فاطمة الزهراء

فاطمة الزهراء (18 ق.هـ- 11هـ، 605 - 632م) بنت الرسول محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب، من أول زوجاته أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، القرشية الهاشمية، صُغْرى بنات النبي، وأم السبطين الحسن والحسين من زوجها وابن عم أبيها علي بن أبي طالب. ولدت يوم الجمعة 20 جمادى الآخرة في السنة الخامسة بعد البعثة النبوية بعد حادثة الإسراء والمعراج بثلاث سنوات (حسب الروايات الشيعية)، أو في السنة الخامسة قبل البعثة النبوية في مكة، والنبي له من العمر خمسة وثلاثين عامًا (حسب روايات أهل السنة والجماعة).

وفاطمة من نابهات قريش وإحدى الفصيحات العاقلات. تزوجها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وسنّها خمس عشرة وقيل ثماني عشرة سنة، وولدت له الحسن والحسين وأم كلثوم وزينب رضي الله عنهم جميعًًا. ولم يكن لرسول الله ³ نسلٌ إلاّ من نسل فاطمة.

تُعَدْ فاطمة الزهراء من ضمن النساء العربيات اللاتي عرفن بالبلاغة والفصاحة حتى أن ابن طيفور المتوفى 280 هجرية أورد خطبها في كتابه بلاغات النساء ناقلًا عن أبي الحسين زيد بن علي بن الحسين قوله: رأيت مشايخ آل أبي طالب يروونه عن آبائهم ويعلمونه أبناءهم.

لقبت بالزهراء وبالبتول، وقيل سميت بالبتول لعلو مكانتها وسمو منزلتها. وكانت أحب الناس إلى رسول الله. وكان يقول: (فاطمة سيدة نساء أهل الجنة) رواه البخاري. وقالت عائشة رضي الله عنها: "ما رأيت أحدًا كان أشبه كلامًا وحديثًا برسول الله من فاطمة". وكانت إذا دخلت عليه قام إليها فقبّلها ورحّب بها كما كانت تصنع هي به. وقالت أيضًا: "ما رأيت قط أحدًا أفضل من فاطمة غير أبيها". صلـّى الله على رسول الله وآله وسلم.

عاشت على قدرها وشرف نسبها عيشة شظف. ولما علم زوجها عليّ رضي الله عنه أنّ النبي قد جاءه خدم، قال لفاطمة: لو أتيت أباك فسألته خادمًا، فأتته... ثم كان من أمرها أنها استحيت ورجعت ولم تكلمه، فلحقها النبي وسألها عن حاجتها، فسكتت أيضًا حياءً، فأخبره علي رضي الله عنه بحقيقة الأمر، فقال النبي: (والله لا أعطيكما وأدَعُ أهل الصُّـفَّـة تطوى بطونهم لا أجد ما أنفق عليهم). ثم قال لهما: (ألا أدلكما على ما هو خير من خادم)، فقالا: بلى فقال: (كلمات علمنيهن جبريل: تسبحان في دبر كل صلاة عشرا وإذا أوَيْتُما إلى فراشكما فسبحا ثلاثًا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين، وكبرا أربعًا وثلاثين) الحديث في الصحيحين ومسند أحمد.

عاشت بعد أبيها ستة أشهر. لها في كتب الصحاح 18 حديثًا، وروى عنها ابناها الحسن والحسين وأبوهما عليّ بن أبي طالب وعائشة وأنس بن مالك وآخرون.

وقد صنِّفت في مناقبها وفضلها كتب كثيرة منها: الثغور الباسمة في مناقب السيدة فاطمة للسيوطي، ولعمر أبي النّصر فاطمة بنت محمد، ولأبي الحسن الرّندي النجفي كتاب مجمع النورين، وغير ذلك.

توفيت ليلة الثلاثاء ثالث أيام رمضان سنة 11هـ وصلى عليها زوجها علي، ودفنت بمكة في زاوية في دار عقيل بن أبي طالب، رضي الله عنهم.

بداية حياتها

نسبها

ولادتها

هناك اختلاف في تاريخ ولادتها، يذهب أهل السنة والجماعة قبل البعثة النبوية بخمس سنين وقريش تبني البيت يوم حكم والدها النبي محمد في النزاع حول الحجر الأسود في مكانه.

بينما ذهب ابن عبد البر والحاكم إلى أنها ولدت وعمر النبي إحدى وأربعون عامًا أي بعد سنة من البعثة النبوية.

وذهب أكثر الشيعة إلى أن فاطمة الزهراء ولدَتْ بعد البعثة النبوية بخمسة أعوام في أول شهر جمادى، لكن الشيخ المفيد في حدائق الرياض وقد نقل عنه الكفعمي في مصباح المتهجد والعدد القوية يرى أنها ولدت بعد عامين من البعثة. وانفرد ابن أبي الثلج البغدادي في تاريخ الأئمة برأي وافق فيه علماء أهل السُّنَّة في أنها ولِدَتْ قبل البعثة بخمس سنوات وقريش تبني البيت.

فبينما يكاد علماء الشيعة يجمعون على أن عمرها عند وفاتها كان ثمانية عشر عامًا ومنهم: المجلسي والطبرسي والكليني والإربلي والنيسابوري والشيخ الصدوق وابن شهر آشوب، يرى أغلب أهل السُّنَّة ومنهم ابن عبد البر أن عمرها كان عند الوفاة تسعة وعشرون عامًا ، غير أن هناك اتفاقًا على أن فاطمة كانت أصغر بنات رسول الإسلام محمد بن عبد الله.

وعلى جانب آخر تقول بعض الروايات الشيعية أن خديجة بنت خويلد ما كانت تشعر بثقل حملها، وكانت تكلّم فاطمة وهي جنين لتؤنسها وتسلّيها.

نشأتها

شَهَدَتْ فاطمة منذ طفولتها أحداثًا جسامًا كثيرةً، فقد كان النبي يعاني من اضطهاد قريش وكانت فاطمة تُعِينهُ على ذلك الاضطهاد وتسانده وتؤازره، كما كان يعاني من أذى عَمه أبي لهب وامرأته أم جميل من إلقاء القاذورات أمام بيته فكانت فاطمة تتولى أمور التنظيف والتطهير.

وكان من أشد ما قَاسَته من آلالام في بداية الدعوة ذلك الحصار الشديد الذي حُوصَرْ فيه المسلمون مع بني هاشم في شعب أبي طالب، وأقاموا على ذلك ثلاثة سنوات، فلم يكن المشركون يتركون طعامًا يدخل مكة ولا بيعاٌ إلا واشتروه، حتى أصاب التَّعب بني هاشم واضطروا إلى أكل الأوراق والجلود، وكان لا يصل إليهم شيئًا إلا مستخفيًا، ومن كان يريد أن يصل قريبًا لهُ من قريش كان يصله سرًا.

وقد أثر الحصار والجوع على صحة فاطمة، ولكنّه زادها إيمانًا ونضجًا. وما كادت فاطمة الصغيرة تخرج من محنة الحصار حتى فوجئت بوفاة أمها خديجة فامتلأت نفسها حزنًا وألمًا، ووَجَدَتْ نفسها أمام مسؤوليات ضخمة نحو أبيها مُحَمَّد بنِ عَبد الله، وهو يمرّ بظروف قاسية خاصة بعد وفاة زوجته وعمّه أبي طالب. فما كان منها إلا أن ضاعفت الجهد وتحملت الأحداث بصبر، ووقفت إلى جانب أبيها الرسول مُحَمَّد بنِ عبد الله لتقدم له العوض عن أمها وزوجته ولذلك كانت تُكنّى بـ أم أبيها.

هجرتها

حَسَبْ رواية أهل السُّنَّة
حَسَبْ رواية الشيعة

هَاجَرَتْ الزهراء من مكة إلى المدينة المنورة حَيثْ هَاجَرَتْ معَ علي بن أبي طالب وأمهُ فاطمة بنت أسد وفاطمة بنت الزبير وأم أيمن بركة وقوم من ضعفاء المؤمنين، وزاد بعضهم: فاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب وفاطمة بنت عتبة. وقد سُمِيَتْ هجْرَتُهم بهجْرَة الفواطم.

زواجها

في شهر صفر من السنة الثانية من الهجرة زوج النبي ابنته فاطمة لعلي بن أبي طالب، ولم يتزوج بأخرى في حياتها، وقال ابن عبد البر: دخل بها بعد معركة أحد. وقد رُوي أن تزويج فاطمة من علي كان بأمر من الله، حيث توالى الصحابة على محمد لخطبتها إلا أنه ردهم جميعا حتى أتى الأمر بتزويج فاطمة من علي، فأصدقها علي درعه الحطمية ويقال أنه باع بعيرا له وأصدقها ثمنه الذي بلغ 480 درهما على أغلب الأقوال. وأنجب منها الحسن والحسين في السنتين الثالثة والرابعة من الهجرة على التوالي، كما أنجب زينب وأم كلثوم والمحسن، والأخير حوله خلاف تاريخي حيث يروى أنه قتل وهو جنين يوم حرق الدار، وفي روايات أخرى أنه ولد ومات في حياة النبي، في حين ينكر بعض السنة وجوده من الأساس. في أكثر من مناسبة صرح محمد أن علي وفاطمة والحسن والحسين هم أهل بيته مثلما في حديث المباهلة وحديث الكساء، ويروى أنه كان يمر بدار علي لإيقاظهم لآداء صلاة الفجر ويتلو آية التطهير. وقد روى الليث بن سعد: «تزوج علي فاطمة فولت له حسنًا، وحسينًا، ومحسنًا، وزينب، وأم كلثوم، ورقية، فماتت صغيرة ولم تبلغ» وينقل أبو إسحاق الإسفراييني ويضيف أن علي وفاطمة أنجبا سكينة.

أسماؤها وألقابها

سَبَبْ تَسْمِية الرسول لها بفاطمة

تعددت أسماء فاطمة الزهراء وألقابها. أما تسمية «فاطمة» فقد قال عنها الخطيب البغدادي وابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة: «أن الله سمّاها فاطمة لأنه فطمها ومحبيها عن النار»، وفي سنن الأقوال والأفعال روى الديلمي عن أبي هريرة: «إنما سميت فاطمة لأن الله فطمها ومحبيها عن النار». بينما قال محب الدين الطبري في ذخائر العقبى: «إن الله فطمها وولدها عن النار».

من ألقابها

  • الزهراء: هناك أقوال بأنها كانت بيضاء اللون مشربة بحمرة زهرية. إذ كانت العرب تسمي الأبيض المشرب بالحمرة بالأزهر ومؤنثه الزهراء، وهناك من يقول أن النبي محمد هو من سماها بالزهراء لأنها كانت تزهر لأهل السماء كما تزهر النجوم لأهل الأرض، وذلك لزهدها وورعها واجتهادها في العبادة، وفي ذلك ينقل بعض المحدثين وأصحاب السير عنها عباداتٍ وأدعيةً وأورادًا خاصة انفردت بها، مثل: تسبيح الزهراء، ودعاء الزهراء وصلاة الزهراء وغير ذلك.
  • البتول: تعددت الأقوال حول هذة التسمية، منها:
    • قول النووي في شرح مسلم: التبتل هو الانقطاع عن النساء وترك النكاح انقطاعًا إلى عبادة الله وأصل التبتل القطع ومنه مريم البتول وفاطمة البتول لانقطاعهما عن نساء زمانهما دينا وفضلًا ورغبة في الآخرة.
    • قول ابن حجر العسقلاني في الفتح: وقيل لفاطمة البتول إما لانقطاعها عن الأزواج غير علي أو لانقطاعها عن نظرائها في الحسن والشرف. وجاء الحديث برواية عائشة فهو: «إنّي لما أُسري بي إلى السماء أدخلني جبريلُ الجنّة فناولني منها تفّاحة، فأكلتُها فصارت نُطفةً في صُلبي، فلمّا نزلتُ واقعتُ خديجة، ففاطمة من تلك النطفة، وهي حوراء إنسيّة، كلمّا اشتقتُ إلى الجنّة قبّلتُها.» أما الحديث الثاني رواه الطبراني وفيه أبو قتادة الحراني وثقه أحمد وقال: كان يتحرى الصدق، وأنكر على من نسبه إلى الكذب، وضعفه البخاري وغيره، وقال بعضهم: متروك، وفيه من لم أعرفه أيضًا، وقد ذكر هذا الحديث في ترجمته في الميزان وقال فيه ابن حجر:هذا مستحيل، فإن فاطمة ولدت قبل الإسراء بلا خلاف.
  • الصديقة: لأنها لم تكذب قط.
  • المباركة: لظهور بركتها.
  • الزكية: لأنها كانت أزكى أنثى عرفتها البشرية.
  • المرضية: لأن الله سيرضيها بمنحها حق الشفاعة.
  • المحدثة: لأن الملائكة كانت تحدثها.
  • الحانية: لأنها كانت تحن حنان الأم على أبيها النبي وزوجها وأولادها، والأيتام والمساكين.
  • أم الأئمة.
  • الطاهرة.
  • المنصورة.
  • الصادقة.
  • الريحانة.
  • البضعة: لقول رسول الإسلام محمد: فاطمة بضعة مني.

أم أبيها

أم أبيها هي كنية من كنى فاطمة الزهراء بنت نبي الإسلام محمد، كنّى النبي بها ابنته فاطمة، ويناديها بأم أبيها، حيث قال:«فاطمة أم أبيها». وكان النبي يقول: مرحبًا بأُم أبيها.

سبب تكنية فاطمة بأم أبيها

ذكر أكثر من سبب وراء تكنية فاطمة الزهراء بهذه الكنية. إن هذه الكنية تحمل دلالات في نفس الوقت لأنه حسب ما جاء في الآيات الأولى من سورة النجم

عندما يكنّي النبي بنته بأم أبيها، يقصد من ذلك، الإشارة إلى نقاط هامّة يذكر العلماء بعض هذه النقاط كما في الآتي:

رعايتها المتميزة لأبيها

أن الزهراء منذ طفولتها، كانت ترعى أباها رعاية متميزة كرعاية الأم لولدها، وكانت تضمّد جراح أبيها بعد الغزوات أو عند تعرض الكفار للنبي حيث كانوا يصيبونه بجروح. فكانت له بمثابة الأم الرحيمة والعطوفة التي تغدق عليه حنانها ومحبتها، بل كانت له أكثر حنانًا وعطفًا وشفقة من الأم.

تقدير النبي لها

لعله أراد بتكنيته لها بهذه الكنية أن يظهر تقديره وحبه وحنانه تجاهها بإظهار المحبة لها على مستوى محبته لأمه آمنة بنت وهب ليعرف الجميع بأن ابنته الزهراء هي موضع دلاله وتقديره وحبه وحنانه على هذا المستوى الرفيع.

إظهار النبيّ المحبة لفاطمة

ونقل التبريزي الأنصاري: إنّ النكتة في هذه التكنية إنما هي محض إظهار المحبة، فإن الإنسان إذا أحبّ ولده أو غيره وأراد أن يظهر في حقّه غاية المحبّة قال: «يا أمّاه» في خطاب المؤنّث، ويا «أباه» في خطاب المذكّر، تنزيلًا لهما بمنزلة الأُمّ والأب في المحبّة والحرمة على ما هو معروف في العرف والعادة.

الأحاديث حول الكنية

هناك كثير من الأحاديث عن طريق أهل السُّنَّة والجماعة وكذلك عند الشيعة والتي عَبَرَتْ عن هذه الكنية وخصصتها بفاطمة الزهراء عن قول الرسول محمد، منها:

  • منهم الحافظ أبو القاسم سليمان بن احمد الطبرانيّ المتوفى سنة 360 في «المعجم الكبير» (ج 22 ص 397 ط مطبعة الامة- بغداد) قال: حدثنا الحسين بن فهم، ثنا مصعب بن عبد اللّه الزبيري قال: كنية فاطمة أم أبيها. وكذلك حدثنا محمد بن علي المديني فستقه قال: وكانت فاطمة بنت رسول اللّه تكنى أم أبيها. وروي ذلك عن مصعب بن عبد الله الزبيري، ومحمد بن علي المديني وابن الأثير.
  • وذكر أبو الفرج الأصفهاني في كتابه الأغاني: «وكانت أول هاشمية تزوّجها هاشمي، وهي أم سائر ولد أبي طالب. وأم الحسين بن علي بن أبي طالب: فاطمة بنت رسول الله. وأمها خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصيّ. وكانت خديجة تكنى أم هند، وكانت فاطمة تكنى أم أبيها.

أولادها

انحصر نسل النبي محمد بابنته فاطمة. فهي بنت محمد الوحيدة من بين أولاده التي كانت لها ذرية. فهم:

أبناؤها

  • الحسن: سبط الرسول محمد وحفيده وريحانته وسيد شباب أهل الجنة حسب عقيدة المسلمين، كنيته أبو محمد، والإمام الثاني عند الشيعة، ورابع أصحاب الكساء.
  • الحسين: سبط الرسول محمد نبي الإسلام وحفيده ويلقب بسيد شباب أهل الجنة، كنيته أبو عبد الله، والإمام الثالث عند الشيعة وخامس أصحاب الكساء.
  • المحسن بن علي:سبط نبي الإسلام محمد وحفيده، يقر بوجوده السنة والشيعة معًا. وحسب الروايات السنية أنه مات صغيرًا في حياة النبي محمد.

بناتها

مكانتها

لفاطمة بنت محمد مكانة عظيمة عند المسلمين بشتى طوائفهم؛ فتجمع على أن لها شأن عند الله يفوق كل نساء العالم، وأنها سيدة نساء العالمين وفقًا للمنظور الإسلامي ولا يشاركها تلك المكانة سوى القليل من النساء مثل مريم بنت عمران على سبيل المثال مع أنهم يؤمنون أيضا أن مريم من أفضل نساء العالمين وأتقاهن، وتستمد فاطمة مكانتها عند الشيعة من أنها أم الأئمة المعصومين لديهم، ولديهم الكثير من الروايات التي تبين مكانتها وأفضليتها عن كل النساء، فبعض المصادر الشيعية تروي أنها ولدت بعد أن أكل والدها تفاحة من الجنة فصارت نطفة في صلبه وكانت هي من هذة النطفة، وروايات شيعية أخرى تذكر أن أفضل نساء العالمين - طبقًا للمنظور الإسلامي - أتين لتوليد خديجة من العالم الآخر تكريمًا للزهراء، ويعتقد الشيعة كذلك بعصمتها، وهي في المرتبة الثالثة من حيث المكانة بعد أبيها محمد وعلي بن أبي طالب. أما من المنظور السني ففاطمة بنت نبيهم وسيدة نساء العالمين، وترجع أفضليتها لأنها من أكثر من عانى وقاسى مع أبيها محمد؛ وكانت هي الراعية له على الرغم من صغر سنها وقسوة الظروف المحيطة بها. ولكنهم لا يعتقدون بعصمتها أو إمامة زوجها وذريتها وإن كانوا جميعًا ذوي مكانة عظيمة وفقًا لمعتقد أهل السنة والجماعة.

أحاديث الرسول محمد في فضائلها

  1. حَسْبُك مِنْ نساءِ العالَميَن أَرْبَع: مَرْيمَ وَآسيَة وَخَديجَة وَفاطِمَة
  2. خَيْرُ نِساءِ العالَمين أَرْبَع: مَرْيمَ وَآسيَة وَخَديجَة وَفاطِمَة
  3. أَحَبُّ أَهْلِي إِليَّ فاطِمَة
  4. سيّدَةُ نِساءِ أَهْلِ الجَنَّةِ فاطِمَة
  5. يَا فاطِمَة إِنّ اللّهَ يَغْضِبُ لِغَضَبَكِ
  6. المَهْدِيِ مِنْ عِتْرَتي مِنْ وُلدِ فاطِمَة
  7. فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي، يُريبُنِي ما رابَها، وَيُؤذِيني ما آذاهَا
  8. أُنْزِلَتْ آيَةُ التطْهِيرِ فِيْ خَمْسَةٍ فِيَّ، وَفِيْ عَليٍّ وَحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ وَفاطِمَة
  9. فاطِمَة بَهْجَةُ قَلْبِي وَابْناها ثَمْرَةُ فُؤادِي
  10. يَا فاطِمَة أَنْتِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتي لُحُوقًا بِي
  11. فاطِمَة بَضْعَةُ مِنّي فَمَنْ أَغْضَبَها أَغْضَبَنِي
  12. كلُّ بَنِي أُمّ يَنْتَمونَ إِلى عُصْبَةٍ، إِلاّ وُلدَ فاطِمَة
  13. إذا كانَ يَوْمُ القيامَةِ نادى مُنادٍ: يا أَهْلَ الجَمْعِ غُضُّوا أَبْصارَكُمْ حَتى تَمُرَّ فاطِمَة
  14. أَوَّلُ مَنْ دَخَلَ الجَنَّةَ فاطِمَة
  15. إنّ اللّهَ عَزَّوَجَلَّ فَطَمَ ابْنَتِي فاطِمَة وَوُلدَهَا وَمَنْ أَحَبًّهُمْ مِنَ النّارِ فَلِذلِكَ سُمّيَتْ فاطِمَة
  16. فاطِمَة حَوْراءُ آدَميّةَ لَم تَحضْ وَلَمْ تَطْمِث
  17. كَمُلَ مِنَ الرِّجال كَثِيرُ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النساءِ إِلاّ أَرْبَع: مَرْيَم وَآسِيَة وَخَديجَة وَفاطِمَة
  18. فاطِمَة سيِّدَةُ نِساءِ أُمَّتِي

فاطمة وميراث أبيها

طالع أيضاً: مظلومية الزهراء والخطبة الفدكية

تَعَدَدَت الأقوال والروايات حول ميراث فاطمة، ففي حين يرى الشيعة أن أرض فدك من حق فاطمة كميراث شرعي ، وأن تمسك أهل السنة بأن الأنبياء لا يورثون وأن ما تركوه صدقة ويستشهدون بحديث الرسول:«لا نورث، ما تركنا صدقة» ، فهو الرأي الذي استند له أبو بكر حين كان خليفة المسلمين وعمر بن الخطاب، وأن فاطمة وزوجها علي بن أبي طالب استمسكا بالرأي القائل بأنه حقها. ويسميها الشيعة الآن مظلومية الزهراء ويعتقدون بأن فاطمة توفيت وهي غَاضِبة على أبي بكر وعمر مستشهدين بأحاديث وروايات من عند أهل السنة أنفسهم كرواية البخاري في صحيحه عن عائشة بنت أبي بكر.

احتجاجات فاطمة

  • هذا كِتابُ اللَّهِ حُكْمًا عَدْلًا وَناطِقًا فَصْلًا
  • كِتابُ اللَّهِ بَيْنَ اَظْهُرِكُمْ، اُمُورُهُ ظاهِرَةٌ... اذ يَقُولُ: «يَرِثُني وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ»، وَيَقُولُ: «وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ».
  • ما كانَ اَبي رَسُولُ اللَّهِ عَنْ كِتابِ اللَّهِ صادِفًا، وَلا لِاَحْكامِهِ مُخالِفًا
  • بَيَّنَ عَزَّ وَجَلَّ فيما وَزَّعَ مِنَ الْاَقْساطِ، وَشَرَعَ مِنَ الْفَرائِضِ وَالْميراثِ...، ما اَزاحَ بِهِ عِلَّةَ الْمُبْطِلينَ وَاَزالَ التَّظَنّي وَالشُّبَهاتِ فِي الْغابِرينَ، كَلاَّ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ اَنْفُسُكُمْ اَمْرًا
  • اَفي كِتابِ اللَّهِ تَرِثُ اَباكَ وَلا اَرِثُ اَبي؟
  • اَفَخَصَّكُمُ اللَّهُ بِايَةٍ اَخْرَجَ اَبي مِنْها؟

إجابة أبي بكر

  • وَاللَّهِ ما عَدَوْتُ رَأْىَ رَسُولِ اللَّهِ، وَلا عَمِلْتُ اِلاَّ بِاِذْنِهِ، وَالرَّائِدُ لا يَكْذِبُ اَهْلَهُ، وَاِنّي اُشْهِدُ اللَّهَ وَكَفى بِهِ شَهيدًا، اَنّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «نَحْنُ مَعاشِرَ الْاَنْبِياءِ لا نُوَرِّثُ ذَهَبًا وَلا فِضَّةًّ، وَلا دارًا وَلا عِقارًا، وَاِنَّما نُوَرِّثُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالْعِلْمَ وَالنُّبُوَّةَ، وَما كانَ لَنا مِنْ طُعْمَةٍ فَلِوَلِيِّ الْاَمْرِ بَعْدَنا اَنْ يَحْكُمَ فيهِ بِحُكْمِهِ».
  • هؤُلاءِ الْمُسْلِمُونَ بَيْني وَبَيْنَكِ قَلَّدُوني ما تَقَلَّدْتُ، وَبِاتِّفاقٍ مِنْهُمْ اَخَذْتُ ما اَخَذْتُ،وأن المال الذي خلفه النبي لم يجعله أبو بكر لنفسه ولا لأهل بيته وإنما هذا المال هو صدقة لمستحقيها، كما يرى أهل السُّنَّة والجماعة أن في كتب الشيعة حديث (… وإنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورّثوا دينارًا ولا درهمًا ولكن ورّثوا العلم فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر) صحيح كما بيّن ذلك المجلسي وغيره ، ولعل حكمة الله في هذا الحكم - في أن لا يورث الرسولا لمال لآله من بعده - هو حتى لا يكون ذلك شبهة لمن يقدح في نبوة النبي بأنه طلب الدنيا وقاتل في الغزوات ليخلف الثروات والأموال لورثته، كما صان الله الرسول عن معرفة القراءة والكتابة وعن قول الشعر وذلك صيانة لنبوته عن الشبهة ويرى بعض علماء الشيعة ومنهم محمد باقر الصدر أن الحديث الذي رواه أبو بكر إذا صح فهو يضرب بعضهُ بعضًا، فإذا كان الأنبياء يورثون العلم والحكمة وليس المال فإن فاطمة بنص الحديث تَرثْ علم النبي وحكمته وبالتالي تكون مطالبتها بإرثها حجة على الخليفة بوصفها أعلم بدين محمد بنص الحديث الذي رواه أبو بكر نفسه، وأيضًا يترتب عليه أنه إذا كانت فاطمة وعلي يرثان علم وحكمة النبي فلماذا منعوا من ميراثهم هذا بإبعادهم عن الإمامة. إذ لو صح الحديث فهو حجة لهم لا عليهم

بعد القضية

إن عمر قام بتسليم هذا المال إلى علي والعباس يفعلان فيه ما كان النبي يفعله وأن يجعلانه صدقة، وأن علي لما ولي الخلافة لم يغيرها عما عمل فيها في عهد الخلفاء الثلاثة ولم يتعرض لتملكها ولا لقسمة شيء منها بل كان يصرفها في الوجوه التي كان من قبله يصرفها فيها، فيعتقد أهل السُّنَّة أنهُ ثَبَتْ عن فاطمة أنها رضيت عن أبي بكر بعد ذلك وماتَتْ وهيَ راضية عنه ، بينما يرى مؤرخو الشيعة أن هذا الموقف يُناقض رواية أبو بكر. ورَدُّ فدك حدث مرات عدة أخرى في عصور أخرى؛ إذ أن الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز ردها إلى أبناء فاطمة في عصره كما عرض هارون الرشيد على موسى الكاظم أن يرد إليه فدك لكن موسى أوضح أن العلويين يرجئون الفصل فيها إلى يوم الحساب.

وفاتها

رؤية أهل السُّنَّة

يعتقد السُّنَّة أنّ فاطمة صَالحَتْ أبا بكر ورضيت به كخليفة بعد رسول الله قبل وفاتها، في حين يَعْتَقد الشيعة أنّ غضبها عليه ظلّ قائمًا حتى وفاتها.

تذكر مصادر السنّة التاريخية أنّ فاطمة توفيت نتيجة وفاة والدها. يكتب الباحث الصوفي مظفر أوزاك: لم تذق فاطمة بعد وفاة أبيها الطعام، بل وقد نسيت الفرح والضحك، وبقيت في بيتها تبكي أباها ليلًا ونهارًا حتى فارقت الحياة.

وجهة نظر الشيعة

بعد أن رجع الرسول محمد من حجّة الوداع استدعى ابنتهُ فاطمة وأبلغها بأنّه سيموت قريبًا وأنّها أوّل من يلحق به من أهل بيته، فلّما توفّي ظلّت فاطمة تعاني من الحزن والألم حتى توفيت بعده بأقلّ من ستّة أشهر في 10 من جمادى الأولى.

و بَقِيَتْ بعد وفاة أبِيها في حالة من الحزن وكانت تنعى أباها كلّ يوم بمجرد أن تؤدّي واجبها تجاه زوجها علي ووُلدها، فَضَعَفْ جسْمَها شيئًا فشيئًا حتى أشْرَفْتْ على الموت.

تذكر بعض المصادر أنّها في صباح وفاتها أغتسلت وتلبّست بثياب جُدُدْ، وتَمَدَدَتْ على فِراشَها، فأبلَغَتْ عليًا بأنّ موعد الوفاة قد حان، فأخذ علي بالبكاء وأخذت تُصَبّر عليه وطَلبتْ منهُ أن يدفنها دون إقامة مراسم. ويُقال أنّ ابنيها الحسن والحسين هما أوّل من اطّلع على وفاتها فأسرعا إلى المسجد حَيث يصلّي فيه علي فأخبراه فسقطْ مغشيًا عليه وبعد أن أفاق من غشْيتهِ أخذ بتنفيذ وصيتها ودفنها في ليلة 13 من جمادى الأولى سنة 11 هـ (632م) كما قام بتحضير ثلاثة قبور زائفة لضمان عدم التعرّف على قبرها الحقيقي. وكان معه عائلته وعَدَدْ قليل من الصحابة المقرّبين.

مدفنها

طالع أيضاً: قبر فاطمة الزهراء

هناك خِلافْ حول وقت وفاتها، ولكن ترجح رواية أن الفترة بين وفاتها ووفاة أبيها هي خمسة وتسعون يومًا، أي في يوم الثالث من شهر جمادى الآخرة 11 هـ، ورواية أخرى تقول أن الخلاف حول عمرها عند وفاتها ناتج عَنْ الخلاف حول وقت ميلادها.

انظر أيضًا