رعاية المجتمع المحلي

رعاية المجتمع المحلي (بالإنجليزية: Community Care) مصطلح غير دقيق، أسى استخدامه كثيرا، يتضمن مجموعة متباينة من السياسات المتعلقة بالمحتاجين - وبصفة خاصة أولئك الذين يعانون من الحاجة بشكل مزمن بسبب التقدم فى العمر، أو الأمراض العقلية، أو الإعاقة البدنية أو العقلية -كما تشمل رعايتهم فى المجتمع المحلى بطريقة أو بأخرى.ويتم تعريف المجتمع المحلى هنا افى أشمل معانيه وأكثرها عمومية - عن طريق النفى، باعتباره ليس المؤسسة النظامية، أى أنه ليس المؤسسة الضخمة الطويلة العهد كالملجاً أو اصلاحية الأحداث. فهذا المصطلح يعنى ضمنا أنه يعبر عن نوع من المقابلة بين السياسات المؤسسية القديمة التى كانت تشجع عزل الناس عن المجتمع المحلى (أى عن الحياة اليومية العادية) وبين المسياسات الجديدة التى تهتم برعاية الأفراد ودمجهم فى حياة المجتمع المحلى وتكاملهم معها بقدر الإمكان. ويرتبط هذ ١ التعارض الأساسى بصورتين نمطيتين متقابلتين، تمثل إحداهما المؤسسة البيروقراطية الضخمة، المنعزلة، المتى تتسم بالطابع اللا شخصى والقسوة وتسلب الآخرين قوتهم، وتمثل الأخرى المجتمع المحلى العطوف المذى يمد الآخرين بالسند والدعم، ويثريهم ويرعا هم (بكل ما يملكه من مقومات الحب). وهذه الرؤية ذ ات الصور تين المتقابلتين هى التى تضفى على فكرة رعاية المجتع المحلى تلك القوة الرمزية القوية، وتفسر القبول الفورى للسياسات التى ترتبط باسمه، ويحول الاهتمام , للأسف - عن أى فحص دقيق لتلك الرعاية التى يقدمها المجتمع المحلى، لو أنه يقدم رعاية فىلا.

ويلاحظ أن الطابع الحقيقى لما تقدمه برامج رعاية المجتمع المحلى تختلف بصورة كبيرة، وتتغير بمرور الوقت. ولذلك فإن المعرفة التفصيلية لترتيبات وسياسات الخدمات المقدمة هى وحدها التى تمكننا من أن نحدد طبيعتها بكل دقة. إذ نجد أن الاستخدام المبكر لرعاية المجتمع المحلى فى ثلاثينيات القرن العشرين كان يشير إلى رعاية الشواذ عقليا بإيداعهم داخل مؤسسات. فالنموذج هنا - وفى غيرها من الحالات - هو تقديم بديل للرعاية الممؤسسية التى كانت الحكومة تتولى تمويلها وإدارتها. ثم حدث بعد الحرب العالمية الثانية، وعندما أصبحت رعاية المجتمع المحلى تحظى بالقبول الواسع النطاق كهدف للسياسات الاجتماعية، كانت ما تزال تشير إلى الخدمات المتى تقدمها الحكومة، وتشمل توفير المساكن المتوسطة، والدور الصغير لإقامة الممحتاجين الذين يعانون من مشكلات مزمنة، وتخصيص وحدات داخل المستشفيات الحكومية لمن يعانون من مشكلات صحية حادة. لذلك لا نستغرب أن تصبح العقبة الأساسية فى تنفيذ هذه السياسة هى رأس المال المطلوب استثماره فى ظل انخفاض المخصصات المالية للإنفاق على خدمات دولة الرفاهية. وقد أوضحت الدراسات أن تنفيذ سياسات رعاية المجتمع المحلى فى بريطانيا كانت تتم ببطء لتلك الأسباب.

وفى الولايات المتحدة انتشرت رعاية المجتمع المحلى بسرعة أكبر. وعلى الرغم من وجود بعض الخدمات الجديدة التى تمولها الدولة، مثل مراكز المجتمع المحلى للصحة العقلية (التى تهتم فى أدائها لرسالتها بالحالات الملحة أساسا)، فإنها لم تكن تقبل إقامة الأفراد الذين يعانون من مشكلات مزمنة ويحولون إلى المؤسسات الخاصة، مثل دور الرعاية التمريضية ودور الإيواء. ولهذا سارت عمليات التوسع فى تقديم رعاية المجتمع المحلى جنبا إلى جنب مع خصخصة مؤسسات وخدمات الرعاية، وقد تزإيد هذا الاتجاه فى سبعينيات القرن العشرين بسبب تخفيض دعم الحكومة الاتحادية لمؤسسات وبرامج الرعاية، على نحو ما حدث بالنسبة لمراكز المجتمع المحلى للصحة العقلية.

وظهر نمط مماثل فى بريطانيا منذ منتصف السبعينيات، عززته الأزمات المالية التى كانت تعانى منها الدولة، وتوافق مع خفض الإنفاق الحكومى. وأصبحت رعاية المجتمع المحلى تعنى - وبصورة مضطردة “ الرعاية الخاصة، سواء تلك التى تقدمها جماعات خيرية أو تجارية، أو تقدمها الأسرة، أو الأصدقاء. فكان معنى هذا المتحول أن ضغوط خفض الإنفاق الحكومى قد عملت على تعجيل تنفيذ تلك السياسات لا تعويقها أو تقليصها. كما أكد ذلك التحول أن خفض الإنفاق على الخدمات الحكومية، جعل كثيرا من الأفراد يتعرضون للإهمال والتهميش (بدلا من الاستمتاع برعاية ومساندة المجتمع المحلى)، أو يمرون بتجربة عملية التحول المؤسسى (أى وجود المشخص فسى مؤسسة غير مؤسسته الطبيعية)، أو يتم إخراجهم من مؤسسة (كبيرة الحجم) لينتهى بهم الأمر فى مؤسسة أخرى (وإن تكن أصغرحجما) وهناكدراسات توثق بشكل دقيق الفشل الذريع لرعاية المجتمع المحلى فى أوربا والولايات المتحدة، أو بأقصى تقدير نجاحها المحدود هنا وهناك.