قوة المجتمع المحلي
قوة المجتمع المحلي (بالإنجليزية: Community Power) يعرف ماكس فيبر القوة بأنها: "فرصة الفرد لتحقيق إرادته فى موقف اجتماعى، وإن لقى مقاومة من الآخرين المشتركين فى هذا الموقف". وقد أثار هذا التعريف خلافا عميقا، وأفادت مناقشة هذا الموضوع بشكل أساسى من نظريات القوة المتصارعة حول قوة المجتمع المحلى، وكيفية ممارستها فى ظل الحكومات الديموقراطية، ومن المذى يمارسها.
وتذهب إحدى وجهات النظر إلى أن الصفوة هى التى تمارس القوة المحلية، مثل المموظفيسن الحكوميين المحليين، ورجال السياسة، وكبار رجال الأعمال وتبدو تلك الممارسة واضحة فى عمليات صنع السياسات العامة على المستوى العام والخاص (انظر مؤلف هنتر الكلاسيكى: بناء القوة فى المجتمع المحلى، الصادر عام 1953). إلا أن بعض علماء السياسة يرفضون هذه النظرية التدرجية (الطبقية) للقوة، وينكرون أن الصفوة التى تنتمى إلى الطبقة العليا هى التى تحكم بما يحقق مصالحها من خلال مرؤوسين خاضحين، وقادة محليين مدنيين وسياسيين معترف بهم رسميا. وينتهى روبرت دال - فى دراسته لمدينة نيوهافن بعنوان: من الذى يحكم؟ الصادرة عام 1961- إلى أن الديموقراطية النيابية عملت على نقل القوة من الصفوة إلى جماعات مصالح منظمة متنوعة، أو نقلها من حكم الأقلية إلى التعددية. ويتوقف تولى جماعات مختلفة التكوين للحكم على القضية محل البحث.
يعد تعريف فيبر للقوة فى ضوء الفعل هو العنصر المشترك بين هذين المدخلين، فإن ما يمارسه ''آ'' من قوة على "ب"، يساوى قدرة ب على إلزام "ب" بالقيام بأفعال معينة. ولهذا فإننا عندما ندرس قوة المجتمع المحلى، إنما ندرس عملية صنع القرار، ومن الذى يؤثر على نثيجتها. وبذهب لوكاس “ فى دراسته الشهيرة عن : القوة : وجهة نظر راديكالية، المنشورة عام 1974 - إلى أن هذا المدخل يعكس وجهة نظر أحادية البعد، وهو المدخل الذى وصفه بيتر باكراك ومورتون باراتز فى كتابهمابعنوان: القوة والفقر، النظرية والممارسة، الصادر عام 1970 بأنه مدخل يتسم بالقصور. أما البعد الثانى لدراسة القوة - وهو ما يطلق عليه مدخل عدم اتخاذ القرار - فيتضمن "تعبثة التحيز"، أو التحكم فى الأجندة السياسية بمعرفة جماعات القوة، والذين يتخذون قرارات تحول دون إدراج بعض القضايا على الأجندة، دون أن تصبح موضوعا لعملية اتخاذ القرار السياسى الرسمى.
ويطرح لوكاس أيضا بعدا ثالثاً للقوة - تجاهله البعدان السابقان باعتبارهما يتسمان بصبغة سلوكية ضيقة النطاق - مفترضا أن القوة يجب أن تتضمن عملية صنع القرار. على أنه يمكن ممارسة القوة أيضا من خلال منع الناس من التظلم أساسا، أو على حد تعبير لوكاس "من خلال تشكيل مدركاتهم، ومعارفهم، وتفضيلاتهم، بحيث يتقبلون أدوارهم فى ظل النظام القائم. وهكذا يحكم على بعض القضايا بان تظل تحت السطح، فلا يتخذ قرار بشأنها سواء بإدراجها ضمن الأجندة السياسية أو استبعادها منها. كما يرى لوكاس أن هناك مفاهيم متنافسة للقوة تعكس قيما أحلاقية وسياسية متباينة تتعلق بمعنى المصالح. لذلك يمثل مفهوم القوة مفهوما خلافيا فى جوهره ومحل جدال لسم يحسم بين علماء النظرية ذوى التوجهات القيمية المختلفة. فوجهة النظر المراديكالية تنكر أن المصالح مجرد تعبير صريح عن الرغبات (أو الاحتياجات)، لأن هذه المرغبات قد تتشكل بفعل نظام اجتماعى يخدم الأقوياء عن طريق قمع وعى الناس وإدراكهم لمصالحهم الحقيقية. (لاحظ هنا التشابه مع مقولة الماركسية عن الوعى الزائف).
ولكن كيف يستطيع العلماء الاجتماعيون تحديد هذه المصالح التى يزعم أنها حقيقية، والتى لايدركها أصحابها؟ يعيد لوكاس تحليل الدراسة الثنائية البعد لاستجابات المجتمع المحلى لمتلوث الهواء، حيث يرى أنها توضح أن المصالح الحقيقية يمكن تحديدها أحيانا إمبيريقيا، عندما تظهر ظروف مختلفة، (انظر: التحليل بافتراض اختلاف الظروف) أى عندما تضعف العمليات والأبنية التى تنكر أن التعبير عن المصالح الحقيقية يمكن أن يصبح (لأى سبب كان) غير فعال بشكل مؤقت (وهى الظاهرة التى نجد عرضا لها فى مؤلف جافنتا: القوة واللاقوة، الصادر عام 1980). فيتجاوز جافنتا فى تحليله - الذى تعرض لنقد حاد لآ الحدود الأولية للجدل وهى قوة المجتمع الممحلى، ويتناول طبيعة القوة الاجتماعية بصفة عامة.
للوقوف على عرض موجز للنتائج الموضوعية التى توصلت إليها الدراسات الرئيسية عن قوة المجتمع المحلى، وكذلك الوقوف على عرض لدراسات الحالة الدقيقة المتقنة لبعض الصراعات السياسية المحلية التى وقعت فى مقاطعة لندن يمكن الرجوع إلى مؤلف بيتر سوندرز، السياسات الحضرية، الصادر عام 1979.