مصلحون شيعة
السيد مصطفى الحسيني الطباطبائي
المعاصر مجتهدٌ محققٌ مجدِّدٌ من أهالي طهران ومن المهتمِّين منذ فترة طويلة بالدراسات القرآنية ويُعدُّ من أبرز الداعين إلى العودة إلى القرآن الكريم وتحكيمه في حياة المسلمين وعقائدهم وأفكارهم بعد أن ابتعدوا عنه -في نظره- وانشغلوا بالأخبار والروايات والفلسفة والتصوف.
درس العلم الشرعي منذ صغره على علماء عصره في طهران حتى بلغ درجة الاجتهاد ثم تعمق في أبحاثه حتى خرج بآراء تجديدية جذرية رأى فيها وجوب إعادة النظر في عدد من العقائد والممارسات المستقرة للشيعة الإمامية كالنص على الأئمة والقول بعصمتهم أو الغيبة والرجعة أو تعظيم القبور ولطم الصدور، فرأى عدم صحة كل ذلك وبدعيته، ورأى أن الأئمة من آل الرسول ليسوا سوى علماء أبرار مجتهدون يخطئون ويصيبون مثلهم في ذلك مثل سائر أئمة الفقه للمسلمين، من هنا نحى في الفقه الإسلامي منحى قرآني غير مذهبي انفتح من خلاله على جميع أئمة المذاهب الإسلامية، فأخذ ما أيده الدليل، سواء كان عن جعفر الصادق أو عن أحمد بن حنبل أو غيرهما رحمهما الله، وكان من أبرز الدعاة إلى الوحدة الإسلامية الكاملة.
ألف مصطفى الطباطبائي عدداً كبيراً من الكتب المفيدة والممتازة (بالفارسية) في موضوعات مختلفة، ولا زال يفيد المسلمين بمؤلفاته القيمة حتى اليوم. وهو يقيم صلاة الجمعة في أصحابه بدارته في طهران، ولا يزال يتعرض للتضييق من مسؤولي الحكم بسبب أفكاره الإصلاحية.
حيدر علي بن إسماعيل قلمداران
ولد في قرية "ديزيجان" من أعمال مدينة قـم في إيران سنة 1913م، وبدأ دراسته بتعلم القرآن الكريم في كتَّاب القرية، وكان كثير الشغف بالقراءة والبحث ومطالعة الكتب الإسلامية منذ صغره، وما لبث -وهو في ريعان الشباب- أن قرض الشعر وأصبح كاتباً في عدد من المجلات التي كانت تصدر في عصره في قم وطهران، وعمل في سلك التدريس في مدارس مدينة قم، وكان يسخِّر قلمه لكتابة المقالات الإسلامية التي يدافع فيها عن تعاليم الدين الحنيف، ويردّ على مخالفي الإسلام، ويدعو لإصلاح الأوضاع وإيقاظ همم المسلمين.
تأثّر المؤلف كثيراً بالمرجع الشيعي المصلح آيـة اللـه الشيـخ محمد مهدي الخالصي () وقام بترجمة أغلب كتبه إلى الفارسية، لكنه تجاوز شيخه الخالصي بخطوات أكثر انفتاحاً وخرج عن إجماع الإماميّة في بعض المسائل كنفيه وجوب أداء خمس المكاسب والأرباح، وقوله بأن الأئمة الاثني عشر ليس منصوصاً عليهم من قبل الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، بل هم علماء ربانيون وفقهاء مجتهدون فحسب، وأفضل أهل عصرهم وأولاهم بالاتباع، وألف في هذا الموضوع كتابه الشهير «طريق الاتحاد» وقد تعرض بعد نشره إلى محاولة اغتيال فاشلة من بعض المتعصبين الغلاة.
كما قال قلمداران بأنه لا ثبوت لإمامٍ غائبٍ مستترٍ إلى الآن ولا رجعة ولا عصمة مطلقة لأحد إلا عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تبليغ رسالات ربه، ورأى كذلك من خلال دراسته لتاريخ زيارة القبور في الإسلام، عدم صحة نصب القباب وإقامة الأضرحة على قبور الصالحين سواء من أئمة آل البيت أو أولادهم وجعلها مزارات يحج لها الناس ويطوفون بها داعين مستغيثين ورأى ذلك من مظاهر الشرك في العبادة، وألف في ذلك كتابه «بحث حول زيارة المزارات». توفي الأستاذ قلمداران عام (1989م)، بعد عمر قضاه في الدعوة إلى التوحيد والإصلاح ف وغفر له.
آية الله السيد أبوالفضل بن الرضا البرقعي
هو العالم المجتهد الناصح القُمّيّ مولداً ثم الطهراني، يرجع نسبه إلى السيد أحمد بن موسى المبرقع ابن الإمام محمد التقى (الجواد) ابن الإمام على بن موسى الرضا سلام الله عليهم، الذي حلَّ في قم قبل ثلاثين جيلاً من ولادة السيد البرقعي، وله فيها قبر معروف.
ولد «أبو الفضل البرقعي» في مدينة قم بإيران سنة 1329 أو 1330هـ (حوالي 1908م)، وبعد تعلُّمه الكتابة والقرآن في الكَتَّاب بدأ طلب العلم الشرعيّ وعمره اثنتا عشرة سنة في المدرسة الرضوية إحدى مدارس الحوزة العلمية في قم, وترقى في المراتب العلمية فكان من أشهر أساتذته في قم آية الله الشيخ عبد الكريم الحائرى اليزدى وآية الله العظمى حُجَّتْ كُوه كمره أي, وقد أُجيز من كليهما، ثم رحل كعادة الطلاب إلى النجف الأشرف لإكمال دراسته العلميّة العليا فيها وتتلمذ على أيدي أكابر علمائها حينذاك لا سيما الشيخ عبد النبي النجفي العراقي وآية الله السيد أبو الحسن الأصفهانى فحصل على إجازات الاجتهاد منهما ومن عدد من الآيات الآخرين مثل آية الله أبو القاسم الكاشاني وآغا برزگ الطهراني وغيرهم.
كان السيد «البرقعي» إماماً وخطيباً في مسجد «وزير دفتر» جنوب طهران.
بدأ العلامة «أبو الفضل البرقعي» بتأليف الكتب الإسلامية الدعوية منذ وقت مبكر وكان من أهم كتبه «عقل ودين» [أي العقل والدين] وكتاب «حقيقة العرفان» [أي حقيقة التصوُّف] و«فهرست عقايد شيخية وتضاد آن با إسلام» [أي فهرس عقائد الشيخيَّة ومخالفتها للإسلام]، و«تراجم الرجال» (عشرة مجلدات) و«تراجم النساء» (مجلدين)، وغيرها من الكتب والرسائل الإسلامية ضمن إطار المذهب الشيعي الإمامي الاثني عشري.
بدأ في أواخر الأربعينيات من عمره بالتحول شيئاً فشيئاً عن بعض العقائد المذهبية الأساسية للمذهب الإمامي الاثني عشري. إذ نفى النص على الإمام عليٍّ وسائر الأئمة الاثني عشر ونفى عصمتهم ورجعتهم ونفى وجود الإمام الثاني عشر أي المهدي المنتظر وغيبته، وقال بعدم حِلِّيَّة نكاح المتعة، وأفتى بحرمة أخذ الخمس من غير الغنائم الحربية.
عبد الوهاب فريد التنكابني
يعتبر الشيخ أحد العلماء المصلحين المجدِّدين الذي ظهروا في أوائل القرن الميلادي الماضي (القرن الهجري الرابع عشر) بين الشيعة الإمامية في إيران ودعوا إلى النقد الذاتي وإعادة النظر في العقائد والممارسات الشيعية الموروثة، ونبذ البدع الطارئة والخرافات الدخيلة، وإصلاح مذهب العترة النبوية بإزالة ما تراكم فوق وجهه الناصع منذ العصور القديمة من طبقات كثيفة من غبار العقائد الغالية والأعمال الشركية والبدعية، والأحاديث الخرافية والآثار والكتب الموضوعة، والعودة إلى منابع الإسلام الأصيلة: القرآن الكريم وما وافقه من الصحيح المقطوع به من السنة المحمدية الشريفة وما أيَّدهما من صحيح هدي أئمّة العترة الطاهرة وسيرتهم. وكان إرهاصة هذا الخط التجديدي الإصلاحي وصاحب السبق فيه «آية الله الشيخ محمد حسن شريعت سنغلجي» صاحب الكتب الإصلاحية العديدة ثم تلميذه: الشيخ «عبد الوهاب فريد تنكابني» مؤلف كتاب «الإسلام والرجعة»، الذي ردَّ فيه عقيدة «الرَّجْعَة» وأسَّسَ من خلال رده لهذه العقيدة المغالية لمنهج نقدي شامل للتراث الحديثي الشيعي وما ابتنى عليه من عقائد باطلة.
م. عبد اللهي
هو من الشيعة المستبصرين للحق المنادين بتصحيح العقائد الذين يطلق عليهم البعض اسم «القرآنيين الشيعة» ومن رفقاء الأستاذ قلمداران وآية الله البرقعي والسيد الطباطبائي، المنتمين إلى مدرستهم الإصلاحية الداعية إلى إعادة النظر في بعض العقائد الشيعية الإمامية الموروثة - قام بدراسة مركَّزة لمستندات ووثائق ولادة هذا المهدي المنتظر في كتب الشيعة الإمامية، فوجد أن هذه العقيدة الهامة جداً في الفكر الإمامي والتي كان من المفترض أن تكون أدلتها قوية وقاطعة بما يتناسب مع حجم أهميتها، لا تستند إلا إلى أخبار وقصص متناقضة ومتضاربة يكذِّبُ بعضها بعضهاً، وإلى تأويلات لبعض الآيات القرآنية بادعاء أنها تتكلم عن المهدي المنتظر رغم أنه ليس في ألفاظها أي دلالة صريحة على ذلك. ولاحظ المؤلِّف أن فكرة المهدي الغائب المنتظر كانت قديمة لدى فرق الشيعة، ثم بعد وفاة الإمام الحادي عشر أي الإمام الحسن العسكري، انقسم شيعته إلى فرق عديدة معظمها كان يؤكد أنه لم يخلف أي ولد. وبالتالي رأى المؤلف أن هذه العقيدة الشيعية رغم شهرتها البالغة لا تستند إلى أساس محكم ودليل موثوق، بل هي عقيدة مصطنعة.
حجت الله نيكوئي
أستاذ فاضل معاصر من أهل مدينة «قم» في وسط إيران، كان للأستاذ «نيكوئي» اهتمام كبير بمطالعة الكتب الدينية والبحث عن حقائق الدين في بطون الكتب القديمة والحديثة، وقد أفاده وجوده في مدينة «قم» وعمله مترجماً في (منظمة التبليغ الإسلامية)، في الاطلاع على مختلف العقائد والأفكار والجدل الكلامي الشيعي وما يسوقه كبار المتكلمين والفلاسفة والعلماء الشيعة المعاصرين من أدلة على صحة عقائد الإمامية، ودفاع عن المذهب، وكان كثير التردد على آية الله الشيخ نعمت الله صالحي نجف آبادي (صاحب الكتاب المعروف والمثير للجدل "شهيد جاويد" أي "الشهيد الخالد")، ويبدو أنه أخذ عنه حرية الفكر ومنحى التحقيق والنقد للأفكار الدينية الشائعة والمشهورة التي يتبين عند التمحيص أنها رغم شهرتها طارئة وغير أصيلة ولا أساس لها من الصحة. كما يظهر من كتابه أنه اطلع فيما اطلع على كتاب الدكتور الإيراني المعاصر «عبد الكريم سروش» المسمى: «قبض وبسط تئوريك شريعت، نظريهي تكامل معرفت ديني» (أي القبض والبسط النظريان للشريعة، نظرية تكامل المعرفة الدينية) وتأثر به، كما اطلع أيضاً على كتب الأستاذ «حيدر علي قلمداران» التي نقد فيها عدداً من الممارسات والعقائد الرائجة بين الشيعة الإمامية لا سيما كتابه الشهير «طريق الاتحاد أو دراسة وتمحيص روايات النص على الأئمة».
في الثلاثينيات من عمره ألف الأستاذ «حجت الله نيكوئي» بالفارسية كتابه الحالي «تئوري امامت در ترازوي نقد» أي «نظرية الإمامة في ميزان النقد» الذي أحدث ضجَّة كبيرة لما تمتع به من جرأة وقوة حجة ونصاعة برهان وصراحة لهجة في نقد نظرية الإمامة لدى الشيعة الاثنى عشرية داعياً إلى إعادة نظر جذرية فيها، مما أقام عليه علماء «قم» ولم يقعدهم حيث رد عليه عدد من آيات قم الكبار، لكن المؤلف أدرج ردودهم وأجاب عليها مبيِّناً ضعفها وتـناقضها وعدم استقامتها.
بعد نشره لهذا الكتاب تعرض الأستاذ «نيكوئي» لضغوطات عديدة، أشار إليها إشارة مقتضبة في مقدمته، حيث تم طرده من وظيفته في «منظمة التبليغ الإسلامية»، ودُعِيَ - أو دعا هو- إلى المناظرة بشأن كتابه وما طرحه فيه من أفكار، فعُقِدت عدة مناظرات حضورية بينه وبين الأستاذ الشيخ «علي شيرواني» الذي يُعد من خواص تلاميذ آية الله «محمد تقي مصباح يزيدي» (أحد أكبر علماء ومتكلمي الحوزة العلمية الدينية في قم، وصاحب عشرات الكتب في الدفاع عن الإسلام والتشيع). وقد وعد «علي شيرواني» أن يجيب على كتاب «نيكوئي» هذا لكنه لم يفعل حتى اليوم!
كما وقعت بينه وبين الأستاذ الشيخ: «حسن رحيم پور اصغري» مباحثات ومناظرات غير مباشرة، لم تفضِ إلى نتيجة. وفي النهاية أجبر بعد التوقيف وتحت الضغط أن يكتب تعهداً يعلن فيه تراجعه عما كتبه في كتابه وأنه لن يعود إلى نشره من جديد، بحجة أنه لم يكن مطلعاً بشكل كاف على كتب الشيعة ودلائلهم!!
السيد أسد الله مير إسلامي الخارقاني الموسوي
من علماء القرن الثالث عشر الهجري (التاسع عشر الميلادي) الأفذاذ والربانيين في إيران وأحد أوائل المنادين بالتصحيح والتجديد والاعتدال ومن أبكر من طرح إعادة النظر في عدد من العقائد الشيعية الإمامية الموروثة الخاطئة، وأحد المجاهدين الأعلام في سبيل إعادة مجد الإسلام وعظمة المسلمين وسؤددهم. وقد كان كتابه الحالي «محو الموهوم وصحو المعلوم» من أهم وآخر كتبه التي تركت تأثيراً كبيراً في أفكار العلماء الإصلاحيين ودعاة التصحيح والتجديد من بعده.
ولد السيد «أسد الله مير إسلامي الخرقاني» في الرابع من ذي الحجة عام 1254هـ (الموافق 1839م) في قرية «شيزند» جنوب «قزوين» الواقعة شمال غرب إيران، ويعود في أصله إلى قرية «خرقان» شمال مدينة «قزوين»، كما يعود في نسبه الشريف إلى السادات من آل مير سلام، إذْ كان أبوه السيد زين العابدين ابن السيد إسماعيل ابن السيد حسن خان من سلسلة السادات المعروفين من أهل «مراغه» التابعة لمدينة تبريز، وكان جده الأكبر المعروف بـ «مير سلام» من المقربين لسلاطين الصفوية. ابتدأ المرحوم خرقاني بدراسة مقدمات اللغة العربية والنحو والصرف في قريته وانتقل في سن الخامسة عشرة إلى مدينة «قزوين» لمواصلة دراساته الدينية فيها، وبعد أن تعلم الفقه وأصوله على أيدي علمائها انتقل حوالي عام 1275 أو 1276هـ (1859م) إلى طهران وتعلم الفلسفة على يد المرحوم «ميرزا جلوه»، وفي أثناء ذلك درس أيضاً العلوم العصرية وتعلَّم اللغة الفرنسية التي كانت لغة الثقافة الغربيّة العصرية في زمنه، وفي عام 1284هـ (1867م) هاجر مع أسرته وعائلته إلى النجف الأشرف واشتغل بتحصيل العلوم الدينية هناك مدة 25 عاماً نال خلالها درجة الاجتهاد ثم عاد إلى طهران وابتدأ بالتدريس والتأليف. دخل «خرقاني» مدةً معترك الجهاد السياسي الإسلامي والاجتماعي في بلاده (إيران) حيث كان من رجال ومناضلي الحركة الدستورية(2) وقد تعرض إبان كفاحه إلى الاعتقال والنفي إذْ نُفي إلى مدينة «رشت» ثم إلى «فومنات» وبعد النفي الأخير عاد إلى طهران وقرَّر أن ينصرف بكليته إلى البحث والتأليف وتدريس القرآن، فلم تعد له خلطةٌ سوى ببعض العلماء الفضلاء ومجموعة من طلاب القرآن الذين كانوا يتلقَّون علوم القرآن الكريم على يديه. ترك «أسد الله خرقاني» كتباً وآثاراً قيمةً عديدة طُبع بعضها أثناء حياته وبعضها الآخر بعد وفاته
شريعت سنگلجي
ولد الشيخ في مدينة طهران عاصمة إيران عام 1890م في بيت علم ودين، فقد كان والده الحاج الشيخ «حسن شريعت» وجدّه الحاج «رضا قلي» كلاهما من علماء الدين وفقهاء الشرع المعروفين في عصرهم؛ فدرس «شريعت سنگلجي» منذ نعومة أظفاره مقدّمات العلوم الشرعية، ثم بدأ بتحصيل علوم الفقه على يد الحاج الشيخ عبد النبي المجتهد النوري (1344هـ)، ودرس الفلسفة على يد الشيخ الميرزا حسن الكرمانشاهي (1334هـ) وأخذ علوم الباطن والعرفان (أي الفلسفة الصوفية) على يد الشيخ الميرزا هاشم الإشكوري (1332هـ)، كما تتلمذ على الشيخ علي النوري والشيخ الشهيد الشهير فضل الله النوري (1330هـ
علي أكبر حكمي زاده
كان والده حجة الإسلام والمسلمين الشيخ مهدي قُمِّي پايين شهري، أحد أبرز علماء مدينة «قم» في وقته، إلى درجة أنه كان هو الذي استقبل واستضاف المرجع الكبير آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري حين انتقل من أراك ليستقر في قم ويؤسس فيها الحوزة العلمية (أي مركز الدراسات الدينية) عام 1340 هـ. ق.، كما كان الشيخ مهدي قُمِّي پايين شهري صهراً لآية الله أبي الحسن الطالقاني والد مرجع التقليد الإيراني المناضل الشهير آية الله السيد محمود طالقاني، مما يعني أن «حكمي زاده» كان ابن أخت المرجع المجاهد آية الله طالقاني.
نشأ «علي أكبر حكمي زاده» في هذا الجو العلمي الديني في قم فبدأ حياته طالباً للعلوم الشرعية وقطع في دراستها شوطاً جيِّداً حتى كتب حاشيةً على كتاب «الكفاية في أصول الفقه» للآخوند الخراساني، الذي يُعَدّ آخر كتاب أصوليٍّ يُدَرَّس في مرحلة السطح. وبهذا صار «حكمي زاده» في سلك علماء الدين الشيعة التقليديين، ولبس العمَّة ولباس علماء الدين التقليدي، بل أصبح من قرَّاء المراثي في منابر مجالس العزاء الحسيني ومآتم آل البيت، وقد ذكر المؤرخ «رسول جعفريان» عنه أنه كان من خطباء المنابر المُفَوَّهين وقُرَّاء المراثي الجيِّدين. يظهر أن «علي أكبر حكمي زاده» كان منذ بدايات تعلمه ذا نفسية ناقدة ثائرة على ما حولها، وقد تأثر بفكر العلماني الملحد «أحمد كسروي» وبدأ يتحول شيئاً فشيئاً عن اتجاهه الديني التقليدي نحو اتجاه عقلاني عصـراني رغم أنه لم يصل إلى حد الإلحاد وإنكار أساس الدين بل بقي يظهر إيمانه بأساس الإسلام، لكنه أخذ ينتقد معظم العقائد والأعمال الشيعية الرائجة في بلاده باسم الدين، ويدافع عن سياسات الملك «رضا خان» التغريبية. وخلع «حكمي زاده» عن نفسه لباس المشيخة ثم ألف كُتَيِّبَه أو رسالته التي اشتهر بها أعني رسالة «أسرار ألف عام» ونشرها كملحق في مجلة «پرچم» عام 1322 هجرية شمسية، (الموافق لعام 1363 هـ. ق. أو 1944م) وهاجم فيها، بنقد لاذع وساخر، كثيراً من العقائد والأعمال الرائجة بين الشيعة الإمامية في بلاده، ورفض فكرة صلاحية الشرع لكل زمان ومكان، وإمكانية تطبيق الشريعة الإسلامية بالوضع التي هي عليه في المجتمع، ودعا إلى اتباع قانون العقل وقانون الطبيعة، والتأقلم مع العصر الحديث. وأحدث برسالته هذه هزة في الأوساط الدينية، حَدَتْ باثنين من أكابر مجتهدي الشيعة الأعلام في عصره لكتابة ردٍّ عليه، هما آية الله الخالصي، وآية الله الخميني. أدركته الوفاة في طهران سنة 1407 هـ. ق. أي 1987م.
مراجع
رسول جعفريان في كتابه «جريانها وسازمانهاي سياسي إيران» (أي التيارات والمنظمات السياسية في إيران), طهران، نشر مؤرخ، ط 8، 1386 هجرية شمسية (2007م)، الفصل الثامن: التيارات المطالبة بإعادة النظر في عقائد الشيعة، ص 816- 822.
حيدر حب الله، «نظرية السنة في الفكر الإمامي الشيعي، التَكَوُّن والصيرورة»، بيروت: مؤسسة الانتشار العربي، 2006م، ص 612 فما بعد.
وصلات خارجیة
alsrdaab.com
josortwasul.com