شارع العطايف
نبذة عن الرواية
رواية "شارع العطايف" للكاتب السعودي عبد الله بخيت . وتقع الرواية في 398 صفحة، وتنقسم إلى ثلاثة فصول، كل منها قصة شبه مستقلة. صدرت مؤخراً عن دار الساقي رواية "شارع العطايف" للكاتب السعودي عبد الله ابن بخيت. وتقع الرواية في 398 صفحة، وتنقسم إلى ثلاثة فصول، كل منها قصة شبه مستقلة. ونظراً لحداثة هذا الكتاب فلابد بداية من وقفات موجزة مع القصص الثلاث.
القصة الأولى (الفصل الأول)
القصة الأولى هي مأساة موجعة، تمثل سيرة "ناصر"، بطلها. هذا البطل ولد ضمن لقاء استهتار والده، بهوان أمه، في زواج قام على تحقيق مصالح ضيقة للطرفين. ومر ناصر بالسرقة في الطفولة، ثم الزنا، إذ فعل بابنة عمه توافقاً. قبل أن يعتدى عليه، ويتم اغتصابه، ثم يصير جسده مستباحاً في سنوات المراهقة. أدمن الخمر، وانتهى إلى شخص مشوه من داخله، حاقد إلى الحد الذي بلغ به التحول إلى قاتل لعدد من الأشخاص بدافع الانتقام من تعديهم عليه، أو على حبيبته، مع التنويه إلى أن بعض جرائمه توجت بالتمثيل بجثث القتلى، وتقطيع بعض أجزائها. واستبدت به هذه الدموية، حتى أنه أوصى زوجته قبيل موته بالقيام بجريمة القتل التي لم تتح له الفرصة لتنفيذها، خلال أربعين سنة.
وابنة عمه/الحبيبة بدورها فتاة سعت منذ فجر شبابها لاستعراض محاسنها أمام الناس. ودعت ناصر للوقوع عليها. ثم انتقلت من زوج إلى آخر، وكانت خيباتها في زواجيها محصورة في المسألة الجنسية. وانتهى بها المطاف أرملة للحبيب الأول، قاتل زوجيها الأولين.
القصة الثانية (الفصل الثاني)
القصة الثانية هي سيرة شخصية ارتبطت ببطلي الفصلين الأول والثالث، اسمه تيسير، وشهرته شنغافة. حديث عهد برق، يعمل في وظيفة صغيرة في أحد الأندية الرياضية. وبقي مرتبطاً بالبلاط الذي كان رقيقاً لسيدته. منحنا المؤلف ملامح مختلفة من حياته. من أهمها أنه يصنع الخمر، ويحسن دخله من خلال الاتجار بترويجها. كما يعمل بشكل متقطع لدى أرملة تتحول لاحقاً إلى حبيبة له، ثم تهجره. ويتعرض للعقاب عدة مرات نتيجة تهم مختلفة، بما ينشئ عداوة بينه وبين "النواب"، وينتهي الأمر إلى القبض عليه في حالة سكر، مقتحماً بيت الحبيبة السابقة المهجور. فيؤخذ إلى المركز ويعترف في غير وعيه بعدد من التهم، بينها ممارسة السحر والشعوذة، ويعاقب على الأخيرة بالإعدام.
هذه القصة تزيد عن سابقتها، ولاحقتها، بتعدد الدوافع المحركة للأحداث، وعدم انحصارها في عامل واحد. وبتنوع الأحداث التي يمر بها البطل، وعدم إيجازها في سيرة عاطفية جنسية. وبكون قصة الحب هنا تحتمل أكثر من مجرد الشهوة. وباستثناء هذا، فإن النص يوافق صاحبيه في تواضعه الفني العام.
القصة الثالثة (الفصل الثالث)
في هذه القصة البطل هو طفل لأسرة تعيسة. بالإضافة إلى الفقر، فإن أخته عوراء وضحية للجدري، وأخاه كفيف. ولحقه في سنواته الأولى اضطراب في تعليمه، ففشل وانهارت طموحاته. وانتقل إلى السفر مع أصدقاءه -وبينهم ناصر- إلى جزيرة اللؤلؤ، وهناك تعرف على الخمر، وعلى حبيبته. ومن أجل تكرار التواصل معها فإنه اندفع إلى السرقة، والنصب والاحتيال. وكان كل من حوله من ضحاياه.
أما الحبيبة فهي مومس. لم يجد علينا المؤلف بحضورها إلا في ممارسة عملها. لا تتكلم، ولا تعبر عن شيء. أداة للمتعة، لا إحساس فيها. كائن فاتن للبطل، لكنها بلا تاريخ ولا هوية. وكل مشاهد لقائه بها منحصرة في ممارسة الزنا، مقابل أجر مالي، وضمن جموع من زبائنها. وفي الختام ماتت هي، وأصيب هو بمرض جنسي قتله.
وهذا النموذج مجرد توكيد للنموذج الأول. مرة أخرى نحن هنا أمام شخص يفهم الحب بوصفه ممارسة جنسية. وينحرف سلوكه إلى الجريمة، واستغلال والده وأمه وخاله، من أجل تحقيق تواصله الجنسي مع مومس مشاعة للجميع. والمدهش أنه يعتقد أنها تحبه، رغم اصطفافه، قبل كل لقاء، ضمن جموع من الداخلين عليها. والمدهش أكثر أنه لم يشعر -بحسب تصريح المؤلف في النص- بأي غيرة تجاه شركائه فيها.