عبد القادر بن محمد السماحي





الشيخ عبد القادر بن محمد السماحي

مولده

هو عبد القادر بن محمد بن سليمان بن أبي سماحة، ينتهي نسبه من جهة أبيه إلى 

أبي بكر الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن جهة أمه إلى المولى [[إدريس

بن عبد الله]] عن طريق الشيخ عبد الرحمان الودغيري الفجيجي.

الشيخ السماحي هو مؤسس الطريقة الشيخية المنسوبة إليه، لأنه يُدعى ويُعرف إختصارابـ : "سيدي

الشيخ" في المناطق الجنوبية/الشرقية من المغرب، والمناطق الجنوبية/الغربية من

الجزائر (1).

ولد الشيخ عبد القادر السماحي سنة 1544م/951هـ، بنواحي الشلالة الظهرانية (ناحية العين الصفراء -

الجزائر-) (2). وترعرع في بيت علم وتقوى ،فقد اشتهر أبوه وجده وأسلافه بجهادهم وتصوفهم وما يترتب عن ذلك من

علم وكرم ونجدة وشجاعة (3) :

جده سليمان بن أبي سماحة
كان جده سليمان بن أبي سماحة من العلماء، أخذ بنصيب وافر من العلم إبان استقراره 
في الأندلس، ثم بعد طرد المسلمين منها، توجه إلى فاس حيث أخذ عن علمائها، ثم 

ولى وجهه نحو فجيج يوم كانت تعرف هذه الواحة إشعاعا علميا بفضل أعلامها من

العلماء الاجلاء، على رأسهم الشيخ عبد الجبار البرزوزي الفجيجي،أخذ سليمان بن

أبي سماحة عن الشيخ عبد الجبار المذكور، ثم تولى إمامة المسجد العتيق بها. ثم يَمَمَ

بعد ذلك نحو الشيخ الشهير أحمد بن يوسف الراشدي الملياني فأخذ عنه وكان من

أخص تلامذته، وبعد رجوعه من عند شيخه استقر ببني ونيف حيث أسس مسجدا وزاوية،

وبها توفي ودفن، وبها ضريحه مشهور إلى الآن (4).

أبوه محمد بن سليمان

أما أبوه محمد بن سليمان السماحي فقد أخذ العلوم الشرعية والسلوك الصوفي عن الشيخ

محمد بن عبد الجبار الفجيجي،عاش و توفي و دفن بالشلالة الظهرانية وضريحه بها

مشهور.كان من البديهي أن يطلب المترجم له (عبد القادر السماحي) العلم بواحة فجيج

التي أصبحت بفضل آل عبد الجبار وآل السكوني و آل عبد الوافي معلمة عالية و منارة

مشعة تُزاحم القرويين بفاس والزيتونة بتونس (5).

شيوخه

أخذ العلوم الشرعية عن حفيد الشيخ عبد الجبار : الشيخ إبي القاسم بن محمد بن

عبد الجبار، كما أخذ عن علماء فاس وتلمسان، ولما انتهى من تحصيله العلمي، تاقت

نفسه إلى السلوك الصوفي، فقادته العناية الربانية إلى شيخ عصره العارف بالله الشيخ

امحمد بن عبد الرحمان السهلي الذي أسس زاويته بالقرب من "بوذنيب" نواحي تافلالت

(سجلماسة قديما)(6).

إنشاء الزاوية الشيخية

عرفت هذه الزاوية إشعاعا روحيا كبيرا في حياة مؤسسها الذي كان مقصد طلاب التربية

الذوقية والسلوك العرفاني، وقد تخرج على يده شيوخ كثر، نشروا طريقته في الجنوبين

المغربي والجزائري، وقد حاز صاحب الترجمة قصب السبق، وكان الوارث الحقيقي لشيخه من

بينهم، وذلك بشهادة شيخهم نفسه(7).

تصدر للتربية والسلوك بإذن من شيخه، وأسس زاوية بفجيج بالمكان المسمى العباد، و

توافد عليه طلاب المعرفة والتربية الصوفية، وانتشر صيته شرقا وغربا، وكان من بين

الوافدين عليه أحد الفقهاء أحمد بن أبي محلي الذي أخذ عنه، وتقرب من

الشيخ عبد القادر السماحي حتى زوجه إحدى بناته، ولكنه لم يلبث أن قلب له ظهر

المجن، و تصدى للإنكار على الشيخ السماحي، واتهمه بكل كبيرة، وراسل علماء المشرق

والمغرب ليحثهم على تكفيره أو تبديعه، وبلغ من تحامله على الشيخ السماحي أن ألف في

النيل منه عدة كتب منها المنجنيق، والإصليت، وسم ساعة...(8)

اتسع الإشعاع الصوفي للشيخ السماحي بين القبائل البعيدة والقريبة، وانتفع به خلق

كثير، توفي سنة 1616م /1025 هـ تولى أمر زاويته أحد أبناءه الأحد عشر، وتفرق بعض

أبناءه في المناطق القريبة والبعيدة وكوّنوا زوايا منها من لا تزال قائمة إلى الآن.

و أصبح مع مرور الزمن للطريقة الشيخية ولاء وأتباع من شتى القبائل ،إلا أنه بعد قرن

من وفاة مؤسس الطريقة اختلف زعماء الجيل الثالث من أحفاده حول تسيير الزاوية، وبعد

صراع مرير توصلوا ألى حل تم بموجبه تقسيم الزاوية الأم إلى زاوية شرقية وغربية.

ولما سيطرت قوات الاحتلال الفرنسي على شمال الجزائر ووصلت جحافلها جنوبا إلى مناطق

نفوذ أولاد " سيدي الشيخ " تصدى لها هؤلاء في أطول مقاومة قامت بها قبيلة من قبائل

المغرب العربي إذ استمرت مقاومتهم من 1845م إلى 1903م.

كان أول من أطلق مقاومَتَهُم زعيمُهم الشيخ بن الطيب في معركة الشريعة يوم 2

ماي 1845م، ثم تلاه سليمان بن حمزة بانطلاقة ثورة 1864م ثم ختمها الشيخ

بوعمامة بثورة 1881م، والزعماء الثلاثة كلهم من ذرية مؤسس الطريقة الشيخية (9)

، وكانت هذه الطريقة هي الإطار والحافز الذي جمع القبائل على كلمة سواء وهي التصدي

للاحتلال والذود عن الأرض والعرض.

وبعد الانتهاء من دورها الجهادي عادت الطريقة إلى دورها الصوفي، وقد استفاد روادها

و أعيانها من شيوخ عصورهم فكانت لهم علاقات التتلمذ والأخذ عن أعلام عصورهم كالشيخ

أحمد التجاني الذي أقام بين ظهراني أولاد "سيدي الشيخ " سبع سنين معلما

ومربيا، و شيوخ الطريقة الوزانية، والدرقاوية، والقادرية وغيرها.
وقد كان لهذه الزاوية كجل الزوايا فضل كبير في شحذ الهمم لمواجهة المد الاستعماري،
وتزعم أبناؤها وأتباعها مقاومة الاحتلال الفرنسي للمغرب والجزائر. 

الآثار الفكرية للشيخ السماحي

أهم ما ترك الشيخ السماحي " الياقوتة "  في التصوف و هي قصيدة من 178 بيت ، جمع 

فيها بين قواعد السلوك، وشروط الصحبة، ووصف تجربته الذوقية، ودعمها بسنده الصوفي

،ونافح فيها عن مذهب التصوف، وبيّن عوار منتقديه بدون تجريح (10).

و بعد ثلاثين سنة من وفاة الشيخ السماحي ألف السكوني كتابه " تقوية إيمان المحبين "

خصصه لتعداد مناقب السماحي ومن أهم ما فيه رسالة بعثها السماحي إلى الأمير زيدان

(أحد ملوك السعديين) جوابا عن رسالة يستفتي فيها الأمير المذكور السماحي حول

مشروعية الذكر، و اتخاذ شيخ في التصوف، ويتجلى في هذه الرسالة تمكن السماحي من

الإبحار في ثقافة عصره علما وأدبا وسلوكا وتربية (11). المراجع:

(1) معلمة المغرب من إنجاز الجمعية المغربية للتأليف و الترجمة النشر ص 6496 ج 19 تاريخ النشر 1989.

(2).-أولاد سيدي الشيخ،التصوف و الجهاد و السياسة ،محمد ابن الطيب البوشيخي ص 24

مطبعة الجسور وجدة المغرب 2009.

-  Un Soufi SIDI CHEIKH,Par Si Hamza Boubakeur page 16 Edition Maisonneuve et 

Larose 1990 Paris.

(3)- أولاد سيدي الشيخ ،التصوق و الجهاد و السياسة ،محمد ابن الطيب البوشيخي ص 20

مطبعة الجسور وجدة المغرب 2009 .

  - بيوتات العلم والأدب بفجيج ،ص 146 للأستاذ محمد بنعلي بوزيان ،مطبعة الجسور 

وجدة المغرب 2002.

(4)فجيج تاريخ وثائق ومعالم، ص108 للأستاذ العربي الهلالي، المطبعة المغربية و

الدولية طنجة المغرب 1981. 

(5) فجيج أعلام الفكر والأدب ص 317 ذ.محمد بنعلي بوزيان مطبعة الجسور وجدة

المغرب 2003.

(6)الياقوتة ص 10 للأستاذ عبد الله طواهرية ، مطبعة الأطلال وجدة المغرب 1992.

(7) Un Soufi SIDI CHEIKH,Par Si Hamza Boubakeur page 104,Edition Maisonneuve
et Larose Paris 1990
(8) Entre Dieux et les hommes ،page 198، Dr Touati Houari