فتنة خلق القران
هذه المقالة يتيمة حيث أن عددًا قليلاً من المقالات أو لا مقالات إطلاقًا تصل إليها. ساعد من فضلك بإضافة وصلات في المقالات ذات العلاقة. (أغسطس_2011) |
هذا المقال أو المقطع ينقصه الاستشهاد بمصادر. الرجاء تحسين المقال بوضع مصادر مناسبة. أي معلومات غير موثقة يمكن التشكيك بها وإزالتها. وسم هذا القالب منذ: أغسطس_2011 |
فتنة خلق القران
في عهد الإمام أحمد وقبله ظهرت فتنة خلق القرآن، وكان يقوم بها المعتزلة، فيقولون: إن كلام الله عز وجل مخلوق من جملة المخلوقات وليس وصفاً من أوصاف الله عز وجل فهو غير قائم بالله بل هو مخلوق منفصل عن الله، فلا يفرقون بين السماء وبين كلام الله ولا بين الأرض وبين كلام الله، فالكل كما يقولون مخلوق، وكذلك الأنعام والمطر، فالكل منزل، ولا شك أنه يلزم على قولهم لوازم باطلة، فيلزم أن يصح قول من يقول: كلام الناس هو كلام الله لأن كلام الناس مخلوق، ويلزم على ذلك إبطال التقسيم في قوله تعالى: {ألا له الخلق والأمر}، فإن الأمر إنما يكون عن طريق الكلام، فإذا صار الكلام مخلوقاً فالكل مخلوق وليس هناك خلق وأمر بل ليس هناك إلا خلق. ويؤدي كذلك إلى إبطال دلالة القرآن الكريم، وله لوازم كثيرة ذكرها أهل العلم في الكتب
فتنة الامام احمد بن حنبل
وقد امتُحِنَ الإمام أحمد وغيره من أهل العلم لأن المأمون وكان خليفة المسلمين تزعم قيادة هذا القول ودعا الناس إليه، وكما هو معلوم إذا التزم الحاكم شيئاً يصعب على الناس الخروج عنه، فلم يصبر على مخالفة هذا إلا أفذاذ قليلون من الرجال، وكان هو الذي صمد صموداً تاماً كاملاً ولهذا انصب عليه العذاب والحبس واشتهر بهذا وحمى الله به عقيدة أهل السنة من القول بخلق القرآن، فبقي الناس والحمد لله يقولون: "القرآن كلام الله منزل غير مخلوق".
والمأمون الخليفة العباسي ابن هارون الرشيد، قال: بأن القرآن مخلوق، وكذب على الله، فالقرآن كلام الله عز وجل، والله يتكلم بما شاء متى يشاء، لم يزل متكلماً سبحانه وتعالى، يقول عز من قائل: ((أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ))، فالأمر هنا القرآن. فقال هذا الخليفة: بأن القرآن مخلوق، واستخدم السيف ليثبت هذه القضية في الأمة، وقتل ما يقارب ألفاً من العلماء الكبار من علماء الأمة. من زملاء الإمام أحمد، وملأ السجون بكافة العلماء، فبعضهم أجاب خوفاً من السيف، وبعضهم رفض وقال: لا أجيب فقتل في الحال، ومنع التدريس في المساجد، ومنعت الخطابة إلا للمعتزلة، وانتشر الشر الكثير، فنصر الله الإسلام بالإمام أحمد بن حنبل، الذي وقف وحده، وقال: لا والله، القرآن كلام الله. فطلبه الخليفة. قال الإمام أحمد : أخذت من بيتي وسط الليل، وأنا أصلي فوضع الحديد في يدي، وفي رجلي، حتى كان الحديد أثقل من جسمي، ووضعت على فرس، فكدت أسقط ثلاث مرات كل مرة أقول: اللهم احفظني، فكان يردني الله حتى أتساوى على الفرس (احفظ الله يحفظك)، وكان الجندي الذي معه يضرب الفرس لعل الإمام أحمد يسقط على وجهه. قال: فلما أدخلت السجن سحبت على وجهي، فنزلت فكنت أستغفر الله، قال: فلا أدري أين القبلة، ولا أدري أين أنا في ظلام، وفي وحشة لا يعلمها إلا الله، فكنت أقول: حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. قال: فمددت يدي، فإذا بماء بارد، فتوضأت منه، وقمت أصلي إلى الفجر، انظر إلى حفظ الله حتى في الساعات الحرجة، لا ينسى ربه تبارك وتعالى لأنه العون. فالزم يدك بحبل الله معتصماً فإنه الركن إن خانتك أركان قال: فلما أصبح الصباح حملت على الفرس ثانية، وما طعمت طعاماً، وكدت أسقط من الجوع، فأدخلت على المعتصم الخليفة الثاني، الخليفة العسكري، صاحب عمورية، فلما دخلت عليه هز السيف في وجهي، وقال: يا أحمد، والله، إني أحبك كابني هارون فلا تعرض من دمك لنا. فقال الإمام أحمد : ائتوني بكتاب الله، أو بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فدعي بالجلادين، ودعي بجبار من الجبابرة، وقال له: اضرب هذا الرجل، يعني: الإمام أحمد، فجلده مائة وستين سوطاً، حتى غشي عليه ثم استفاق. فكان يقول: لا إله إلا الله، حسبي الله ونعم الوكيل؟ لأنها أطول كلمات، ولأنها قوة هائلة، ولأنها قوة فتاكة ((حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)). يقول ابن عباس رضي الله عنهما: [قالها إبراهيم فنجاه الله من النار، وقالها محمد فنجاه الله من كيد الكفار صلى الله عليه وسلم] (1). ورفض أن يجيب حتى تمزق ظهره من كثرة الجلد، فرفع على الفرس وأعيد. وبقي في السجن ثمانية وعشرين شهراً سرد الصيام في هذه الفترة، كما قال ابنه عبد الله فما أفطر يوماً واحداً. ثم في الأخير عرض على السيف، ورفض فلما أعجزهم، وأكلّهم وأملّهم أعادوه إلى بيته، فأنزلوه، وهو جريح. يقول ابنه عبد الله : دخل أبونا علينا في الليل بعد ما أطلق من السجن، قال: فأنزلناه من على الفرس فوقع من التعب، ومن الإعياء، ومن الضعف والهزال، والمرض على وجهه فبقي أياماً، ثم تولى الخلافة المتوكل، فنصر السنة، وأتى بالمال والذهب إلى الإمام أحمد، فبكى الإمام أحمد، وقال: والله، إني أخاف من فتنة النعمة أكثر من فتنة المصيبة والمحنة، فرفض، وما أخذ شيئاً وبقي على هذا الحال.
مناظرة بين الإمام أحمد والمعتزلة في حضور المعتصم، وإفحامه إياهم أشد إفحام :
قال السجزي : (أتيت إلى باب المعتصم وإذا الناس قد ازدحموا على بابه كيوم العيد، فدخلت الدار، فرأيت بساطاً مبسوطاً وكرسياً مطروحاً، فوقفت بإزاء الكرسي، فبينما أنا قائم فإذا المعتصم قد أقبل، فجلس على الكرسي، ونزع نعله من رجله، ووضع رجلاً على رجل، ثم قال: يحضر أحمد بن حنبل؛ فأحضر، فلما وقف بين يديه وسلم عليه
قال له: يا أحمد تكلم ولا تخف
فقال أحمد: والله يا أمير المؤمنين لقد دخلت عليك وما في قلبي مثقال حبة من الفزع
فقال له المعتصم: ما تقول في القرآن؟
فقال: كلام الله، قديم غير مخلوق، قال الله عز وجل: "وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله"
فقال له: عندك حجة غير هذا؟
فقال أحمد: نعم يا أمير المؤمنين، قول الله عز وجل: "يس والقرآن الحكيم"، ولم يقل: يس والقرآن المخلوق
فقال المعتصم: احبسوه
فحبس وتفرق الناس، فلما أصبحتُ قصدتُ الباب، فأدخل الناس فأدخلت معهم، فأقبل المعتصم وجلس على كرسيه، فقال: هاتوا أحمد بن حنبل؛ فجيء به، فلما أن وقف بين يديه قال له المعتصم:
كيف كنت يا أحمد في محبسك البارحة؟
فقال: بخير والحمد لله، إلا أني رأيت يا أمير المؤمنين في محبسك أمراً عجباً
قال له: وما رأيت؟
قال: قمتُ في نصف الليل فتوضأت للصلاة، وصليت ركعتين، فقرأت في ركعة "الحمد لله"، و"قل أعوذ برب الناس"، وفي الثانية "الحمد لله" و"قل أعوذ برب الفلق"، ثم جلست وتشهدت وسلمت، ثم قمت فكبرت وقرأت "الحمد لله" وأردت أن أقرأ "قل هو الله أحد"، فلم أقدر، ثم اجتهدت أن أقرأ غير ذلك من القرآن فلم أقدر، فمددت عيني في زاوية السجن، فإذا القرآن مسجَّى ميتاً، فغسلته وكفنته وصليت عليه ودفنته !
فقال له: ويلك يا أحمد، والقرآن يموت؟
فقال له أحمد: فأنت كذا تقول إنه مخلوق، وكل مخلوق يموت
فقال المعتصم: قهرنا أحمد، قهرنا أحمد
فقال ابن أبي دؤاد وبشر المريسي (كبار شيوخ المعنتزلة) : اقتله، حتى نستريح منه
فقال: إني قد عاهدت الله أن لا أقتله بسيف ولا آمر بقتله بسيف
فقال له ابن أبي دؤاد: اضربه بالسياط؛ فقال: نعم
ثم قال: أحضروا الجلادين؛ فأحضروا
فقال المعتصم لواحد منهم: بكم سوط تقتله؟
فقال: بعشرة يا أمير المؤمنين؛ فقال: خذه إليك
قال سليمان السجزي: فأخرج أحمد بن حنبل من ثيابه، وائتزر بمئزر من الصوف، وشدَّ في يديه حبلان جديداً، وأخذ السوط في يده، وقال: أضربه يا أمير المؤمنين؟
فقال المعصتم: اضرب؛ فضربه سوطاً
فقال أحمد: الحمد لله
وضربه ثانياً، فقال: ما شاء الله كان
فضربه ثالثاً: فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
فتقدم إليه ابن أبي دؤاد وقال له: يا أحمد، قل في أذني إن القرآن مخلوق حتى أخلصك من يد الخليفة
فقال له أحمد: يا ابن أبي دؤاد، قل في أذني إن القرآن كلام الله غير مخلوق، حتى أخلصك من عذاب الله عز وجل).