علم اجتماع الشيخوخة
علم اجتماع الشيخوخة (بالإنجليزية: Sociology of Ageing) تنطوى المعملية الفسيولوجية المؤدية إلى التقدم فى العمر على أبعاد اجتماعية وثقافية هامة على حالة تعد فى العادة حتمية ولا يمكن تجنبها من الوجهة البيولوجية. ويعد العمر مقولة ثقافية يختلف معناها ودلالتها من عصر لعصر ومن ثقافة لأخرى. ولم يكن موضوع الدراسة الاجتماعية للشيخوخة يظهر فى الكتب الدراسية لعلم الاجتماع حتى وقت قريب. فالعمر كان ينظر إليه، كما كان ينظر إلى النوع أو الجنس، كمرحلة "طبيعية"، أو كمشكلة تنتمى إلى مجال السياسة الاجتماعية. على عكس ذلك نجد أن ثقافة الشباب لقيت قدرا كبيرا من اهتمام علماء الاجتماع. ويصدق ذلك الحكم - فيما يتصل بدراسات الشيخوخة - على علم الاجتماع العربى عموما ولعل ذلك يرجع إلي أن نسبة كبار السن في المجتمعات العربية كانت ضئيلة نسبياً حتي عهد قريب، ولكنها بدأت تتزايد بإيقاع سريع خلال العقود القليلة الماضية، مما أصبح يبرر اهتمام علم الاجتماع بدراسات الشيخوخة.
وفى الرأسمالية الغربية، ينص نظام العمل الماجور على تحديد سن ثابت للتقاعد عن المساهمة فى الانتاج الخارجى (خارج نطاق المنزل)، وهكذا يتم تصنيف كبار السن باعتبارهم غير منتجين، ومن ثم فإنهم يمثلون عبئا. أما من حيث الأولويات البحثية، فإن علم الشيخوخة، ونموذجه الطبى للهرم، قد مارس تأثيراً واسعأ. وقد ركزت البحوث الاجتماعية عن الشيخوخة فى بريطانيا على عزلة كبار السن أو ظروف معيشتهم فى بيوت المسنين الحكومية. وأثارت التغيرات الديموجرافية - طول العمر وانخفاض معدلات المخصوبة، وزيادة النصيب النسبى للسكان فوق سن الخامسة والستين فى الغرب - أثارت ذعراً أخلاقياً و اهتماماً جديداً بكبار السن باعتبارهم مجموعة سكانية ذات إمكانات استهلاكيه وسياسية.
وقد فندت البحوث الصورة النمطية وادعاء عدم التجانس بين فئة كبار السن. فالطبقة والعرق، والنوع فضلا عن الثقافة تواجه تأثير العوامل البيولوجية وتتصدى لها. فعلى سبيل المثال، لا يعد كبر المسن معوقا للذكور الذين يحوزون قوة سياسية لها اعتبارها سواء فى الدول الشيوعية أو الرأسمالية. ولقد انتقدت اثيل شاناس فى العديد من المقالات التى تناولت العلاقات الاجتماعية لكبار السن ما أطلق عليه النزعة الوظيفية المتواطئة التى تصبغ معظم الكتابات حول الشيخوخة والحياة الأسرية للمسنين. وهو التقليد الذى يضفى طابعا من الشرعية على التعصب ضد كبار السن باستبعادهم من سوق العمل والأدوار الاجتماعية الأخرى المهمة. وبالمقابل، توضح بحوث شاناس أن الشيخوخة هى عملية حرمان تؤدى إلى ما أطلق عليه نوع من "الإعالة المؤسسة بنائياً" (انظر كتاب شاناس و آخرون، كبار السن فى ثلاثة مجتمعات صناعية، السادر عام 1968، وكتاب شاناس وم.ب سيسمان (محرران)، المعنون: الأسرة والبيروقراطية وكبار السن، الصادر عام 1977.
وثمة اهتمام بحثى متعاظم فى هذا الميدان، لميس فقط فيما يختص بالخبرة الفعلية والدراسات الوصفية لكبار السن، لكن أيضا بالمعابير الخاصة لصياغة أو تحديد فثة كبار السن عبر الثقافات والعصور. (انظر على سبيل المثال مقال رايلى "الخطاب الرئاسى للجمعية الأمريكية لعلم الاجتماع"، عن موضوع "حول دلالة العمر فى علم الاجتماع"، والمنشور فى المجلة الأمريكية لعلم الاجتماع، عام 1987.