قضية الملكية في مقابل التدخل (الرقابة)

قضية الملكية في مقابل التدخل (الرقابة) (بالإنجليزية: Ownership Versus Control Debate) النقاش حول الملكية مقابل السيطرة هو موضوع تمت مناقشته لعقود في مجالات مختلفة مثل علم الاجتماع والاقتصاد والقانون والسياسة. يشير إلى مسألة من لديه الحق والسلطة لاتخاذ القرارات بشأن موارد وأصول منظمة أو مجتمع. في منشور المدونة هذا ، سوف نستكشف بعض الحجج ووجهات النظر الرئيسية حول هذا النقاش.

إحدى القضايا الرئيسية في هذا النقاش هي ما إذا كانت الملكية تعني السيطرة أم لا. تعني الملكية أن يكون لديك سند قانوني أو مطالبة بشيء ما ، مثل الممتلكات أو الأسهم أو المال. تعني السيطرة أن يكون لديك تأثير أو سلطة على شيء ما ، مثل القرارات أو الإجراءات أو النتائج. يجادل البعض بأن الملكية تمنح السيطرة تلقائيًا لأن المالكين لديهم حصة في كيفية استخدام أصولهم وإدارتها. يجادل آخرون بأن الملكية لا تعني بالضرورة السيطرة لأن المالكين قد يواجهون قيودًا أو تحديات مختلفة تحد من قدرتهم على ممارسة حقوقهم ومصالحهم.

على سبيل المثال ، في عالم الشركات ، يُعتبر المساهمون أصحاب شركة لأنهم استثمروا أموالهم ويمتلكون جزءًا من أسهمها. ومع ذلك ، قد لا يكون للمساهمين سيطرة فعالة على الشركة لأنهم قد يفتقرون إلى المعلومات أو التنسيق أو التمثيل للتأثير على إدارتها وحوكمتها. من ناحية أخرى ، قد يكون للمديرين والمديرين سيطرة أكبر على الشركة لأن لديهم إمكانية الوصول إلى المعلومات والموارد والشبكات التي تمكنهم من اتخاذ قرارات استراتيجية وتنفيذ السياسات.

هناك مسألة أخرى في هذا النقاش وهي ما إذا كانت السيطرة بدون ملكية مرغوبة أم لا. تعني السيطرة بدون ملكية أن يكون لديك تأثير أو سلطة على شيء ما دون أن يكون له سند قانوني أو المطالبة به. يجادل البعض بأن السيطرة بدون ملكية مفيدة لأنها تسمح بمزيد من المرونة والكفاءة والابتكار دون أن تكون مثقلًا بالضرائب أو اللوائح أو المسؤولية. يجادل آخرون بأن السيطرة بدون ملكية إشكالية لأنها تخلق مخاطر أخلاقية أو تضارب في المصالح أو استغلال دون أن تكون مسؤولاً عن العواقب.

على سبيل المثال ، في العالم الاجتماعي ، الجمعيات الخيرية هي المنظمات التي تهدف إلى توفير السلع أو الخدمات العامة دون السعي لتحقيق الربح أو الملكية. ومع ذلك ، قد يكون للجمعيات الخيرية سيطرة كبيرة على المستفيدين منها لأنها تستطيع تحديد من يتلقى أي نوع من المساعدة وتحت أي ظروف. من ناحية ، قد يمكّن هذا المؤسسات الخيرية من تكييف تدخلاتها وفقًا لاحتياجات وسياقات محددة دون التقيد بالقواعد البيروقراطية أو قوى السوق. من ناحية أخرى ، قد يعرض هذا أيضًا المؤسسات الخيرية لمعضلات أو انتقادات أخلاقية لأنها قد تفرض قيمها أو أجنداتها على المستفيدين دون أن تكون مسؤولة عن آثارها.

ذهب كل من أدولف برل وجارديز مينز فى مؤلفهما: الشركات الحديثة و الملكية الخاصة، الذى صدر عام 1932 إلى القول بأنه بسبب الفصل بين الملكية والسيطرة الذى أصبح واضحاً فى الشركات الأمريكية الكبرى خلال ثلاتينيات القرن العشرين، فإن القوة الاقتصادية بدأت فى الانتقال من أصحاب المشروعات الملاك (الرأسماليين) إلى المديرين. وقد ظهرت إلى حيز الوجود أطروحات مماثلة مارست تأثيرا واسعاً فى الخمسينيات (انظر على سبيل المثال مقال دانيل بل حول تدهور الرأسمالية العائلية الذى أعيد طبعه فى كتابه المعنون: نهاية الإيديولوجيا الذى صدر عام 1960). ثم ظهرت مرة أخرى فى الستينيات عندما صك جون كينيت جالبرايت مصطلح البناء التقنى فى كتابه الدولة الصناعية الجديدة، الذى صدر عام 1967، لإشارة إلى الطبيعة المؤسسية للقوة فى الاقتصادات الحديثة بدلاً من طبيعتها الشخصية السابقة. ففى رأى جالبرايت أنه بنشأة المؤسسة الحديثة، حلت هذه الشركات محل المنظمين الأفراد باعتبارها ذات شخصية اعتبارية وكقوة موجهة للاستثمار، من خلال الفكر الجماعى الموجه الذى يشمل كل الموظفين الذين يشغلون المواقع المختلفة التى تتوسط أعلى درجات الإدارة العليا وصغار الموظفين (التكنوقراطيون) الذين يسهمون فى عملية صنع القرارات الجماعية بالنيابة عن الشركة التى يكونونها ولصالحها.

وقد اكتسب هذا التغير الذى طراً على بؤرة التحليل مؤخراً مزيداً من قوة الدفع الذاتى تتيجة لما طرأ من تطورات على تخصص تاريخ الأعمال، خاصة فى أعقاب ظهور دراسات الفريد شاندلر فى التغير التنظيمى فى الشركات الأمريكية الكبيرة (انظر على سبيل المثال مؤلفه: اليد المرئية: الثورة الإدارية فى الأعمال الامريكية"، الصادر عام 1977). وقد أرسى مجمل هذا المذهب الفكرى كتاب دانيل بل "نشوء مجتمع ما بعد الصناعة"، الصادر عام 1973، الذى ذهب إلى القول بأن الدور المركزى الجديد للمعرفة فى عملية الإنتاج لم يغير فقط من توزيع القوة الافتصادية، ولكنه غير أيضاً من لب طبيعتها.

أما فيما يتعلق بقضية الملكية على وجه الخصوص، فقد ادعى بعض الدارسين (وبالطبع بعض السياسيين) أن التوسع المتزايد فى ملكية الأسهم وما صاحبه من زيادة النصيب النسبى الذى تمتلكه صناديق المعاشات والمؤسسات المالية الوسيطة الأخرى، قد أفضى فى نفس الوقت إلى تحول بنية الملكية فى المجتمعات الرأسمالية المتقدمة، كما جعلها أكثر ديموقراطية (انظر على سبيل المثال كتاب دركر: الثورة غير المنظورة، الصادر عام 1976.

و جاءت استجابة الماركسيين و أولئك الذين يتفقون معهم حول هذه القضية من شقين. ففى الشق الأول ذهبوا إلى أن الدراسات الإمبيريقية توضح أن قوة الأفرلد المالكين لم تتدهور كثيراً، وأنها لم تتدهور بصورة جذرية كما ادعي البعض. على العكس من ذلك، ووفقاً لهؤلاء الباحثين، فإن اتساع نطاق ملكية الأسهم لا تعنى سوى أنه أصبح من الممكن الأن أن تكون ذات تأثير هام على الأسلوب الذى تمارس بمقتضاه مجالس الإدارة سطوتها (فيما يتعلق بقرارات الاستثمار مثلاً)، فى حين أن نسبة ما هو مملوك لأعضائها قد لايزيد عن نسبة محدودة (تقل عن عشرة يالمائة) من مجمل الأسهم. فضلا عن ذلك، وكما ذهب مؤخرا بعض المهتمين بشبكات الملكية، وبسبب القوة المتولدة عن ملكية أنصبة صغيرة نسبياً وبخاصة ما إذا كانت هذه الأنصبة من الأسهم لشركات كييرة مهيمنة على الأسواق، فإن ذلك يمكن مالكيها من ممارسة القوة فيما وراء حدود شركاتهم، إما من خلال ممتلكات هذه الشركات أو بأنفسهم مباشرة بصفتهم ملاكاً. انظر على سبيل المثال، مقال مينتز وشوارتز، المنشور فى كتاب زوكين وديماجيو (محررين) "بنى رأس المال" (1990) أو سكوت "من يحكم بريطانيا"، الصادر عام 1990.

أما الشق الثانى من رد فعل الماركسية حول قضية الملكية والسيطرة، فقد غلب عليه التوجه النظرى، وهو ينطوى على الادعاء بأن قضية ملكية الأفراد فى مقابل ملكية المؤسسات لا تمثل أى مشكلة إلا بسبب رواسب المذهب الإنسانى فى معظم الفكر الماركسى، وهو الاتجاه الذى يتطلب منا إضفاء أولوية نظرية على عملية تحديد الحائزين الفعليين لعلاقات الملكية (أى الأفراد المحددين)، وليس (كما يذهب ماركس فى أطروحته السادسة حول فيورباخ) إلى تحديد العلاقات الاجتماعية للملكية، والسيطرة، وسندات الملكية التى تشكل هؤلاء الحائزين أنفسهم. وبسبب إضفاء الأولوية النظرية على هذه الأخيرة، و لأن الحائزين الفعليين المحددين على هذا النمو قد يكونون أشخاصا طبيعيين أو مؤسسات، فإننا نستطيع القول بوجود طبقة رأسمالية، رغم أنها قد لاتكون بالضرورة قابلة للتحديد بوضوح ككتلة من الناس يمكن وصفها بأنها طبقة بورجوازية، بغض النظر عن الطبيعة الملموسة لحائزيها أو العلاقات بينهم (انظر على سبيل المثال: وودى ويس: النظرية الاجتماعية فيما بعد الحداثة، الصادر عام 1990.

انظر أيضاً