فرض فيذرمان وجونز وهاوزر
فرض فيذرمان وجونز وهاوزر (يالإنجليزية: Featherman-Jones-Hauser hypothesis) يقرر هذا الفرض وجود تشابه عام بين القوميات فى معدلات الحراك الاجتماعى على مستوى "فرص الحراك النسبى" الأساسية. ففى كافة المجتمعات التى يسود فيها نظام للأسرة النووية واقتصاد للسوق، يكون نمط الحراك "واحداً فى جوهره". (انظر دراسة فيذرمان، وجونز وهاوزر بعنوان: "فروض البحث فى الحراك الاجتماعى فى الولايات المتحدة، دراسة حالة المكانة المهنية" المنشورة فى مجلة بحوث العلوم الاجتماعبة، عام 1975). ولقد ثار جدل كبير حول هذه الفرضية منذ نشر هذا المقال (انظر كتاب اريكسون وجولدثورب بعنوان: التدفق الدائم، المنشور عام 1992).
ويلاحظ أن الأسلوب الذى صيغت به هذه الأطروحة يثير مشكلتين أمام الباحث الذى يحاول إخضاعها للاختبار الإمبيريقى. المشكلة الأولى هى الهوة بين الصياغة اللقظية الفضفاضة للقضية من ناحية، و"نموذج السيولة الاجتماعية العامة" المؤكد الذى يتم اختبار هذا الفرض فى إطاره عادة. فالشق الأول من هذه الجملة يشير إلى وجود تشابه جوهرى، على حين يفترض الشق الثانى من نفس الجملة وجود فرض حراك اجتماعي متماثلة بين الأجيال عبر القوميات. أما المشكلة الثانية فتتمثل فى تحديد ما اذا كان ذلك الفرض قابلا للتطبيق على المجتمعات التى لا تعرف نظام السوق، مثل الدول التى كانت شيوعية فى شرق ووسط أوروبا.
والحق أن المشكلة الثانية أيسر حلاً من الأولى. فقد أثار فيذرمان وزملاؤه أنفسهم إمكانية تطبيق فروضهم على البلاد غير الرأسمالية أيضاً. ومن المؤكد أنه يمكن - على أية حال - توسيع الفرض بهذه الطريقة، حيث لاحظنا أن الباحثين الذين طبقوه فيما بعد حرصوا عادة على تضمين بحوثهم بيانات خاصة ببعض الدول الشيوعية (والتى كانت شيوعية).
ومع ذلك فإن عدم الدقة المصطلحية للفرض ما زالت تثير بعض المشكلات، بحيث أن الجدل حول ظروفه الإمبيريقية مازال حياً، ولم يتم حل تلك الصعوبات بعد. فنجد من ناحية بعض الباحثين ’ مثل اريكسون وجولدثورب - يذهبون الى أن تلك الصياغة (اللفظيه) الضعيفة أمر جيد فى حقيقته، وأن السمات الأساسية لنماذج السيولة العامة المشتركة بين القوميات يمكن تصويرها وبلورتها فيما يمكن أن يسمى "نموذج أساسى". وعلى الرغم من أن البيانات التى أوردوها من خمسة عشر بلدا توضح وجود بعض صور التباين بين القوميات وبعضها البعض، وهو تباين بمعدلات نسبية لم تتضح فى هذا النموذج. و لهذا قيل إن تلك التباينات ضئيلة القدر. من ناحية أخرى ذهب باحثون آخرون، مثل هارى جانزبوم H. Ganzeboom ورود لويكس R. Luijkx ودونالد ترايمان D. Treiman، ذهبوا إلى أن تحليل 135 جدولا للحراك الطبقى بين الأجيال، والمستمدة بياناتها من 35 دولة: "قد أسفر عن تأكيد أن فرضية السيولة الاجتماعية العامة غير صحيحة". وأوضحت نتائج بحوث هؤلاء العلماء أن: "التباين بين الدول لا يفسر سوى ثلث مجموع صور التباين فى مؤشرات الحراك، الأمر الذى يدل على وجود اختلافات مهمة بين البلاد". (انظر دراستهم بعنوان: "الحراك الطبقى بين الآجيال من منظور مقارن"، المنشورة فى مجلة : بحوث التدرج الطبقى والحراك، عام 1989).
والحق أنه من المصعب التحكيم بين تلك الآراء المتضاربة (مما عرضنا له أو لم نعرض)، وليس ذلك راجعافقط إلى تبنى كل منهامعايير مختلفة عن الآخرين لمقومات وعناصر نظام الحر اك الذى يعتقد "أنه واحد فى جوهره". ولكن هذا التضارب يرجع كذلك إلى أن تلك النتائج مشتقة من تحليل مجموعات ييانات بديلة، مصنفة وموثقة وفق مخططات طبقية (من بينها مخطط جولدثورب الطبقى) ذات مستويات مختلفة من التعقيد والثبات، وأنها نفذت تأسيسا على بعض الأدوات الإحصائية المتباينة تباينا شديدا. ومع ذلك يبدو أنه لا يوجد اتفاق عام على أن العنصر المشترك بين القوميات فى فرص الحراك النسبى يفوق بشكل لافت عتصر التباين بين القوميات.