كلت (دين)


الكالت (بالإنجليزية: Cult)، وتُترجم أحياناً طائفة دينية أو عبادة، والذي يُعتبر مصطلحاً تحقيرياً بالنسبة للبعض، غالباً ما تشير إلى جماعات دينية صغيرة مستقلة بعقائدها (غالباً ما تكون هذه العقائد دينية جديدة) تعتبر من غالبية المجتمع والتيارات السياسية مرفوضة وخارجة عن الإطار السائد المقبول، باختصار هي جماعات مارقة.

الكالت مجموعة اجتماعية محددة من خلال معتقداتها وطقوسها الدينية أو الروحية أو الفلسفية غير العادية، أو اهتمامها المشترك بشخصية أو هدف أو غرض معين. هذا المعنى للمصطلح مثير للجدل ومحدد بشكل ضعيف، مع وجود تعريفات متباينة في الثقافة الشعبية والأوساط الأكاديمية - وكان أيضًا مصدرًا مستمرًا للخلاف بين الباحثين عبر العديد من مجالات الدراسة.

التعريف

يشير مصطلح الكالت فى علم الأنثروبولوجيا إلى مجموعة من المعتقدات والممارسات التى تمارسها جماعة تؤمن بإله خاص بها. أما فى علم الاجتماع فيشير المصطلح إلى مجموعة صغيرة محددة من النشطين الدينيين تتسم معتقداتهم عادة بالطابع التوفيقى المتميز على نحو خاص.

بالرغم من ارتباط هذا المصطلح بمفهوم الفرقة الدينية، فإن مصطلح الكالت لا يرتبط فى المجتمع الغربى بالاتجاه المسيحى السائد. ولذلك يصعب فصل فكرة الكالت - كمصطلح علمى - عن دلالاتها الازدرائية، و عدم تميزها بمعنى علمى دقيق. ويبدو أن الممارسة الدينية تشبع احتياجات قطاعات من سكان الحضر، وشباب الطبقة الوسطى الذين يعيشون حالة من الاغتراب، وتتسم عضوية الشباب في الطوائف الدينية - عادة - بأنها عضوية مؤقتة ومضطربة، وغير منتظمة. وتشير البحوث التى أجريت حول هذا الموضوع إلى أن الشباب غالباً ما يشتركون قى عضوية عدة طوائف دينية فى نفس الوقت. وقد لوحظ انتشار الطوائف الدينية - فى المجتمعات الغربية — فى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وغالبا ما كاتت ترتبط بفكرة الثقافة المضادة.

مميزات الكالت

كلمة الكالت تحمل دائماً معنى سلبي. وتوجد محكات معينة تستخدم في تعريف الكالت. يشير معيد البرمجة ستيفن حسن Steven Hassan في "Combatting Cult Mind Control" (محاربة التحكم الفكري للجماعات)، إلى ما يسميه "الجماعات المدمرة" والتي يعرفها بأنها "نظام سلطوي هرمي يتحكم فيه شخص أو مجموعة ديكتاتورية. ويستخدم الخداع في جذب أعضاء جدد (أي: لا يتم إخبار الناس في البداية عن ما تؤمن به الجماعة بالفعل، وما الذي سيكون متوقعاً منهم عندما يصبحوت أعضاء)". كما يشير حسن أيضاً أن الجماعات ليست دينية فقط؛ بل من الممكن أن تكون ذات طبيعة تجارية أو علمانية.

يصف حسن العناصر التي تستخدمها الجماعات المدمرة التي تلجأ إلى التحكم الفكري:

التحكم السلوكي: يتم التحكم الصارم في علاقات الفرد، معيشته، طعامه، ملابسه، عادات النوم، الماديات، الخ.

التحكم المعلوماتي: يتعمد قادة الجماعة إخفاء أو تشويه المعلومات، الكذب، ترويج معلومات معينة، والحد من إمكانية الوصول إلى مصادر أخرى للمعلومات.

التحكم الفكري: يستخدم قادة الجماعة لغة ومفردات ملغمة، ولا يشجعون التفكير الناقد، ويمنعون أي نقد لفظي لقادة الجماعة أو سياساتهم ثم يزرعون عقيدة "نحن أو هم".

التحكم النفسي: يتحكم القادة في الأتباع عن طريق الخوف (بما فيه الخوف من فقدان الخلاص، الخوف من الإستبعاد، الخ.) والذنب والتلقين.

تاريخ الكالت

ظهر ما يعرف بالطوائف أو Cults في الولايات المتحدة كمجموعات غريبة منغلقة على نفسها، تحمل داخلها أفكاراً مشتركة تختلف كثيراً عن السياق المجتمعي، كما أنها عادة ما تحطم أي حدود أخلاقية داخلها لصالح الانصياع للقيادة الخاصة بالطائفة.

يؤمن أبناء أي طائفة أن قائدها هو بمثابة إله لها، يجب على الجميع الانصياع لما يقول ويعلن، تعتبر كافة النساء داخل الطائفة ملكاً له يفعل فيهن ما يشاء كما أن الرجال داخلها عليهم الامتثال للأوامر لتوفير ما تحتاجه الطائفة من مؤن وأموال بأي طريقة متاحة.

يقدم قائد الطائفة أوامره وتعاليمه لأفرادها ويبتكر أحيانا طرقاً لإثبات الولاء عند الانضمام كالموافقة على التحول إلى عبد جنسي لدى القائد أو الخضوع لشكل من أشكال التعميد بصورة خاصة بالطائفة.

ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال تأسس في العام 1980 طائفة “الشيطان” أو SATAN CULT كما تعرف بين مرتاديها، والتي يندرج تحت مظلتها أكثر من 12 ألف شخص يؤمنون جميعهم بالشيطان كإله.

صحيح أن الظهور الأول لما يعرف بالطوائف كان تحت مسمى الحركات الاجتماعية التي تجتمع على فكرة معينة، لكن الحقيقة أنها لا تستطيع أن تبتعد كثيراً عن الدين كمفهوم جامع يمتثل الأعضاء له، بغض النظر عن مسمى ذلك الدين أو حقيقته، بل إن بعض الطوائف يخلق لنفسه انتماء مستمداً من الأديان الحقيقية بالفعل، ليعطي نفسه قوة سيطرة نفسية على أعضاءه، كطائفة Children of God والتي كانت بمثابة تجمع ضخم لتقديم الأطفال كهدايا لأعضاء الطائفة لاستخدامهم للاستمتاع الجنسي تحت مسمى انتماء الطائفة للديانة المسيحية وتبعيتها للرب.

توضح الباحثة في جامعة أكسفورد تارا إيزابيل بارتون أنه وعلى عكس المعلن ليس هناك فارق كبير بين الطوائف التي تعلن تجمعها حول منطلق اجتماعي أو سياسي وبين المعتقدات الدينية والتجمعات الخاصة بها، وأن كلاهما يستخدمان الطريقة نفسها في حشد الأتباع، خاصة وأن فئة كبيرة من المجتمع الأمريكي لم تستطع الانفصال عن الدين حتى بعد عقود طويلة من توغل العلمانية وسيطرتها على كافة أنحاء الحياة هنالك.

لم يكن الأمر مقتصراً في عالم الطوائف على التبعية العمياء للأفكار والعقائد المشوهة وحسب، بل تطور إلى الموت والقتل باسم الانتماء للطائفة، وقد سجل التاريخ أرقاماً مخيفة لأعداد الموتى داخل الطوائف المغلقة.

ففي العام 1978 أمر قائد إحدى الطوائف الضخمة في الولايات المتحدة وكان اسمه جيم جونز أعضاء طائفته بالقيام بعمليات قتل موسعة لأعضاء في الكونجرس الأمريكي ومعهم عدد من الصحفيين، ثم الإقدام على عملية انتحار جماعي يسقط فيها كل أعضاء الطائفة موتى في نفس اللحظة.

وقد كانت المفاجأة بأن أعضاء الطائفة انصاعوا لما قال بالفعل وقرروا انهاء حياتهم ليصل عدد الموتى في ذلك اليوم إلى 900 شخص، فيما عرف لاحقاً بمذبحة جونزتاون.

سيكون عليك التخيل ومحاولة استيعاب كيف يمكن لأحدهم أن يقنع 900 شخص بأن يقتلوا أنفسهم لمجرد أنه طالبهم بذلك، دون أن يكون ثمة سند عقلي أو منطقي لهذا، فقط لأن قائد الطائفة وجه أمراً بهذا.

وفي العام 2021 عُثر على جثة إحدى مؤسسات طائفة دينية في الولايات المتحدة تحت اسم Love Has Won كانت تعرف نفسها بين أتباعها باسم الأم الإله، وكانت تخبرهم أنها تستطيع التواصل مع المسيح ويمكنها شفاء مرضى السرطان والتواصل مع الملائكة، وتبين في النهاية أنها تحرك أعضاء الطائفة للقيام بعمليات نصب واحتيال واسعة لجمع الأموال.

انظر أيضاً