علي عساف

الفنان التشكيلي العراقي علي عساف

البريج الإلكتروني [email protected]

ولد علي عساف في مدينة البصرة عام 1950

درس الرسم في معهد الفنون في بغداد

درس الرسم في اكاديمية الفنون بروما

شارك في العديد من المعرض في مدن وعواصم عربية وأوربية

قام مجموعة من العروض الفردية لاعماله المركبة والفوتغراف واللوحات وفن الأداء

يقول الفنان علي عساف حول تجربته ورؤيته الفنية:

بالنسبة لي فإن الأعمال التشكيلية التي قمت بانجازها والتي افكر بانجازها ستكون ناقصة ان لم تتوافر فيها العناصر التالية:

1- المضمون: العالم الموضوعي المعاصر وما يقدمه من جديد في العنف من حروب قائمة بين الشعوب في أكثر من اربعين بلدا، تعقيدات الغربة القاسية، البحث عن الهوية، الهجرة المتزايدة من جنوب العالم إلى شماله، ذبح الابرياء على ايدي الاصوليين، التزايد المفرط لعدد سكان الأرض وما يلحقه من كوارث طبيعية واجتماعية، وأخيرا فان هناك أكثر من ثلاثين مليون نسمة في العالم مصابون بمرض الايدز وهكذا القائمة تطول.

2- الحرية في اختيار الواسطة البصرية: في اعمالي عادة اختار واحدة من الوسائط أو أكثر، بشرط ان تتلاءم مع المضمون المطروح. فهناك مثلا: اعمال مركبة، فوتوغراف، كتابات، فن أداء، رسم وغيرها. ولكل واسطة من هذه الوسائط تتوافر مولد متباينة لتنفيذ اي عمل. ومنها أيضا اختار ما يتناسب مضموني وبالأسلوب الانسب لتحقيق هذه الوسائط.

3- عرض الفكرة التشكيلية في مكانها المناسب: ان المكان(اي مكان) واعتمادا على مواصفاته الهندسية المعمارية، وإمكانات العرض التي يوفرها، له الدور الحاسم في تقرير أسلوب العرض. وفي أحيان كثيرة يكون المكان بمثابة حجر الأساس، والمحفز لمخيلتي وذاكرتي، لبناء مشروعي التشكيلي.

4- حضور البعد الرابع(الحركة/ الزمن في العمل التشكيلي): ليس المقصود هنا ما عمله المستقبليون وبيكاسو ومذهب الفن البصري، وانما ما قام به فنانون من تياري الفن الفقير والفن المفاهيمي وقبلهما مصورو مدينة سيينا الإيطاليون في القرن الرابع عشر وما عمله جواد سليم في نصبه" الحرية" في بغداد.

5- التتابع والترابط: فالعمل التشكيلي الواحد عندي يتكون من اجزاء وكل جزء له شخصيته واستقلاليته، كاللقطات في الشريط السينمائي الواحد. وكل عمل تشكيلي جديد هو جزء وتتابع للاعمال التي سبقته كالرواية الطويلة ذات الفصول المتعددة.

ان الأسباب التي دفعتني لانتهاج هذا المسلك جاءت من:

1- انتباهي واكتشافي لثراء الذوق الشعبي، العفوي، اللامنطقي وغي المنظم، الفردي منه والجماعي، لشعوب الشرق الأوسط في خلق عوالم مرئية واعمال فنية وتركيبات تشكيلية تنتمي لاتجاه (فن ما بعد الحداثة) قبل أن يبدئ منظروه وممثلوه من الفنانين الغربيين بالتفكير به بعقود من السنين. عوالم يمكن مشاهدتها في اضرحة الائمة والمساجد والبيوت والدكاكين والمقاهي والاسواق وسيارات الاجرة وغيرها، والمترسبة في اعماق اللاوعي عندي وفي ذاكرتي.

2- مشاهدتي لنصب" الحرية" لجواد سليم في زيارتي الأولى لبغداد العام 1967 وللمرة الأولى في حياتي اشاهد تماثيل ونحتا معاصرا، وعملا في المكان، وفي الهواء الطلق، ومادتين متنافرتين وضعتا باتقان وانسجام(المرمر والبرونز) والتناغم بين النتحت والمعمار والبيئة المحيطة بهما، وعملا فنيا مكانيا وزمانيا.

3- استماعي لمحاضرة محمود صبري عن نظريته " واقعية الكم" التي اقيمت في مطلع السبعينات في جمعية التشكيلين العراقيين في بغداد، وعبرها تعرفت على اهمية العلاقة بين الفن والعلم والتكنولوجيا الحديثة، والعقلانية في العمل الفني، واهمية البحث في المجال التشكيلي، واثارة الاسئلة والشك في تاريخ الفن وعلم الجمال والاراء الراسخة في ذهن النقاد والفنانين وغيرهم عن الفن.

ومن هنا جاء تحريري للوحة من قيودها التقليدية في الصنعة وكسلعة خاضعة لقوانين السوق عبر قاعات العرض الخاصة التي لم اتعرف عليها ولم ادرس آلياتها في مراحل تعليمي الأولى في العراق الذي لا توجد فيه حتى الآن قاعة عرض واحدة احترافية متخصصة وجادة بالفن التشكيلي، خاصة كانت ام عامة، كما هو متعارف عليه في الغرب وفي العديد من بلدان الشرق التي استطاعت ان تجد لها خلال العقود الأخيرة حضورا مثيرا للانتباه في العالم.

تلك القيود خلقتها الطبقات الحاكمة في عصر النهضة الإيطالية في القرن الخامس عشر وترسخت وانتشرت سريعا على ايدي البرجوازية، بعد الثورة الصناعية، في أنحاء أوروبا، واستمر هذا "التابو" حتى ظهور الحركة الدادائية العام 1916 ليتقوض على يدها. ومن حينها بدأت مجموعة كبيرة من الفنانين، سواء في غرب أوروبا أو شرقها، بالثورة على ما تبقى من هذه القيود والعمل على تقليص الهوة بين الإنتاج التشكيلي والمجتمع- كما فعل الفن السينمائي في وقتها- متأثرين بالافكار الاشتراكية الاصيلة.

إلا أن النازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا والستالينية في الاتحاد السوفياتي السابق استطاعت احتواء عدد من هؤلاء الفنانين وتوظيفهم للتعبير عن ايديولوجيتها وتشريد عدد اخر غير قليل وقمع من تبقى منهم، غير انها لم تستطع القضاء نهائيا على افكار تلك المجموعة الطليعية، تلك الافكار التي عادت إلى الوجود بعد اندحار الايديولوجيات السالفة الذكر. واتسعت رقعتها الجغرافية بسرعة لتشمل قارات بعيدة جدا عن أوروبا. وهكذا بدأت اجيال شابة من الفنانين على النطاق العالمي، ومنذ الستينات وحتى اليوم، باستلهام افكار الطليعيين، والتي اعتبر نفسي وبحثي التشكيلي جزءا منتميا إليها، والعمل تحت مقولة " الجمال هو الاخلاق والاخلاق هي الجمال" لخلق وسائل بديلة للاقتراب من المتلقي والمجتمع بتقنيات جديدة في تنفيذ العمل الفني، ومن أماكن جديدة للعرض حتى تصل إلى ذروتها، بالاستفادة من تطور التكنولوجيا المعاصرة في وسائل الاتصال، وباستخدام شبكة الانترنيت إذ يستطيع اليوم، من خلال شاشاتها، ثمانون مليون إنسان في العالم الاطلاع على ما يريد الفنان قوله. وهذا العدد هو الجمهور غير المرئي سواء ارادوا ذلك أو لا. وهكذا يتسنى لهذا النوع من الفنانين وللمرة الأولى في تاريخ الفن ولحسن الحظ ليس فقط تجاوز حدود الجغرافيا للعالم وانما التخلص أيضا من المحاولات المستمرة للمؤسسات الرسمية وغيرها وبكل أنواعها لعزل الفنان عن المجتمع وتهميش دوره وعمله كمشروع ثقافي ووصفه بالمعتوه والشاذ وغير الاخلاقي وخنق حريته في التعبير بوعيه الجمعي وابداء رايه بما يجري في العالم من أحداث تمس مصير الإنسانية جمعاء.