حياة عبد الرحمن بدوي
ولد عبد الرحمن بدوي في الرابع من شهر فبراير سنة ١٩١٧ ( سبع عشرة وتسعمائة وألف ) ، في قرية شرباص ( مركزفارسكور، وكان آنذاك يتبع مديرية الدقهلية ، ثم صار ابتداء من سنة ١٩٥٥ يتبع محافظة دمياط ) . وتقع على النيل بين المنصورة (٤٢ كم ) ودمياط (٢١ كم ) وكان أبوه عمدة هذه القرية منذ سنة ١٩٠٥ ، كما كان جده عمدة لها قبل ذلك . وهو من أسرة ريفية موفورة الثراء ، وثروتها أراض زراعية .
ودرس في مدرسة فارسكور الإبتدائية وحصل منها على الثهادة الابتدائية في سنة ١٩٢٩ وكان أول مدرسته كما كان ترتيبه ٣٥٤ من كل الحاصلي على الشهادة الإبتدانية في القطر المصري ويقدرون بأكثر من ئلاثين ألفاً، وفي أثر ذلك دخل المدرسة السعيدية في الجيزة ( على لشاطىء الآخرمن لقاهرة ) حيث حصل على شهادة الكفاءة في سنة ١٩٣٢ ثم شهادة البكالوريا سنة ١٩٣٤ وكان ترتيبه الثاني على جميع الحاصلين على ا لبكالوريا في مصر .
ودخل كلية الآداب في الجامعة المصرية ( جامعة القاهرة حالياً ) القائمة في الجيزة واختار قسم الفلسفة ، وكان الأول على جميع طلاب الأداب في جميع الأقسام طوال النوات الأربع للدراسة في كلية الأداب ، وحصل على الليسانس الممتازة في الآداب (قسم الفلسفة ) في مايوسنة ١٩٣٨ . وتتلمذ فيهذه الفترة على أساتذة فرنسيي ممتازين هم : ألكسندر كواريه ع١٨٣ ن٢ل10غ١نا٨ (١٨٩٢-١٩٦٤) صاحب المؤلفات العظيمة في تاريخ العلوم وفي الفلسفة الألمانية في القرنين
الادس عشر والسابع عشر ٠ ثم اندريه لالاند ( ١٨٦٧ -١٩٦٣) André Lalande وبرلوللا٣10لما8 .٨ عالم النفس والأستاذ بجامعة رنRennes. ومن الأساتذة المصريين تتلمذ خصوصاً على الشيخ مصطفى عبدالرازق (١٨٨٣-١٩٤٧ ) الذي كان مثلا كاملا للإنسان: نبالة نفس ومكارم اخلاق ،كماكان عالماً بالعلوم الإسلامية متعمقاً في قراءة النصوص الإسلامية مع المام بالفكر الأوروبي .
كما أفاد إفادة جلى-في ميدان الدراسات الإسلامية على هج المستشرقين ، من باول كراوس (١٩٠-١٩٤٤) الذي كان يدرس في قسم اللغة العربية فقه الغات السامية ، كما كان يلقى محاضرات على طلاب الماجستير في تحقيق النصوص والنقد التاريخي ٠ وكان كراوس مهتما بالتراث اليوناني في العالم الإسلامي ، وبجابر بن حيان وحمد بن زكريا الرازي بخاصة . فكانت لكراوس اليد الطولى في توجيهه في ميدان انتقال التراث اليونافي إلى العالم الإسلامي بفضل علمه الهائل ومنهجه الفيلولوجى الدقيق ومكتبته الحافلة بأعمال المستشرقين ، خصوصاً الأبحاث امفردة منها .
وفي ١٥ اكتوبر سنة ١٩٣٨ عين بدوي معيداً في قم الفلسفة بكلية الآداب بالجامعة المصرية ( القاهرة الآن ) ، وتولى مساعدة الأستاذ لالاند فيما كان يلقيه من دروس على طلاب الليسانس في مادقي « مناهج البحث » و« ما بعد الطبيعة » كما قام منذ يناير سنة ١٩٣٩ بتدريس تاريخ الفلسفة اليونانية وشرح نصوص فلسفية بالفرنسية لطلاب قسم الفلسفة .
وفي الوقت نفسه حضر رسالة الماجستير تحت إشراف لالاند ثم كواريه ، وكتبها باللغة الفرنسية ، ونوقشت في نوفمبر سنة ١٩٤١ ، وكان موضوعها : « مشكلة الموت في الفلسفة الوجودية » وقد طبعت هذه الرسالة في سنة ١٩٦٤ بالفرنسية في مطبعة المعهد الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة ( ضمن منثورات كلية الآداب - جامعة عين شمس ) .
وابتداء من العام الدراسي ١٩٤١ - ١٩٤٢ قام بتدريس امنطق وجانب من تاريخ الفلسفة اليونانية . وفي السنة التالية بدأ بتدريس مناهج البحث العلمي إلى جانب المنطق ونصوص في الفففة اليونانية، واستمر عى ذلن إلى,ن ترك جامعة فؤ اد إلى جامعة إبراهيم ( عين شمس حاليا ) في صيف سنة ١٩٥٠
و كماقلنا من قبل لف رسالة للحصول على الدكتوراه بعنوان , الزمان الوجودي» في سنة ١٩٤٣ ، وناقشها في ٢٩ مايوسنة ١٩٤٤ وحصل بذلك على درجة الدكتوراه في الآداب من قسم الفلسفة بجامعة فؤاد الأول ( = القاهرة حالياً ) ، وقد نشرت هذه الرسالة في سنة ١٩٤٥ ، وكان معها ملخص واف باللغة الفرنسية . وفي اثر ذلك عين مدراً بفم الفلفة بكليه الآداب جامعة فؤاد في أبريل سنة ١٩٤٥ ٠ ثم صار أستاذا مساعدا في نفس القسم والكلية في يوليو سنة ١٩٤٩
وانتقل إلى كلية الآداب جامعة إبراهيم باشا الكبير ( = جامعة عين شم حالياً ) في ١٩ سبتمبر سنة .١٩٥ لينشى ء قسم الفلسفة بها وتولى رئاسة القسم منذ هذا التاريخ إلى أن ترك جامعة عين شمس في أول سبتمبر سنة ١٩٧١ . وفي ٢٨ يناير سنة ١٩٥٩ صار أستاذاً ذ كرسي في هذه الكلية .
وفي المدة من ١٩٤٧ إلى ١٩٤٩ كان معاراً استاذا للفلسفة الإسلامية في « كلية الآداب العبا» التابعة للجامعة الفرنسية في بيروت ( لبنان ) لتابعة بدورها لجامعة ليون 1٧00 بفرنسا .
وعمل مستشاراً ثقافباً ومديراً للبعثة التعليمية فيبن عاصمة سويسرة في المدة من مارس سنة ١٩٥٦ حتى نوفمبر سنة ١٩٥٨ .
وفي فبراير سنة ١٩٦٧ انتدب أستاذاً زائر لإلقاء محاضرات في قسم الفلسفة وفي معهد الدراسات الإسلامية في كلية لآداب ( السوربون ) بجامعة باريس وظل في عمله هذا حتى مايو سنة ١٩٦٧ وكانت ثمرة هذه المحاضرات كتابه بالفرنسية لاه grecque ع1101105001 la عل Transmission لما aiabe ءل000 الذي طبع في سنة ١٩٦٨ لدى الناشر Vrin في باريس ضمن مجموعة « دراسات في العصورالوسطى«( التي كان يشرف عليها اتيين حلسون ، عضو الأكاديمية الفرنسية وأعظم باحث معاصرفي تاريخ الفلسفة في العصرالوسيط).
نم عمل في كلية الآداب بالجامعة الليبية ببنغازي ست سنوات (١٩٦٧-١٩٧٣) أستاذا للمنطق والفلسفة المعاصرة .
نم عمل أستاذا في كلية « الايات والعلوم الإسلامية » بجامعة طهران في العام الدراسي ١٩٧٣-١٩٧٤،أستاذا للتصوف الإسلامي والفلسفة الإسلامية لطلاب الدراسات العليا مع إلقاء محاضرات عامة في التصوف الإسلامي على أساتذة
الكلية وطلابها مرة كل يوم أحد في كل أسبوع وهي التي تمخض عنها كتابه « تاريخ التصوف الإسلامي من البداية حتى القرن الثاني للهجرة » ( الكويت سنة ١٩٧٥ ) .
ثم انتقل إلى جامعة الكويت من سبتمبر سنة ١٩٧٤ أستاذاً للفلسفة المعاصرة والمنطق والأخلاق والتصوف في كلية الآداب ، ولا يزال في هذ المنصب حتى كتابة هذه السطور .
ولكنه في أثناء هذا كله كان يوالي إنتاجه في الفلسفة وفي الأدب منذ أن بدأه في سبتمبر سنة ١٩٣٩ لما أن أصدر كتابه الأول : « نيتشه 1) ( القاهرة ، سبتمبر سنة ١٩٣٩ )، وقد بلغ عدد مؤلفاته التي أصدرها حتى الآن أكثر من مائة وعشرين كتاباً ، منها حمسة مجلدات باللغة الفرنية ، إلى جانب مئات المقالات والأبحاث التي ألقاها في امؤتمرات العلمية الدولية باللغات العربية والفرنسية والانجليزية والألمانية والاسبانية وسبجد القارى ثبتا يهذه لمؤلنات في نهاية هذه المادة.
وشارك في السياسة الوطنية فكان عضواً في حزب مصر الفتاة ( ١٩٣٨ - ١٩٤٠ ) ، ثم عضواً في اللجنة العليا للحزب الوطني الجديد ( ١٩٤٤-١٩٥٢ ) . واختير عضر في لجنة الدستور التي كلفت في يناير سنة ١٩٥٣ بوضع دستور جديد لمصر ، وكانت تضم صفوة السياسيين والمفكرين والقانونيين ( خين عضراً ) واسهم خصوصاً في وضع المواد الخاصة بالحريات والواجبات . وأتمت اللجنة وضع الدستور في أغطس سنة ١٩٥٤ . لكن القائمين على الثورة ل يأخذوا به لما فيه من تقرير وضمانات للحريات والحكم الديمقراطي السليم ، ووضعو بدلاً منه دستور سنة ١٩٥٦ لذي صادر الحريات ٠كان سند! للطغيان لذي استقر بعد ذلك لعدة سنوات.