لويس أغاسيز

كان جان لويس رودولف أغاسي (بالفرنسية: Jean Louis Rodolphe Agassiz‏) (28 مايو 1807 - 14 ديسمبر 1873)، عالم أحياء وجيولوجيا أمريكي من مواليد سويسرا مُعترف به عالمًا مبتكرًا ونابغةً في تاريخ الأرض الطبيعي. نشأ أغاسي وترعرع في سويسرا، وحصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة والطب من جامعة إيرلانخن وميونيخ على التوالي. بعد الدراسة مع كوفييه وهامبولت في باريس، عين أغاسي أستاذًا للتاريخ الطبيعي في جامعة نوشاتل. هاجر إلى الولايات المتحدة عام 1847 بعد زيارة جامعة هارفارد. ذهب ليصبح أستاذًا لعلم الحيوان والجيولوجيا في جامعة هارفارد، وترأس مدرسة لورانس العلمية وأسس متحف علم الحيوان المقارن.

يُعرف أغاسي بنظامه الخاص بجمع وتحليل بيانات الرصد. قدم مساهمات مؤسساتية وعلمية واسعة في علم الحيوان والجيولوجيا والمجالات ذات الصلة، بما في ذلك كتابة كتب بحثية متعددة الأجزاء يصل حجمها إلى آلاف الصفحات. يُعرف اغاسي بشكل خاص بمساهماته في تصنيف الأسماك، بما في ذلك الأنواع المنقرضة مثل الميغالودون، ودراسة التاريخ الجيولوجي، بما في ذلك تأسيس علم الجليد.

في القرنين العشرين والحادي والعشرين، شوهت مقاومة أغاسي للتطور الداروينيّ والإيمان بالخلقية والعنصرية العلمية المتضمنة في كتاباته عن تعدد الأجيال البشرية، سمعته، وأدت إلى إثارة الجدال حول تركته العلمية.

حياته المبكرة

ولد لويس أغاسي في موتير (جزء من أوت-فولي في الوقت الحاضر) في كانتون فريبورغ السويسري. بما أنه ابن القس أغاسي، فقد تلقى تعليمه بداية في المنزل، ثم أمضى أربع سنوات في المدرسة الثانوية في بيان، ليلتحق بلوزان في عام 1818 ويكمل دراسته الابتدائية فيها. درس أغاسي في جامعات زيورخ وهايدلبرغ وميونيخ تواليًا، وأثناء وجوده هناك، وسّع معرفته بالتاريخ الطبيعي ولا سيما علم النبات. في عام 1829، حصل على درجة الدكتوراه من جامعة إرلانجن، وفي عام 1830، حصل على درجة دكتوراه في الطب من ميونيخ. انتقل إلى باريس، وكان تحت وصاية ألكسندر فون همبولت (ولاحقًا كرمه المالي). أطلق همبولت وجورج كوفييه على التوالي مسيرته المهنية في الجيولوجيا وعلم الحيوان، لكن علم تصنيف الأسماك سرعان ما أصبح محور عمل حياته.

عمله

في عامي 1819-1820، قام عالما الأحياء الألماني يوهان بابتيست فون سبيكس وكارل فريدريش فيليب فون مارتيوس برحلة استكشافية إلى البرازيل. عادوا إلى أوطانهم في أوروبا ومعهم العديد من الأغراض الطبيعية، بما في ذلك مجموعة مهمة من أسماك المياه العذبة في البرازيل، وخاصة نهر الأمازون. لم يعش سبيكس، الذي توفي عام 1826، طويلًا بما يكفي ليعمل على تاريخ هذه الأسماك، واختار اغاسي لإكمال المشروع. انكبّ اغاسي على العمل بحماس كان السمة المميزة لأعماله طوال حياته. انتهى من مهمة وصف الأسماك البرازيلية ونشرها في عام 1829، وأتبعها ببحث في تاريخ الأسماك الموجودة في بحيرة نوشاتيل. وسع خططه في عام 1830، وأصدر نشرة عن تاريخ أسماك المياه العذبة في أوروبا الوسطى، لكن الجزء الأول من هذا المنشور لم يظهر حتى العام 1839 ولم يكتمل العمل غلا عام 1842.

في عام 1832، عين أغاسي أستاذًا للتاريخ الطبيعي في جامعة نوشاتيل. سرعان ما جذبت انتباهه أحافير الأسماك في صخور المنطقة المحيطة وألواح غلروس والأحجار الجيرية في مونتي بولكا. في ذلك الزمان، لم يكن قد أنجز إلا القليل في دراسة هذه الأحجار والأحافير علميًا. خطط أغاسي، في وقت مبكر من العام 1829، لنشر العمل الذي شكّل أساس شهرته العالمية. نُشرت خمسة مجلدات سُميت البحوث على الأسماك» منذ عام 1833 وحتى عام 1843، وقد وضّحها جوزيف دينكل بشكل رائع بواسطو رسوماته.

إسهامات لويس أجاسي في علم الأحياء

يعتبر عالم الأحياء لويس أجاسي المولود في سويسرا من أشهر وأكثر المعارضين الصرحاء للعالم تشارلز داروين. فقد ظل غير مقتنع بفكرة التطور البيولوجي حتى يوم وفاته. كان رجلا مؤمنا يرى قدرة الخالق في كل مكان في الطبيعة؛ ومن ثم، لم يستطع أن يقبل فكرة مثل فكرة داروين تلك التي لم تترك أي مجال للمشيئة الإلهية. وقد قال إن أي نوع من الحيوانات أو النباتات يعد "من صنع الخالق". ومع ذلك، استخدم داروين وآخرون الدليل من بحث أجاسي الشامل لدعم النظرية التي عارضها أجاسي بعنف. وهكذا يتقدم العلم في أغلب الأحيان.

لقد كان أجاسي خبير في مجال حفريات الأسماك التي وجدها بكثرة في الصخور القديمة التي سمي تبعا لها الآن العصر الديفوني. وكان كتابه، الذي تناول ذلك الموضوع في عام ١٨٤٣، به كثير من التفاصيل وكان كتابا شاملا حتى أنه ضاعف عشر مرات العدد الكلي للفقاريات (الحيوانات ذات العمود الفقري) التي وصفها العلم. وكان له معرفة هائلة بنمط الحياة القديمة، وقد وضعها جميعا في نمط إدراك يختلف إلى حد ما عما وضعه داروين، وقام بنشر ذلك لأول مرة في عام ١٨٥١ .

رأى أجاسي نمطاً للنمو والارتقاء، ابتداء منذ أقدم وأبسط الكاننات إلى أحدئها واكثرها تعقيدا، أي ليس في الصخور فقط وكان هذا واضحا في نمو جنين الإنسان الذي يمر بمراحل يشبه فيها صغار سلسلة متتابعة من كائنات أبسط منه، وبالطريقة نفسها التي تنتشر بها النباتات والحيوانات من القطبين إلى خط الاستواء. وقد صرح بأن هذا النمط نفسه موجود في كل مكان، وهو بالتأكيد دليل على امشيئة الإلهية.

ولد أجاسي في ألمانيا ولكنه أنهى حياته في الولايات المتحدة كأستاذ في جامعة هارفارد لمدة ربع قرن. فقد كان المعلم الخاص لعشرات العلماء الأمريكيين المهتمين بالطبيعة وأصبح يحظى بشعبية هائلة وأصبح مشهور من خلال المحاضرات العامة.

كان معلم أجاسي الخاص هو عالم الأحياء الفرنسي جورج كوفييه (١٨١٢) رائد فكرة التغيير المفاجئ والعنيف للقشرة الخارجية للأرض (١٧٧٨). فقد رأى كوفييه وأجاسي وغيرهما من العلماء أن تاريخ الأرض يعتبر بمثابة سلسلة من الأحداث العنيفة الضخمة. فلم يحدث شيء بالتدريج أو ببط، كما يعتقد أصحاب بعض المذاهب التي انتشرت آنذاك والمدعمة لفكرة التغير التدريجي للأرض. وبالنسبة للعالم أجاسي تعد فكرة العصور الجليدية (١٨٣٦)، والتي فعل بصددها الكثير من أجل تدعيمها عن طريق البحث، ببساطة تكملة لنمط الكوارث المتكررة.

تمر كل حقيقة علمية بئلاث مراحل: أولاً، يدعي الناس أنها تتعارض مع الكتاب المقدس. ثانيا، يقولون إنها تم اكتشافها قبل ذلك. وأخيرا، يقولون إنهم دائما ما يؤمنون بها. لويس أجاسى