كارل لاندشتاينر
كارل لاندشتاينر (بالألمانية: Karl Landsteiner) ولد في 14 يونيو 1868 وتوفي في 26 يونيو 1943، وهو عالم أحياء وطبيب نمساوي حاصِل على جائزة نوبل في الطب سَنة 1930، حيثُ وضعَ نِظاماً حديثاً لتقسيم فصائل الدم مُعتمداً على التعرف على عوامل التَراص المَوجودة في الدم، وَاشترك مع الطبيب الأمريكي ألكسندر فينر في اكتشاف عامل ريزوس سنة 1937، كَما اشترك سنة 1909 مع إرفين بوبر في اكتشاف فيروس شلل الأطفال، وقد منح اسمه سنة 1946 جائزة لاسكر (بعد وفاته).
الحياة المبكرة
والد لاندشتاينر أسمه ليوبولد (1818–1875) وهو صحفي نمساوي توفي بعمر السادسة والخمسين عندما كان عمر كارل 6 سنوات، فربته والدته وأدى ذلك إلى وجود علاقة وثيقة بينه وبين والدته فاني (1837–1908)، وبعد تخرجه من مدرسة فيينا الثانوية درس الطب في جامعة فيينا. ودرس الكيمياء ما بين عامي 1891 و1893 في فورتسبورغ على يد الكيميائي الألماني هيرمان إميل فيشر وفي زيورخ على يد آرثر رودولف هانتش. وكان لهُ عدد من المنشورات في تلك الفترة بعضها بالاشتراك مع أساتذته.
إسهامات كارل لاندشتاينرفي مجال فصائل الدم المختلفة
في عام ١٨١٨ كان طبيب أمراض النساء والولادة جيمس بلوندل يحضر حالة مريضة نزفت بشدة في أعقاب ولادتها لطفل. وعندما خاف على حياتها، أخذ عينة من دم زوجها بواسطة حقنة ثم حقنها في جسد هذه المريضة. فنجت تلك المريضة من الوفاة وظلت على قيد الحياة، وبذلك نجحت تلك التجربة لتكون أول حالة نقل دم ناجحة مسجلة، كما حدث الشيء نفسه للعديد من مرضى الطبيب نفسه بعد ذلك. ربما يكون هذا الطبيب محظوظا؛ حيث إن عمليات نقل الدم غالبا ما تحدث بطريقة خاطئة مما يؤدي إلى وفاة المرضى.
من ناحية أخرى، بدأ ينتاب الأطباء حالة من التشكك وعدم التصديق في إمكانية أن تكون جميع فصائل الدم متوافقة مع بعضها البعض، حيث قد يؤدي دم المريض إلى تجلط الدم المنقول إليه، فينتج عن ذلك أحياناً عواقب وخيمة. وكان أول من تطلع إلى هذا الأمر بطريقة منظمة هو العالم النمساوي كارل لاندشتاينر الذي عمل بعدها في مستشفى في العاصمة فيينا. وبحلول عام ١٩٠٩، كان لاندشتاينر قادراً على تقسيم الدم إلى أربع فصائل كبرى، والتي أسماها A وB وO وAB. وعمل هذا الاكتشاف على التأكد من مدى توافق فصيلة الدم الخاصة بالشخص المنقول إليه الدم معم فصيلة الدم الخاصة بالشخص المتبرع بالدم دون حدوث أي أعراض جانبية. هذا، على الرغم من معرفة الحقيقة القائلة التي مفادها أن الدم من فصيلة O من الممكن إعطاؤه بشكل آمن لأي شخص يحتاج إلى عملية نقل دم، ولذلك يطلق على الشخص الحامل لفصيلة الدم O "معط عام"، أما الشخص الحامل لفصيلة الدم AB فمن الممكن أن يأخذ الدم من أي شخص مهما كانت فصيلة دمه، ولذلك يطلق على هذا الشخص مستقبل عام. وقد جعلت هذه الاكتشافات والتطورات عمليات نقل الدم أكثر أماناً عن ذي قبل.
تمكن بحث آخر من العثور على أسباب أخرى لذلك الأمر فكل خلية من خلايا (كرات) الدم الحمراء بها علامة مميزة على سطحها الخارجي، تتمثل في مولد المضاد الذي إما أن يكون A أو B بالرغم من أن بعض الأشخاص لديهم كلا النوعين معا AB له، في حين لا يكون لدى البعض الآخر أي منهما، وهم الأشخاص الحاملين لفصيلة الدم O. تتمثل وظيفة الجهاز المناعي في تعقب أية كمية من الدم بها ذلك النوع الخاطئ من هذه العلامة المميزة والتصدي لها. فأجساد المرضى أصحاب فصيلة الدم A ترفض أية خلية دم حاملة للفصيلة B، بينما ترفض أجساد المرضى أصحاب فصيلة الدم B أية خلية دم حاملة لفصيلة الدم A.
تخضع فصائل الدم للعوامل الوراثية، حيث يكون لكل فصيلة جينات خاصة بها، إلا إنها ليست سائدة (١٨٦٥). وقد رأى لاندشتاينر أن ثمة استخداما آخر لفصائل الدم - فعلى سبيل المثال، من الممكن استخدامها كأحد الأدلة الجنائية المقبولة في المحاكم والتي تعمل على تحديد الجناة. وقد ساعد لاندشتاينر أيضا في العثور على العامل الريصى في الدم (سمي بهذا الاسم وفقا لأحد أنواع القرود الذي عثر من خلاله على هذا العامل الجيني لأول مرة). وقد يكون هذا العامل إما إيجابيا أو سلبيا.
على الرغم من أن كل هذه الاكتشافات الطبية المتعلقة بالدم قادت لاندشتاينر إلى الحصول على جائزة نوبل في عام ١٩٣٠، فقد كان لهذا العالم العديد من الاكتشافات الأخرى والتى تضمنت فيما بينها اكتشاف الفيروس الذي يتسبب في الإصابة بشلل الأطفال فضلاً عن التحليل الخاص بالكشف عن مرض الزهري. كذلك، فقد ساعد هذا العالم في اكتشاف دراسة جديدة تسمى بعلم المناعة التي أصبحت غاية في الأهمية في المستقبل بفضل زيادة المعرفة بصدد الطرق الدفاعية الطبيعية ضد الأمراض داخل الجسم.
الجَوائز والأوسمة
مُنح كارل عام 1946 جائزة ألبرت لاسكر للأبحاث الطبية السريرية (أَي مُنحها بعدَ وفاته)، كما انتخبَ عُضواً خارجياً للجمعية المَلكية (ForMemRS) عام 1941، وفي 14 يونيو 2016 احتفلت جَوجل بالذِكرى 148 لِميلاد العالم كارل لاندشتاينر.
الحياة الشخصية
تحول كارل لاندشتاينر من الديانة اليهودية إلى الديانة المسيحية على مذهب الكنيسة الرومانية الكاثوليكية في عام 1890. في عام 1916، تزوج من ليوبولدين هيلين ولستو، وهي أرثوذكسية شرقية اعتنقت العقيدة الرومانية الكاثوليكية لاحقاً. في عام 1937، اتخذ كارل لاندشتاينر إجراءات قانونية فاشلة ضد ناشر أمريكي قام بإدراجه في كتاب "Who's Who in Jewry American" ، موضحًا أنه "سيكون من المضر لي التأكيد على دين أسلافي بشكل علني".