخفاض عدد الجرائم، وإعادة تنشيط وإنعاش الحياة الاقتصادية فى المناطق المحرومة. أما المتشككون فيشيرون إلى ارتفاع قيمة المملتكات ويرون أن مناطق وسط المدينة المطورة قد تتحول فى النهاية إلى مجرد عملية تجديد وتحديث قلب المدينة على نحو لا يؤدى إلا إلى مزيد من تدهور حال الفقراء داخل المدينة، ومزيد من صعوبة ظروف معيشتهم.

التنمية

وطُبق ذلك لأول مرة في منطقة تحسين أعمال قرية بلور وست، التي تأسست في تورونتو في عام 1970 بمبادرة من الشركات الخاصة المحلية. كان أول منطقة في الولايات المتحدة الأمريكية هي منطقة وسط المدينة في نيو أورليانز، التي تأسست في عام 1974. ويوجد الآن 1200 بلداً في جميع أنحاء الدولة، بلدان أخرى تضم أستراليا، ونيوزيلندا، وجامايكا، وجنوب أفريقيا، وصربيا، وألبانيا، وألمانيا، وأيرلندا، وسنغافورة، وهولندا، والمملكة المتحدة.

وتختلف عملية إنشاء مناطق تنمية الأعمال التجارية من دولة إلى أخرى. وفي الولايات المتحدة، فإن الأمر ينطوي عمومًا على ثلاث خطوات. أولاً، يطالب عدد من الشركات في المنطقة الحكومة المحلية باقامة مبادرة منطقة لتحسين الأعمال التجارية. وثانيا، تقرر الحكومة المحلية أن أغلبية الشركات ترغب في ذلك. وثالثا، تصدر الحكومة المحلية تشريعات لإنشاء المنطقة. وقبل حدوث ذلك، يتعين على الهيئات التشريعية في الولايات أن تمنح الوحدات المحلية سلطة إنشاء هذه المناطق.

تتراوح ميزانيات تشغيل مناطق التحسين التجاري بين بضعة آلاف من الدولارات إلى عشرات الملايين من الدولارات.

التوزيع

الولايات المتحدة

هناك ما يقرب من 1000 منطقة تحسين تجاري في الولايات المتحدة. فمدينة نيويورك مثلًا، فيها 74 منطقة، وهي الأكثر في كل المدن؛ وتستثمر مناطق التحسين التجاري فيها حوالي 134 مليون دولار سنوياً في الأحياء السكنية. ويوجد مناطق تحسين تجاري تقريبًا في أكبر 50 مدينة في الولايات المتحدة، تتضمن لوس أنجلوس، وشيكاغو، وهيوستن، وفيلادلفيا، وأتلانتا، وسان فرانسيسكو، وسياتل، وواشنطن.

فمنذ اندلاع حوادث الشغب فى بعض مدن الولايات المتحدة خلال الستينيات، احتشدت الشركات التجارية الكبرى لدعم ما أطلق عليه "التحالف أو الاتتلاف القومى الحضرى"، وبدأت دعم مبادرات لتحسين الأحياء، حيث قامت هذه الشركات باستثمارات قى مشروعات التنمية فى المدن التى تقع فيها مكاتبها أو مؤسساتها. من هذا - على سبيل المثال - تدخل شركة فورد لصناعة السيارات بثقلها فى عمليات تجديد وسط مدينة ديترويت. و على أية حال، فمع حلول عام 1980 أصبح من الواضح أن هذا الجهد التطوعى كان غير موفق، وجاء أحياناً بنتائج جائرة، ولم يكن كافياً أو كفيلاً بوقغ التدهور داخل المدن، وافتقاد الثقة فى مراكزها. وقد جاء برنامج تطوير مراكز المدن، أو مناطق وسط المدن المطورة كمحاولة لتعديل هذا المسار، حيث اقترع أصحاب الممتلكات فى تلك المناطق فى محاولة لضمان اتفاقهم على تخصيص حصيلة ضريبة إجبارية (تراوحت قيمتها حول 5%) توجه لتحسين البيئة الحضرية (تجديد المرافق العامة وتركيب كاميرات أمن وغيرها). ويتم تحصيل الضرائب بواسطة السلطات المحلية، ثم يتم تسليمها إلى مجلس إدارة يتكون من أفراد من القطاع الخاص، حيث يقوم بإنفاق هذه الأموال على مشروعات التجديد الحضرى. وقد بدأت المبادرة بتتفيذ الفكرة لأول مرة فى تنمية مجمع نيكوليت التجارى فى مدينة منيا بوليس Minneapolis في عام 1970.

وقد قيدت معظم مشروعات مناطق وسط المدينة المطورة بمدى زمنى لا يتجاوز الخمس سنوات، مما يعنى أن أى انجازات إيجابية كان لابد من تحقيقها - فى الغالب - بسرعة، خاصة تلك الإنجازات المرتبطة بالمشكلات التى يهتم بها مجتمع رجال الأعمال، وقد اعتنت هذه المشروعات بالتحديد بتطوير "شوارع نظيفة جميلة وآمنة" (وأنفق ما يقرب من 80% من الأموال على هذا البند)، وجاء بعدها فى الأهمية التركيز على شغل قطع الأراضى الفضاء أو المهجورة، وتحسين حركة المرور، ثم أخيراً تجميل البيئة الفيزيقية. كما عالجت بعض هذه المشروعات مشكلات اجتماعية مثل التسول والتشرد، وحاولت العديد منها ترقية مناطق معينة من خلال تتظيم المهرجانات والأنشطة الثقافية فيها.

وعلى الرغم من أن النتائج فى الولايات المتحدة حتى الآن جاءت مثيرة للتعاطف والإعجاب، إلا أن هذا الشكل من الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص كان من الصعب تصديره كفكرة، إلى دول أخرى، بل إن المبادرات الكندية المشابهة واجهت مشكلات حينما توقف دعمها الحكومى. وفى بريطانيا تمت مناقشة ودراسة البدائل الممكنة لتطبيق تلك الاستراتيجية بواسطة دوائر صنع السياسات فى بريطانيا، مع الاستناد إلى نفس الفكرة الأساسية الخاصة بالشراكة بين القطاع الخاص، والسلطة المحلية، وبعض المنظمات الأخرى التابعة للقطاع العام (التى يمكن تعبئتها)، وبحيث تهتم جميعا بتجميل أو تطوير وسط الممدينة تجاريا، اعتمادا على مساهمات مالية كبيرة ومستمرة من القطاع الخاص (وإن كانت قد طرحت بعض البدائل لتدبير التمويل، كان إجراء فرض ضرائب خصيصاً لهذا الغرض مجرد بديل واحد من بينها).

كندا

في كندا، تورونتو لديها 81 من مناطق التحسين التجاري في حدود مدينة مونتريال، وتضم مدينة وينيبيغ 16 منطقة تأسست أولها عام 1987 مع تعديل قانون مدينة وينيبيغ. وفي مقاطعة ألبرتا، يطلق عليها «مناطق تنشيط الأعمال».

هناك تسع مناطق في مدينة كالغاري وعشرة في إدمونتون. ويوجد في منطقة ريجينا، ساسكاتشوان منطقتين لتحسين الأعمال.

إنجلترا وويلز

وفي إنجلترا وويلز، أدخلت هذه المناطق عن طريق التشريع (قانون الحكم المحلي لعام 2003) واللوائح اللاحقة في عام 2004. مبادرة الدائرة، وهي خطة مدتها خمس سنوات تمولها وكالة التنمية في لندن، وأنشأت أول نظام تجريبي لمناطق التحسين التجاري تضمن خمس مناطق في لندن، وقد حققت جميعها نتائج ناجحة بحلول 20 آذار/مارس 2006.

اسكتلندا

مناطق تنمية الأعمال التجارية في اسكتلندا: هي المنظمة الوطنية وصوت لصالح مناطق تنمية الأعمال في اسكتلندا. وتتولى مسؤولية تنفيذ برنامج الحكومات الاسكتلندية لهذه المناطق في جميع أنحاء اسكتلندا، وتقديم الدعم المركزي لتطويرها، وتعزيز وتشجيع تطويرها في جميع أنحاء البلد، والعمل في الوقت نفسه مع الجهات التنفيذية العالمية المعنية بها لمساعدتها على تقديم الخدمات لمجتمعاتها المحلية والمساهمة في تحقيق النمو الاقتصادي الشامل المستدام.

انظر أيضاً