قوة اجتماعية


أولا / القوة : مفهوم القوة من المفاهیم الأساسیة في علم الاجتماع السیاسي ، بل هو المفهوم الذي تدور حوله أغلب الدراسات والتحلیلات التي تهتم بالتفاعل بین النظم والأنساق الاجتماعیة ، ورغم ذلك ، فإن الاختلاف حول تحدید هذا المفهوم واضح وجلي من خلال مساهمات العدید من العلماء ، وكذلك من خلال استخدام مصطلح القوة بصفة عامة ، أو عند التصدي لأنواع القوة ، مثل القوة الاجتماعیة ، أو القوة السیاسیة ، أو القوة الاقتصادیة ، أو القوة الدینیة ، وما إلیها . ف ا لق وة تعر فها المعاجم بأنها كل قدرة یمكنها أن تحدث أثرا ، والقوة الاجتماعیة ، هي كل دافع فعال یؤدي إلىال عمل الاجتماعي ، وهي إر ادة الفرد في ترجمة خیاراته ومطالبه إلى واقع عملي في الحیاة الاجتماعیة الحقیقیة التي یعیش فیها ویتعامل معها ، كما أنها تعني نجاح الفرد في تحقیق إرادته حتى لو تناقضت وتضاربت مع إرادة الآخرین في المجتمع ، كما أن القوة تؤثر في قدرة الناس على جعل العالم یستجیب لمصالحهم وطموحاتهم ، وتسمح القوة لبعض الناس من فرض إرادتهم على الآخرین ، وهي أیضا 72 تمنع بعض الناس من الحصول على المهارة والتدریب والمعرفة وكذلك الموارد الاقتصادیة التي یحتاجونها . من المفاهیم واسعة الانتشار في تراث ، Force أو Power یعد مفهوم القوة بمعنى علم الاجتماع الغربي ، وا ذٕا ما أصبح هذا الانتشار بشكله الأوسع في علم الاجتماع العام أو علم الاجتماع السیاسي في الكتابات المعاصرة والحدیثة ، فإنه قد أستخدم أیضا منذ القدم في زمن الفیلسوف أرسطو ، خاصة في الأدب السیاسي ، حیث درج على استعماله في الحدیث عن الشؤون السیاسیة الداخلیة ، ویستعمل مفهوم القوة على مستویات ثلاث : - ا لمستو ى الفردي والعلاقة بین الأشخاص . - مستوى الجماعة الاجتماعیة والعلاقات بینها . - مستوىا لدولة والنظام الدولي ، حیث یمثل مفهوم القوة ر كیزة رئیسیة في دراسة العلاقات الدولیة . إن ماهیة القوة في حد ذاتها ، تعد میدانا خصبا للبحث في إطار علم الاجتماع السیاسي ، ما دعى الكثیر من العلماء في هذا المیدان إلى طرح نظریات خاصة لمجال القوة ، باعتباره مفهوما رئیسیا یرتبط بالعدید من المفاهیم والأفكار الأخرى التي تندرج جمیعها تحت مجال علم الاجتماع السیاسي ، وذلك مثل : السلطة ، والنفوذ ، والعنف ، وغیرها مما یحتاج للكثیر من المعالجات النظریة ، وفي هذا الإطار ، یحدد " بو تومور " وذلك في إطارها ، Power علم الاجتماع السیاسي ، بأنه العلم الذي یعنىب دارسة القو ة الاجتماعي ، ویقصد بالقوة ، هي قدرة أحد الأفراد أو الجماعات الاجتماعیة على ممارسة هذا الفعل من أجل اتخاذ وتنفیذ القرارات ، وذلك بشكل أوسع ، وتحدید نظم وجداول العمل .( من أجل صنع القرار( 1 ویعتبر " ماكس فیبر " القوة نوعا من ممارسة القهر أو الإجبار بواسطة أحد الأفراد على الآخرین ، ویعرف " بكلي " القوة بأنها الرقابة أو التأثیر الذي یمارسه شخص ما ، أو جماعة ، على أفعال الآخرین ، لتحقیق هدف معین دون موافقتهم ، وقد یكون هذا الهدف 1) د. عبدالله محمد عبدالرحمن ، مصدر سابق ، ص 25 ) 73 ضد إرادتهم أو بدون معرفتهم أو فهمهم ، وتستخدم في ذلك میكانیز مات عدیدة ، منها العنف ، أو إصدار الأوامر ، أو الإشارة إلى الجزاءات . أما القوة السیاسیة ، فهي مصطلح یشیر إلى السلطة السیاسیة ، أي القوة القانونیة للدولة ، بمعنشىر عیة القوة أو القوة المشر عة ، وهي تتضمن اعتقاد الأفراد بأن من واجبهم طاعة الدولة ، ومن حق الدولة أن تمارس القوة والنفوذ علیهم ، لذلك فإن بعض العلماء یعد السیاسة بأنها دراسة علاقات القوة بین الناس ، إن القوة السیاسیة هي مدى التأثیر النسبي الذي تمارسه الدول في علاقاتها المتبادلة ، فهي بذلك أوسع نطاقا من العنف بأشكاله المادیة والعسكریة ، أي أنها النتاج النهائي لعدد كبیر من المتغیرات المادیة وغیر المادیة ، وبحسب هذا الحجم تتحدد إمكانیاتها في التأثیر السیاسي في مواجهة غیرها من الدول . هذا ما یؤكده الاتجاه الذي كان سائدا خلال القرن السادس عشر عند " مكیافللي " على وجه الخصوص ، ویؤكد هذا الاتجاه أن السیاسة هي القوة ، وبهذا المعنى تكون دراسة السیاسة – كما أشرنا سابقا – هي دراسة علاقات القوة بین الناس من حیث صورها وأشكالها والنظم التي تكون معبرة بنائیا ووظیفیا عن هذه الصور والأشكال ، و یمیل أصحاب هذا الاتجاه إلى النظر إلى علم السیاسة على أنه مفرغ من أي محتوى أخلاقي ، حیث أن السیاسة عندهم تعني السیطرة ، وما یجب أن یقوم به علماء السیاسة هو ملاحظة الواقع ووصفه وتحلیله ، إلا أن القوة من منظور شامل یرتبط بها كل سلوك إنساني بصورة أو بأخرى خلال عملیات التواصل والتأثیر المتبادل ، حیث أن ظاهرة القوة .( تتخلل كافة الأنشطة الاجتماعیة.