فرانسيس هربرت برادلي
فرانسيس هربرت برادلي Francis Herbert (F.H.) Bradley (و. 1846-1924م). فيلسوف مثالي بريطاني من أتباع المثالية المطلقة. أعطى مؤلفه الرئيسي المظهر والواقع (1893م)، الخطوط الأولى لفكرة الواقع (الحقيقة) على أنه كائن فوقي أو مطلق. اعتقد برادلي أن أحسن مايوصف به الواقع هو أنه وحدة متناسقة حيث تتلاشى التناقضات في التجربة الشخصية. إنها لاتدرك بالتحليل العقلي ولكن بالتناظر، كما يصعب تمييزها عن التجربة الإنسانية. إن ترجمة برادلي للمثالية المطلقة هي تبنيه الجدلي لفلسفة الفيلسوف الألماني هيجل.
وُلد برادلي في جلاسبري، في ويلز ببريطانيا.
حياته
ولدفيسنة١٨٤٦ فيكلافم 20200ا، وتعلم فيكلية الجامعة يجامعة أوكفورد . وفي سنة .١٨٧ إنتخب زميلا في كلية مرتون Merton بجامعة أوكسفورد لمدة لا تنتهي إلا بالزواج . ولما كان برادلي لم يتزوج ، وكانت الزمالة لا تفرض عليه ان يقوم بالتدريس ، فإن برادلي لم يقم بالتدريس وظل زميلا بكلية مرتون مدى حياته ، متفرغاً للتأليف وحده .
وكان أول مانشره رسالة بعنوان : ا مفترضات التاريخ النقدي , ( أوكفورد سنة ١٨٧٤ ) . وتلاه بكتاب ٠ دراسات أخلاقية I ( لندن ، سنة ١٨٧٦ )، ثم ٠ مبادىء المنطق I ( لندن ، سنة ١٨٨٣ )، ثم كتابه الرثيسي : ٠ المظهر والواقع I ( لندن سنة ١٨٩٣ ) . كما أعاد نشر بعضها في كتاب بعنوان : ٠ مقالات عن الحقيقة والواقع، ( أوكسفورد، سنة ١٩١٤) ونشر البعض الآخر في كتاب بعنوان : «مقالات مجموعة» ( أكسفورد سنة ١٩٣٥ )
فلسفته
تنعت فلسفة برادلي بأنها ٠ هيجلية جديدة» ، ولكن هذا الوصف غيردقيق لوجود اختلاف بين مذهب هيجل وآراء برادلي بعامة . فهيجل عقلي توكيدي خالص ، بينما مذهب برادليمزيج من الشك والإيمانية Fideism . وديالكتيك هيجل يكاد يكون مفقوداً في منطق برادلي . وربما كان الجامع بينما هو تحدث كل منهما عن « المطلق» The Absolute على تفاوت في فهم كل منط لهدا اللفظ.
المظهر والحقيقة، المطلق
لقد سعى برادلي إلى النظر إلى العالم ككل. وفي سبيل ذلك بين أن النظر إلى العالم على أنه مؤلف من موضوعات
منفصلة هونظرمتناقض مع نفسه . ويقرر ان العالم واحد ، والواقعالحقيقيواحد ، والعالم ليس فيه موضوعات منفصلة عن بعضها البعض ، وكل ما يبدو في الظاهر من اختلافات ماله إلى الزوال .
وفي مقدمة كتابه « المظهروالواقع» Appearance and Reality ( ١٨٩٣ ) يصف برادلي الميتافيزيقا بأنها I البحث عن أسباب رديئة لمانعتقده بالغريزة الكن هذالايمنعه من الخوض في الميتافيزيقا وأن يكتب عنها هذا الكتاب الذي يقع في أكثر من ستمائة صفحة . ذلك انه رأى أن هناك تجارب عن أشياء تتجاوز العالم المادي . فنحن في حاجة إلى الميتافيزيقا لفهم هذه التجارب بالقدر الذي يمكن به فهمها . إن الميتافيزيقا تنقذنا من المادية الغليظة ومن التزمت القطعي في آن واحد معا .
وكتاب « المظهر والواقع» ينقسم إلى قسمين : الأول في المظهر، والثاني في الواقع . وفي القسم الأول يدرس الموضوعات التقليدية في الميتافيزيقا، مثل : الزمان ، المكان ، الإضافة ، الكيف ، العلية ، الذات . وينتهي من هذه الدراسة الى تقرير ان الحلول التي قدمت للمشاكل التي تثيرها هذه الموضوعات - ليست حلولا محددة ، ولو نظر إلى العالم من خلال هذه الحلول لبدا متناقضا ، أي مظهرا Appearance .
ويتناول أول ما يتناول مشكلة الكيفية ، فيقول إن الذين يقمون الكيفيات إلى أولية وثانرية يقصدون بالأولى الأحوال المكانية للأشياء المدركة بالحس ، وبالثانية سائر الصفات، ويقررون أن الأولى ثابتة دائمة تتوقف على نفسها وواقعية ، بينما الثانية - مثل اللون والحرارة والبرودة والطعم - تتوقف على مدركها بالحس . لكن برادلي يرى أن كلا النوعين - الصفات الأولية والصفات الثانوية - على السواء، نسبة الى المدرك، وكلها مظاهر. لكن لها مع ذلك أصلا من الموضوعية، لأنه حتى في مقولة الإضافة لا بد من وجود موضوع، فلو قلنا مثلاً : ٠ المنضدة على يسار الكرسي » ، فإن الإضافة :على يسار لا تقوم إلا إذا كانت هناك منضدة وكرسي . وينتهي برادلي إلى هذه النتيجة . وهي أن تقيم الصفات إلى أولية وثانوية تقسيم خطأ، وما هذا التقسيم إلا مظهر فحب .
ويتمر برادلي على هذا المنوال ليبين أن الزمان والمكان والموضوعات والذوات هي مجردمظاهر، وليست وقائع .
والخاصية المنطقية للواقع هي أنه لا يناقض نفسه ، والطاع الميتافيزيقي للواقع هو أنه واحد، والخاصية الايستمولوجية للواقع هي أنه تجربة .
وهذا ما يشغل القسم الثاني من كتاب ٠ المظهر والواقع , . فنحن إذا تساءلنا : هذه كلها , مظاهر» لأي شى ء ؟ لكان الجواب انها مظاهر لواقع هو ٠ المطلق» The Absolute . ما هو هذا , المطلق» ؟ يجيب برادلي بأننا لا نستطيع تحقيق رؤية واضحة عنه. «إذ لفعل هذا سيكون علينا ان نكون التجربة الموحدة الشاملة التي تكون المطلق» ، وسيكون علينا ان نخرج من جلودنا ، إن صح هذا التعبير. لكن يمكن أن تكون لدينا معرفة محدودة بالمطلق إذا تصورناه بمراعاة لنظير مع التجربة الأساسية التي تقوم على اساسها التمييزات بين الذات والموضوع، وبين مختلف الموضوعات . وبهذا المعنى فإن التجربة يمكن أن تكون معرفة غامضة بالواقع الذي هو افتراض الميتافيزيقا والذي يحاول الميتافيزيقي أن يدركه على مستوى اعلى . وبرادلي ، بهذا ، يعترف يالافتراض القائل بأن الميتافزيقا تفترض موضوعها مقدما ، لكنه لا يعده اعترافا ، بل إيضاحاً لطبيعة الميتافيزيقا .
وللواقع صفتان أساسيتان هما : الوجود ، والخصائص Characteristics . , والحقيقة هي موضوع التفكير، وهدف الحقيقة هو وصف الوجود فكرياً ٧ااهن1 » . « والحقيقة حمل مضمون يكون متسقاً حين يحمل ، ويزيل عدم الاتساق inconsisting وبالتالي يزيل القلق» . لكن الحقيقة لا تكون ابداً كاملة التطابق Adequate . ذلك لأن المحمول فكري اهءه1 وليس واقعياً Real ولهذا فإن كل حقيقة هي حقيقة جزئية ويمكن دائماً التوسع فيها والامتداد بها إلى ما هو أكثر حقيقة .
الأخلاق
ويتناول برادلي موضوع الأخلاق في كتابم »دراسات اخلاقية ٠ ( سنة ١٨٧٦ ) . وهو يرى أن وظيفة علم الأخلاق , ليست ان تجعل العالم اخلاقياً ، بل أن تجعل من لأخلاق السارية في العالم نظرية» . ولهذا يبدأ برادلي بالبحث في هذه الأخلاق السارية في العالم.
ماذا يقصد الناس حين يقولون : فلان مسؤول اخلاقياً ؟ إن المسؤولية الأخلاقية معناها ان الشخص يتحمل النتائج المترتبة على كل او معظم الأفعال التي يرتكبها . وأنه مسؤول وقبل سلطة اخلاقية معينة . ويجب أن يكون هو نفس الشخص الذي ارتكب الفعل والذييتحملنتائجه ، ويجب أن يكون على قدر من الذكاء ( العقل ) ، وان يكون قادراً على تمييز
الأفعال قبيحها من حنها . لكن الشخص لا يمكن أن يكون سؤولا عنكلفعل فعله .فهو مثلاً ليس مسؤولاً عن فعل أجبر على اتيانه قسراً وقهراً دون إرادة منه ولا رغبة . إن الفعل لأخلاقي يجب ان يكون حراً ، اي ان صاحبم لم يكن مقسوراً علىفعله.
وبالنسبة إلى الإنسان العادي لا يمكن أن عد مسؤولاً اخلاقياً عن فعلما، إلا إذا كان هونفس الشخص الذي رتكب الفعل . فإن كان هذا الفرض صحيحا ، فإنه يستبعد ذلك الضرب من الجبرية القائم على علم النفس الترابطي ويقضي على كل هوية ذاتية دائمة . يقول برادلي : ٠ بدون الهوية الشخصية تصبح المسؤولية هراء، وفي علم نفس أصحاب نا القائلين بالجبرية فإن الهوية الشخصية ( مع الهوية برجم عام ) تعود كلمة بدون اثر من معنى» . («دزاسات أخلاقية» ص ٣٦،
ومن ناحية أخرى ، فإن الإنان العادي يعتقد أنه لا يمكن ان يعد مسؤولاً من الناحبة الأخلاقية عن فعل ما إلا إذا كان هو الفاعل الحقيقي له ، وأن يصدر عنهكما يصدر المعلول عن العلة . لكن هذا الافتراض يتبعد نظر ية ال لاجبرية indeterminism التي تقول إن الفعل لإنسان الحر ليس معلولاً وتقضي على العلاقة بين فعل الإنان وذاته أو أخلاقه ، لأن الفاعل ، كما تصوره هذه النغلرية ، هوشخص غير سؤو ل، هو ابله ( إن كان شبئا ما)( الكتاب نفه ، ص ١٢)،
وما يهدف إليه برادلي من هذا كله ليس الاعتماد على ما يتصوره الرجل العادي . بل إثبات أن كلتا النظريتين : الحتمية واللاحتمية ، تتنافيان مع الضمير الأخلاقي . والنتيجة الإيجابية هى أن الضمير الأخلاقى للإنان العادي يؤذن بعلاقة وثيقة بين لافعال التي يمكن أن يكون المر، مسؤولاً عنها بحق ، وبين ذات الإ نان أي أخلاقه .
والغاية من الأخلاقية ، أي من الفعل الأخلاقي - عند برادلي - هي تحقيق الذات . لكن معنى هذ أيضا أن الخير للانسان لا يمكن أن يكون هو» الشعور بتحقيق الذات» أو أي نوع من أنواع الشعور . لهذا يستبعد مذهب السعادة Hedonism لأنه يقوم على الثعور باللذة بوصفه خير الإنا ن . أما إذا أدخلنا عنصر الكيفية في الموازنة بين اللذات ، كما فعل جون استيورت مل 5. Mill .ل فإننا نقضي على هذا المعيار ونحتاج إلى معيار آخر غير الشعور باللذة ، ومذ ا نحن نتخلى عن مذهب السعادة .
والواقع - فيما يرى برادلي ، هو ان مذهب السعادة بجعله اللذة هى الخير الوحيد ، قد صار نظرية منحازة إلى جانب واحد . ومن النظريات المنحازة إلى جانب واحد أيضاً نظرية كنت!20 في الواجب الأخلاقي الداعية إلى اداء الواجب للواجب نفسه. إن كنت يدعونا إلى أخلاق الإرادة الخيرة ، لكنه لا يخبرنا بثي ء عن ماهية هذه الإرادة الخيرة ، ويتركنا مع تجريد لا فائدة منه . وبالجملة فإنه يأخذ على اخلاق كنتماأخذهعليها هيجل وهو كونها شكلية محضة . فما هو المضمون الذي يريد برادلي ان يعطيه للإرادة الخيرة ؟ يقول إن المضمونهو الإرادة الكلية ، إرادة الهيئة الاجتماعية، بمعنى ان تتحدد واجبات الفرد من حيث كونه عضوا في مجتمع ، والاخلاق تكون تبعاً لذلك هي إرادة وضع الاجتماعي للإنسان والواجبات المنحدرة عنذلك، إن الإرادة الكلية هي عنده إذن إرادة المجتمع . وإذا سألت برادلي : وما هي إرادة المجتمع ؟ لم يجر جواباً . لقد وقع في نفس الشكلية التي اخذها على كنت ، بل وأسواً منها والسبب في ذلك أنه سار في أثر هيجل ها هنا دون تبصر. بل ان برادلي بهذا يدين نفسه بنفسه ، لأنه سيجعل يهذا الأخلاق نسبية إلى المجتمع الذي ينتسب إليه الفرد. فأين إذن هذا ،المطلق»' الذي طالما تغى د؟!
المنطق
ولبرادلي في المنطق كتاب جيد، عنوانه : امبادى المنطق» ٥f Logic The Principles ( سنة ١٨٨٣ ) وفيه يؤكد ضرورة الفصل بين علم امنطق وعلم النفس بعد ما خلط بينهما جون ستيوارت مل ، لأنا لو خلطنا يينهما لوجدنا أنفسنا نعطي إجابات نفسية عن أسئلة منطقية بحت .
وهو يدأ بالفحص عن طبيعة الأحكام في المنطق ، فيقرر ان I الحكم ليس مركبا من الأفكار، بل هو إشارة مضمون فكري إلى الواقع ' ( ح ١ ص ٥٦ ) والموضوع النهائي لأي حكم هو الواقع : ومفاد الحكم هو اأن الواقع هو بحيث أن ع ( = الموضوع) هوح ( المحمول ) (ح ٢ص ٦٢٣ ) .
وإذا كان , الواقع» هو الموضوع النهاثي لكل حكم ، فالنتيجة لهذا هي أنه كلما كان الحكم اكثر جزئية ، فإنه يكون اقل قدرة على وصف موضوع الحكم . وانكر أن يكون تقدم امعرفة يتم من الجزئيات إلى الكليات ، أو من الجزئيات إلى الجزثيات كما زعم مل . ومن ثم أنكر الاستقراء كما فهمه مل
ومن تبعه من واضعي ال متون في المنطق. ذلكأن برادلي رأى أن خطأ التجريبية يقوم في دعواهم ان المعرنة يمكن ان تبدا من الجزئيات المنفصلة المستقلة . والحجة التي يسوقها برادلي للتدليل على رأيه هذا هي ان الاستنتاج Inference لا يمكن ان يتم إلا على اساس الكليات ، لا الجزئيات ، وبالتالي لا يمكن ان يكون الاستنتاج انتقالاً من جزئيات إلى جزئيات او من جزئيات إلى كلي . ذلك ان الاستنتاج يفترض قضايا والقضايا تفترض حدوداً كلية ، اي تفترض العموم والكلية . ومن أجل هذا قام برادلي بنقد مفصل عميق لقواعد المنهج عند مل، واستعان في ذلك ايضاً بما كتبه هوول Whewell في كتابه I فلسفة الاكتعاف , .
مؤلفاته
- The Presuppositions Of Critical History, Chicago: Quadrangle Books, 1968.
- Ethical Studies, 1876, Oxford: Clarendon Press, 1927, 1988.
- Principles of Logic. London, 1883
- Appearance and Reality, London : S. Sonnenschein ; New York : Macmillan , 1893. (1916 edition)
- Essays on Truth and Reality, Oxford: Clarendon Press, 1914.
- The Principles of Logic, London:Oxford University Press, 1922. (Volume 1)/(Volume 2)
- Collected Essays, vols. 1-2, Oxford: Clarendon Press, 1935.
Trivia
- The literary scholar A. C. Bradley was his younger brother.
- The poet T. S. Eliot wrote a Harvard Ph.D. thesis on Bradley's work but was never granted the degree.
- He has a middle school named after him in Huntersville, North Carolina: Francis Bradley Middle School.