حامد الآمدي

حامد أيتاش الآمدي ،خطاط تركي ولد عام 1309هـ/ 1891م.

النشأة والدراسة

ولد في مدينة ديار بكر الواقعة جنوب الأناضول في تركيا والتي كانت تعرف بين الكرد باسمها القديم "آمد"، اسمه الحقيقي موسى عزمي، واشتهر بحامد أيتاش الآمدي نسبة إلى قريته، والده "ذو الفقار آغا" وقد كان قصاباً، ووالدته "منتهى"، وكان جده "آدم الآمدي" خطاطاً، درس في الكتّاب في الجامع الكبير المسمى مسجد "أولو" بقريته.

بدأ بتلقي دروساً في الخط العربي أثناء تعليمه الابتدائي والإعدادي على يد "مصطفى عاكف" و"واد أفندي" ومن قريب له يسمى "عبد السلام"، وأخيراً تتلمذ على يد الأستاذ "سعيد أفندي" الذي كان إماماً في أحد المساجد، ولاهتمام حامد بالخط رسب في عامه الأول، فمنعه والده من مزاولة الخط إلاّ أن حادثة جعلت والده يتراجع عن قراره وتلك الحادثة (وهي مذكورة في كتاب "حرفنا العربي وأعلامه العظام عبر التاريخ"):

"أن حامدا كان يساعد بعض مدرسيه في كتابة لوحة خطية على القماش تمثل عبارة (يحيا السلطان) بمناسبة عيد جلوس السلطان عبد الحميد الثاني، فدفعه حبه للخط في هذه المناسبة أن حاول كتابة طغراء السلطان، مما حدا بالمسؤولين في ديار بكر أن يمنحوا حامداً ليرة ذهبية مكافأة له على هذا الصنيع، فطار حامد بها فرحاً ليخبر والده بالأمر.

وفي أثناء ذلك عكف على تقليد خطوط أبرز الخطاطين مثل "الحافظ عثمان"، و"مصطفى راقم" وغيرهما.

وفي سنة 1906م، أنهى حامد الإعدادية ثم أكمل دراسته الثانوية بـ "المدرسة العسكرية الرشيدية" بديار بكر، ثم انتقل إلى استانبول عام 1324هـ - 1908م لدراسة القانون حيث أمضى سنة واحدة في "مدرسة الحقوق" أو "مكتب القضاة" كما كانت تسمى، ثم انتقل إلى "مدرسة الصنايع النفيسة".

في أثناء دراسته في "المدرسة العسكرية الرشيدية" تعلم خط الثلث على يد "أحمد حلمي بك"، كما تعلم الرقعة على يد "وحيد أفندي"، ويقال وفي أثناء دراسته العسكرية قلّد خريطة في أطلس مدرسي بدقة متناهية جعلت أستاذه يودعُ تلك الخريطة في متحف المدرسة إعجاباً بها وتذكاراً لصاحبها.

وبعد وفاة والده لم يستطع إكمال دراسته، فدفعته حاجته إلى أن يبحث عن مورد رزق ليعيش منه، فعمل معلماً للخط والرسم في مدرسة "كلش معارف" وكان عمره يتراوح بين 17 - 18 سنة، ثم عمل خطاطاً في "دار الطبعة"، ثم تقدم للعمل في "مطبعة الأركان الحربية العمومية" الكائنة في حي بايزيد باستانبول؛ حيث زامل الخطاط "أمين أفندي"، ثم سافر إلى ألمانيا ومكث فيها عاماً واحداً درس فيها رسم الخرائط وعمل في قوات الصاعقة بالجيش الألماني في أثناء الحرب العالمية الأولى، وعند عودته إلى استانبول تعلم النسخ والثلث وجلي الثلث من الحاج "نظيف بك" إلا أن وفاة أستاذه سنة 1913م بعد عدة دروس حالت بينه وبين الاستمرار في الدروس، فأكمل تعلم خط الثلث والنسخ على يد رئيس الخطاطين "أحمد كامل" حيث كان محط إعجابه لصبره ومثابرته على تعلم كافة أنواع الخطوط، وتعلم كتابة الطغراء من "إسماعيل حقي بك"، وتعلم خط التعليق من "خلوصي أفندي".

وبعد عودته من ألمانيا بدأ يكتب اللوحات ويقدّمها باسم مستعار وهو "حامد" الذي قال عنه: "لمّا عزمت على تعلّم الخط كنت عزمي، ولمّا بلغت ما بلغت حمدت الله وسميت نفسي حامداً"، ولذلك السبب منعته الجهة التي يعمل بها من الاستمرار في العمل، فترك وظيفته الرسمية عام (1338هـ- 1920م)، واستأجر دكاناً صغيراً للخط والزنكوغراف في حي "جفال أوغلو"، واتخذ لنفسه اسماً مستعاراً هو "خطاط حامد يازي أوي"، ثم شغل منصب الخطاط "عارف حكمت بك" بعد وفاته في إحدى الدوائر الحكومية، ولم يلبث أن ترك هذا المنصب وتحول إلى محل جديد في شارع الباب العالي باستانبول، واشتغل حينها بأعمال الحفر والزنكوغراف وتذهيب المصاحف.

أما أعماله في ألمع أدوار حياته الفنية فهي الأعمال بين أعوام 1923م- 1965م، وانتشرت في كل أنحاء العالم. وقد كان له خط في كل أنواع الخطوط العربية, إلا أن شهرته كانت في الثلث الجلي, وقد تخرج على يديه العديد من طلاب الخط من شتى أنحاء العالم الإسلامي, فهو بمثابة الحلقة التي اتصلت بها حلقات أخرى هنا وهناك, وأحد الأسباب الرئيسية في ترابط عقد هذا الفن واستمراره إلى اليوم. وللآمدي كتابات كثيرة على قباب المساجد وعلى جدرانها, ولوحات معلقة بها, ومن آثاره التي يمكن مشاهدتها في تركيا ما تركه من كتابات قرآنية: في مسجد شيشلي، ومسجد أيوب، ومسجد باشباهشي، ومسجد حاجي كوشك في استانبول، وقبة مسجد كوخاتيب في أنقرة، ومساجد أخرى كثيرة في استانبول ودنزلي وشانا قلعة. كما كتب أربعين حديثاً نبوياً وكثيراً من كتب تعليم الخط والآلاف من مختلف الكتابات الإسلامية والمدائح النبوية والأشعار وغيرها. وكان قمة إنتاجه نسخ المصحف الشريف مرتين بخط يعتبر من أجمل الخطوط وقد تم طباعته مؤخراً في استانبول وبرلين وتعد من روائع المصاحف التي طبعت في العالم.

أهم أنجازاته

ويعد الخطاط حامد الآمدي أحد عباقرة فن الخط وشيخ أقطاب أهل هذه الصناعة، فقد وصف أنه امتداداً للعظماء الثلاثة الذين كتبوا في تاريخ الكتابة خطاً لا يبلى وهم: "ابن مقلة، وياقوت المستعصمي، وابن البواب". وهو صاحب أشهر ثلاث طغراوات وهي: طغراء الملك فيصل ملك المملكة العربية السعودية، وطغراء السلطان عبد الحميد الثاني سلطان الدولة العثمانية، وطغراء الأمبراطور محمد رضا بهلوي شاه إيران. ولعل أبرز أعماله الخطية لوحة سورة الفاتحة؛ وفيها قلّد الخطاط مصطفى راقم، حيث بقي يخطّها ستة أشهر كاملة فكانت آيةً من آيات الحُسن والجمال.

أجاز الكثير من الخطاطين أمثال: هاشم محمد البغدادي وقد أجازه مرّتين الأولى في (1370هـ) والثانية (1372هـ)، وأجاز عثمان طه ومحمد صالح الموصلي، و من وغيرهم الكثير.

تلاميذه

تلاميذه الذين ورثوا عنه أسرار الحرف العربي وقواعد كتابته وأصول خطه نذكر منهم: الأستاذ "حليم حسن جلبي" و"خسر" و"صوباشي" و"أحمد فاتح" و"أينجي بش أوغلو" و "أحمد ضياء" وغيرهم الكثير.

وفاته

هذا هو حامد منذ طفولته والخط كان ظلّه، والقلم بين أصابعه حتى قبل عامٍ واحدٍ من وفاته وذلك يوم الأربعاء في الرابع والعشرون من رجب عام 1402هـ - 18 ماي 1982م، وقد دُفن حامد بناءً على وصيته في مقبرة "قرجة أحمد" إلى جوار شيخ الخطاطين "حمد الله الآماسي أفندي".

مصادر

  • شيخ الخطاطين المبدعين في تركيا - د. حسن المعايرجي - مجلة الأمة - العدد 28 - ربيع الآخر 1403هـ، 1983م.
  • حامد الآمدي، عبقريُّ الكتابة الإسلاميّة - بقلم: الخطاط: معصوم محمد خلف.
  • مقالات من الإنترنت أبرزها صفحات من حياة حامد الآمدي كتبها تلميذه حسن جلبي.