ديانات الشحن
ديانات الشحن أو عبادة الحمولة أو طوائف شحنات البضائع أو طائفة الكارجو (بالإنجليزية: Cargo cult) هي طائفة دينية تتواجد في ميلانيزيا. عادةً ما تعتقد هذه الطوائف بأن الأجداد أو الأبطال الثقافيين فى طريق عودتهم إلى هذا العالم، مستقلين سفينة سحرية لكى يخلقوا نظاماً سرمدياً تمت إعاقته بواسطة الأوربيين. وسوف تعود أيضا شحنة من السلع المادية الثمينة إلى ملاكها الحقيقيين الميلانيزيين، وهو ما سيفضى إلى عصر من السعادة والرخاء الشامل، حيث سيتم تحرير الشعوب المستعمرة من هيمنة الرجل الأبيض.
النشأة
ابّان الحرب العالمية الثانية، اثارت الثروات الطائلة التي شحنها الجنود الأجانب معهم عجب السكان المحليين. ثم انتهت الحرب، فحزم هؤلاء الجنود أمتعتهم وغادروا. وبحسب تحليلات بعض القرويين، بما ان الشحنات اتت من وراء الافق - ناحية عالم الارواح - فلا بد ان اسلافهم الموتى ارسلوها اليهم، غير ان الجنود اعترضوها. ولكي ينبِّه الناس الارواح إلى حاجتهم، انهمكوا في تدريبات عسكرية وهمية وبنوا ارصفة بحرية متينة استعدادا لليوم المجيد، يوم قدوم كثرة من الشحنات الجديدة اليهم. ولا تزال في ڤانواتو فرق دينية لم تندثر مع مرور الزمن تُعرف باسم «ديانات الشحن». فخلال الحرب العالمية الثانية، عبر ڤانواتو نصف مليون جندي اميركي في طريقهم إلى ساحات القتال في منطقة المحيط الهادئ. وقد تعجّب السكان من الثروات الطائلة التي «شحنها» الجنود معهم إلى الجزر. وعندما انتهت الحرب، حزم الاميركيون امتعتهم وتركوا الجزر. ورُمي في البحر الفائضُ من العتاد والمؤن التي تساوي ملايين الدولارات. فبنت هذه الفرق الدينية أرصفة بحرية ومدرَّجات هبوط، وأجرت تدريبات عسكرية بعتاد مزيَّف في محاولة لإعادة الجنود الذين غادروا. وحتى اليوم، لا يزال مئات القرويين في جزيرة تانا يصلّون إلى جون فرام، «مخلّص اميركي مزعوم» ظنّوا انه سيعود في يوم من الأيام ويشحن إلى الجزر وفرة من المؤن.
التفسيرات
وهناك فيض من التفسيرات حول أسباب نشوء هذه الحركات. ويذهب بيتر ورسلى فى كتابه: سوف ينطلق النفير (الصادر عام 1957) إلى القول بأن طوائف الكارجو الميلانيزية ليست حركات مجنونة غير رشيدة، ولكنها نتاج للإحباطات التى تسبب فيها الاستعمار. فهذه الحركات تعارض الإمبريالية معارضة جذرية وتستخدم المثل الدينية فى محاولة تفسير قوة المستعمرين. وتنبع هذه القوة الروحية من قدرة الأوربيين البيض على أن يعترضوا سبيل الثروات (الكارجو) الموجهة إلى السكان المحليين. وتنشأ حركات الإحياء كملجاً أخير للتعامل مع هذه القوة الاستعمارية عندما تفشل المقاومة المسياسية فى التعامل معها. وتشمل التفسيرات البديلة تلك التى طورها كينيلم بوريدج فى كتابه المنشور عام 1960 بعنوان "مامبو"، والذى يذهب فيه إلى أن طوائف الكارجو تعبر عن جوانب أخلاقية وانفعالية أساسية فى المجتمع الميلانيزى، وبيتر لورنس صاحب كتاب: الطريق ينتمى إلى الكارجو (الصادر عام 1964)، والذى يقدم تفسيراً بنائياً تاريخياً يؤكد فيه على عدم التوافق ما بين المعايير الغربية والميلانيزية للمعاملة والتبادل.