مستشفى جمعية المقاصد الخيرية

في الأول من حزيران عام 1968 افتتح مستشفى جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في مدينة القدس المحتلة، وبالتحديد على جبل الزيتون، وكانت الغاية منه استقبال الحالات المرضية الصعبة من الضفة وقطاع غزة بعيد الاحتلال الإسرائيلي، وبأسعار رمزية.

مستشفى خيري

ومنذ ذلك الحين استطاع المستشفى "الخيري" أن يقدم الخدمة الطبية عالية الجودة رغم إمكانياته المحدودة آنذاك، حيث لم تتجاوز عدد الأسرة الستين، وعلى مدار أكثر من 40 عاما تمكن المستشفى أن يقدم خدماته الطبية كونه المستشفى التحويلي الرئيسي في فلسطين ,حيث تحول إليه مختلف الحالات الصعبة والمعقدة، لاسيما انه المستشفى الوحيد الذي يضم بين جنباته أكثر من 60 سريرا للعناية المكثفة لمختلف الأعمار والتخصصات. ولعل أهم ما يميز المستشفى هو تقديم العلاج لذوي الدخل المحدود والمعوزين بأسعار زهيدة ومنخفضة، مقارنة مع جودة الخدمة التي يتلقونها، وغير الموجودة في المستشفيات الحكومية المختلفة. ويضم المستشفى تسعة أقسام منها الأقسام الجراحية، وقسم الأمراض الداخلية وقسم الأمراض النسائية والتوليد وقسم الأطفال الخداج وقسم الوراثة وقسم الأشعة وقسم الباثولوجي وقسم التخدير والإنعاش، بالإضافة إلى قسم الطوارئ وهو القسم الوحيد في مدينة القدس المحتلة عام 1967 الذي يفتح أبوابه 24 ساعة يوميا. إلا أن المستشفى وفي سنواته الأخيرة، وكغيره من المؤسسات الصحية في مدينة القدس، وبسبب إجراءات الاحتلال، يعاني من مشاكل جمة أهمها الأزمة المالية الخانقة والتي تسببت في عجز مالي هائل وصل في العام الحالي إلى 12 مليون دولار.

عدد المرضى انخفض الثلث

ويوضح الدكتور رستم النمري مدير المستشفى حجم الصعوبات التي يواجهها المستشفى في ظل الإجراءات الإسرائيلية المعقدة، فعدد المرضى انخفض الثلث، إلى جانب أن هذه الإجراءات تعيق موظفي المستشفى أنفسهم من أداء عملهم كما يجب. ويقول النمري إن:" المستشفى يعتمد بالأساس على الحالات المرضية المحولة إليه من السلطة الفلسطينية من الضفة وقطاع غزة، وبعد إغلاق المدينة وبناء الجدار الحاجز العازل أصبح وصول المرضى والمرافقين إلى المستشفى صعبا للغاية، حيث يتطلب ذلك تصريحا رسميا، وكثير من المرضى لا يستطيعون استصدار مثل هذه التصاريح". ولحل هذه الإشكالية، كما يبين النمري، تم استحداث مكتب تنسيق في داخل المستشفى للقيام بهذه المهمة، حيث يتم يوميا استصدار من 150-200 تصريح للمرضى والمرافقين وللموظفين أيضا، الأمر الذي يشكل عبئا إداريا وماليا على المستشفى". ولا تقتصر التصاريح على المرضى، وإنما الموظفين أيضا يحتاجون إليها للوصول إلى المستشفى، فأكثر من 60% من الموظفين هم من سكان الضفة الغربية والذين لا يحملون الهوية المقدسية، ويتطلب دخولهم إلى القدس تصريح خاص، حيث يتم استصدار تصاريح دورية لهم لمدة ستة أشهر. والمشكلة بالنسبة لهؤلاء هي أن هذه التصريح يجب أن تجدد دوريا، ويحتاج ذلك في الأوضاع الطبيعية إلى أسبوعين على الأقل، وفي حال وجود مناسبات وأعياد يهودية تمتد المدة إلى شهر كامل، وهذا يعني أن أكثر من 30-40 موظفا من الضفة في كل شهر ينتظرون التصريح حتى يتمكنوا من الالتحاق بعملهم. ويضاف إلى كل ذلك، الإعاقات اليومية على الحواجز لمن يحملون التصاريح، كما يقول النمري:" لا تتوقف الإعاقات الإسرائيلية على التصاريح، ففي كل يوم هناك تأخير على "حاجز قلنديا"- الفاصل بين رام الله والقدس- الأمر الذي جعلنا نستخدم "موظفين أمنيين" مهمتهم تسهيل دخول الحافلات التي تقل الموظفين على الحواجز أيضا".

عجز 12 مليون دولار

و يعاني مستشفى المقاصد من أزمة مالية خانقه، وبحسب مدير المستشفى، كانت أهم أسبابها انخفاض عدد المرضى بسبب الإجراءات الاحتلالية والأزمات المالية التي عانت منها السلطة في السنوات السابقة، والتي يعتمد المستشفى بنسبة 60% عليها. ويوضح النمري أن دخل المستشفى يعتمد في الدرجة الأولى على الأموال التي يتلقها من السلطة ووكالة الغوث والتأمين الصحي الإسرائيلي، بدلا من الخدمات الصحية التي يقدمها للمواطنين كل حسب مرجعيته. ويضيف أنه وعلى مدار أكثر من خمس سنوات، و"نتيجة لوضع السلطة المالي تراكم علينا أموالا وديونا ضخمة بلغت حتى الآن نحو 12 مليون دولار، وكان العجز بالدرجة الأولى في المصاريف الدورية للمستشفى دون الحديث عن الحاجة الملحة للترميم أو شراء أجهزة جديدة له". ورغم أن الأزمة مع السلطة انتهت، كما يؤكد النمري، إلا أن تراكمات ذلك لا تزال إلى الآن وخاصة أن الإطراف الأخرى " وكالة الغوث والتأمين الصحي الإسرائيلي" أيضا تتأخر في الدفع المستحقات المترتبة عليها. ويعتمد المستشفى في تطوير أجهزته وشراء الجديد والحديث منها ليواكب الحالات الصعبة التي ترد إليه وخاصة حالات الانتفاضة، على الدعم الخارجي من جمعيات ومؤسسات مانحة، وذلك بسبب العجز المالي في إيرادات المستشفى، وخاصة أن تكلفة أجهزة الطب الحديث عالية جدا.

خطة تطويرية

و لمواجهة ذلك، يتحدث مدير المستشفى عن خطة لاحتياجات المستشفى التطويرية والمالية للخروج من الأزمة الحالية لعشر سنوات قادمة، والتي من المتوقع أن تطرح للممولين في نهاية أيار القادم، وتقدر الميزانية المقترحة لهذه الخطة بـ (100 مليون دولار)، وتتضمن هذه الخطة حلا عاجلا لمشاكل المستشفى المالية والتطوير النوعي للجهاز الإداري والتقني لعلاج المرضى. ويسعى المستشفى من خلال ذلك إضافة لسد العجز المالي، إلى تحسين المستوى النوعي لخدمات المستشفى لاستقطاب المزيد من الحالات المرضية والتي تلجأ بسبب نقص الإمكانيات والتجهيزات، إلى مستشفيات الأردن وإسرائيل للعلاج، وبالتالي التوفير على المواطن الذي يتكبد أموال طائلة في السفر من أجل العلاج، وخاصة أن الخدمة تقدم في المستشفى بأسعار اقل بكثير من مثيلاتها.

المراجع