عبد الله بن عمرو بن حرام



أبو جابر عبد الله بن عمرو بن حرام ظليل الملائكة

إسلامه

صحابي جليل شهد بيعة العقبة الثانية. جعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نقيبا على قومه من بني سلمة. ولما عاد إلى المدينة وضع نفسه، وماله، وأهله في خدمة الإسلام. وبعد هجرة الرسول إلى المدينة، لازم النبي ليل ونهار. وشهد معه غزوة بدر.

استشهاده

في غزوة أحد تراءى له مصرعه قبل أن يخرج المسلمون للغزو. وغمره إحساس صادق بأنه لن يعود، فكاد قلبه يطير من الفرح! ودعا اليه ولده جابر بن عبد الله، وقال له: " إني لا أراي إلا مقتولا في هذه الغزوة.. بل لعلي سأكون أول شهدائها من المسلمين.. وإني والله، لا أدع أحدا بعدي أحبّ اليّ منك بعد رسول الله ..وإن عليّ دبنا، فإقض عني ديني، واستوصٍ بإخوتك خيراً".

في صبيحة اليوم التالي، خرج المسلمون للقاء قريش التي جاءت في جيش لجب تغزو مدينتهم الآمنة.

ودارت معركة رهيبة، أدرك المسلمون في بدايتها نصرا سريعا، كان يمكن أن يكون نصرا حاسما، لولا أن الرماة الذين أمرهم الرسول بالبقاء في مواقعهم وعدم مغادرتها أبدا أغراهم هذا النصر الخاطف على القرشيين، فتركوا مواقعهم فوق الجبل، وشغلوا بجمع غنائم الجيش المنهزم.

هذا الجيش الذي جمع فلوله شريعا حين رأى ظهر المسلمين قد انكشف تماما، ثم فاجأهم بهجوم خاطف من وراءهم، فتحوّل نصر المسلمين إلى هزيمة. في هذا القتال المرير، قاتل عبد الله بن عمرو قتال مودّع شهيد حتى قتل.

وعندما كان المسلمون يتعرفون على شهدائهم، بعد فراغ القتال في غزوة أحد. وعندما تعرف أهل عبد الله بن عمرو على جثمانه، حملته زوجته على ناقتها وحملت معه أخاها الذي استشهد أيضا، وهمّت بهما راجعة إلى المدينة لتدفنهما هناك، وكذلك فعل بعض المسلمين بشهدائهم. بيد أن منادي رسول الله لحق بهم وناداهم بأمر رسول الله أن:" أن ادفنوا القتلى في مصارعهم".

فعاد كل منهم بشهيده. ووقف النبي الكريم يشرف على دفن أصحابه الشهداء، الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وبذلوا أرواحهم الغالية قربانا متواضعا لله ولرسوله.

ولما جاء دور عبد الله بن حرام ليدفن، نادى رسول الله : "ادفنوا عبد الله بن عمرو، وعمرو بن الجموح في قبر واحد، فانهما كانا في الدنيا متحابين، متصافين".

فضله

ولما ذهب المسلمون بعد نهاية القتال ينظرون شهدائهم. ذهب جابر بن عبدالله يبحث عن أبيه، حتى ألفاه بين الشهداء، وقد مثّل به المشركون، كما مثلوا يغيره من الأبطال. ووقف جابر وبعض أهله يبكون شهيدهم عبد الله بن عمرو بن حرام، ومرّ بهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهم يبكونه، فقال: " ابكوه أو لا تبكوه فإن الملائكة لتظلله بأجنحتها".

ولقد أنبأ رسول الله عنه فيما بعد نبأ عظيم، يصوّر شغفه بالشهادة. قال لولده جابر يوما:

" يا جابر ما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجاب ولقد كلّم كفاحا -أي مواجهة- فقال له: يا عبدي، سلني أعطك فقال: يا رب، أسألك أن تردّني إلى الدنيا، لأقتل في سبيلك ثانية. قال له الله: إنه قد سبق القول مني: أنهم إليها لا يرجعون. قال: يا رب فأبلغ من ورائي بما أعطيتنا من نعمة. فأنزل الله تعالى: (ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا، بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما أتاهم الله من فضله، ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم. ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون)".