علي الدوعاجي

علي الدوعاجي هو علي بن صالح الدوعاجي ولد بحاضرة تونس في 4 جانفي 1909 [١]، وتوفي بمرض السل بمستشفى الرابطة بتونس في 27 ماي 1949 [٢]، كاتبا وشاعر ورسام كاريكاتوري وزجّال وإعلامي [٣] ورائد الأدب الفكاهي بتونس.

ملف:Ali Douagi.jpg
غلاف كتاب سهرت منه الليالي
ملف:Alidouagi.jpg
غلاف كتاب أعمال علي الدوعاجي

نشأته العصامية

كانت أسرته تنتمي للطبقة البرجوازية الصغيرة. غير أنه فقد والده وهو في سن الثالثة [٢] وقد تعلم العربية والفرنسية في المدرسة العرفانية القرآنية [١]، غير أنه انقطع عن الدارسة وهو في سن الثانية عشرة, وواصل تكوين نفسه بنفسه عن طريق المطالعة، إذ كان يقبل على قراءة الروايات والدواوين الشعرية، كما خالط الأدباء من أمثال زين العابدين السنوسي صاحب مجلة العالم الأدبي [١][٢] وكان يتردد على المجالس والمقاهي الأدبية، واتصل وأبي القاسم الشابي والطاهر الحداد كما عاشر مطولا القصاص محمد العريبي، والكاتب المسرحي عبد الرزاق كرباكة فنمت ثقافته شيئا فشيئا حتى أصبح من أعلام الأدب التونسي المعاصر بداية من عام 1933.

تحت السور

انتمى علي الدوعاجي إلى جماعة تحت السور الأدبية، إلى جانب عدد كبير من الأدباء والشعراء والصحافيين وغيرهم. وقد أصدر بداية من 30 أوت 1936 جريدة السرور التي عرفت بمقالاتها ورسومها السياسية الساخرة. وقد كتب الدوعاجي القصة القصيرة ونظم أشعاره باللهجة العامية التونسية، كما كان أيضا كاتبا مسرحيا وترك تراثا كبيرا من روايات ومداعبات تعبّر عن الواقع الذي تحياه الطبقات المسحوقة، كما أن علي الدواجي رسم الكاريكاتور [٤].

أدبه

ألف علي الدوعاجي في مختلف صنوف الأدب:

هذا وقد صدرت لعلي الدوعاجي العناوين التالية:

وهذه المؤلفات الثلاثة أصدرها عز الدين المدني بمناسبة الاحتفال بمئوية علي الدوعاجي في كتاب واحد تحت عنوان أعمال علي الدوعاجي في 550 صفحة [٨]، وأضاف إليها نصوصا أخرى نثرية وشعيرة تنشر لأول مرة، وقد ضم الكتاب قسما خاصا بالأغاني والأزجال وبلغ عدد الأغاني 49 أغنية [٤] كما ضم رسومات من زمن علي الدوعاجي بعضها بريشة علي الدوعاجي نفسه [٧].

نص

سهرت منه الليالي

-1-

كانت الخالة امرأة ممتلئة الجسم، يتحرك كل جزء منها بمفرده، وهي تطلع درج السلم لاهثة، شاخرة، تتصبب عرقا، وهي تصرخ مداعبة ابنة أختها من قبل أن تراها : - أين أنت؟ أين؟ ما هذا بسلّم ! هذا الصّراط! أين أنت يا فتاتي ؟ لعن اللّه هذا الشحم الذي يعوقني عن التنفس. - خالتي ! سلامتك يا خالتي ! تفضلي. هو ذا المقعد الذي يريحك، ويريح شحمك. لكن دعيني أقبلك. و تقبّلها، وتجلس الخالة على المقعد، وهي تزيح عن وجهها العصابة السوداء. وتتفرس قليلا في وجه زكيّة ابنة أختها وتسألها : - ما هذا ؟ ما لعينيك مورمتين ؟ أكنت تبكين ؟ - هو ذاك … لا يمكن أن أخفي عنك شيئا يا خالتي. - ما أبكى عزيزتي ؟ ما أبكى صغيرتي ؟ قولي لخالتك الحنون كيف ؟ أتبكين في العام الثاني زواجك ؟ هي أخلاق أمك المسكينة، وهي في دار الحق ونحن في دار الباطل، تتجلى فيك. لقد كانت – رحمها اللّه – ولوعة بالبكاء. احكي لخالتك كيف تعيشين … مع … - كما وددتني أن أعيش، في جهنم منذ ألقيت بي في جحيم هذا الزواج … - هذا زوجك … - زوجي ؟ قولي جلادي، فقلبه قلب جلاد … وهو يقتل كل يوم شيئا مني. ستجدينني ميتة جامدة في زيارتك المقبلة، وإن لم أذب وأسل دموعا من عينيّ. - خففي عنك … احكي لي الأول بالأول ما وقع بينكما… - إنّه رجل خبيث أحمق، سكّير يسكر كل ليلة، ولا يأتي بعد كا منتصف ليل إلا ليعربد عليّ وعلى طفلي. آه ! لو لم يكن حمادي ابننا !.. آه يا خالتي، لقد كان في أوّل سكراته يشتمني شتما مقذعا، وينعتني بأقبح النعوت، ولا سميني إلا بأخبث أسماء الأسماك والطيور : فإنني " حسب الخمار " بين الطاووس والوطواط، أو بين التن و" النازلّلي " القبيح الرأس. ثم يجبرني على إيقاد النار وطبخ المشلوش بعد الساعة الثانية من منتصف الليل، وإلا فإني أستحيل في نعته إلى حمارة لا تجيد الطبخ… - أعوذ باللّه ! أعوذ باللّه ! هذا شيطان!.. وشيطان بذيء القول !.. تقول الخالة هذا، وهي تنظر شزرا إلى باب غرفة النوم الموصود، كأنها تسأل قريبتها بعينيها إن كان ما زال نائما أم هل خرج، لتعرف أي طريق تسلك في نقدها له. و تجيب زكية : - إنّه لا يصحو إلا بعد منتصف النهار… كعادته. وإن صحا، فلكي ينام ثانيا ! - ينام ؟ - بين الكتب والجرائد التي تأخذ كل وقته. فإنه لا يكلمني إلا وهو سكران. فإن صحا فهو للكتب والأوراق. هي ذي تملأ كل الغرف. والويل لي إن فقد منها ورقة. ليتك زوجتني أمّيا مثلي! إن عشرة هذا لا تطاق. - لا تطاق ! - تصوري أنّه رجع ليلة أمس يترنح سكرا، ورائحته كرائحة النسناس، وعثرت رجله بكتاب ألقاه الطفل المسكين، ولم أنتبه له، فصبّ جام غضبه على الطفل، ولطمه لطمة كاذت تخرج روحه، ووددت افتكاكه منه … - الطفل أم الكتاب ؟ - الطفل يا خالتي!.. حمادي!..فلطمني أنا بدوري ! - كيف لطمك أنت، ولا تقولين لي هذا من الأول ؟ آه… إن الأمر أهم مما كنت أظن، كيف؟ أيرفع يده على امرأته وأم ولده ؟ هذا لا يطاق … وصلنا إلى اللطم ! اسمعيني يا فتاتي. أنت صغيرة، فافتحي أذنيك إلى نصائح خالتك المجربة : لقد زففت إلى ثلاثة رجال، وأنا أعلم الناس بهم. ان الرجل الذي يضرب امرأته ليس برجل (تحتد الخالة كل الحدة، وتصرخ في ابنة أختها) اسمعي ! اطلبي طلاقك منه، وسنحاكمه، ونطالبه بتعويض، وندخله السجن. ان القضاء، وكل الشرائع (الخمسمائة دين) لا تبيح لأي رجل كان لطم امرأة ضعيفة. اطلبي طلاقك منه ! قلت لك … إذ ليس بعد اللطم من معاشرة ! - الطلاق هو ذاك. - أتصبرين على معاشرة هذا الفظ ؟ ! قلت : انه أحمق، قلنا لا بأس ككل الرجال. قلت: انه يسميك بأسماء البهائم، قلنا لا بأس سيغير نعوته مع تحسن معاشرتك له. قلت : انه سكير، قلنا : لا بأس ستنتفخ كبده ويترك الخمرة. قلت : انه يحب مطالعة الكتب، قلنا : لا بأس، وان كانت ضرائر لك، إلا أنها أخف من ضرة بشرية واحدة. لكن وصلنا لسوء المعاشرة والضرب… أطلبي طلاقك، وأنا الضمينة بحصولك عليه من أقرب السبل. - كيف يا خالتي؟ - ان كان دمك هذا دما مثل الذي يجري في عروقي (تقول هذا وهي تنظر إلى معصميها المكتنزتين، والتي ضاقت بهما الاسورة الفضية) ان لم يكن دمك ماء وسكرا وعصير برتقال، وان كنت حقا ابنة اللبوءة منجية أختي- رحمها الله- فستقومين توا إلى لم أدباشك وتخرجين معي الآن. وعليّ أنا الباقي.

-2-

تخجل زكية.. تصعد بصرها لباب الغرفة، غرفة النوم، وتصوبه إلى الأرض. - خالتي لا ترفعي صوتك ! و تتحمس الخالة، ويهتز كل جسمها اهتزازا لا تجيده الا المرأة الشعبية، وهي غضبى. وتصرخ: - لا أرفع صوتي؟. سأرفع صوتي ويدي ! لا أرفع صوتي ؟ ولماذا من فضلك ؟ - لئلا تزعجي … تزعجيه ! - أزعج من ؟ - هو دعيه ينام … المسكين… لقد سهر كثيرا ليلة البارحة يا خالتي !..

إشارات مرجعية

مراجع

  • رشيد الذوادي، علي الدّوعاجي (من سلسلة "عظماء بلادي")، دار النجاح تونس 1977.
  • رشيد الذوادي، جماعة تحت السور، تونس 1972.

روابط إضافية


fr:Ali Douagi