معتمدية زرمدين
معتمدية زرمدين إحدى معتمديات الجمهورية التونسية، تابعة لولاية المنستير.
انظر أيضا
مواضيع ذات علاقة
|
إني بنيْتُ في سنة 1970 داري بالمنَيُّرات بهيبون في ولاية المهدية ومن جرّاء الآثار التي وجدتُها فيها لاحظتُ أن المنطقة كانت منذ زمن بعيد مكتضة بالسكان وكانت فيها حضارة راقية جدا في كل العصور* فمن ذلك أنه قبل عشرة آلاف سنة كان السكان يُجيدون صناعة البلور انطلاقا من الرمال النقية التي تملآ المنطقة علما بأن حسب استنتاج المنظمة العالمية للبلور فإن تاريخ اكتشاف البلور يرجع إلى سبعة آلاف سنة فقط حسب دراسات المنظمة العالمية للبلّور في هولندى.
والمعلوم أنّ البلور لا يتميع إلا بحرارة تفوق 1500 درجة مائوية ولذلك ينبغي لسكان هيبون أن يكونوا استطاعوا على أن يحققوا هاته الحرارة بوسيلة أخرى سوى نار الخشب المعروفة حرارتها والتي لا تبلغ هذه القيمة. فقيل لي ان في زرمدين توجد مقاطع خشب حجري (lignite) وهذا ليس بعجيب إذ أنّ زرمدين معناها مدينة الزّرّ والزّرّ هو الزيتون ومن ذلك الزراد أو غربال الزرد وهو غربال الزيتون وزرزور وهو عصفور الزيتون... وهو دلالة على أنه كانت في زرمدين غابة كثيفة من الزيتون فتراكمت بقاياها في المستنقعات وغاصت تحت الماء والطين الموجود هناك بكثرة ففي محيط بدون هواء تتحول فعلا إلى فحم.
وكان هيبوني ما قبل التاريخ يسافر قدما إلى زرمدين حاملا على ظهره جلد معز مملوءا سمكا اصطاده في الفجر ويشق مسافة 28 كيلومترا غرب هيبون في خمس ساعات تقريبا فيصل قبل الظهر إلى زرمدين ويبدل سمكه بالخشب الحجري الذي يرجع به بعد راحة صغيرة رأسا إلى هيبون ليصل إليها قبل غروب الشمس مخافة من الأخطار في ذلك الوقت وخاصة من النمر ذي الأنياب السيفية...
فمنذ عشرين سنة جدّدتُ نفس السفر لكن على سيارتي وفحصت المنطقة طيلة يوم وليلة نمت خلالها في سيارتي في وادي الشبّ وتثبتُّ من وجود الخشب الحجري وعثرت على آثار عديدة أهمها كوخ من الطين مهدم
على وادي الشب لا يهتم بوجوده أحد سوى أنّ أرضه مسطحة وتحت صنتيمتريْن أو ثلاثة من الطين وجدت آثار بيت كان يسكنه صياد كبير وعثرت على مجموعة من رؤوس الرمح والحربة وهي :
1– رأس حربة كبير طوله 37 صنتمترا لم أر مثيله في الدنيا لا حجما ولا تقنية مصنوعة من الطين الراسب وهي صلبة كالحديد وقاطعة كالبلور توضع على راس عود طوله خمس أمتارا تقريبا وغلظته 20 صنتيمترا يحمله ثلاثة أو اربعة رجال لصيد الفيل الوحشي (mammouth) والمعلوم أن هذا الحيوان انقرض منذ أكثر من 20000 سنة أي أن هذا الكوخ عمره أكثر من عشرين ألف سنة...
2 – راس حربة آخر أقل حجما طوله 16 صم بنفس التكوين ونفس الغرض...
3 – راس حربة مثيل الأول طوله 15 صم لكن مصنوع من الكلسيت (calcite)
4 – رأس حربة صغير من الكلسيت طوله 5,5 صم
5 – رأس حربة أو سهم طوله 3,5 صم من الصوانة لصيد الحيوانات العادية.
والملاحظ أنّ كل الرؤوس لها نفس الشكل أي مذببة من الأمام ولكن لمسكها على العود توجد انعراجات على الجانبين ليستا متشابهتيْن وهذا ما تختصّ به صناعة الرؤوس في زرمدين آنذاك...
والجدير بالذكر أن كل منطقة الساحل التونسي كان مكتظا بالسكان منذ غابر التاريخ وزرمدين وهيبون ورجيش وغيرها تعتبر أقطاب الحضارة عبر التاريخ عاش فيها منذ ملايين السنين الإنسان ما قبل آدم عليه السلام والذي أشارت إليه الملائكة في قول الله تعالى : "و إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها يسفك الدماء..."
ولكن الغرب يفرض علينا فكرة أنه هو الذي أتانا بالحضارة منذ استعمارنا من روما التي يدّعون استحقاقها للمنطقة مطالبة هاته الأرض عند استعمار النرمان لها في الساحل التونسي طيلة 74 سنة زمن الحروب الصليبية تماما مثل استعمار الصهاينة لفلسطين اليوم فمن النرمان شمال فرنسا وسعوا صفة المستعمِر إلى كل فرنسا والمنطقة المستعمَرة إلى كل شمال أفريقيا من شرقه إلى غربه فاستعمرونا طيلة 75 سنة في القرن الماضي بعد حروب نابليون باسم " الحرية والعدالة والأخوة " وتحت شعار يدرّسونه لنا"les gaulois nos ancêtres" وفي القرن الحديث يلوح في الأفق من الغرب استعمار جديد فمن فرنسا اتسع المستعمِر إلى كل الحلف الأطلسي ووسع المنطقة المستعمَرَة من شرق آسيا إلى غرب أفريقيا ستمحيه حضارتنا المتجذرة هنا ملايين السنين منذ أن تتذكر الملائكة بسكانها وهي الصادقة وتلك هي آثارنا تدل علينا وتدل على أنهم يكذبون وعلى أن دعواهم باطلة وكل ما يبنى على الباطل فهو باطل ولا يقوم الوجود إلا على الحق "وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا" وإنّ البلوّر صُنِع بهيبون بفضل فحم حجر زرمدين منذ أكثر من عشرة آلاف سنة بينما أقدَمُ بلّور صنعه الغرب لا يتجاوز سبع آلاف سنة بمقتضى ما كتبته مجلة الجمعية العالمية للبلور في هولنده. وإن زرمدين العصر الحجري الذي نعرفه اليوم يمتدّ ّإلى عشرات آلاف السنين على الأقلّ... وقد جهّزت منذ سنتين موقعًا له في الأنترنات التي هي من مشمولات مؤتمر القمة العالمية حول مجتمع المعلومات بتونس 2005: