سعدي كارنو
نيكولا ليونارد سعدي كارنو (1 يونيو 1796 - 24 أغسطس 1832)هو عالم فيزياء ومهندس عسكري فرنسي، وهو أول من وضع إطارا نظريا ناجحا للمحركات الحرارية، وهو ما يعرف حاليا بدورة كارنو، وذلك في كتابه (تأملات في القدرة الدافعة للنار) والذي صدر في 1824، ومن خلاله وضع الأساس للقانون الثاني للديناميكا الحرارية، وعلى الصعيد التقني فهو يعد أول علماء الديناميكا الحرارية، وكثيرا ما يطلق عليه أبو الديناميكا الحرارية، لأنه هو من أوجد مفاهيم الكفاءة الحرارية والمحركات الحرارية لدورة كارنو.
حياته
ولد سعدي كارنو في باريس، وهو الابن البكر للازار كارنو ومارغريت نيكولا، والشقيق الأكبر لهيبوليت كارنو، وعم ماري فرانسوا سادي كارنو (رئيس الجمهورية الفرنسية (1887-1894)، ابن هيبوليت كارنو). سماه والده نسبة إلى الشاعر الفارسي سعدي الشيرازي (كارنو 1960، ص الحادي عشر)، وكان دائما معروفا بهذا الاسم.
منذ سن 16 عاما (1812)، عاش في باريس وشارك في المدرسة المتعددة-تكنولوجية حيث كان يدرس مع معاصريه، نافيير وكوريوليس غاسبار، غوستاف، من قبل أساتذة مثل جوزيف لويس غاي-لوساك، سيمون بواسون وأندريه ماري أمبير. بعد التخرج، وأصبح ضابطا في الجيش الفرنسي قبل التفرغ للبحث العلمي، ليصبح أشهر معاصري فورييه الذين كانوا يهتمون بنظرية الحرارة. منذ عام 1814، خدم في الجيش. بعد هزيمة نابليون الأخيرة من عام 1815، ذهب والده إلى المنفى. في وقت لاحق حصل على إجازة دائمة من الجيش الفرنسي. بعد ذلك، أمضى الوقت لكتابة كتابه.
إسهامات سادي كارنو في مجال المحركات البخارية
للعالم سادي كارنو أصل عريق في كلا المجالين الهندسي والسياسي فقد كان والده وزيراً للحربية في عهد نابليون في الفترة من ١٧٩٩ إلى ١٨٩٧ ؛ ولكنه استقال بعدها لكي يكرس نفسه لتعليم ولديه. أنهى سادي كارنو دراسته بالكاد قبل أن يقاتل تحت راية نابليون ليدافع عن مدينة فانسيان (التي تقع خارج باريس) ضد الغزاة. لقد نفي والده عقب سقوط نابليون نهائيا وأصبح سادي كارنو حينئذ مهندسا في الجيش. عندما وجد أن العمل لا يروق له، تم تجنيده في القوات الاحتياطية بنصف الأجر وكرس وقت فراغه للدراسة والبحث.
كان كارنو شخصية عملية تهتم بمحركات البخار وهي الآلات التي أدت إلى بدء الثورة الصناعية في فرنسا وفي غيرها من الدول. أراد كارنو أن يجد طريقة للاستفادة من الوقود الذي تستهلكه هذه المحركات. وبلغت هذه الفكرة ذروتها في عام ١٨٢٤ وذلك في كتابه Reflections on the Motive Power of Fire. فقد استطاع رؤية أن محركات البخار أصبحت أكثر كفاءة مع مرور الوقت حيث أصبح لها عمل أكثر إفادة (مثلاً رفع الفحم من المنجم) وهو العمل الذي يمكن تنفيذه باستخدام الكمية نفسها من الوقود المستهلك. هل من حدود تحد من هذا التقدم؟ هل نستطيع يوما ما تنفيذ عمل آخر يفوق الطاقة المستهلكة لذا تكون الآلة المستخدمة عاملة على الدوام؟
بدأ كارنو بمفهوم الحرارة على أنها مادة عديمة الوزن يطلق عليها اسم السيال الحراري. على الرغم من أن مفهوم السيال الحراري كشف عنه العالم رومفورد عام ١٧٩٨ . فلم يسمح بعض العلماء بسريان الأمر على ذلك المنوال. فلا يمكن تكوين السيال الحراري أو تحليله؛ حيث إنه ينتقل فقط من مكان إلى آخر. في محرك البخار "المثالي" الذي ابتكره كارنو، تندفع الحرارة من المنطقة الساخنة (الغلاية) عبر الأسطوانة، حيثما تتوقف الحرارة وينفذ العمل المطلوب الى المكثف البارد. إن البخار الداخل الى المكثف كان لا يزال ساخناً، لذ يتبقى بعض الحرارة التي لم تتم الاستفادة منها في عمل ما. لذا، فعملية فقد جزء من الطاقة شيء لازم الحدوث ولن نستطيع الحصول على الطاقة الدائمة. إن ضبط الفرق بين درجة حرارة البداية والنهاية على أقصى درجة قدر المستطاع من الممكن أن يقلل من كفاءة العمل.
فكر كارنو في أن يعمل المحرك الذي يقوم باختراعه بعكس هذا الأسلوب، بمعنى أن الطاقة تدخل في ظل درجة حرارة منخفضة حتى تصل إلى درجة حرارة أعلى. يتطلب هذا مقدارا من الشغل يتساوى مع ما يقوم به المحرك عندما تنخفض درجة الحرارة بشكل مفاجئ. تشكلت هذه الأفكار فيما بعد لتكون "قانوني الديناميكا الحرارية"؛ حيث إن هذين القانونين يشيران إلى ذلك العلم القائم على الشغل والحرارة. توفي كارنو إثر إصابته بمرض الكوليرا قبل أقل من عقد من ظهور كتابه وقبل أن يحقق تقدما آخر في المجال نفسه. لم يتم الانتباه إلى إسهاماته في هذا الصدد حتى عام ١٨٥٠ .