فرانكو و برشلونة



جوزيب سونيول، اسم محفور بحروف من ذهب في تاريخ برشلونة وفي ذاكرة كل الكتالونيين،

وُلد في برشلونة في 21 يوليو 1898 من عائلة كتالونية عريقة معروفة بزعمائها الكتلانيين السياسيين، وكانت له مسيرة متألقة في المجتمع الكتالوني حيث شغل الكثير من المناصب السياسية والرياضية والثقافية،

فكان على سبيل المثال رئيس الاتحاد الكتالاني لكرة القدم ونائبا في البرلمان الكتالاني وأسس صحيفة رياضية، وكان مناضلا كتالانيا معروفا.

كان مشجعا لبرشلونة منذ الصغر، وبدأ ارتباطه الرسمي مع البرسا لما كان في عمر 27 سنة، حين أقفل الجيش الإسباني بأمر من حكومة مدريد ملعب البرصاآنذاك "ليس كورتس" بسبب هتافات جماهير برشلونة ضد الدكتاتور الإسباني وقتها "بريمو دي ريفيرا"،الذي أجبر رئيس البرصا وقتها "جوان غامبر" على مغادرة كتالونيا، فقرر "جوزيب سونيول" في نفس السنة 1925 الانخراط في النادي.

تألق "سونيول" في إدارة النادي وحاز إعجاب الأعضاء في إدارة برشلونة الذين عرضوا عليه رئاسة النادي في عام 1934،لكنه رفض العرض ورشح مكانه "إيستيف سالا" الذي ترأس النادي لموسم واحد كان إيجابيا جدا.

وفي العام الموالي أصر الأعضاء على "سونيول" لقبول الرئاسة ووافق، ليصبح رئيسا لبرشلونة في يوم 17 يوليو 1935 بإجماع أعضاء النادي.

وتألق "سونيول" في إدارة النادي حيث قاده لعدة ألقاب محليةوعدل أوضاع النادي المادية والإدارية، كما أسس صحيفة "لا رامبلا" الرياضية والتي تهتم أساسيا بالهوية الكتالانية،ولكن - كالعادة - قامت سلطات الحكومة بإغلاق مقر الصحيفة بالقوة ومنعها نهائيا من الصدور بسبب مقالة "سونيول" الأخيرة التي تحدثت عن العدالة الاجتماعية.

وفي عام 1936 سافر "سونيول" إلى مدريد لتلقي عليه - هناك - قوات فرانكو القبض، ويتم إعدامه رميا بالرصاص بدون محاكمة وذلك يوم 6 اغسطس 1936،والمثير للضحك أنه تمت محاكمته بعد 3 سنوات من قتله في مدريد في 9 فبراير 1939.

وبعد قتل رئيس النادي دخلت برشلونة في مرحلة خطيرة من تاريخ النادي،حيث قام الجيش الحكومي بمهاجمة مقر النادي وتدمير جزء كبير منه في 16 مارس 1938، حيث تم إتلاف الكثير من جوائز النادي وأرشيفاته ووثائقه، وتألق في هذه المحنة حارس برشلونة آنذاك "جوزيب كوبيلس" الذي أمضى أياما كثيرة في نقل ما تبقى من الوثائق والأرشيفات والجوائز إلى مكان آمن.

وبعد عدة أشهر قام الجيش الحكومي الفاشي باحتلال مدينة برشلونة بعد قصفها، وقام "فرانكو" بتعيين أحد مساعديه وهو "إنريك بينييرو" كرئيس على النادي الكتالوني وغير اسم النادي من اسمه الكتالاني (Futbul club Barcelona)، إلى اسم إسباني (Club de Futbol Barcelona)،واستمر هذا الاسم غير المرغوب فيه إلى غاية 1973، حيث استرجع النادي اسمه الأصلي، كما قام "فرانكو" بتغيير علم كاتلونيا في شعار النادي، لكن العلم عاد للشعار في 1949،

ورغم كل هذه الصعاب فإن النادي تمكن من الفوز بكأس إسبانيا في عام 1942،وفي الموسم الموالي، تواجهت برشلونة مع الريال مدريد في الكاس وفازت برشلونة في الذهاب ب 3 - 0،وفي الإياب في مدريد انتهى الشوط الأول لبرشلونة على أرض مدريد 1 - 0،وفي الاستراحة بين الشوطين دخلت قوات الشرطة إلى غرفة تغيير ملابس برشلونة لتهديد اللاعبين والاعتداء عليهم،وانتهت المباراة الشهيرة بفوز مدريد 11 - 1 والتي ألغيت من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم(الفيفا) !!!!

وهذا الاعتداء المثير للسخرية لم يرق للرئيس "بينييرو" على الرغم من كونه مساعدا لفرانكو عينه هذا الأخير رئيسا للبرسا للسيطرة عليها،فقدم استقالته من رئاسة النادي احتجاجا على هذا الاعتداء. ورغم كل هذا فازت برشلونة بالدوري الأسباني (لا ليغا) مواسم 1944/45، و1947/48، و1948/49، كما فازت بالكأس اللاتينية التي تضم أبطال إسبانيا وإيطاليا والبرتغال وفرنسا في عام 1949، وأصبح النادي يبلغ من العمر 50 عاما ويضم في ذلك الوقت 24 ألفا و 893 عضوا منخرطا وفي رصيده 21 بطولة كتالونيا، و9 كؤوس إسبانيا و4 بطولات ليغا يظن البعض أن نظام "فرانكو" مات وانتهى بموت "فرانكو" في أواسط السبعينات، وهذه نظرة قاصرة جدا، فالأنظمة آلة لا تموت دائما بموت مؤسسيها، بل إنها تبقى طالما أنها تستفيد منها ثلة ،فنظام "أتاتورك" في تركيا ما زال قائما رغم موت مؤسسه، وكذا نظام "فرانكو" ما زالت آثاره موجودة رغم أنها في نقصان، ومن الجدير بالذكر أنه رغم موت "فرانكو" إلا ان حكومة مدريد رفضت تسليم جثة "جوزيب سونيول" لأهله في كتالونيا، ولكن وفي عام 1996 قامت مطالبات قوية في كتالونيا بتسليم الجثة تقودها جمعية اسمها

(Els Amics de Josep Sunyol)أصدقاء "جوزيب سونيول"، ورضخت الحكومة لهذه المطالب وسلمت الجثة بمناسبة الذكرى 60 لموت رئيس برشلونة.