علم الاجتماع الصوري

علم الاجتماع الصورى (بالإنجليزية: Formal Sociology) فرع من فروع علم الاجتماع أسسه جورج زيمل، ويهدف إلى مقارنة الصور الضمنية للعلاقات الاجتماعية، ومن ثم يقدم شكلا من قياس الحياة الاجتماعية، أو هندسة الحياة الاجتماعية".

لقد ميز زيمل بين "مضمون" الحياة الاجتماعية (كالحروب، والأسر، والتعليم، والمسياسة) و صورا هذه الحياة (كالصراع على سبيل المثال)، الذى يوجد فى كل هذه المجالات، و الذى من خلاله تأخذ الحياة الاجتماعية نمطها. فالصراع كصورة اجتماعية يمكن أن يوجد فى نظم تتباين عن بعضها كل المتباين كالأسرة والسياسة، والتى تتجمع من خلالها ملامح مشتركة. وتختلف المضامين و لكن الصور تظهر كملامح أساسية منظمة للحياة الاجتماعية. ومن بين الصور المركزية فى تفكير زيمل الدلالة التى تؤشر عليها الأعداد فى الروابط الجمعية (الأفراد المنعزلون، والثنائيات والثلاثيات (المجموعات المكونة من ثلاثة أقراد)، وأنماط الخضوع والسيطرة، والعلاقات الجمعية (الصراعات وصور التنافس والائتلاف)، والهويات والأدوار (دور الغريب، دور الفقير)، وعمليات كشف الأسرار (فى حالة الأسرار والجمعيات السرية) وصور التقويم (الأسعار و عمليات التبادل).

ولنصب جل اهتمام علم الاجتماع على دراسة المضمون: فهناك علماء الاجتماع التربوى والعائلى، وا لاتصالى، وهكذا. وتتجنب الصورية هذا المنحى فى علم الاجتماع، عن طريق التقاطع مع هذه الموضوعات، ومحاولة تحديد العمليات والأنماط الأصلية التى تتشكل منها المكونات الاجتماعية لهذه المضامين: فالوصمة والتدرج، والسرية، يمكن -على سبيل المثال - أن تكون صورا تتقاطع مع المجالات الواقعية (العيانية) للتعليم والأسرة والاتصال.

ويمكن العثور على المتطور المبكر لهذا المنحى فيما بعد زيمل فى أعمال المنظرين التفاعليين من مدرسة شيكاغو. فقد كان روبرت بارك تلميذا لزيمل، وقد أدخل إلى شيكاغو الاهتمام بدراسة ثراء العالم الواقعى كما يتجلى فى المدينة، كما أدخل الاهتمام بالكشف عن أنماط الحياة فى المدينة. وقد كان أشهر كتاب مدخل فى هذا الوقت (وهو بارك وبيرجس بعنوان مقدمة فى علم الاجتماع) متظما فى معظمه وفقا للصور.

ولقد حاول بارنى جلاسر وأنسيلم شتراوس أن يطورا علم اجتماع صورى فى عملهما حول الاحتضار، منتقلين من مجال عينى خصب للبحث (عنابر مرضى السرطان وعملية الاحتضار) إلى تحليل نظرى محكم للصور العامة (مستخدمين مفاهيم مثل عمليات اجتياز المكانة وسياقات الوعى). وعلى سبيل الممثال، فقد كانا فادرين، من خلال الانتقال من دراسة الحالة المفصلة للمريض المحتضر، على التوصل إلى عمل مقارنات بالتغيرات الرنيسية الأخرى فى الممكانة، وذلك سعيا إلى تطوير ملامح نظرية صورية لعبور المكانة (أى الانتقال من مكانة لأخرى)، وهى نظرية تحدد الملامح المشتركة مع الصور الأخرى لعبور المكانة ( انظر كتابهما: اجتياز المكانة). فمن الدراسة العينية الواقعية تنبثق المنظرية الصورية الممجردة والمقارنة. وقد حدد روبرت بروس مؤخرا (فى مقال له بعنوان: العمليات الاجتماعية الأصيلة"، المنشور فى: مجلة الإننوجرافيا المعاصرة، عام 1987) خمسة أبعاد رئيسية لحياة الجماعة يجب أن تتوفر لقيام علم اجتماع متخصص للعمليات الاجتماعية وهى : تبنى المنظور الملائم، واكتساب الهوية، والانخراط فى النشاط، وممارسة النشاط ممارسة فعلية، وخبرة العلاقان.

وكاتت هناك محاولات أخرى لبناء نظرية صورية للحياة الاجتماعية، نذكر منها أعمال جون لوفلاند بعنوان: ممارسة الحياة الاجتماعية، الصادر عام 1976. وكارل كوش بعنوان: بناء الحياة الاجتماعية، الصادر عام 1975، بالإضافة إلى دراسات الحالة المكثفة، مثل دراسة لويس كوزر بعنوان: وظائف المصراع الاجتماعى، الصادرة عام 1956، ودراسة إرفينج جوفمان بعنوان: الوصمة، الصادرةعام 1961.

وثمة قدر من الخلاف حول دور علم الاجتماع المصورى وطبيعته. فالبعض يراه باحثا عن أبنية محددة لنظام اجتماعى صلب ومستمر، ويراه البعض الآخر محددا للتفاعلات الاجتماعية المتى تتشكل منها المحياة الاجتماعية، بينما ينظر الكثيرون إليه على أنه أداة تحليلية ابتكرها علماء الاجتماع لفرض النظام على عالم يتسم بالفوضى.

انظر أيضاً