روبرت نورمان
إسهامات روبرت نورمان في علم المغناطيسية
لقد تعرف اليونانيون القدماء على "حجر المغناطيس"، وهو عبارة عن كتل غريبة من الصخور التي تتمتع بقوة جذب الحديد. ولقد كان لهذه الصخور القدرة على نقل قوة الجاذبية إلى قطع من الحديد، وقد أطلق عليها اسم المغناطيس نسبة إلى مدينة مانيسا (وتوجد هذه المدينة الآن في تركيا)؛ حيث تم اكتشاف أحجار المغناطيس لأول مرة.
بعد مرور ۱۰۰۰ عام، اكتشف الصينيون أن قطع المغناطيس التي تطفو فوق القش الموضوع في إناء من الماء تتجه دائما إلى الشمال والجنوب، ومن هنا جاء اختراع البوصلة المغناطيسية التي وصلت إلى أوروبا في القرن الثالث عشر. ثم قام المخترع بيتر بيرجرینوس بتطوير البوصلة ؛ حيث أضاف الإبرة المغناطيسية حول محور عمودي ، وأصبحت البوصلة من الأدوات التي لا غنى عنها في أثناء الرحلات الخطيرة التي تمت في القرن الخامس عشر.
هذا، وقد لاحظ البحارة شيئين حول البوصلة. أولا، أنها لا تتجه دائما نحو الشمال بالضبط؛ وإنما تتجه نحو الشمال الشرقي أو الشمال الغربي بناء على الموقع الذي توجد فيه السفينة. وقد عرف هذا الانحراف بالحدور المغناطيسي أو انحراف البوصلة الذي تم تخطيطه رياضيا لأول مرة بواسطة عالم الفلك أدموند هالي عام 1702.
يتمثل الأمر الثاني الذي لاحظه البحارة في البوصلة في عدم استقرار الإبرة في موقع أفقي، بل ينجذب الطرف الشمالي إلى أسفل. وبالتالي، يجب قطع جزء من الطرف الشمالي للإبرة المغناطيسية للحفاظ على التوازن ولكي تتحرك بسلاسة. وتعرف هذه الظاهرة بظاهرة الميل المغناطيسي، وقد تم اكتشاف هذه الظاهرة لأول مرة عام 1944 بواسطة العالم جورج هارمان في مدينة نورمبرج. وقد أضاف العالم الإنجليزي روبرت نورمان المزيد من التفاصيل حول هذه الظاهرة. كما قام بنشر النتائج التي توصل إليها في كتاب أطلق عليه اسم The Newe Attractive عام 1581.
كان نورمان يقوم بصناعة البوصلات، وقد أخطأ مرة في صناعة البوصلة عندما قام بقطع جزء كبير من الطرف الشمالي لكي يحافظ على توازن البوصلة. ولكي يكتشف المزيد، قام بموازنة الإبرة حول محور أفقي لكي تتمكن من التحرك بحرية وسلاسة لأعلى والأسفل ، واكتشف أن الطرف الشمالي للإبرة ينحدر بشدة في اتجاه الأرض. هذا، مع العلم أن الميل المغناطيسي كان يزداد بشدة، كلما تم التوغل في اتجاه الشمال. وقد كان لهذه النتائج - التي اعتمدت ربما على أول دراسة منهجية لهذه الظاهرة - دور فعال للغاية في الدراسة التي قام بها وليم جيلبرت حول مغناطيسية الأرض (1600).