سره الباتع (مسلسل)
سره الباتع هو مسلسل درما مصري قادم من المقرر عرضه في موسم رمضان 1444 هـ / 2023 م. المسلسل مأخوذ من رواية ليوسف إدريس. المسلسل من إخراج خالد يوسف في أول تجربة لتقديم الدراما التلفزيونية، وبطولة أحمد فهمي، أحمد صلاح السعدني، شمس، حسين فهمي، أحمد عبد العزيز وحنان مطاوع.
يعتبر مسلسل «سره الباتع» قصة قصيرة ضمن مجموعة قصصية للكاتب يوسف إدريس تضم 7 قصص قصيرة بعنوان «حادثة شرف»، نشرت للمرة الأولى في عام 1958، وتدور أحداث الرواية حول الشاب الذي يبحث عن سر مقام «السلطان حامد» الموجود في إحدى قرى الريف المصري، ويقوده البحث عن اللغز إلى وقت الحملة الفرنسية على مصر.
وفي تفاصيل مسلسل «سره الباتع»، يُكتشف أن صاحب المقام لعب دورا هاما في مقاومة الاحتلال، حيث قام بقتل أحد قادة الجنود ولذلك أطلقت الجيش حملة للقبض عليه خاصة أن له علامة مميزة وهي وشم عصفور على وجهه وأربع أصابع فقط في يده، ولكن يقع الجنود في ورطة عندما يقوم الشباب في القرى التي يهرب إليها بقطع أصبع من أصابعهم ورسم نفس الوش على وجوههم لتضليل الجنود والحفاظ على حياة «حامد».
وكشف خالد يوسف في حوار سابق، عن أنه كان يرغب في تقديم القصة في فيلم سينمائي في البداية، ولكن وجد أن العمل يستوعب تقديمه في مسلسل تلفزيوني بسبب التفاصيل العديدة والشخصيات التي تضمها.
ولا تعتبر «سره الباتع» هي القصة الأولى من المجموعة القصصية التي يتم تحويلها إلى عمل فني، حيث سبق وتم تحويل قصة «حادثة شرف» إلى فيلم بنفس الاسم إنتاج عام 1971، من إخراج شفيق شامية، ومن بطولة زبيدة ثروت، شكري سرحان ويوسف شعبان.
قصة المسلسل
مقام السلطان
«لم تكن علاقتي بالسُّلْطان تتعدَّى مجرَّد نظرة غير مُحِبَّة للاستطلاع أُلْقِيها عليه كلَّما مررْتُ به في ذهابي وإيابي، نظرة سريعة كأنما لأطمَئِنَّ بها فقط على وجوده هناك، فقد كان علامةً رئيسية من علامات البلد، مثله مثل محطة السكة الحديد، وسراية آل ناصف، والبقعة المسكونة التي قُتِل فيها سيد إبراهيم».
هكذا بدأ بطل قصة «سره الباتع» سرده عن علاقته بمقام السلطان حامد، فهو عاش فترة طفولته وهو يشاهد ضريحه ومقامه في البلدة التي يحيا فيها، وتقديس أهالي البلدة له لدرجة أنه عندما نجح في الابتدائية قال له جده نصًا :«اوف النذر فورًا»، في إشارة لإجراءة نذرًا لمقام السلطان جامد شكرًا له على نجاحه في الابتدائية.
لم يصدق عقل الطفل الصغير وقتها سر كل هذا التقديس والحديث عن كرامات السلطان حامد، وعشق أهالي بلدته الشديد له إلا أن الفضول اعتراه ليعرف قصته ويبحث عنها وهل كان هناك بالفعل سلطان اسمه حامد أم هذه خرافة تم ترويجها مع مرور السنوات والعقود حتى أصبحت حقيقة في أذهان العامة من أهل قريته.
رحلة البحث عن سر السلطان
«وعدتُ إلى عملي، وإلى القاهرة، وإلى الساعات اليومية الثابتة التي كنتُ أقضيها في دار الكتب. كنتُ قد أمسكتُ بخيطٍ ما، وكان تردُّدي على الدار هدفُه التأكُّد منه، فبحثتُ عن أسماء جميع السلاطين الذين حكموا مصر أو حتى مَن قدِموا إليها غازين أو زائرين، بل حتى أسماء سلاطين آل عثمان راجعْتُها كلَّها، ولم أجِدْ ظلًّا ولا إشارة واحدة لسلطان باسم السلطان حامد».
ومضت السنوات ببطل قصتنا وأصبح هاجس السلطان حامد الذي طارده في طفولته يكبر معه ويصبح همًا ولغز حقيقي يسعى إلى كشفه، وهل كان هناك سلطان في إحدى العقود القديمة بعنوان السلطان حامد؟! حتى المقربين منه كانوا يسخرون منه كلما شاهدوا ويقولون له :«هل عرفت سر السلطان؟».
من هو السلطان حامد؟
بعد رحلة بحث مضنية وعن طريق صديقة له اسمها «جين» وجدت وثيقة تاريخية منشورة في إحدى دار الكتب الفرنسية عبارة عن مجموعة من الخطابات من روجيه كليمان إحدى علماء الإثار الذين رافقوا حملة نابليون على مصر إلى صديقه المسيو جي دي روان وفيها يحكي كليمان عن حامد، وكيف تحول إلى أسطورة شعبية بسبب مقاومته للفرنسين.
يحكي روجيه كليمان أولًا في خطاب له عن رأيه في مصر والمصريون وطباع الفلاحين خصوصاً حيث قال عنهم نصاً:
«أمَّا المصريون، فبعضهم يسكن القاهرة والمدن، ومعظمهم يزرعون الأرض ويسكنون قُرَى سوداء مبنية بالتراب في الأرياف واسمهم الفلاحون. وآهٍ من هؤلاء الفلاحين يا جي! إذا رأيتَهم عن قرب، ورأيتَ وجوهَهم التي تبتسم لك في طيبة وسذاجة، وأدركتَ خجَلَهم الفطريَّ من الغريب، ربما يدفَعُك هذا إلى الاستخفاف بهم وتعتقد أنَّك لو ضربتَ أحدهم على قفاه لما جَرُؤَ على أن يرفع لك وجهَه، ولتقبل الإهانة بكل سعادة وخشوع. حذارِ أن تفعل شيئًا كهذا يا جي! فقد حاوَلَ الجنرال وكليبر وبيلو ذلك وندموا».
ويتطرق من هذه البداية إلى قصة حامد قائلاً:
«حامد هذا ليس زعيمًا من زُعَماء المصريين، بل إنَّه إلى شُهور قليلة لم يكن أحدٌ يهتمُّ بحامِدٍ هذا أو يُقِيم له وزنًا، فقد كان أحد فلاحي قرية شطانوف الواقِعة بين فرعَيِ النيل».
ويكمل روجيه سرده عن حامد حيث يؤكد أنه كان شخصاً مسالماً من فلاحي هذه القرية الذين يزرعون الأرض ويصلون الله في الجامع لا يختلف عن بقية الفلاحين في المظهَر أو الشكل، كل ما يُمَيِّزه أنَّه كان طويل القامة، طويل الأنف، واسع العينين، إصبع يده اليسرى البنصر مبتور، وعلى وجنتيه عصفورتان موشومتان لتقوية بصره
حتى تم قتل أحد ابناء القرية عن طريق جندي فرنسي فأحدث هذا أسوأ أثر في القرية وجعل حامد يترأس صدر المقاومة لهم.
وبعد القبض على حامد وتهريبه عن طريق أهالي القرية يصبح القبض على حامد والخلاص منه هدف رئيسي لقائد الحملة الفرنسية على قرية شطانوف، ويستمر الصراع بينهم ويتحول جميع أهالي القرية إلى حامد ويرسمون على وجنتيهم عصفورتان مرشومتان حتى لا يتم التعرف على حامد بسهولة.
ويصل الصراع إلى مداه حينما يتولى الجنرال كليبر بنفسه مهمة البحث عن حامد.
«وغزا اسم السلطان حامد كل أنحاء الدلتا، ثم دخل القاهرة وانتشر بين أهلها انتشارًا جنونيًّا حتى أصبحوا في حلقات الذكر يقولون بدل «يا سلطان حامد»: «مدد يا سلطان!» ثم غزا الاسم مصر العليا، وتكوَّنَتْ فِرَق أولاد السلطان حامد في كل مكان، وتَلِفَتْ أعصابنا يا صديقي من هذا الاسم، كان العُمَّال الذين أستخدِمُهم للحفر كلَّما تحدَّثوا لا يقولون إلَّا حامد، وأحيانًا كانوا يتكلَّمون بغيرها ولكني لا أشك لحظة في أنهم يقولون شيئًا آخَر غير: حامد حامد حامد».
ويتحول حامد مع مرور الوقت في نظر أهالي القرية إلى سلطان وصاحب كرامات لا تنتهي قصته بموته حيث يبنى له مقاماً كبيراً يقدسوا جميع أهالي القرية على مدار عقود.
في النهاية تلك كانت أبرز ملامح السلطان حامد كما رآها صاحبها وكاتبها الكاتب يوسف إدريس وهو ما يدفعنا لانتظار رؤية المسلسل ومدى التزام صناعه بالنص الروائي وبلا شك سنكون أمام عمل مشوق وجذاب نصاً وأداءً وإخراجاً.