عوض الله دبورة
هذه المقالة يتيمة حيث أن عددًا قليلاً من المقالات أو لا مقالات إطلاقًا تصل إليها. ساعد من فضلك بإضافة وصلات في المقالات ذات العلاقة. (يناير_2011) |
هذا المقال أو المقطع ينقصه الاستشهاد بمصادر. الرجاء تحسين المقال بوضع مصادر مناسبة. أي معلومات غير موثقة يمكن التشكيك بها وإزالتها. وسم هذا القالب منذ: يناير_2011 |
عوض الله دبورة.. شيخ المراسلين الصحفيين بالسودان
هنالك كثير من الرموز السودانيين، في مختلف المجالات، نشأوا بمدن السودان المختلفة، حققوا النجاح والمجد، وهم في (هامشهم) البعيد لم تخطف أبصارهم أضواء العاصمة ولم يجذبهم بريقها، قدموا عطاءهم الثر وظلوا نجوما بعيدة، تهب الضياء للجميع، ومن هؤلاء الراحل عوض الله محمود محمد عثمان دبورة الشهير (بعوض الله دبورة) صاحب مكتبة دبورة بعطبرة التي تأسست في عام 1928 ولا زالت تقوم بدورها الرائد في نشر الثقافة والقيم السودانية الأصيلة. رباطابي بكنور ولد المرحوم عوض الله دبورة بمنطقة كنور في عام 1924 ونشأ بحي السيالة في كنف والده (مؤسس المكتبة) وينتمي دبورة إلى قبيلة الرباطاب (بالجزيرة سبنس) ودرس بالمدرسة الشرقية وتخرج فيها عام 1933، ورفض والده الحاقه بمدرسة الأميرية ببربر نسبة لبعدها من مدينة عطبرة، وبدأ يشق طريقه في الحياة، حيث عمل مع والده في مجال العطارة، وقد كان لوالده مكتبة خاصة ضخمة أوحت له بإنشاء مكتبة ثقافية كان لها الأثر الفعال في النهضة الثقافية بعطبرة بل بكل الإقليم الشمالي. بدأ دبورة يتلقى دروسا في اللغة العربية بالجامع الكبير بعطبرة على يد الشيخ محمد الأمين الجعلي، وكان يتلقى بعض الدروس الأخرى لدى مدرس عام ومن ضمنها اللغة الإنجليزية، وقد بدأ اطلاعه مبكرا عبر مكتبة والده الخاصة فنهل من المعارف الدينية والأدبية والعلمية ما شكل حياته فيما بعد. يقرؤون قبل أهل العاصمة استجلب دبورة الصحف والمجلات وأدوات الموسيقى والرياضة من مصر، وكان أهل عطبرة يطالعون كبريات المجلات المصرية والبيروتية قبل مواطني العاصمة، وذلك لأن القطار الذي يحمل هذه المجلات يمر اولا بعطبرة، وحكى لي دبورة في لقاء معه بمكتبته العامرة، ان المجلات عندما تلامسها أيدي وأعين أهل الخرطوم تكون في عطبرة قد أصبحت في ذمة الارشيف. إضافة للكتب والمجلات والصحف المصرية قدم دبورة – عبر مكتبته- خدمة تأجير الصيوانات والكراسي التي تحمل ديباجتها اسمه في وقت لم تكن هذه الخدمات تقدم بشكل تجاري، وكانت مكتبته تتحول في الأمسيات إلى منتدى جامع، يلتقي فيه السياسيون والأدباء والمثقفون وأقطاب الرياضة والفن ونجوم المجتمع. زيادة على توزيع الصحف كان يوزع الصحف على عمال هيئة السكة حديد أمام البوابات، وذلك بواسطة عمال لهم زي خاص ولبس موحد ودراجات لتوزيع الصحف، حدث هذا قبل أن تتبلور شركات التوزيع، وازدهرت مكتبة دبورة بفضل روادها من (فطاحلة العلم والأدب) بمدينة عطبرة في ذلك الوقت وعلى رأسهم الشيخ أبو زيد الجعلي، ومولانا القرشي القاضي الشرعي بمحكمة عطبرة والأستاذ السراج ومحمد عمر إدريس وغيرهم. وفي تلك الأثناء برز دور دبورة المراسل الصحفي، وعندما صدرت جريدة الرأي العام في أربعينيات القرن الماضي، كان هو مراسلها من مدينة عطبرة، وكان المرحوم الفاتح البدوي هو السبب في اقناعه بأن يصبح مراسلا صحفيا وكانت أخباره تنشر تحت عنوان "دبورة من عطبرة بالتلفون". ومن أهم الأخبار التي نشرها، قضية أبو جنزير الشهيرة، وكان يتلقى حيثياتها من مولانا المرحوم عبد العزيز شدو، وكان جريئا في نشر الأخبار الساخنة مثل خبر مظاهرة عمال السكة حديد ضد الحكومة لتطبيقها نظام الادخار الإجباري في 6 يوليو 1958 م وخبر "مدير السكة حديد يعرقل اشتراك ممثلي النقابة في اجتماعات اتحاد العمال بالخرطوم". إضافة لأخبار الجريمة والرياضة والمجتمع والندوات السياسية الصاخبة.
اشتعال الحركة الوطنية
وقبل ذلك كانت الحركة الوطنية في قمتها فالتحق دبورة بحزب الأشقاء ومؤتمر الخريجين برئاسة إسماعيل الأزهري تحت شعار "وحدة وادي النيل" إلى ان اندمجت الأحزاب الاتحادية، واستمر النضال ضد المستعمر، واشتهر النادي الأهلي بعطبرة بدوره الوطني الكبير ونضاله في محاربة المستعمر والذي توجه بموكب شهير ضد الجمعية التشريعية استشهد فيه خمسة من الشهداء هم (عبد العزيز إدريس، عبد الوهاب حسن مالك، حسن أحمد دياب، قرشي الطيب والطالب محمد فؤاد سيد أحمد). وجاءت بعد ذلك الانشقاقات بين الختمية والوطني الاتحادي، فأسس الختمية حزب الشعب الديمقراطي، وتم تأسيس الحزب الاتحادي الديمقراطي برئاسة الزعيم الأزهري، وكان عوض الله دبورة أول رئيس للحزب الوطني الاتحادي بمدينة عطبرة وقد جايل أفذاذ السياسيين وعلى رأسهم الزعيم الأزهري، عبد المنعم حسب الله، يحيى الفضلي، عبد الماجد أبو حسبو، نصرالدين السيد، مبارك زروق، محمود حسيب وغيرهم.
صداقة وخصوصية مع الأزهري
وكان منزل دبورة بعطبرة قبلة للاتحاديين وتوطدت علاقته مع الزعيم الأزهري الذي كان ينزل في منزله عند كل زياراته لمدينة عطبرة، وذات يوم والأزهري ضيفا على دبورة جاءه خبر بالتلفون من الخرطوم بقدوم مولوده (محمد إسماعيل الأزهري) وظل دبورة يسمي أبناءه بأسماء رموز الحزب الاتحادي حيث له من الأبناء إسماعيل، وآمال (على ابنة الأزهري) وعبد المنعم الذي سماه تيمنا بالأستاذ عبد المنعم حسب الله. عاصر دبورة أهم فترات الحركة العمالية بعطبرة بقيادة سليمان موسى والطيب حسن وقاسم أمين والشفيع، واستطاعت هذه الحركة، ان تقود نضالا مريرا حتى تحققت مكاسبها بقيام أول كيان عمالي حقق العديد من الانتصارات للحركة العمالية والنقابية، ليس بعطبرة فحسب، بل بجميع أنحاء السودان.
خدمة المجتمع
والتحق دبورة بجهات عديدة مساهما في خدمة مجتمعه بعطبرة ونواحيها، ومن ذلك عضوية المجلس البلدي منذ عام 1959 وإلى عهد نميري، وعاصر رجالا كانت لهم شخصياتهم الفاعلة في جوانب العمل العام كافة منهم الحاج الريح الفكي، العمدة سرور، الحاج أبو شام، الحاج محمد خير خوجلي، حسن عيسى الرفاعي، محمد إدريس عبد الكريم، محمد حسن بيرم، ومن مديري السكة حديد: عبد الله مسعود، عزالدين محمد، أمين محمد علي وإسماعيل حسين وغيرهم. ومن ضباط مجلس البلدية، محمد أبوبكر، عثمان عبد الرحيم، النذير حمد، أحمد محمد الحاج، كمال حمزة، ومحمد عثمان الخليفة، وكان دبورة عضوا في ثلاث هيئات هي المالية الشؤون الاجتماعية والصحة وقدمت هذه المجالس العديد من الخدمات لأهال منطقة عطبرة ونواحيها، لا تزال شواهدها باقية ومن ذلك أكثر من عشر مدارس وسطى وثانوية. تاريخ عوض الله دبورة ملئ بالاشراق والريادة خاصة في مجال توزيع الصحف والمجلات وكان يتعامل مع دار المعارف المصرية مباشرة، حيث كانت تصله الكتب والمجلات المصرية واللبنانية عبر القطار وكان بدوره يقوم بتوزيعها - كما أسلفت - في كافة مدن السودان بما في ذلك العاصمة الخرطوم، واستمر هذا الوضع إلى ان جاءت دار التوزيع المركزية، وكان هو الوكيل الوحيد لها في كل الإقليم الشمالي.
رياضي مطبوع
ولم يهمل دبورة الرياضة بوصفها سفارة شعبية وهو من الذين ساهموا في تأسيس وبناء دار الرياضة بعطبرة وكان يتبوأ منصبا رفيعاً في أول لجنة للاتحاد المحلي بعطبرة وكان له كأس يحمل اسمه "كأس دبورة" تتبارى عليه فرق عطبرة وهو من الأعضاء البارزين والمؤسسين الأوائل لنادي الأمير بعطبرة.
وفي الفترة الأخيرة من حياته، استعان دبورة بمجموعة متميزة من أبناء الرباطاب وذلك لأداء دور فاعل في "دار أبناء الرباطاب الخيرية" ومنهم ابن المنطقة عبد الله أحمد عبد الله الحاكم الأسبق للإقليم الشمالي، وظل دبورة حتى آخر لحظة من حياته يعمل من أجل الآخرين وكان يقدس العمل العام ويفنى من أجل انجازات يستفيد منها المجتمع وأذكر انني وجدته قبيل وفاته بأكثر من عام، قوي الذاكرة، حاضر البديهة، مرتبا في أفكاره ويهتم بالتفاصيل الدقيقة.
تكريم مستحق وجد عبد الله دبورة الاهتمام والتكريم في حياته من عدة جهات منها على سبيل المثال صحيفة الرأي العام ،لمجلس القومي للصحافة والمطبوعات، الجهاز القضائي بولاية نهر النيل وكان يتم تكريمه في كل افتتاح للموسم الرياضي باتحاد عطبرة إضافة للعديد من الاتحادات والروابط الشبابية والطلابية والحزبية والأندية الرياضية.
وسجلت معه العديد من الحلقات بالإذاعة والتلفزيون القوميين، وإذاعة وتلفزيون عطبرة، وحصل على شهادة الريادة والتميز في الصحافة وتدرس سيرته الذاتية حاليا بالمستوى الأول بكلية الإعلام بجامعة وادي النيل باعتباره أقدم مراسل صحفي بولاية نهر النيل بصفة خاصة وبالسودان على وجه العموم، وتوفي دبورة إلى رحمة مولاه يوم 2007 / 11 / 7 ولا يزال ابنه علاء الدين دبورة يتقفى أثره، خاصة في مجال العمل الصحفي، حيث ظل يراسل العديد من الصحف بالأخبار المهمة، ويسعى كذلك لتطوير مكتبة دبورة، وتوثيق تراث والده والذي يعتبر توثيقا للحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية والرياضية بمدينة الحديد والنار.